الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

محكمة إستئناف المنيا تقدر جدية الدفع بعدم دستورية نصوص تحول دون تطبيق شرائع المسحيين في الميراث ... جانب من مذكرتنا

14-يوليو-2020
محكمة إستئناف المنيا تقدر جدية الدفع بعدم دستورية نصوص تحول دون تطبيق شرائع المسحيين في الميراث ... جانب من مذكرتنا

أولاً :  الدفع بعدم الدستورية للمواد رقم (1) من القانون 25 لسنة 1944 والمادة 875 فقرة (1) من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 والمادة 3 فقرة (2) من القانون 1 لسنة 2000 لمخالفتها لنص المادة الثالثة والمادة 53 من الدستور .

نطالق الدفع الدستوري :

المادة (1) من القانون 25 لسنة 1944 بشأن قانون المواريث (قوانين الميراث والوصية وأحكام الشريعة الإسلامية فيهما هى قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا على أنه إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقاً لشريعة المتوفى )

المادة (875) فقرة (1) من القانوني المدني  رقم 131 لسنة 1948(تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم فى الإرث وانتقال أموالهم التركة إليهم تسرى فى شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة فى شأنها. )

المادة (3) فقرة(2) من القانون 1 لسنة 2000(ومع ذلك تصدر الأحكام فى المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 - طبقا لشريعتهم - فيما لا يخالف النظام العام. )

وذلك لتعارضهم مع المواد التالية من دستور جمهورية مصر العربية

المادة رقم (3) من الدستور

"مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"

المادة 53 من الدستور

"المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر.
التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون.
تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض"

أوجه االتعارض  بين المواد القانونية المدفوع بعدم دستوريتها ونصوص الدستور المتعارضة

توطئة : وضع دستوري جديد

جاء دستور 2014 المعدل لدستور 2012بوضع  دستوري غير مسبوق في الدساتير المصرية  بموجب المادة الثالثة منه والتى جاءت عقب المادة الثانية التى نصت علي " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع " وإعلاءاً  من الامة المصرية التى وضعت دستور 2014 لقيم المواطنة والمساواة بين كافة افراد المجتمع فقد جاءت المادة الثالثة طبقاً لما نصت عليه  "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"  .

نصوص الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات "

الدعوى رقم 100 لسنة 38 قضائية " دستورية. "

ومن نافلة القول أن الامة وهي تضع دستورها الذي يشكل الأصول والقواعد التي يقوم عليها نظام الحكم منزهة عن اللغو ، وأن المادة الثالثة والجديدة في الدساتير المصرية تغيت المساواة بين عناصر المجتمع وأفراده ، وإذ جاءت تلك المادة مع وجود نصوص قانونية تنظم ذات الأوضاع قبل دستور 2014 ، فإن الرقابة على دستورية القوانين التي تضطلع بها المحكمة الدستورية العليا منفردة هي المنوط بها إزالة مخالفة التشريع مع النص الدستوري الوارد في المادة 3 .

الوجه الاول : م 3 من الدستور تتعارض مع المادة 875 /1 من القانون المدني

المادة الثالثة من الدستور قررت أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية تظهر مختلفة بوضوح حين ينظم القانون المدني في الفقرة الاولي من المادة 875 جانب أصيل من جوانب الأحوال الشخصية وهي الميراث بوضع يتعارض مع المادة الثالثة من الدستور بجعل شريعة أخري غير شرائع المصريين من المسحيين تطبق عليهم ، خاصة وأن تلك المادة سابقة علي دستور 2014 ولم تكن الامة المصرية قد عقدت عزمها علي تمكين غير المصريين من المسيحيين من تطبيق مبادئهم المنظمة لأحوالهم الشخصية بشكل كامل .

ومن المستقر عليه أن تعبير الأحوال الشخصية بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج وما ينشأ عنه من مصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق وواجبات متبادلة وما قد يعتريها من انحلال تترتب عليه حقوق في النفقة والحضانة والإرث والوصية.

" المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأحوال الشخصية هي مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية لكونه إنساناً أما الأمور المعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية "

الطعن رقم 1694 لسنة 49 القضائية - جلسة 28 من إبريل سنة 1985

والمادة الثالثة من الدستور ميزت بين أمور ثلاث يتعين مراعاة التشريعات مبادئ شرائع غير المصريين من المسيحيين  وهي (ا)أحوالهم الشخصية (2) شئونهم الدينية (3)اختيار قياداتهم الروحية ومن ثم فإن أحوال المسيحيين الشخصية جزء أصيل من الترتيب الدستوري الذى جاءت به المادة الثالثة من الدستور وهو ما يعني بحكم اللزوم أن القاعدة الخاصة بالأحوال الشخصية بما فيها الإرث اصبحت جزء من النظام العام الذي تقوم عليه الدولة ويتعين على النصوص الأدنى في مدارج الترتيب التشريعي أن تلتزم به ، خاصة وان المشرع القانوني في المادة 3 من القانون 1 لسنة 2000 يعرف الجهات القضائية المنظمة للأحوال الشخصية للمسيحيين والتي كانت منظمة  حتي 13 ديسمبر سنة 1955 .

الوجه الثاني:  م 3 من الدستور تتعارض مع المادة 3 /2 من القانون 1 لسنة 2000

يكمن وجه المخالفة بين الفقرة / 2 من المادة 3 سالفة البيان  والتى جاءت على النحو التالي " ...ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 - طبقا لشريعتهم - فيما لا يخالف النظام العام " والمادة الثالثة من الدستور في جملة (فيما لايخالف النظام العام ) .

ذلك أن تلك الصياغة تسبق النص الدستوري المشار الية بأكثر من  أربعة عشر عاماً ولم تكن الامة في حينها قد قررت جعل مبادئ شريعة غير المسلمين في احوالهم الشخصية نظاماً عاماً هي الاخرى بوضعها ضمن القانون الاعلي وهو الدستور ، وقد كان النظام العام وقت التشريع المدفوع بعدم دستورية في مسائل المسيحيين المتصلة بالأحوال الشخصية ينصرف إلى الميراث وإلى بعض جوانب الزواج والطلاق وكان مقررا  أن قواعد الميراث في الشريعة الإسلامية تنصرف الي كونها نظاماً عاماً لكل المصريين ، وقبل دستور 2014 كان هناك إتساقاً بين النصوص الدستورية والقوانين ومع نص المادة 3 الجديد في الدساتير المصرية أصبح هناك قاعدة دستورية جديدة وهي ان مبادئ شرائع المسيحيين في الأحوال الشخصية أصبحت مصدراً للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية ، ومن ثم فإن كلمة النظام العام الواردة في الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون 1 لسنة 2000 أصبحت ليست ذات قيمة قانونية فيما يتعلق بميراث غير المسلمين من المسيحيين مع وجود نص المادة 3 من الدستور  .

الوجه الثالث: تعارض المادة 3 من الدستور مع نص المادة 1 من القانون رقم 25 لسنة 1944

 حيث جرى نص المادة سالفة البيان على النحو التالي " قوانين الميراث والوصية وأحكام الشريعة الإسلامية فيهما هي قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا على أنه إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقاً لشريعة المتوفى ) فقد قررت تلك المادة اصلاً عاماً هو أن الشريعة الإسلامية هي قانون البلد فيما يتعلق للمسلمين والمسيحيين ثم عادت لتضع إستثناء على هذا الأصل وهو إذا كان المورث غير مسلم وهو تعبير يتجاوز  المسيحية واليهودية التى حرصت عليها المادة 3 من الدستور فإن للورثة الاتفاق طبقاً لشريعتهم .

والنص المتقدم ذكره يتعارض هو الآخر مع نص المادة الثالثة من الدستور من نواحي متعددة (أ) أن قواعد ميراث المسيحيين ليست نظاماً عاماً (ب) أن الشريعة الإسلامية في حالة عدم الاتفاق يتم تطبيقها على غير المسلمين (ج) أن المادة سالفة البيان لم تحلق بكلمة غير المسلمين أي ديانة سماوي آخري  على خلاف ماهو وارد بالمادة الثالثة من الدستور فقد حددت  الديانتين السماويتين المسيحية واليهودية واكتفت بتعبر عام آخر غير مقيد وهو غير المسلمين وفقا لنص المادة 1 من القانون 25 لسنة 1944  ، ومن ثم فإن هناك تعارضا بيناً بين تلك المادة والمادة الثالثة من دستور 2014

الوجه الرابع: المخالفة بين المواد القانونية سالفة البيان ونص المادة 53 من الدستور

جاء نص المادة 53 من الدستور مقررا المساواة بين المصريين " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر..........."

والمساواة التى قررتها المادة سالفة البيان بين المواطنين تنصرف إلى عدم التفرقة بينهم بسبب الدين ، فإذا كان المسلمين في الوطن يحتكمون إلى الشريعة الإسلامية في أحوالهم الشخصية فإن باب المساواة ينفتح لغيرهم من المسيحيين أبناء ذات الوطن بتحكيم مبادىء شرائعهم في أحوالهم الشخصية شأنهم شأن المسلمين ، وإذا كانت تلك المواد قائمة دون تفعيل قضائي للمادة 3 من دستور 2014 فإن التمييز بسبب الانتماء الديني يضحي قائماً مخالفاً لقصد المشرع الدستوري الذي جاء بمادة مستحدثة هي المادة الثالثة ، ينظر إلى النصوص الدستورية جميعها سواء المادة 3 أو 53 أو غيرها من المواد الدستورية كل متكامل لاتنافر فيه ولا يغيب عنه الاتساق في تقرير المساواة التى نصت عليها المادة 53 من الدستور جنباً إلى جنب مع المادة الثالثة منه بحسبان أن ذلك هو عنوناً لدولة المواطنة التى أعلى من قيمتها دستور 2014 ، وبقاء تلك المواد بحالتها الراهنة فضلا عن مخالفتها للمادة 3 من الدستور فهي كذلك تخالف المادة  53 من الدستور .

" بما مؤداه أن المسائل الدستورية دون غيرها هى جوهر رقابتها ، وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها ، ومن ثم لا يمتد بحثها لسواها ولا تخوض فى غيرها ، وهو ما أضفى على الدعوى الدستورية طبيعتها العينية باعتبار أن قوامها مقابلة النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور ، بالقيود التى فرضها لضمان النزول عليها ، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية ، أو هى بالأحرى محلها ، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور هى الغاية التى تبتغيها هذه الخصومة ، وقضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن هذه النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة صحتها أو بطلانها، ولايجوز بالتالى أن تتناول هذه المحكمة فى مجال تطبيقها للشرعية الدستورية غير المسائل التى تدور حولها الخصومة فى الدعوى الدستورية إلا بالقدر الذى يكفل اتصال الفصل فيها بالفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وتلك هى الصلة الحتمية بين المصلحة فى الدعوى الدستورية والمصلحة فى الدعوى الموضوعية ، إذ يتعين دائما لقبول الدعوى الدستورية ان يكون الفصل فى المسألة الدستورية محلها لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها "

الدعوى 5 لسنة 14 - منازعة تنفيذ - المحكمة الدستورية العليا

ومن ثم فإن المستأنفة تتمسك بالدفع بعدم دستورية المواد سالفة البيان للأسباب التي أوردتها وتلتمس تقدير جدية الدفع و تمكينها من إقامة الطعن الدستوري حتى ينصرف اثر اي حكم في تلك المواد لحالتها المنظورة أمام عدالة المحكمة في الاستئناف الماثل .

لكل ما سبق فإن جدية الدفع الدستوري قائمة مضافاً اليها ما أورده الحكم المستأنف ذاته  وهو ما يحمل تشككاً في دستورية المادة حيث ورد فيه " لايمكن القول بحال أنها مادة ناسخة للحكم المقرر في المادة 875 من القانوني المدني في هذا الشأن ومن ثم يبقى الحكم المقرر في تلك المادة من القانون المدني قائماً و يتعين على المحكمة تطبيقه إلى أن يصدر تشريع جديد يقرر خلاف ذلك أو الي أن يصدر حكم من المحكمة الدستورية العليا يقرر عدم دستورية تلك المادة وهو مالم يحدث حتى الآن " ص 2

يضاف إلى كل ذلك أن الدفع بعدم دستورية تلك المواد صادف تقديراً بالجدية أقيمت بموجبه دعاوى بعدم دستورية تلك المواد أو بعضها وتصادمها مع المادة الثالثة من الدستور من ذلك الدعوي رقم 16 لسنة 40 ق دستورية و الدعوي رقم 65 لسنة 41 ق دستورية وغير ذلك من الطعون .