أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 707

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد متولى عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركى.

(172)
الطعن رقم 1159 لسنة 32 القضائية

محاكمة "إجراءاتها". دفاع.
تعدد المتهمين فى الدعوى. إسناد الجرائم موضوع الاتهام إليهم جميعا. تناقض أقوال شاهدى الإثبات فى نسبة الجرائم إلى فريق معين من المتهمين دون الفريق الآخر. ذلك يؤدى حتما إلى تعارض المصلحة بين الفريقين، ويستلزم فصل دفاع كل منهما.
السماح لمحام واحد بالمرافعة عن المتهمين جميعا، مع قيام هذا التعارض. إخلال بحق الدفاع.
إذا كانت النيابة العامة قد عدلت وصف التهمة بالجلسة وأسندت إلى كل من المتهمين جرائم القتل والشروع فيه وإحراز الأسلحة والذخائر المرفوعة بها الدعوى والتى كانت موزعة بينهم فى قرار الاتهام وأمر الإحالة، ثم جاءت أقوال شاهدى الإثبات بالجلسة متناقضة فى نسبة الجرائم إلى فريق معين من المتهمين دون الفريق الآخر، فإن هذا التناقض يؤدى حتما إلى تعارض المصلحة بين الطاعنين - المحكوم بإدانتهم - والمتهمين الآخرين - المحكوم ببراءتهما - فبينما يستدعى صالح الطاعنين تكذيب أقوال أحد الشاهدين فإن مصلحة المتهمين الآخرين كانت تدعو إلى تأييد أقوال هذا الشاهد مما كان يستلزم فصل دفاع كل من الفريقين عن الأخر وإقامة محام خاص لكل منهما تتوافر له حرية الدفاع عن موكله فى نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها. فإذا كانت المحكمة قد سمحت لمحام واحد بالمرافعة عن الطاعنين وعن المتهمين الآخرين مع قيام هذا التعارض فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعنين فى الدفاع مما يستوجب نقض الحكم والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى 17 فبراير سنة 1959 بناحية جزيرة المعابدة مركز منفلوط مديرية أسيوط: أولا - المتهم الأول (الطاعن الأول): قتل قناوى عبد الموجود على عمدا ومع سبق الإصرار على ذلك والترصد بأن بيت الني على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا "بندقية هندى" وتربص له بالطريق العام حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه عيارا من بندقيته قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. ثانيا - المتهمان الثانى والثالث (الطاعنان الثانى والثالث): اشتركا مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جناية القتل سالفة الذكر بأن اتفقا معه على ارتكابها وذهبا معه إلى مكان الحادث يحمل كل منهما بندقية وذلك لشد أزره فوقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة. ثالثا - المتهمان الرابع والخامس: شرعا فى قتل عبد الظاهر محمد حسن عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعد كل منهما سلاحا ناريا "بندقية مششخنة" وتربصا له فى مكان مروره وما أن ظفرا به حتى أطلق كل منهما عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله وأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو تدارك المجنى عليه بالعلاج. رابعا - المتهمون جميعا: أ - أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "بندقية هندى". ب - أحرز كل منهم ذخيرة مما تستعمل فى الأسلحة النارية المذكورة والغير مرخص لهم بإحرازها. وطلبت معاقبة المتهم الأول بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات، والثانى والثالث بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و230 و231 و232 من قانون العقوبات، والرابع والخامس بالمواد 45 و46 و230 و231 و232 من نفس القانون، والمتهمين جميعا بالمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 القسم الثانى ب المرافق. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بتاريخ 25 ديسمبر سنة 1960 عملا بالمواد 230 و231 و232 و45 و46 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرافق مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة الأول "الطاعنين" بالأشغال الشاقة المؤبدة عن جميع التهم المسندة إليهم وببراءة المتهمين الرابع والخامس مما أسند إليهما. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه قد أحل بحقهم فى الدفاع، ذلك أن المحكمة سمحت لمحام واحد بتولى الدفاع عن الطاعنين وعن متهمين آخرين رغم تعارض المصلحة بين الفريقين.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت أصلا ضد الطاعنين الثلاثة واثنين آخرين لأنهم فى يوم 17/ 2/ 1959 بناحية جزيرة المعابدة مركز منفلوط مديرية أسيوط: أولا - الطاعن الأول: قتل قناوى عبد الموجود على عمدا مع سبق الإصرار والترصد. ثانيا - الطاعنان الثانى والثالث: اشتركا مع الأول فى ارتكاب الجناية سالفة الذكر بطريق الإتفاق والمساعدة. ثالثا - المتهمان الرابع والخامس: شرعا فى قتل عبد الظاهر محمد حسن عمدا ومع سبق الإصرار والترصد. رابعا - المتهمون جميعا: أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (بندقية هندي) وذخيرة مما تستعمل فى الأسلحة النارية المذكورة والغير مرخص لهم بإحرازها. وقد نظرت القضية بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1960، وبعد سماع أقوال الشهود وعدلت النيابة العامة وصف التهمة بأن أسندت إلى المتهمين جميعا تهمتى قتل قناوى عبد الموجود على والشروع فى قتل عبد الظاهر محمد حسن عمدا ومع سبق الإصرار والترصد وكذلك تهمة إحراز الأسلحة والذخائر بغير ترخيص. فطلب الدفاع التأجيل للاستعداد فى الوصف المعدل فأجيب إلى طلبه وتمت المرافعة بجلسة 25 ديسمبر سنة 1960 على أساس الوصف المعدل فأجيب إلى طلبه وتمت المرافعة بجلسة 25 ديسمبر سنة 1960 على أساس الوصف المعدل. وقد دان الحكم الطاعنين الثلاثة عن تهمتى قتل قناوى عبد الموجود على والشروع فى قتل عبد الظاهر محمد حسن كما قضى ببراءة المتهمين الرابع والخامس عبد المالك عبد المعطى حسن وسيد عبد المعطى حسن مما أسند إليهما. ولما كان شاهدا الإثبات فى الدعوى قد تناقضت أقوالهما إذ قرر أولهما عبد الرسول على قناوى أن الطاعنين الثلاثة هم الفاعلون لجريمتى القتل والشروع فيه بينما قرر ثانيهما عبد الظاهر محمد حسن وهو المجنى عليه فى جريمة الشروع فى القتل أن أحدا من الطاعنين لم يشرع فى قتله واتهم فى ذلك المتهمين الرابع والخامس. بل ذهب إلى حد القول بأنه لم يكن مع القتيل وقت الاعتداء عليه وأن الشاهد الأول لم يكن مصاحبا له. ولما كان التناقض فى أقوال الشاهدين المذكورين يؤدى حتما إلى تعارض المصلحة بين الطاعنين والمتهمين الآخرين فبينما يدعو صالح المتهمين الرابع والخامس إلى تأييد أقوال الشاهد الأول فإن مصلحة الطاعنين تستدعى تكذيب هذا الشاهد والتشكيك فى الصورة التى أعطاها للحادث مما يستلزم فصل دفاع كل من الفريقين عن الآخر وإقامة محام خاص لكل منهما حتى تتوافر له حرية الدفاع عن موكله فى نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سمحت لمحام واحد بالمرافعة عن الطاعنين وعن المتهمين الرابع والخامس مع قيام التعارض المشار إليه آنفا فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعنين فى الدفاع مما يستوجب نقض الحكم والإحالة دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.