أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 640

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركى.

(159)
الطعن رقم 901 لسنة 32 القضائية

(أ) أسباب الإباحة. دفاع. حكم "تسبيب غير معيب".
الحالات النفسية. ليست من حالات موانع العقاب فى التشريع المصرى. الجنون والعاهة فى العقل دون غيرهما، هما اللذان يجعلان الجانى وقت ارتكاب الجريمة فاقدا للشعور والاختيار فى عمله. المادة 62 عقوبات.
الدفع بأن أمراض النفس تختلف عن الأمراض العقلية، وأنها تجعل الجانى غير مسئول عما اقترف. ذلك دفاع غير مقبول. القانون المصرى لا يعرف هذه التفرقة ولم ينص عليها.
تقدير حالة المتهم العقلية التى يترتب عليها الإعفاء من المسئولية. أمر يتعلق بوقائع الدعوى، يفصل فيه قاضى الموضوع بلا معقب: طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة.
(ب) مسئولية مدنية. نقض "ما لا يقبل من الأسباب".
مسئولية الوالد عن تعويض الضرر الذى يحدثه ولده. هى مسئولية مفترضة: ما دام الولد فى كنفه حتى يبلغ سن الرشد. استناد هذه المسئولية إلى قرينة الإخلال بواجب الرقابة أو إلى افتراض أنه أساء تربيته أو إلى الأمرين معا. هذه القرينة قابلة لإثبات العكس. عبء الإثبات يقع على كاهل المسئول. المادة 173 مدنى.
عدم المجادلة أمام محكمة الموضوع فى أساس هذه المسئولية. يمنع إثارتها أمام محكمة النقض.
1- إذا كان مما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن الصورة التى قارف بها جريمته إنما كانت نتيجة حالة نفسية تجعله غير مسئول عن عمله، وطلب إحالته إلى معهد نفسانى لفحصه، وكان مؤدى هذا الدفاع أن النفس شئ آخر متميز تماما عن العقل وأن أمراضا قد تصيبها فتكون أمراضا نفسية مختلفة عن الأمراض العقلية - وكان الحكم المطعون فيه - بعد أن ناقش حالة المتهم العقلية ونفى عنه إصابته بأى مرض عقلى - قد رد على هذا الدفاع بأن التشريع الجنائى المصرى لا يعرف هذه التفرقة ولم ينص عليها وكل ما فى الأمر أن قانون العقوبات قد نص فى المادة 62 منه على أنه لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار فى عمله وقت ارتكاب الفعل إما لجنون أو عاهة فى العقل، وبالتالى فإن هاتين الحالتين اللتين أشارت إليهما هذه المادة دون غيرهما ورتبت عليهما الإعفاء من العقاب هما اللتان تجعلان الجانى وقت ارتكاب الجريمة فاقد للشعور والاختيار فى عمله، وكان تقدير حالة المتهم العقلية التى يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضى الموضوع بما لا معقب عليه طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة - كما هو الحال فى واقعة الدعوى - فإن النعى على الحكم بالإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب يكون فى غير محله.
2- مقتضى نص المادة 173 من القانون المدنى يجعل الوالد مسئولا عن رقابة ولده الذى لم يبلغ خمس عشرة سنة أو بلغها وكان فى كنفه، ويقيم من ذلك مسئولية مفترضة تبقى إلى أن يبلغ الولد سن الرشد. وهذه المسئولية بالنسبة إلى الوالد تستند إلى قرينة الإخلال بواجب الرقابة أو إلى افتراض أنه أساء تربية ولده أو إلى الأمرين معا، وهى لا تسقط إلا بإثبات العكس وعبء ذلك يقع على كاهل المسئول الذى له أن ينقض هذه القرينة بأن يثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن يثبت أن الضرر كان لابد واقعا ولو قام بهذا الواجب، بما ينبغى من العناية. وإذا كان المسئول هو الوالد فقد كان عليه أن يثبت أيضا أنه لم يسئ تربية ولده. ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يجادل فى أساس مسئوليته فوض الرأى للمحكمة فى تقدير مداها، فلا يقبل منه إثارة شئ من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه فى يوم 10/ 3/ 1959 بناحية بندر بنها مديرية القليوبية: - قتل رقية محمد بدير عمدا ومع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن عقد العزم على قتلها وأعد لذلك سلاحا ناريا "مسدسا" وتربص لها فى الطريق العام بجوار منزلها وذلك فى الوقت الذى علم أنها يتعود فيه وما أن شاهدها حتى أطلق عليها عدة أعيرة نارية قاصدا من ذلك قتلها فأصابها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها, وقد اقترنت هذه الجناية بثلاث جنايات أخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر: أولا - شرع فى قتل سعاد محمد ابراهيم الجوهرى عمدا ومع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن عقد العزم على قتلها وأعد لذلك السلاح النارى السالف الذكر وتربص لها فى المكان المذكور وعلى الوضع المتقدم وما أن شاهدها حتى أطلق عليها عدة أعيرة نارية قاصدا من ذلك قتلها فأصابها بالإصابات المبينة بالتقرير الطبى الشرعى، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجنى عليها بالعلاج. الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و230 و231 و232 من قانون العقوبات. ثانيا - أحرز سلاحا ناريا مششخنا "مسدسا" بدون ترخيص. ثالثا - أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل فى أسلحة نارية لم يرخص له بإحرازها. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 230 و231 و232 و234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والقسم الأول أ من الجدول رقم 3 المرفق. وقد ادعى محمد ابراهيم الجوهرى "المطعون ضده الثانى" بصفته الشخصية وبصفته وليا طبيعيا على أولاده القصر سعاد وفؤاد وحمدى وسميرة وطلب القضاء له قبل المتهم ووالده "الطاعن الثانى" بصفته مسئولا عن الحقوق المدنية وبصفته وليا طبيعيا على ابنه "المتهم" بحق مدنى بمبلغ سبعة آلاف جنيه عن مقتل المجنى عليها الأولى ومبلغ ثلاثة آلاف جنيه خصيصا للمجنى عليها الثانية وذلك على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1960 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم "الطاعن الأول" بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة وبإلزام ابراهيم يوسف الخواجه "الطاعن الثانى" بصفته الشخصية وبصفته وليا طبيعيا على ابنه المتهم أولا: بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى عن نفسه وبصفته وليا طبيعيا على أولاده القصر سعاد وفؤاد وحمدى وسميرة مبلغ ألفين من الجنيهات على سبيل التعويض عن مقتل المجنى عليها رقية محمد بدير. ثانيا: بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى بصفته وليا طبيعيا على ابنته سعاد مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض عن الضرر الذى لحق بها من الجريمة التى وقعت عليها. ثالثا: بإلزام المدعى عليه بصفتيه المصروفات المدنية المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فطعن المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن طلب إحالته إلى معهد نفسانى يتولى المختصون فيه فحص حالته النفسية والعقلية لاستظهار مدى مسئوليته وقت ارتكاب الحادث ولكن المحكمة التفتت عن هذا الطلب استنادا إلى سابقة إحالة الطاعن إلى طبيب الأمراض العقلية وإلى ما تبينته من أقواله فى التحقيقات وبالجلسة من أنه كان متزن العقل، وأنه أقدم على فعلته عن روية، وما ذهبت إليه المحكمة من ذلك قد أخل بحق الطاعن فى الدفاع. هذا إلى أن الحكم جاء قاصرا وفاسدا فى استدلاله على توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد، فقد تمسك الدفاع بأن إطلاق النار كان على أثر استفزاز المجنى عليهما للطاعن وأن مجرد إحراز المسدس فى ذاته هو جريمة مستقلة وأن مقام الطاعن فى المقهى الذى يقع أمام منزله هو أمر طبيعى، وهذه كلها أمور ينتفى معها توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد. وباستبعاد هذين الظرفين، فإن الحكم إذ أنزل أقصى العقوبة بالطاعن رغم إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التى دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد عرض لظرفى سبق الإصرار والترصد وتوافرهما فى حق الطاعن فى قوله "وحيث إنه عن سبق الإصرار فلا شك فى توافره لدى المتهم عند اقترافه لهذه الواقعة وذلك يبدو واضحا تمام الوضوح من أقوال المتهم فى التحقيق فقد قرر على حد قوله إنه عثر على المسدس المستعمل قبل الحادث بأسبوع وأنه ليلة الحادث رأى المجنى عليهما عند خروجهما من منزلهما حوالى الساعة 6 و30 دقيقة مساء فأغلق الدكان وانتظرهما أمام المنزل إلى أن عادتا فأطلق عليهما النار من المسدس المحشو بالرصاص الذى كان معه. وأضاف أنه كان يقصد قتل المجنى عليها سعاد محمد ابراهيم الجوهرى إذ كانت بينهما علاقة غرامية من سنتين، ثم تركته وانصرفت إلى غيره وأنها قاطعته من حوالى عشرين يوما قبل الحادث وأنه نصحها كثيرا فلم تعر نصحه التفاتا فعزم على قتلها ونفذ ذلك العزم ليلة الحادث فى حوالى الساعة 9 و45 مساء تقريبا. وعلى ذلك فما لاشك فيه أن المتهم عزم علي قتل المجني عليها سعاد ووالدتها عندما تيقن انصرافهما عنه فأعد لذلك المسدس المضبوط وحشاه بالرصاص وجعل يتحين الفرص إلى أن شاهد المجنى عليهما خارجتين من منزلهما فانتظرهما بالمسدس على الباب ولأطلق عليهما الأعيرة النارية بقصد قتلهما. فالمتهم إذن قد بيت النية فى هدوء ومن وقت سابق على يوم الحادث لا يقل عن أسبوع - وهو الوقت الذى ادعى العثور فيه على المسدس - بيت النية على إزهاق روح المجنى عليهما ونفذ ذلك العزم الذى أصر عليه ليلة الحادث عندما وافته المناسبة الأمر الذى يجعل ظرف سبق الإصرار متوافر فى هذه الواقعة. أما ظرف الترصد فهو ثابت أيضا فى حق المتهم، فقد قرر هو أنه رآهما خارجتين من المنزل حوالى الساعة 6 و30 دقيقة مساء فأغلق الدكان الذى كان يجلس فيه وانتظرهما بالمسدس على مقربة من الباب كما قررت المجنى عليها بأن المتهم رآهما أثناء الخروج وعندما عادتا باغتهما على الباب بطلاق النار عليهما الأمر الذى يتوفر معه ركن الترصد طبقا للقانون. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا فى إثبات توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد، وكان تقدير ذلك هو من المسائل الموضوعية التى يفصل فيها قاضى الموضوع بما له من سلطة تقديرية، وكان الأصل أن الاستفزاز لا يعدو فى صحيح القانون أن يكون ظرفا قضائيا مخففا يترك أمر تقديره لمحكمة الموضوع وقد أطرحته المحكمة لما رأته من عدم صحة الادعاء به. ولما كانت المحكمة قد قالت كلمتها بشأن توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد وهى إذ أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم - مع إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات - تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا - لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على أن الصورة التى قارف بها جريمته إنما كانت نتيجة حالة نفسية تجعله غير مسئول عما اقترف، ورد عليه فى قوله "ومن حيث إنه عن طلب الدفاع إحالة المتهم إلى معهد نفسانى لفحص حالته النفسية والعقلية ولمعرفة ما إذا كان مسئولا وقت الحادث أم لا، فإنه إجراء قد سبق أن قامت به النيابة العامة فقد عرضت المتهم بظروف الدعوى على السيد مدير عام مصلحة الصحة العقلية الذى قرر فى تقريره بعد أن فحص المتهم فنيا أنه خال من المرض العقلى وأنه يعى ما يقول ويفعل وأنه يعتبر مسئولا عن أعماله فى هذا الحادث، أى فى وقت هذا الحادث، هذا فضلا عن أن المحكمة لم تلاحظ على المتهم فى كل ادوار التحقيق والمحاكمة ما يمكن أن يؤدى إلى القول بأنه مصاب بمرض عقلى. فهو هادئ فى إجاباته يعلم عاقبة الأمر فيها وقد درأ عن نفسه بجلسة المحاكمة نية القتل قائلا أنه أخرج المسدس ولم يكن يقصد القتل غير أن المجنى عليها رقية محمد بدير أثارته بالألفاظ التى وجهتها إليه. والحق أن تصرفات المتهم إن دلت على شئ فإنما تدل على جانب كبير من الاستهتار والجرأة وليس معنى ذلك أن يكون مريضا مرضا عقليا. أما إذا كان الدفاع يذهب فى طلبه هذا إلى أن النفس شئ آخر يتميز تماما عن العقل وأن أمراضا قد تصيبها فتكون أمراضا نفسية مختلفة عن الأمراض العقلية، فإن التشريع الجنائى المصرى لا يعرف هذه التفرقة ولم ينص عليها، وكل ما فى الأمر أن قانون العقوبات قد نص فى المادة 62 فى هذا الخصوص على أنه لا عقاب على من يكون فاقدا الشعور أو الاختيار فى عمله وقت ارتكاب الفعل إما لجنون أو عاهة فى العقل. وعلى ذلك فإن الجنون والعاهة فى العقل اللذين أشارت إليهما المادة 62 من قانون العقوبات دون غيرهما ورتبت عليهما الإعفاء من العقاب هما اللذان يجعلان الجانى وقت ارتكاب الجريمة فاقدا للشعور والاختيار فى عمله. وقد قضت محكمة النقض ... وليس ينهض مجرد اعتراف المتهم بالواقعة تفصيلا فى أعقاب الواقعة دليلا على جنونه فإن هذا يحدث كثيرا فى العمل خصوصا إذا كان التنصل من الفعل مستحيلا بأن يكون المتهم قد قام بارتكاب جريمة بشكل ظاهر ورآه أثناء إرتكابه عدد كبير من الناس. وكذلك لا ينهض دليلا على الجنون أن يكون المتهم قد ارتكب الحادث وهو حانق على المجنى عليه لأى سبب من الأسباب، فإن هذا هو الشئ الطبيعى والباعث العادى الذى يدفع بكثير من المجرمين على اقتراف جرائمهم. ومن حيث إنه يبين مما تقدم ومن تقرير السيد مدير عام مصلحة الصحة العقلية أن المتهم كان يعى ما يفعل وقت ارتكب الفعل أى أنه كان واعيا غير فاقد للشعور والإختيار وأنه لم يكن مصابا بمرض عقلى أو بعاهة بالعقل واعتبره مسئولا عن تصرفه وقت الحادث فيكون ذلك الطلب من جانب الدفاع غير مقبول" - لما كان ذلك، وكان تقدير حالة المتهم العقلية التى يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضى الموضوع بما لا معقب عليه طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة - كما هو الحال فى واقعة الدعوى - فإن هذا النعى يكون غير سديد ويكون الطعن المقدم من الطاعن الأول برمته على غير أساس مما يتعين رفضه موضوعا.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثانى هو أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون وذلك لإنتفاء رابطة السببية بين ركن الخطأ المفترض وقوعه من متولى الرقابة وبين الضرر، فقد بلغ المتهم - الطاعن الأول - التاسعة عشرة من عمره وما كان يمكن تلافى الحادث الذى وقع المجنى عليهما مهما كانت درجة الرقابة.
وحيث إن مقتضى نص المادة 173 من القانون المدنى يجعل الوالد مسئولا عن رقابة ولده الذى لم يبلغ خمس عشرة سنة أو بلغها وكان فى كنفه ويقيم من ذلك مسئولية مفترضة تبقى إلى أن يبلغ الولد سن الرشد. وهذه المسئولية بالنسبة إلى الوالد تستند إلى قرينة الإخلال بواجب الرقابة أو إلى افتراض أنه أساء تربية ولده أو إلى الأمرين معا، وهى لا تسقط إلا بإثبات العكس. وعبء ذلك يقع على كاهل المسئول الذى له أن ينقض هذه القرينة بأن يثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن يثبت أن الضرر كان لابد لاقعا ولو قام بهذا الواجب بما ينبغى من العناية. وإذ كان المسئول هو الوالد فقد كان عليه أن يثبت أيضا أنه لم يسئ تربية ولده - لما كان ما تقدم، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يجادل فى أساس مسئوليته وفوض الرأى للمحكمة فى تقدير مداها، فلا يقبل منه إثارة شئ من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن الطعن المقدم من الطاعن الثانى لا يكون له محل ويتعين رفضه موضوعا.