أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 830

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبرى.

(200)
الطعن رقم 1994 لسنة 32 القضائية

تفتيش. مأمورو الضبط القضائى. مواد مخدرة. نقض "أسبابه. ما لا يقبل منها".
(أ) التفتيش الذى يقوم به مأمور الضبط القضائى بناء على ندب من سلطة التحقيق. لا يلزم أن يتم بحضور المتهم أو نائب عنه ولا بحضور شاهدين. ذلك ليس شرطا جوهريا لصحته.
وجوب حضور شاهدين أثناء التفتيش طبقا للمادة 51 أ. ج. محله: عند دخول رجال الضبط القضائى المنازل وتفتيشها فى الأحوال التى أجاز لهم القانون ذلك فيها.
(ب) قصد الاتجار فى المواد المخدرة. هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية تقديرها، ولا يقبل الطاعن فيها بالنقض: ما دام استخلاص الحكم لهذا القصد سائغا.
1- متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن التفتيش تم بناء على إذن من النيابة العامة، فإن ما يثيره الطاعن من وجوب حضور شاهدين أثناء التفتيش استنادا إلى المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية لا محل له. ذلك بأن هذه المادة محلها دخول رجال الضبط القضائى المنازل وتفتيشها فى الأحوال التى أجاز لهم القانون ذلك فيها، أما التفتيش الذى يقوم به مأمور الضبط القضائى بناء على ندبه لذلك من سلطة التحقيق فإنه تسرى عليه أحكام المادة 92 الخاصة بالتحقيق بمعرفة قاضى التحقيق التى تنص على إجراء التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، والمادة 99 الخاصة بالتحقيق بمعرفة النيابة والتى تحيل على الإجراءات التى يتبعها قاضى التحقيق، والمادة 200 التى تجيز للنيابة أن تكلف أى مأمور من مأمورى الضبط القضائى ببعض الأعمال التى من خصائصها - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حصول هذا التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه بطلانه قانونا لأنه ليس شرطا جوهريا لصحته، فإن إجراءاته تكون صحيحة.
2- الاتجار فى المواد المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها. فإذا كان ما قاله الحكم فى استخلاص هذا القصد سائغا فإنه لا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الوجه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى - حكم ببراءتها - بأنهما فى يوم 14/ 6/ 1959 بدائرة شبين القناطر مديرية القليوبية: أحرزا جواهر مخدر "حشيشا وأفيونا" فى غير الأحوال المنصوص عليها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و 33 جـ وأخيره و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا بتاريخ 7 فبراير سنة 1961 عملا بالمواد 1 و2 و34/ 1 و42 من المرسوم بقانون رقم 182 لسنة 1960 والجدول رقم 1 بندى 1 و12 الملحق به بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف من الجنيهات ومصادرة جوهر المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو مخالفة القانون ذلك أن إذن التفتيش باطل لأنه لم يسبقه تحريات جدية وقد تم التفتيش على خلاف مقتضى المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية التى توجب أن يتم فى حضور المتهم أو من ينيبه كلما أمكن ذلك وإلا فيجب أن يكون بحضور شاهدين، وإغفال هذا الإجراء الجوهرى يترتب عليه بطلان التفتيش بطلانا هو من النظام العام. كما أن إجراءات التحقيق قد شابها نقص لعدم سماع أقوال باقى أفراد القوة التى صاحبت رئيس مكتب مكافحة المخدرات عند إجراء التفتيش مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان إجراءات التفتيش فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ما دام الحكم المطعون فيه ليس فيه ما يدل على وقوع هذا البطلان. يضاف إلى ذلك أنه متى كان الثابت من الحكم أن التفتيش تم بناء على إذن من النيابة العامة، فإن ما يثيره الطاعن من وجوب حضور شاهدين أثناء التفتيش استنادا إلى المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية لا محل له، ذلك بأن هذه المادة محلها دخول رجال الضبط القضائي المنازل وتفتيشها فى الأحوال التى أجاز لهم القانون ذلك فيها، أما التفتيش الذى يقوم به مأمور الضبط القضائى بناء على ندبه لذلك من سلطة التحقيق فإنه تسرى عليه أحكام المادة 92 الخاصة بالتحقيق بمعرفة قاضى التحقيق، التى تنص على إجراء التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك، والمادة 99 الخاصة بالتحقيق بمعرفة النيابة والتى تحيل على الإجراءات التى يتبعها قاضى التحقيق، والمادة 200 التى تجيز للنيابة أن تكلف أى مأمور من مأمورى الضبط القضائى ببعض الأعمال التى من خصائصها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حصول هذا التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه بطلانه قانونا لأنه ليس شرطا جوهريا لصحته، وكان المخدر قد ضبط فى متجر الطاعن وليس فى منزله، وقد تم مع ذلك بإذن من النيابة وبحضور زوجته، فإن إجراءات التفتيش تكون صحيحة. ولما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بسماع باقى الشهود من رجال مكتب مكافحة المخدرات ولم يبد أمامها دفعا ببطلان إجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة فلا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه فى هذا الوجه يكون غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو مخالفة القانون والقصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالإحراز بقصد الاتجار دون أن يورد الدليل على توافر هذا القصد فى حقه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه عناصر الجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، عرض إلى القصد من الاحراز فقال "أن التحريات والمراقبة كانت مسلطة على الطاعن ودلتا على أنه يتجر فى المواد المخدرة وقد تدعم ذلك بضبطها فى متجره. هذا فضلا عن أن زوجته قررت للشاهدين بادئ الأمر أن المخدرات المضبوطة هى لزوجها ويتجر فيها وكررت ذلك أمام النيابة ولهذا كله تكون التهمة ثابتة قبله ثبوتا لا ريب فيه وأنه أحرز هذه المخدرات بقصد الاتجار فيها". لما كان ذلك، وكان الاتجار فى المواد المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها؛ وكان ما قاله الحكم فى استخلاص هذا القصد سائغا، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الوجه.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو التناقض والتخاذل فى التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه استند فى إدانة الطاعن إلى أقوال زوجته فى محضر ضبط الواقعة على الرغم من عدولها عن تلك الأقوال أمام النيابة والمحكمة، ودون أن يبين أى قول من أقوالها عول عليه واطمأن إليه. هذا فضلا عن أنها كانت متهمة معه فلا تصلح أن تكون أقوالها دليلا عليه.
وحيث إن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى كما أن لها وهى فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للمتهم فى محاضر التحقيق الأولية وأن تعرض عن قول آخر له فى تحقيق النيابة أو أمام المحكمة إذ المرجع فى ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول على أقوال زوجة الطاعن فى تحقيق البوليس والنيابة فإن هذا الوجه من الطعن يكون فى غير محله.
وحيث إنه لذلك، يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.