أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 607

جلسة 18 مارس سنة 1952
(226)
القضية رقم 1151 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.

أ - قانون أصلح. قانون يخول للقاضي وقف التنفيذ. قانون لاحق أصلح ولكن لا يخول وقف التنفيذ تطبيقه على المتهم دون استعمال حق وقف التنفيذ. النعي على الحكم بمقولة إن القاضي لا يعرف أنه له حق وقف التنفيذ لا يقبل.
ب - تموين. سكر بودرة بيعه بسعر يزيد على السعر المحدد. عقاب البائع مهما كانت الطريقة التي حصل بها على السكر ومهما تكن صفة الشخص الذي حصل البيع له.
1 - المفروض في القاضي الإحاطة بأحكام القانون، ووقف التنفيذ، عند جواز ذلك قانوناً، من اطلاقات القاضي إن شاء أمر به وإن شاء لم يأمر. وإذن فمتى كان الواقع في الدعوى أن القاضي طبق قانوناً لاحقاً أصلح للمتهم دون استعمال حق وقف التنفيذ المنصوص عليه في القانون القديم، فلا يجوز لهذا المتهم أن ينعي على هذا الحكم أن المحكمة حين اعتبرت القانون اللاحق أصلح له قد فاتها أن القانون السابق يجيز وقف التنفيذ.
2 - السكر بجميع أنواعه من المواد المستولى عليها طبقاً للمادة 16 من القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 التي يشمل نصها السكر بجميع أنواعه، وقد حظر القرار الوزاري رقم 166 لسنة 1949 إنتاج السكر البودرة بغير ترخيص كتابي من وزارة التموين، والمرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1945 والقانون رقم 163 لسنة 1950 يعاقبان بصفة مطلقة كل من باع سعلة مسعرة بسعر يزيد على السعر المحدد لها دون تفريق في استحقاق العقاب بين من يكون مأذوناً له أصلاً بالاتجار في السلعة ومن يكون غير مأذون له أصلاً ولا بين من كان مرخصاً له في الحصول عليها أو ممنوعاً منها. وإذن فمن باع سكراً بودرة بسعر يزيد على السعر المحدد له يكون مستحقاً للعقاب مهما كانت الطريقة التي حصل بها عليه ومهما تكن صفة الشخص الذي تصرف إليه فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 - مصطفي محمد ملحه 2 - حسان مرعي ماضي 3 - صادق فاضل الزفزاف 4 - عبد الله محمد طه الشهير بسورمه 5 - أحمد حسين القولي الشهير بمعاطي (الطاعن الأول) 6 - عبد الحميد محمد البنان (الطاعن الثاني) بأنهم في يومي 24، 28 مايو سنة 1950 بدائرة قسم عابدين باب الشعرية وبدائرة نقطة مرور شبرا البلد مركز قليوب. أولاً: الثلاثة الأول: نقلوا السكر الموضحة كمية بالمحضر من محافظة مصر إلى مديرية القليوبية بدون ترخيص من مراقبة التموين. وثانياً: الأول والسادس اشتريا "سكراً" بأكثر من السعر المحدد بقصد الاتجار فيه وثالثاً: الرابع والخامس والسادس باعوا سلعة مسعرة "سكراً" بسعر يزيد عن السعر المحدد، وطلبت عقابهم بالمواد 4/ 1 - 6 و6 و7 و9 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1945، 131 لسنة 1948، 1/ 2، 56، 57 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، 14، 54 من القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945. ومحكمة القاهرة المستعجلة قضت غيابياً للثالث وحضورياً للباقين أولاً: بحبس المتهم الأول ستة شهور مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه مائة جنيه والمصادرة وشهر ملخص الحكم على واجهة محله على نفقته لمدة ستة شهور وذلك وفقاً للمواد 1 و2 و9 و11/ أ و14 و16/ 1 من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 باعتباره الأصلح له تطبيقاً للمادة 5/ 2 من قانون العقوبات وبالمواد 14 و16 و54/ 2 من القرار رقم 504 لسنة 1945 المعدل بالقرار رقم 115 لسنة 1949 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. وثانياً: ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه عملاً بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات. وثالثاً: بحبس المتهم الثالث ستة شهور مع الشغل ووقف التنفيذ وتغريمه مائة جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة محله على نفقته لمدة ستة شهور وذلك عملاً بالمواد التي طبقت بالنسبة للمتهم الأول عن تهمة نقل السكر. ورابعاً: بحبس المتهم الرابع سنة واحدة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وبتغريمه مائتي جنيه. وبحبس الخامس سنتين مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وبتغريمه خمسمائة جنيه، وشهر ملخص الحكم على واجهة محلهما على نفقتهما لمدة سنتين مع غلق المحل لمدة أسبوع وذلك وفقاً للمواد 1 و2 و9 و14 و15 و16/ 1 من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 وهو التشريع الأصلح لهما عملاً بالمادة 5/ 2 من قانون العقوبات. وخامساً: بحبس السادس سنة ونصفاً مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه خمسمائة جنيه وشهر ملخص الحكم على واجهة محله على نفقته لمدة سنة ونصف مع غلقه لمدة أسبوعا. وذلك عملاً بالمواد 1 و2 و9 و11/ أ و14 و16/ أ من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الأصلح له وفقاً للمادة 5/ 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 عقوبات. فاستأنف المتهمون الأول والرابع والخامس والسادس، ومحكمة مصر قضت بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول وتعديله بالنسبة للمتهم الرابع وتغريمه خمسين جنيهاً وتعديله بالنسبة للمتهمين الخامس والسادس وحبس كل واحد منهما سنة واحدة مع الشغل وتغريم كل واحد منهما مائتي جنيه وتأييد المصادرة والشهر على أن يكون لمدة سنة واحدة وتأييد الغلق.
فطعن المحكوم عليهما الأخيران في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعن الأول يبني طعنه على أن الحكم قد تناقض في تدليله على سكناه في البيت الذي خرج منه السكر، فبينما يقول إن البيت بيته كما ثبت من تحريات ضابط البوليس بين سكان المنازل المجاورة إذا به يعود ويفترض أن البيت لأخيه، ويقول أنه ليس ثم ما يمنع أن يجري المتهم معاملاته غير المشروعة بعيداً عن مسكنه الحقيقي ويضيف إلى ذلك أن الحكم دانه طبقاً للمرسوم بقانون رقم 163 سنة 1950 باعتباره الأصلح له، واستبعد القانون رقم 96 لسنة 1949 الذي قدمت به الدعوى وفاته أن القانون الجديد قد منع وقف التنفيذ فكان الأصلح له أن يطبق القانون الذي وقع الحادث في ظله. ويقول في الوجه الثالث إن السكر البودرة لم يكن عند وقوع الحادث من المحظور حيازته والتصرف فيه.. وأن السعر المحدد لبيعه من الشركة إلى المصانع لا يسري بداهة إذا كان البيع من غير الشركة، ولغير أصحاب المصانع، فلا عقاب على من يبيع هذا السكر غير الشركة، بأكثر من السعر المقرر البيع به من السكر لمصانع الحلوى، ويندمج الوجهان الأولان من طعن الطاعن الثاني في الوجه الأخير من طعن الأول، ويقول هذا الطاعن في الوجه الأخير من طعنه إن المحكمة غيرت وصف التهمة دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك.
وحيث إن الوجه الأول مردود بأن الحكم قد اعتمد بصفة أصلية على ما ثبت أن البيت بيت الطاعن بناء على الأدلة التي أوردها ثم عرض لدفاع الطاعن بأن البيت لأخيه وأن المتهم الرابع عامل عند أخيه لا عنده فقال إنه دفاع لا يجدي إذ يفرض أن المسكن لأخي المتهم الخامس - الطاعن - وأن الرابع يعمل عند الأخ بمحله فليس ثمة ما يمنع أن يجري المتهم الخامس معاملته غير المشروعة بعيداً عن مسكنه الحقيقي مستعيناً بأخيه ستارا وعامله معاونا" فلم يعتمد الحكم كما يقول الطاعن، على أمرين متناقضين ولكنه سوى بين أن يكون البيت بيته وهو ما ثبت للمحكمة وتأسس الحكم عليه أو أن يكون بيت أخيه وقد استظل به في ارتكاب جريمته مستعيناً بعامله على افتراض صحة دفاعه. أما ما يقوله الطاعن في الوجه الثاني من أن المحكمة حين اعتبرت القانون اللاحق أصلح له، قد فاتها أن القانون السابق يجيز وقف التنفيذ، فمردود بأن المفروض في القاضي الإحاطة بأحكام القانون، وأن وقف تنفيذ العقوبة عند جواز ذلك قانوناً من اطلاقات القاضي، إن شاء أمر به وإن شاء لم يأمر به، وقد بان في خصوص هذه الدعوى أن القاضي لم يغفل عن حقه في وقف التنفيذ إذ هو قد أوقف التنفيذ فعلاً بالنسبة لمتهم آخر في الدعوى. وقال بالنسبة للطاعن إنه يرى أخذه بالشدة لخطورة ما اقترف وفحش الربح الذي جناه، مما لا يسوغ معه الزعم بعدم إحاطة القاضي بما يخوله له لقانون من حق وقف التنفيذ. وأما ما يقوله في الوجه الثالث من طعنه من أن السكر البودرة لم يكن محظوراً حيازته، وأن لا حرج عليه إذا هو باعه بسعر يزيد عن السعر المحدد للبيع من الشركة لأصحاب المصانع، فمردود بأن السكر بجميع أنواعه مادة مستولي عليها طبقاً للمادة 16 من القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 التي تنص على أنه "يجري الاستيلاء على المقادير المخزونة من السكر الخام والمكرر الموجودة في تاريخ صدور هذا القرار والمملوكة للشركة العامة لمصانع السكر ومعمل التكرار في مصر وكذلك علي جميع ما تنتجه الشركة المذكورة من السكر وأن يكون تصريف المقادير المستولي عليها وتوزيعها وفقاً للأحكام الواردة في هذا القرار" وهو نص عام شامل للسكر بجميع أنواعه. وقد حظر القرار الوزاري رقم 166 لسنة 1949 إنتاج السكر البودرة بغير ترخيص كتابي من وزارة التموين وقصد بذلك إحكام الرقابة على هذا النوع من السكر الذي لا يصرف إلا لأصحاب المصانع. ولما كانت المادة السابعة 7 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1945 والمادة 9 من القانون رقم 163 لسنة 1950 تنصان بصفة مطلقة على معاقبة كل من باع سلعة مسعرة بسعر يزيد على السعر المحدد لها دون تفريق في استحقاق العقاب بين من يكون مأذوناً له أصلاً بالاتجار في السلعة ومن يكون غير مأذون له، ودون تفريق في المشترين بين من كان مرخصاً له بالحصول عليها أن ممنوعاًَ منها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه باع السكر البودرة بسعر يزيد على المحدد له، فإنه يكون مستحقاً للعقاب، مهما تكن الطريقة التي حصل بها على هذا السكر ومهما تكن صفة الشخص الذي تصرف إليه فيه.
وحيث إنه بالنسبة للطاعن الثاني، فإن الوجهين الأول والثاني من طعنه يندمجان في الوجه الثالث من طعن الطاعن الأول وقد سبق الرد عليه. أما ما يقوله في الوجه الثالث من أن المحكمة قد عدلت وصف التهمة دون أن تلفت نطر الدفاع إلى هذا التعديل، فلا محل له، إذ لم يحصل تعديل في وصف التهمة إطلاقاً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس في موضوعه متعيناً رفضه.