أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 5 - صـ 176

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1953

المؤلفة من السيد رئيس المحكمة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيسا، والسادة المستشارين: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وأنيس غالى، ومصطفى كامل أعضاء.

(59)
القضية رقم 1488 سنة 23 القضائية

(ا) دفاع شرعى. توفر نية القتل لدى المدافع. لا ينفى قيام هذه الحالة.
(ب) حكم. تسبيبه. دفاع شرعى. تمسك المتهم بأنه كان فى حالة دفاع شرعى. الرد عليه بأنه لم يتبع التعليمات الخاصة برجال الحفظ التى يقتضيها واجب التثبت والتحرى قصور.
1 - إن حق الدفاع الشرعى لا يتنافر مع ارتكاب المدافع القتل العمد بل إنه يبيحه فى الأحوال التى نص عليها القانون.
2 - إذا كان ما رد به الحكم على دفاع الطاعن، من أنه كان فى حالة دفاع شرعى، قد استند فيه إلى عدم اتباع التعليمات الخاصة برجال الحفظ التي يقتضيها واجب التثبيت والتحرى، فإن ما قاله الحكم لا يكفى للرد على دفاعه الطاعن إذ يتحمل معه أن يكون في حالة تجاوز حدود الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل أحمد مصطفى أبو زيد عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، وطلبت إلى قاضى التحقيق إحالته إلى غرفة الاتهام التي قررت بتاريخ 2 من يناير سنة 1952 إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. نظرت محكمة جنايات طنطا هذه الدعوى، ثم قضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم إبراهيم سليمان عبده بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ نفى قيام حالة الدفاع الشرعى عند الطاعن مع أنه وهو خفير كان يمر فى دركه أداء لواجبه فى ليله مظلمة وفى وقت توالى فيه اعتداء اللصوص على العزبة، ففوجئ بشخص، مقبل نحوه فناداه، فلم يجبه بل ظل يتقدم نحوه، فاعتقد أنه لص مسلح وخشى الخطر المحدق به فى الظلام فأطلق عليه بندقيته فأصابه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى قال إن المجنى عليه رجل أبله أصم أبكم، وكان يسير ليلة الحادث بداير الناحية فى ظلام لا يسمح بتمييز الأشخاص، فما رآه الخفير ناداه، فلم يلب النداء بل مضى في طريقه حتى صار منه على مسافة ثلاثة أمتار، فأطلق عليه الخفير بندقيته فأصاب منه مقتلا، ولما كان الحكم قد أورد دفاع الطاعن بما يفيد أنه اعتقد أنه لص مسلح يواجهه مقبلا نحوه فى ظلمة الليل دون أن يجيب على ندائه - ورد على هذا الدفاع بأن الطاعن حين أطلق النار على المجنى عليه، وكان يقصد إزهاق روحه، "إذ صوب بندقيته إلى صدره لا إلى قدميه وأطلقها عليه دون أن يأتى بفعل أو حركة تحمل على ذلك.. وأن الشبهة التى قامت فى ذهن الخفير كانت تقتضيه ألا يستخدم سلاحه إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا، وإلا بعد استنفاد وسائل الارهاب والتهديد التى قد تعينه على ضبط المشتبه فيه بغير حاجة إلى استنفاد وسائل الارهاب والتهديد التي تعيه على ضبط المشتبه فيه بغير حاجة إلى استعمال سلاحه وأنه لهذا قضت التعليمات المرعبة بأنه إذا ما اشتبه خفير في شخص نادى عليه ثلاث مرات، فإذا لم يجبه وأمعن في سيره، وأطلق الخفير فى الفضاء عيارا ناريا للارهاب، فاذا حاول المشتبه فيه الهرب أطلق الخفير صوب ساقيه عيارا أخر ليعجزه عن الفرار وأن الثابت أن الخفير المتهم لم يعمل بهذه التعليمات المستمدة من روح القانون". ولما كان حق الدفاع الشرعى لا يتنافر مع ارتكاب المدافع عن القتل العمد بل أنه يبيحه فى الأحوال التى نص عليها القانون وكان ما رد به الحكم على دفاع الطاعن، من أنه كان في حالة دفاع شرعى قد استند فيه إلى عدم اتباعه التعليمات التى يقتضيها واجب التثبت والتحرى دون أن تكون لديه أسباب معقوله تبرر اعتقاده مع أن ما قاله الحكم من ذلك لا يكفى للرد على دفاع الطاعن في شأن الدفاع الشرعى بل قد يقع أيضا فى حالة تجاوز حدود الدفاع لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان ويتعين لذلك نقضه.