أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيو سنة 1950 - صـ 133

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1949

برياسة حضرة صاحب العزة عبد العزيز محمد بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين .

( 39 )
القضية رقم 206 سنة 17 القضائية

ا - تسجيل . عقد صوري ومسجل . عقد جدي غير مسجل . التسجيل لا يوجد للعقد الصوري آثاراً .
ب - نقض . خطأ لم يضر بالطاعن بل أضر بأخيه الذي لا صفة له في تمثيله . لا يقبل الطعن به .
جـ - إثبات . صورية. الغير حقه في إثباتها بجميع الطرق .
د - حكم . تسبيبه . صورية . إيراد الأدلة على صورية عقد النعي عليه بأنه لم يرد على القرائن التي تمسك بها الصادر له العقد لإثبات جديته . لا يقبل .
1 - التسجيل لا يمكن أن يوجد للعقد الصوري آثاراً قانونية لم تكن له، فيقف في مضمار المفاضلة مع عقد جدي صادر من نفس البائع ولو كان غير مسجل .
2 - متى كان الطاعن لا ينعي على الحكم خطأ أضر به هو بل بأخيه الذي لا صفة له في تمثيله فلا يقبل منه الطعن عليه لانتفاء مصلحته منه .
3 - للغير أن يثبت الصورية بجميع طرق الإثبات ومنها القرائن، وتقدير القرائن من الأمور الموضوعية التي لا رقابة عليها لمحكمة النقض متى كان هذا التقدير سائغاً .
4 - إن تصريح المحكمة باقتناعها بصورية عقد بناء على الأدلة التي أوردتها - ذلك يكفي لبيان أنها رجحت في التقدير أدلة الصورية على الأدلة الأخرى، وفي هذا معنى اطراح هذه الأدلة الأخرى وعدم الثقة بها بلا حاجة إلى بيان خاص . وإذن فلا يسوغ النعي على الحكم بالقصور قولاً بأنه لم يرد على القرائن التي تمسك بها الصادر له العقد لإثبات جديته .


الوقائع

في يوم 29 من ديسمبر سنة 1947 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 10 من مايو سنة 1947 في الاستئناف رقم 923 س ق 63، وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم الابتدائي واحتياطياً إحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة وإلزام المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة الخ الخ .


المحكمة

ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة ونفاذ عقد البيع المحرر بين المطعون عليه الأول والمطعون عليها الثانية في 14 من يونيه سنة 1941 بالنسبة إلى 2ف و16ط و17س قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، أولاً لأنه لم يلق بالاً إلى أن العبرة في انتقال ملكية العقار بالتسجيل، والمطعون عليه الأول وإن كان اشترى من المطعون عليها الثانية 3ف و7ط و7س بمقتضى العقد المحرر في 14 من يونيه سنة 1941 الذي لم يسجل، إلا أن الطاعن اشترى هو من نفس البائعة 2ف و1ط و7س من القدر المشار إليه بمقتضى عقد بيع مسجل في 21/ 8/ 1945 فكان يتعين الحكم برفض دعوى المطعون عليه الأول بخصوص القدر الذي اشتراه الطاعن . ثانياً أن ضمن ما باعته المطعون عليها الثانية للمطعون عليه الأول بمقتضى عقد 14 من يونيه سنة 1941: 1ف و6ط و0س لا تملك التصرف إلا في 3ط من 24 منه أي الثمن وهو حصتها الميراثية في هذا القدر بغير إجازة باقي الورثة، ولكن إن صح ما قرره الحكم المطعون فيه من أن قيام الطاعن بتحرير عقد البيع يعتبر إجازة منه ببيع حصته الميراثية في هذا القدر إلا أن هذا النظر لا يصح أن يقوم بالنسبة لنصيب أخيه أحمد إذ اعتبر الحكم مجرد استلامه أحد أقساط الثمن إجازة منه مع أنه يشترط في الإجازة التي من شأنها أن تصحح عقد البيع الصادر من غير المالك أن تكون صريحة وأن تتم بعد أن يكون المالك قد علم تماماً ببيع الغير لملكه .
ومن حيث إن الوجه الأول مردود بأن الحكم المطعون فيه إنما أهدر عقد الطاعن المسجل لما ثبت له من أنه " عقد صوري صورية مطلقة "، ولا جدال في أن التسجيل لا يمكن أن يوجد للعقد الصوري آثاراً قانونية لم تكن له، فيقف في مضمار المفاضلة مع عقد جدي صادر من نفس البائع ولو كان عقداً غير مسجل .
ومن حيث إن الوجه الثاني مردود بأن لا مصلحة للطاعن في الطعن على الحكم بمقولة إنه مس على زعمه حقاً لغيره، فهو لا ينعي على الحكم خطأ أضر به بل بأخيه الذي لم يطعن في الحكم، والذي لا صفة له في تمثيله .
ومن حيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه قصور إذ قضى باعتبار عقد الطاعن عقداً صورياً دون أن يقيم ذلك إلا على مجرد علاقة الطاعن بالبائعة مع أن جدية العقد ثابتة من عجز المطعون عليه الأول عن وفاء الثمن واضطرار البائعة إلى الحصول على مال، فالتجأت إلى الطاعن لسابقة المعاملات المالية بينهما - أما القرينة التي استند عليها الحكم من وضع يد المطعون عليه الأول فمردودة بأن وضع اليد كان بصفته مستأجراً لا بصفته مالكاً، كما أخطأ الحكم إذ اعتمد في الصورية على أن عقده صدر في 9/ 7/ 1945 بعد إعلانه بدعوى الطاعن في 30/ 6/ 1945 مع أن عقده سابق لذلك إذ تاريخه أول يناير سنة 1945 .
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن للغير أن يثبت الصورية بكافة طرق الإثبات ومنها القرائن، وتقدير القرائن من الأمور الموضوعية التي لا رقابة عليها لمحكمة النقض متى كان هذا التقدير سائغاً، كما هو الشأن في الدعوى الحالية إذ خلص لدى المحكمة أن عقد الطاعن هو عقد صوري لما ثبت من أن البائعة ( وهي أم الطاعن ) بعد أن باعت الأطيان للمطعون عليه الأول في 14 من يونيه سنة 1941 وبعد أن أعلنها هي وولدها الطاعن بصحيفة دعواه طالباً صحة ونفاذ العقد، باعت الأطيان ثانية للطاعن مع أن الطاعن هو الذي حرر عقد البيع المطعون عليه وكان يقبض منه أقساط الثمن وهو الذى تولى مطالبته بالأقساط المستحقة وأنه ... لم يتخذ أي إجراء للاستيلاء على الأطيان المبيعة إليه واستردادها من المشترى السابق الذي ظل وما زال واضعاً اليد عليها، فالحكم لم يقم قضاءه بالصورية على مجرد علاقة الطاعن بالبائعة فحسب كما يدعي الطاعن . أما النعي على الحكم بأنه أخطأ إذ اعتبر المشتري الأول واضعاً اليد بصفته مالكاً مع أنه لم يضع إلا بصفته مستأجراً فمردود بأن هذا القول دفاع جديد لا هو عرض على محكمة الموضوع ولا أيد بدليل ما . كذلك النعي على الحكم بأنه أخطأ إذ اعتبر عقد الطاعن قد حرر بعد رفع الدعوى مع أنه سابق عليها مردود بأن الحكم اعتمد في ذلك على تاريخ تسجيل العقد وهو لا شك لاحق على رفع الدعوى .
ما التاريخ الذي يدعيه الطاعن لعقد ابتدائي سابق فهو غير مقبول إذ لم يثبت الطاعن أن العقد الذي يتمسك به أمام هذه المحكمة سبق عرضه على محكمة الموضوع . أما عدم رد الحكم على القرائن التي تمسك بها الطاعن لإثبات جدية عقده فلا يصلح سبباً للنعي عليه بالقصور إذ تصريح المحكمة باقتناعها بصورية العقد بناء على الأدلة التي عددتها كاف لبيان أنها رجحت في ميزان التقدير أدلة الصورية على الأدلة الأخرى، وفي هذا الترجيح معنى اطراح الأدلة الأخرى وعدم الثقة بها، بلا حاجة إلى بيان خاص .
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه .