أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 282

جلسة 2 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة عبد العزيز محمد بك وحضور حضرات أصحاب العزة: محمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك المستشارين.

( 75 )
القضية رقم 128 سنة 17 القضائية

ا - نقض. الطعن بالنقض لا يكون إلا لمن كان طرفاً في الخصومة. لا يعتبر الشخص طرفاً في الحكم لتمثيل الغير له إلا إذا كان هذا التمثيل مقطوعاً به. إضفاء الحكم صفة النيابة على شخص بلا مبرر. لا يكفي لاعتباره طرفاً فيه. مثال.
ب - نقض. وجه طعن متعلق بغير الطاعن. لا يقبل التحدي به.
جـ - حكم. تسبيبه. خبير معين من المحكمة الابتدائية. خبير من محكمة الاستئناف. الخلاف بينهما. تمحيص الخبير المعين من الاستئناف لدفاع المعترضين. أخذ المحكمة بتقرير هذا الخبير معناه أنها أخذت بأسبابه وفيها ما يفيد اطراح تقرير الخبير الأول.
1 - الطعن بالنقض لا يكون إلا لمن كان طرفاً في الحكم المطعون فيه ولا يعتبر الشخص طرفاً في الحكم بتمثيل الغير له إلا إذا كان هذا التمثيل مقطوعاً به، فإن كانت صفة النيابة قد انتحلت أو قد أضفاها الحكم على شخص بلا مبرر، فإن هذا لا يكفي لاعتبار الشخص طرفاً في الحكم يصح له الطعن فيه بل يعد رغماً عن ذلك خارجاً عن الخصومة له أن يسلك من السبل القانونية ما شرعه له القانون لتفادي آثار الحكم إذا ما أريد الاحتجاج به قبله أو تنفيذه عليه.
فإذا كان الظاهر من وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه أن المدعي لم يختصم ورثة فلان بصفتهم ورثة وإنما اختصهم لأشخاصهم لأنهم هم الذين وضعوا اليد على المنزل المرهون محل الدعوى وهم الذين استغلوه، ولذلك طلب الحكم عليهم بأن يدفعوا له بصفتهم الشخصية، لا بصفتهم ورثة، ما ادعاه زائداً على دين مورثهم، وعلى هذا الأساس قضت المحكمة بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى بعضهم لرفعه بعد الميعاد لما اتضح لها من أن الموضوع قابل للتجزئة، ثم سارت الإجراءات بعد ذلك أمام محكمة الاستئناف دون أن يكون هؤلاء البعض طرفاً فيها، ثم صدر الحكم المطعون فيه، وجاء في أسبابه أنه وإن كان قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى بعض ورثة فلان ذلك إلا أن دعوى المستأنف كانت موجهة لجميع الورثة بصفتهم ممثلين لتركة مورثهم الدائن المرتهن ويعتبر هذا التمثيل قائماً بالنسبة إلى الورثة الباقين، فإن ما جاء بالحكم من ذلك لا يجعل لهؤلاء البعض حقاً في الطعن عليه بطريق النقض.
2 - إن القول بأن هذا الحكم إذ كان لا يصح أن يمس الذين حكم بعدم قبول الاستئناف بالنسبة إليهم فإنه يكون متعيناً نقضه فيما زاد على حصة المحكوم بقبول الاستئناف بالنسبة إليهم، وأنه إذ كانت هذه الحصة غير طاهرة من الحكم فلذلك يتعين نقضه جميعاً - هذا القول مردود: (أولاً) بأنه لا صفة لباقي الطاعنين - بعد استبعاد من لم يقبل الطعن منهم - في التحدي بأن الحكم قضي على هؤلاء دون أن يكونوا ممثلين في الدعوى إذ أنهم ليست لهم صفة النيابة عنهم (وثانياً) بأنه إذا طلب من المحكمة أن تقضي على متعددين فلا تلزم ببيان حصة. كل واحد منهم فيما تقضي به ما لم يطلب منها ذلك.
3 - إذا كان الخبير المعين من محكمة الاستئناف قد خالف الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى في مبلغ من المبالغ وكان الحكم قد عني بفحص الاعتراضات الموجهة إلى تقرير الخبير المعين في الاستئناف، وكان تقرير هذا الخبير قد ناقش دفاع المعترضين تمحيصاً كافياً، فإن أخذ الحكم بتقرير الخبير في هذا الشأن معناه أنه اتخذ أسباب التقرير أسباباً له وفيها ما يفيد أن المحكمة أطرحت أقوال الخبير الأول.


الوقائع

في يوم 26 من يونيه سنة 1947 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 30 من مارس سنة 1947 في الاستئناف رقم 1008 س ق 59 - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد حكم محكمة أول درجة واحتياطياً إحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة.
وفي 30 من يونيه سنة 1947 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن.
وفي 13 من يوليه سنة 1947 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكر بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم - وفي 26 من يوليه سنة 1947 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
وفي 25 من أكتوبر سنة 1948 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وفي جلسة 23 من ديسمبر سنة 1948 أوقفت الدعوى لوفاة الشيخ عبد المجيد محمد أمين سليم فحركها المطعون عليه وأعلن ورثة المتوفى المذكور وورثة الشيخ محمد أمين سليم الذي توفي بعد وقف الدعوى. وحدد لنظر الطعن أخيراً جلسة الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن السبب الأول خاص بورثة محمد أمين سليم وورثة عبد المجيد أمين سليم وزينب أمين سليم وأن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ قضى عليهم مع أنه سبق أن انتهت الخصومة بالنسبة إليهم بالحكم الصادر من نفس محكمة الاستئناف بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1944 بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إليهم.
ومن حيث إن وقائع الدعوى كما هو ثابت بالأوراق تتحصل في أن المطعون عليه رفع الدعوى رقم 507 سنة 1940 أمام محكمة مصر الابتدائية على الطاعنين جميعاً وطلب: (أولاً) الحكم ببراءة ذمته من عقدي الرهن المؤرخين في 29 من نوفمبر سنة 1921 وأول يناير سنة 1923 وقيمة الحكم الصادر من محكمة طنطا الأهلية في القضية رقم 271 سنة 1928 البالغة 730 جنيهاً و700 مليم ومحو كافة التسجيلات والتأشيرات المتوقعة على أرض وبناء المنزل المرهون الموضح بالعريضة واعتبارها كأن لم تكن. (ثانياً) إلزام المدعى عليهم (الطاعنين جميعاً) بدفع مبلغ 43 جنيهاً و165 مليماً قيمة ما ظهر له زيادة على أصل الدين وفوائده. وكان أساس دعواه أن الطاعنين جميعاً بعد وفاة مورثهم استلموا المنزل المرهون في 12 من يناير سنة 1929 واستغلوه فاستهلك الدين وتبقى له في ذمتهم المبلغ المطالب به. وقد قضت محكمة أول درجة بتاريخ 10 من مايو سنة 1941 بندب خبير لإجراء عملية الاستهلاك على أساس أن الفائدة السنوية هي 43 جنيهاً وذلك لما بينه من أسباب وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى لما اتضح لها من تقرير الخبير من أن الدين لم يستهلك شيء منه بل زادت قيمته لما قام به الدائنون من إصلاح وأضافت أنه حتى لو أخذ ببعض الاعتراضات التي أبداها المدين فإن عملية الحساب لا يمكن أن تؤدي إلى براءة ذمته لأن موضع البحث في القضية ليس هو تحديد المبلغ الباقي في ذمته بل معرفة ما إذا كان الدين تسدد عن طريق استغلال العين المحبوسة تحت يد الدائنين وأنه يكفي في رفض الدعوى باعتبارها دعوى براءة ذمة أن يثبت أن ذمة المدعي لا تزال مشغولة بمبلغ ما قل أو كثر. استأنف المطعون عليه الحكم فدفع الشيخ محمد أمين سليم وعبد المجيد أمين سليم وزينب أمين سليم بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إليهم لرفعه بعد الميعاد لأنهم أعلنوا المستأنف بالحكم في 4 من يوليه سنة 1942 ولم يستأنفه بالنسبة إليهم إلا في 3 من أكتوبر سنة 1942. فقضت محكمة الاستئناف بقبول الدفع بالنسبة إلى هؤلاء الثلاثة لأن الحكم المستأنف قابل للتجزئة ولا تضامن بين المستأنف ضدهم، وقضت بقبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى الباقين. ثم سارت الإجراءات بعد ذلك أمام محكمة الاستئناف دون أن يكون هؤلاء الثلاثة طرفاً فيها وقضت بتاريخ 15 من أبريل سنة 1945 بندب خبير كما قضت بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1946 بإحالة الدعوى على التحقيق وذلك كله دون أن يكون هؤلاء الثلاثة طرفاً في هذين الحكمين. وبتاريخ 30 من مارس سنة 1947 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة ذمة المستأنف (المطعون عليه) من مبلغ 407 جنيه و877 مليماً وذكرت في أسباب الحكم " أنه وإن كان قد قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى بعض ورثة المرحوم أمين أفندي سليم (تقصد بذلك الثلاثة المشار إليهم آنفاً) إلا أن دعوى المستأنف كانت موجهة لجميع الورثة بصفتهم ممثلين لتركة مورثهم الدائن المرتهن ويعتبر هذا التمثيل قائماً بالنسبة إلى الورثة الباقين ".
ومن حيث إن الطعن بالنقض لا يكون إلا لمن كان طرفاً في الحكم المطعون فيه ولا يعتبر الشخص طرفاً في الحكم لتمثيل الغير له إلا إذا كان هذا التمثيل مقطوعاً به فإذا كانت صفة النيابة قد انتحلت وقد أضفاها الحكم على شخص بلا مبرر فإن هذا لا يكفي لاعتبار الشخص طرفاً في الحكم يصح له الطعن فيه بل يعد رغماً عن ذلك خارجاً عن الخصومة له أن يسلك من السبل القانونية ما شرعه له القانون لتفادي آثار الحكم إذا ما أريد الاحتجاج به قبله أو تنفيذه عليه.
ومن حيث إنه ظاهر من الوقائع السابقة أن المدعي (المطعون عليه) لم يختصم ورثة المرحوم أمين أفندي سليم بصفتهم ورثة وإنما اختصمهم لأشخاصهم لأنهم كما يتضح من وقائع الدعوى هم الذين وضعوا اليد على المنزل المرهون وهم الذين استغلوا المنزل من 12 يناير سنة 1929 ولذلك طلب المدعي الحكم عليه بأن يدفعوا له بصفتهم الشخصية لا بصفتهم ورثة ما ادعاه زائداً عن دينه. وعلى هذا الأساس قضت محكمة استئناف مصر بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1944 بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى الطاعنين الثلاثة لما اتضح لها من أن الموضوع قابل للتجزئة. ولو كانت الدعوى موجهة ضد التركة لتغير وجه الرأي في الدعوى.
ومن حيث إنه لذلك يتعين عدم قبول الطعن، أولاً - بالنسبة إلى ورثة محمد أمين سليم وورثة عبد المجيد أمين سليم وزينب أمين سليم.
ومن حيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أنه متى كان من الثابت أن الحكم لا يصح أن يمس الذين حكم لهم بعدم قبول الاستئناف كان متعيناً نقضه فيما زاد على حصة المحكوم بقبول الاستئناف بالنسبة إليهم. وهذه الحصة لا تظهر من الحكم ولذلك يتعين نقضه جميعاً.
ومن حيث إن هذا السبب مردود: (أولاً) بأنه لا صفة لباقي الطاعنين (بعد استبعاد الثلاثة السابق الإشارة إليهم) في التحدي بأن الحكم قضى عليهم دون أن يكونوا ممثلين في الدعوى إذ أنه ليست لهم صفة النيابة عنهم. (ثانياً) بأنه إذا طلب من المحكمة أن قضي على متعددين فلا تلزم ببيان حصة كل واحد منهم فيما تقضي به إذا لم يطلب منها ذلك.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ أجرى الاستهلاك على أساس أن الفائدة السنوية للدين هي 36 جنيهاً مع أن محكمة أول درجة قضت في 31 من مايو سنة 1941 حين ندبت الخبير بأن تكون الفائدة السنوية 43 جنيهاً لا 36 جنيهاً وهو حكم قطعي قبله الخصم أمام محكمة أول درجة ولم يستأنفه على استقلال.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعنين - فضلاً عن أنهم لم يقدموا ما يدل على أنهم أعلنوا حكم 31 من مايو سنة 1941 - فإنه من الثابت أن المطعون عليه استأنف هذا الحكم مع الموضوع. وقد قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 15 من أبريل سنة 1945 بندب خبير لإجراء عملية الاستهلاك على أن تكون الفائدة السنوية 36 جنيهاً ولم يتقدم الطاعنون بطعن على هذا الحكم.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور بشأن دفاعهم الخاص بالإصلاحات التي أجريت في المنزل المرهون. فقد خالف الخبير المعين في محكمة الاستئناف الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة وأنزل مبلغ الإصلاحات نحو 200 جنيه ولم يرد رداً وجيهاً على شيء مما جاء في تقرير خبير أول درجة ولم يرد على المستندات وأن الحكم المطعون فيه أخذ بتقرير الخبير رغماً عما حواه من أخطاء.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم عنى بفحص اعتراضات الطاعنين على تقرير الخبير على مراد بك الذي ندبته محكمة الاستئناف وناقشه مناقشة مستفيضة مما لا مجال معه للقول بأن الحكم قاصر في هذه الناحية. كما أن تقرير الخبير علي مراد بك، الذي أخذت به المحكمة قد ناقض دفاع الطاعنين بشأن الإصلاحات ومحصها تمحيصاً كافياً فإذا أخذ الحكم المطعون فيه بتقرير الخبير في هذا الشأن كانت أسبابه أسباباً للحكم وفيها ما يفيد أنها طرحت أقوال الخبير الأول الذي ندبته محكمة أول درجة.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أنه متى كان الحكم المستأنف قد أعلن من محمد أمين سليم وعبد المجيد أمين سليم وزينب أمين سليم ومضى ميعاد الاستئناف بالنسبة إليهم وقضى بذلك لهم كان من المتعين أن يقضي بذلك أيضاً بالنسبة إلى باقي الطاعنين.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه غير وارد على الحكم المطعون فيه إذ هو وارد على الحكم الصادر بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1944 بقبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى من عدا محمد أمين سليم وعبد المجيد أمين سليم وزينب أمين سليم فيكون غير مقبول.