أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 - صـ 491

جلسة 11 من مايو سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

(123)
القضية رقم 128 سنة 18 القضائية

ا - محجور عليه للسفه. قرار الحجر عليه. لا أثر له إلا من تاريخ صدوره ما لم يكن التصرف حصل عن غش وتواطؤ. الفتوى في هذا الخصوص هي على رأي أبي يوسف.
ب - محجور للسفه. إبطال تصرف سفيه قبل الحجر عليه. وجوب بيان أن المتصرف له تعامل مع السفيه وهو عالم بسفهه متواطئاً على تفويت آثار الحجر المتوقع.
1 - قرار الحجر للسفه ليس له أثر إلا من تاريخ صدوره، فلا ينسحب على التصرفات السابقة عليه ما لم تكن قد حصلت بطريق الغش والتواطؤ، والفتوى في هذا الخصوص هي على رأي أبي يوسف، وحاصله أن تصرفات السفيه قبل الحجر نافذة.
2 - الحكم بإبطال تصرف سفيه قبل الحجر عليه على أساس الاحتيال على القانون لا يقوم إلا إذا تبين أن المتصرف له تعامل مع السفيه وهو عالم بسفهه متواطئاً معه في تعامله لتفويت آثار حجر متوقع.


الوقائع

في يوم 8 من يوليه سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 28 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 541 س ق 63 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وإلزام المطعون عليه بصفته بالمصروفات عن جميع درجات التقاضي ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 10 من يوليه سنة 1948 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 26 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته، وفي 9 من أغسطس سنة 1948 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي 24 من أغسطس سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداته.
وفي 25 من فبراير سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببطلان عقد البيع الصادر إليه من محجور المطعون عليه في 20 من فبراير سنة 1934 والمسجل في 25 منه وكذلك الوصول الصادر منه إليه في 10 من سبتمبر سنة 1934 مع أن هذين التصرفين صدرا في تاريخ سابق على قرار الحجر الصادر في 22 من أكتوبر سنة 1936. إذ قضى الحكم بذلك، تأسيساً على أن السفيه يعتبر محجوراً عليه بمجرد السفه بدون حاجة إلى الحكم بذلك يكون، من جهة، قد خالف المبادئ القانونية الخاصة بالأهلية وعوارضها بأن جعل لقرار الحجر أثراً يرجع إلى الماضي مع أن هذه المبادئ تقضي بعدم سريان هذا الأثر على التصرفات السابقة على الحجر ما لم تكن نتيجة غش أو احتيال على القانون، ومن جهة أخرى، عابه قصور في بيان الشروط الواجب توافرها لقيام الغش والاحتيال على القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه مقام على أساسين: (الأول) أن لقرار الحجر أثراً رجعياً أخذاً برأي الإمام محمد، على اعتبار أنه أرجح الآراء في مذهب الإمام أبي حنيفة. (والثاني) أن التصرفات المطعون عليها وليدة الاحتيال على القانون.
ومن حيث إن الأساس الأول مردود بأن قرار الحجر للسفه ليس له أثر إلا من تاريخ صدوره، فلا ينسحب على التصرفات السابقة عليه ما لم تكن قد حصلت بطريق الغش والتواطؤ، فضلاً عن أنه ليس بصحيح ما قرره الحكم من أن الرأي الراجح هو رأي محمد بل الصحيح في مذهب أبي حنيفة أن الفتوى في هذا الخصوص هي على رأي أبي يوسف وحاصله أن تصرفات السفيه قبل الحجر نافذة.
ومن حيث إنه يشترط لكي يقوم الحكم المطعون فيه على الأساس الثاني أن يكون قد بين في أسبابه أن الطاعن تعامل مع محجور المطعون عليه وهو عالم بسفهه، وأنه كان متواطئاً في تعامله معه لتفويت آثار حجر كان متوقعاً، ولما كان الحكم لم يستظهر في أسبابه أن الطاعن عند تعاقده مع المحجور في 20 من فبراير سنة 1934 و10 من سبتمبر سنة 1934، كان يتوقع توقيع الحجر عليه الذي قدم طلبه بعد ذلك في 24 من سبتمبر سنة 1936 وصدر القرار به في 22 من أكتوبر سنة 1936 وأنه كان متواطئاً معه على تفويت أثر قرار الحجر - لما كان ذلك، يكون الحكم قاصراً عن استظهار الشروط التي يتوافر بها الاحتيال على القانون، ومن ثم يكون معدوم الأساس القانوني متعين النقض بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.