أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1452

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(428)
القضية رقم 779 سنة 25 القضائية

(أ) خيانة الأمانة. حكم. تسبيبه. ركن القصد الجنائى فى جريمة خيانة الأمانة. تحدث الحكم عنه استقلالا. غير لازم.
(ب) إثبات. قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود. غير متعلقة بالنظام العام.
1- إن المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالا عن ركن القصد الجنائى فى جريمة خيانة الأمانة إذا كان ما أوردته فى حكمها كافيا لاستظهاره كما هو معرف به فى القانون.
2- إذا كان المتهم لم يدفع عند بداية التحقيق وقبل التعرض للموضوع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع أمام محكمة النقض لعدم تعلقه بالنظام العام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد المصوغات المبينة بالمحضر وصفا وقيمة والمسلمة إليه على سبيل الوديعة اضرارا بمالكها مصطفى ابراهيم السرجانى.
وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد ادعى مصطفى ابراهيم السرجانى بحق مدنى قبل المتهم وطلب القضاء له عليه بمبلغ 21 جنيها بصفة تعويض.
ومحكمة الجمالية قضت حضوريا عملا بالمادة 341 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعى المدنى مبلغ 21 جنيها والمصاريف ومبلغ مائة قرش أتعاب محاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم فى 24 من نوفمبر سنة 1954. ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا و تأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون كما شابه قصور فى التسبيب وإخلال بحق الطاعن فى الدفاع، إذ دان الطاعن بجريمة خيانة الأمانة من غير أن يبين نوع وأركان عقد الأمانة الذى يحكم العلاقة بينه وبين المجنى عليه ولم يطلب إثبات ركن التسليم على سبيل الأمانة طبقا للقواعد المدنية، كما وأنه لم يتحدث عن ركن القصد الجنائى فى جريمة خيانة الأمانة وهو شرط لازم لإدانة الطاعن بهذه الجريمة. هذا كله فى حين أن التكييف القانونى الصحيح للعقد الذى يحكم العلاقة بين الطرفين - كما أورى الدفاع عن الطاعن - هو أنه عقد بيع بأجل لا عقد أمانة - وهو ما أغفل الحكم الرد عليه.
ومن حيث إن واقعة الدعوى كما حصلها الحكم المطعون فيه تتخلص فى أن "الثابت من أقوال المجنى عليه والشاهدين على النحو السابق بيانه أن المتهم قد حضر إلى محل تجارة المجنى عليه واستعار منه مصوغات قيمتها 41 جنيها ثم لم يرد إلا جزءا منها وبقى طرفه الجزء الآخر وقدره 21 جنيها، فإذا أضفنا إلى هذا أن المتهم لم ينكر أنه حقيقه استعار بعض المصوغات من المجنى عليه ثم ردها إليه عدا ثلاثة قراريط فقط استبقاها لوجود حساب بينه وبين المجنى عليه، وأنه لم يقم دليلا على وجود هذا الحساب لوضح أن التهمة ثابتة قبله... وأن عقابه ينطبق على نص المادة 341 من قانون العقوبات". لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص أن العلاقة التى تربط بين المجنى عليه والطاعن ناشئة عن عقد "عارية الاستعمال" وهو عقد من عقود الأمانة - وكان هذا الاستخلاص سائغا وله أصله فى الأوراق - وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالا عن ركن القصد الجنائي فى جريمة الخيانة وكان ما أوردته فى حكمها كافيا لاستظهاره كما هو معرف به فى القانون، وكان الطاعن لم يدفع عند بداية التحقيق وقبل التعرض للموضوع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع أمام محكمة النقض لعدم تعلقه بالنظام العام - لما كان كل ما تقدم وكان للمحكمة أن تأخذ من أدلة الدعوى بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه على أن يكون له أصل ثابت فى التحقيقات وهى غير ملزمة بتعقب كل دفاع موضوعى يبديه المتهم ما دام الرد عليه مستفادا من الحكم بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها والتى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا فى موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.