أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 143

جلسة 30 من يناير سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(23)
الطعن رقم 1780 لسنة 30 القضائية

تحقيق. المختص باصدار الإذن بالتفتيش: نيابة عامة: اختصاص وكلاء النيابة الكلية.
الحق المخول لوكلاء النيابة الكلية فى مباشرة التحقيق فى جميع الحوادث التى تقع فى دائرة المحكمة التى هم تابعون لها لا يتعارض مع نطاق تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 75 من قانون استقلال القضاء لمقابلة للمادة 128 من قانون السلطة القضائية - فى فقرتها الأخيرة. علة ذلك.
اختصاص وكلاء النيابة الكلية بالقيام بتحقيق جميع الحوادث التى تقع بدائرة المحكمة الكلية التى هم تابعون لها إنما أساسه تفويض من رئيس النيابة اقتضاه نظام العمل فأصبح فى حكم المفروض - كما جرى عليه قضاء محكمة النقض - ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه - أما ما ورد فى الفقرة الأخيرة من المادة 75 من قانون استقلال القضاء المقابلة للمادة 128 من قانون السلطة القضائية فى فقرتها الأخيرة - فمقصود به قاعدة أخرى تتصل بتنظيم العمل عندما يحيل رئيس النيابة أعمال نيابة جزئية على وكيل نيابة جزئية أخرى وذلك عند الضرورة ليقابل هذا الحق حق النائب العام المخوّل له فى الفقرة الثانية من المادة 75 فى الأحوال العادية، ومتى تقرر ذلك فإن الحق المخوّل لوكلاء النيابة الكلية فى مباشرة التحقيق فى جميع الحوادث التى تقع فى دائرة المحكمة - سواء أكان ذلك تحقيقا كاملا لتلك الحوادث أم القيام باجراء أو أكثر من هذا التحقيق - هذا الحق لا يتعارض مع النطاق الذى يجرى فيه تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 75. [(1)]


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا - وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمواد 1 و 2 و 33 و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 فصدر أمرها بذلك وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إذن التفتيش لعدم وجود تحريات جدية والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و 2 و 33ج وأخيرة و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه خمسة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المضبوطة وردت المحكمة على الدفع قائلة إنه فى غير محله. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن المدافع عن الطاعن تمسك ببطلان التفتيش لأنه صدر ممن لا يملكه واختصاص وكلاء النيابة الكلية قاصر على ما يندبون له صراحة من رئيس النيابة وفى أحوال الضرورة طبقا لما تقضى به المادة 75 من قانون استقلال القضاء وأنه فى الدعوى موضوع الطعن لم يثبت أن وكيل النيابة الكلية الذى أصدر الإذن بالتفتيش كان منتدبا من رئيس النيابة بإصدار ذلك الإذن، وبذلك يكون الإذن بالتفتيش صادرا من غير مختص ويكون التفتيش الذى أجراه ضابط مكتب مكافحة المخدرات استنادا إلى ذلك الإذن قد وقع باطلا. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل النيابة الكلية بقوله "وكلاء النيابة الكلية مختصون بتحقيق جميع الحوادث التى تقع فى دائرة النيابة الكلية وبذلك يكون لهم حق إصدار إذن التفتيش فى كل دائرتها وبذلك يكون الإذن الذى أصدره الأستاذ محمد فريد قريطم وكيل النيابة الكلية بتفتيش المتهم سليما ويكون التفتيش الذى تم تنفيذا له وقع صحيحا فيكون الدفع ببطلان إذن التفتيش بشريطه فى غير محله ويتعين رفضه." ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق فى جميع الحوادث التى تقع بدائرة المحكمة الكلية التى هم تابعون لها وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضا أصبح على النحو الذى استقر عليه العمل فى حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهى صريح ومن ثم فإن إذن التفتيش الصادر فى هذه الدعوى يكون صحيحا وصادرا ممن يمكله. أما ما يقوله الطاعن من أن المادة 75 من قانون استقلال القضاء (المقابلة للفقرة الأخيرة من المادة 128 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959) تقيد اختصاص وكلاء النيابة بصدور أمر من رئيس النيابة بندب أحدهم للقيام بعمل عضو آخر بالدائرة عند الضرورة، ما يقوله الطاعن من ذلك مردود بأن اختصاص وكلاء النيابة الكلية بالقيام بتحقيق تلك الحوادث إنما أساسه تفويض من رئيس النيابة اقتضاه نظام العمل فأصبح فى حكم المفروض كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه، أما ما ورد فى الفقرة الأخيرة من المادة 75 من قانون استقلال القضاء فمقصود به قاعدة أخرى تتصل بتنظيم العمل عندما يحيل رئيس النيابة أعمال نيابة جزئية على وكيل نيابة جزئية أخرى وذلك عند الضرورة ليقابل هذا الحق حق النائب العام المخول له فى الفقرة الثانية من المادة 75 فى الأحوال العادية، ومتى تقرر ذلك فإن الحق المخول لوكلاء النيابة الكلية فى مباشرة التحقيق فى جميع الحوادث التى تقع فى دائرة المحكمة - سواء أكان ذلك تحقيقا كاملا لتلك الحوادث أم القيام باجراء أو أكثر من هذا التحقيق - هذا الحق لا يتعارض مع النطاق الذى يجرى فيه تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 75. لما كان ذلك فإن ما جاء بالطعن فى هذا الشأن لا يكون سديدا.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو القصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى دفاع الطاعن ولا إلى اختلاف أقوال رجال مكتب مكافحة المخدرات، كما أنه لم يشر إلى أقوال شهود النفى ويرد عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد أدلة الثبوت التى اطمأن إليها عرض لدفاع الطاعن ورد عليه فى قوله "إن المتهم ذهب فى دفاعه إلى أن شخصا يدعى عبد المنعم شحاته أحضر له فى ليلة الحادث شنطة مقفلة لم يفتحها قائلا له بأن بداخلها قماش وما أن انصرف هذا الشخص حتى حضر رجال القوة وضبطوها فى يده وأنهم لم يفتحوها أمامه - وهذا الدفاع مردود فقد شهد الصاغ يوسف محمد خضير رئيس مكتب المخدرات و... بأنهم رأو طربة حشيش فى يد المتهم وباقى الطرب مرصوصة على أرض حجرة نومه ولم تكن فى الشنطة كما يدعى - هذا فضلا عن أن عبد المنعم شحاته أنكر تلك الرواية ونفى أنه سلم المتهم أى شئ" وهو رد سائغ. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بيانا كافيا وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات التى اطمأنت المحكمة إليها والتى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المواد المخدرة التى دين الطاعن بها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد أقوال شهود الإثبات بما لا تناقض فيه وكان فى إغفال أقوال شهود النفى ما يفيد إطراح هذه الأقوال وعدم التعويل عليها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن أيضا على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، ذلك أن المدافع عن الطاعن أثار فى مرافعته التعارض بين ما ورد بتقرير المعامل بالطب الشرعى من أنه عثر بجيبى سترة الطاعن على أثار حشيش وبين ما أثبته وكيل النيابة المحقق فى محضر التحقيق من تأكده من سلامة جيوب سترة المتهم، ولم يعن الحكم بالرد على هذا الدفاع واعتمد فى الإدانة إلى ما ورد بتقرير المعامل بالطب الشرعى، كما أن هناك تعارضا فى التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه أطرح الاعتراف الذى أسنده رجال مكتب مكافحة المخدرات إلى الطاعن وهو ما يفيد عدم اطمئنان المحكمة إلى شهادتهم فى هذا الشأن ومع هذا اعتمدت المحكمة على أقوالهم بالنسبة لضبط المواد المخدرة.
وحيث إن المقرر أن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى وأن تطرح ما عداها، ولها فى سبيل ذلك أن تجزئ أقوال الشهود فتأخذ بما تطمئن إليه، كما أنها غير ملزمة بالرد على ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع موضوعية ويكفى فى ذلك أن تورد الأدلة السائغة المؤدية إلى النتيجة التى انتهت إليها وفى بيان هذه الأدلة ما يفيد ضمنا إطراح ما عداها فى حدود سلطتها التقديرية والجدل فى ذلك غير مقبول أمام محكمة النقض، هذا فضلا عن أن ما أبداه الطاعن فى طعنه من خلو جيوب سترته من آثار تلوث بالمخدر لا يجديه مادام الحكم قد أثبت أنه ضبطت فى حيازته كمية المواد المخدرة وهو ما يكفى بذاته لحمل قضاء المحكمة بالإدانة.
وحيث إنه لما كانت الواقعة كما هى ثابتة فى الحكم تفيد أن الطاعن كان يحرز المخدرات المضبوطة للاتجار فيها، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى. ولما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 هو القانون الأصلح بما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف وهو الواجب التطبيق عملا بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من القانون الجديد فى خصوص العقوبة المقيدة للحرية وجعلها الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة بالاضافة إلى عقوبتى الغرامة والمصادرة.


[(1)] اختصاص وكلاء النيابة بتحقيق جميع الحوادث التى تقع بدائرة المحكمة الكلية التى هم تابعون لها أضحى مبدأ مستقرا: راجع الطعون 70/ 28ق - (جلسة 12/ 5/ 1958) - القاعدة 131 - مج الأحكام - السنة التاسعة - صفحة 486 و 647/ 29ق - (جلسة 25/ 5/ 1959) - القاعدة 127 - مج الأحكام - السنة العاشرة - صفحة 570، 1449/ 29ق (جلسة 22/ 3/ 1960) القاعدة 58 - مج الأحكام - السنة الحادية عشرة - صفحة 292.