أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ980

جلسة 18 من أكتوبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام, وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين.

(233)
الطعن رقم 991 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. عقوبة. "تطبيقها". ظروف مخففة. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) عدم إعمال الحكم للمادة 17 عقوبات فى جريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار، رغم ذكره أنه يرى معاملة المتهمين بهذه المادة. لا يعيبه. عله ذلك: المادة 36 من القانون 182 لسنة 1960.
(ب) تحقق جريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار. ولو لم يتخذ الجانى من الاتجار فى المواد المخدرة حرفة له. كفاية استخلاص الحكم بما يسوغه إن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار للرد على منعاه بأن الحكم لم يثبت عليه احتراف تجارة المخدرات. تفرقة المواد 34، 37، 38 من القانون 182 لسنة 1960 بين إحراز وحيازة المخدر بقصد الاتجار وبين إحرازه وحيازته بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى أو بدون قصد شئ من ذلك.
(ج، د) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(ج) كفاية كون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها منتجة فى اكتمال عقيدة المحكمة.
(د) عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعي.
إطمئنان المحكمة إلى الأدلة التى عولت عليها. يفيد إطراحها ما ساقه الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
1 - إذ تنص المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على أنه "لا يجوز تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات على أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى المواد الثلاث السابقة" فإنه لا يعيب الحكم ما أشار إليه خطأ من أنه يرى أخذ المتهمين بالرأفة عملا بالمادة 17 من قانون العقوبات، ما دام لم يعمل حكمها عند تطبيق العقوبة على المتهمين.
2 - إنه يكفى لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى المادة 34 ( أ ) من القانون رقم 182 لسنة 1960، مجرد توافر قصد الاتجار فى المواد المخدرة, ولو لم يتخذ الجانى الاتجار فى المواد المخدرة حرفة له، إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركنا من أركان هذه الجريمة. فمتى كان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى استخلاصا سائغا أن إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان بقصد الاتجار، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت احتراف الطاعن لتجارة المخدرات يكون غير سديد، ذلك بأن المستفاد من الأحكام التى تضمنتها نصوص المواد 34 و37 و38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 أنها تفرق فقط بين إحراز المخدرات وحيازتها بقصد الاتجار وبين إحرازها وحيازتها بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى أو بدون قصد شئ من ذلك.
3 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزيئات الدعوى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
4 - إن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى فى كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها.


الوقائع:

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى ليلة 12/ 2/ 1968 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيوناً) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34/ 1 - ا و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند أ من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم - الطاعن - بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار، جاء مشوبا بالخطأ فى القانون والفساد فى الاستدلال والتناقض والقصور فى التسبيب، ذلك بأنه أفصح عن تطبيقه للمادة 17 من قانون العقوبات ولكنه لم يعمل أثرها، كما أنه اعتبر أن إحراز المواد المخدرة كان بقصد الاتجار مع أنه لم يثبت لدى المحكمة أن الطاعن قد اتخذ من التجارة فى هذه المواد حرفة له. ثم أنه عول فى الإدانة على أقوال ضابطى الشرطة على الرغم أن أحدهما لم ير واقعة الضبط التى انصبت عليها شهادة الثاني.
كما عول أيضاً على اعتراف الطاعن والمتهم الآخر فى حين أن كل واحد منهما قرر أن الحقيبة التى ضبطت لم تكن معه وإنما كانت مع زميله وقد خلا الحكم من الرد على دفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش، ومن الرد على ما أثاره حول تفتيش منزل الطاعن دون منزل المتهم الآخر، وفى ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة مستمدة من شهادة ضابطى الشرطة وأقوال المتهمين وتقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى أن إحراز الطاعن للمخدرات كان بقصد الاتجار الآمر المعاقب عليه بالمادة 34 ( أ ) من القانون رقم 182 سنة 1960، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا حين لم يعمل حكم المادة 17 من قانون العقوبات إذ تنص المادة 36 من القانون المذكور على أنه "لا يجوز تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات على أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى المواد الثلاثة السابقة" ولا يعيب الحكم ما أشار إليه خطأ من أنه يرى أخذ المتهمين بالرأفة عملا بالمادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى استخلاصا سائغا أن إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان بقصد الاتجار، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت احتراف الطاعن لتجارة المخدرات يكون غير سديد، ذلك بأن المستفاد من الأحكام التى تضمنتها نصوص المواد 34 و37 و38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 أنها تفوق بين إحراز المخدرات وحيازتها بقصد الاتجار وبين إحرازها وحيازتها بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى أو بدون قصد شئ من ذلك وأنه يكفى لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى المادة 34 ( أ ) من القانون المشار إليه - والتى دين الطاعن بها- مجرد توافر قصد الاتجار لدى الجانى، ولو لم يتخذ من الاتجار فى هذه المواد حرفة له إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركنا من أركان هذه الجريمة. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن لا ينازع فى أن ما حصله الحكم من أقوال ضابطى الشرطة وأقوال كل منهم على الآخر لا يخالف الثابت فى الأوراق، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزيئات الدعوى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها، ومنتجة فى اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك. وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ورد بقوله إن "الجريمة التى ارتكبها المتهمان والتى توافرت الأدلة عليها من الأدلة السالف بيانها وشهادة الشاهدين التى تطمئن إلى أقوالهما وثبت منها أن المتهمين ضبطا فى حالة تلبس بالجريمة ومن ثم يكون الدفع المبدى من المتهمين ببطلان إجراءات القبض والتفتيش غير سديد ويتعين رفضه" فإن ما ينعاه الطاعن من خلو الحكم من الرد على دفاعه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا يقدح فى صحة الحكم أنه لم يرد على ما أثاره الطاعن حول تفتيش منزله دون منزل المتهم الآخر لأن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى فى كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها يدل إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لها، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سائغ. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.