أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1020

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوي, وعضوية السادة المستشارين/ أنور خلف، وإبراهيم الديوانى، ومحمد ماهر حسن، وحسن المغربى.

(244)
الطعن رقم 1131 لسنة 40 القضائية

رشوة. جريمة. "أركانها". عقوبة. "تطبيقها". مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اتساع مدلول المادة 106 مكرراً عقوبات ليشمل حالة إستعمال نفوذ حقيقى أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول - مقابل الرشوة - على أية مزية من أية سلطة عامة.
مجرد الإدعاء بالنفوذ المزعوم. يتحقق به الزعم فى معنى المادة 106 مكرراً عقوبات.
توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 عقوبات: شرطه. أن يكون المرتشى موظفا عاما. وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات.
(ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الدليل. موكول إلى محكمة الموضوع. مثال.
عدم جواز إثارة الجدل فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة. أمام محكمة النقض.
1- استهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض، التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية(1)، فإن كان الجانى موظفا عموميا وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات، وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً من القانون المذكور، وإذ كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - إن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك. وإذ كان ما تقدم، وكانت الأدلة التى أوردها الحكم - والتى لا يجادل الطاعن فى معينها الصحيح من الأوراق - من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التى دين بها، فإن ما يثيره الطاعن من أن تسلمه المبلغ كان على سبيل الأتعاب لا الرشوة، لا يعدو أن يكون جدلاً فى واقعة الدعوى وتقدير أدلتها، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى خلال الفترة من يوم 5 سبتمبر سنة 1966 حتى يوم 12 سبتمبر سنة 1966 بدائرة قسم بنى سويف محافظة بنى سويف: أخذ عطية لاستعمال نفوذ مزعوم وذلك بأن طلب مبلغ ثلاثة آلاف جنية وأخذ مبلغ مائة وخمسة وعشرين جنيها من عبد الله حامد لإستصدار قرار رفع الحراسة المفروضة على أموال أحمد على عشرى حالة كونه موظفا عموميا (مراجع حسابات بمديرية الإصلاح الزراعى). وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بقبوله شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بنى سويف لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضوريا بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه 2000 ج. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان للطاعن بجريمة الاتجار بالنفوذ قد أخطأ فى تطبيق القانون لأنه انتهى إلى أن الطاعن تسلم المبلغ موضوع الجريمة ليدفعه أتعاباً - لا رشوة - لأحد مستشارى مجلس الدولة لتحرير مذكرة بطلب رفع الحراسة الإدارية عن المجنى عليه وهو أمر جائز قانوناً ولا تتحقق به الجريمة التى دين الطاعن بها، هذا فضلاً عن أن الحكم قد أهدر دفاعه الموضوعى، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بيانا لواقعة الدعوى أن الطاعن الذى يشغل وظيفة مراجع حسابات بمديرية الإصلاح الزراعى زعم للمجنى عليه ولصهر الأخير بأن له إتصالات بالمسئولين عن الحراسات وبأحد مستشارى مجلس الدولة وأن فى إمكانه إستصدار قرار برفع الحراسة عن أموال أحمد على عشرى نظير تقاضيه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه. ثم قبض من محمد عبد الله إسماعيل محمد حامد مبلغ مائة وخمسة وعشرين جنيها ادعى له بأنه سيدفع منها مائة جنيه لمستشار بمجلس الدولة مختص بشئون الحراسات لتحرير مذكرة ترفع لذوى الشأن بطلب رفع الحراسة عن أحمد على عشرى، وقد تم ضبط المبلغ مع الطاعن إثر قبضه له بواسطة رجال المباحث بعد أن صدر أمر النيابة بضبطه وتفتيشه ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة وانتهى فى تقريره واستدلاله إلى إدانة الطاعن لجريمة الاتجار بالنفوذ المقامة ضده، وهو تقرير صحيح فى الواقع سديد فى القانون وتتوافر به عناصر الجناية المنصوص عنها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، ذلك لأن الشارع قد استهدف بما نص عليه فى تلك المادة، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوما. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية. فإن كان الجانى موظفا عموميا وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى عجز المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجناية المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرر من القانون. لما كان ما تقدم, وكان الحكم المطعون فيه التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحاً. لما كان ذلك، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك. ولما كانت الأدلة التى أوردها الحكم - والتى لا يجادل الطاعن فى معينها الصحيح من الأوراق - من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التى دين بها، فإن ما يثيره الطاعن من أن تسلمه للمبلغ كان على سبيل الأتعاب لا الرشوة لا يعدو أن يكون جدلا فى واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض وكذلك الحال بالنسبة لأوجه الدفاع الموضوعية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.


(1) قارن نقض جنائى السنة العشرون الطعن رقم 869 لسنة 39 ق جلسة 27/10 / 1969 صـ 1149.