أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 528

جلسة 2 من مايو سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(98)
الطعن رقم 199 لسنة 31 القضائية

اختلاس أموال أميرية. الإستيلاء عليها. عقوبة.
(أ) جريمة المادة 113 عقوبات. لا يشترط فى الجانى صفات خاصة. يكفى أن يكون موظفا عموميا أو من فى حكمه. المادتان 111 و 119 عقوبات.
(ب) الغرامة المنصوص عليها فى المادة 118 عقوبات. غرامة نسبية. تضامن المتهمين فى الالتزام بها، ما لم يحدد الحكم نصيب كل منهم. المادة 44 عقوبات.
1 - لا يشترط لقيام جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة، المنصوص عليها فى المادة 113 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953، صفات خاصة فى الموظف العمومى، كالتى اشترطتها المادة 112 من قانون العقوبات، ولا أن يكون المال قد سلم إليه بسبب وظيفته، بل يكفى أن يكون الجانى موظفا عموميا أو من فى حكمه طبقا للمادتين 111 و 119 من القانون سالف الذكر - وأن يكون المال الذى استولى عليه بغير حق مملوكا للدولة.
2 - الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات - وإن كان الشارع قد ربط لها حد أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه - إلا أنها من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر، وهو ما من شأنه أن يكون المتهمون متضامنين فى الالتزام بها ما لم يخص الحكم كلا منهم بنصيب منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة آخر والطاعنين بأنهم - بصفة الأول والثانى مكلفين بخدمة عمومية "جنديين من جنود الجيش" وبصفة الثالث موظفا عموميا "خفير ببلدة الإسكندرية" استولوا بغير حق على كمية الحديد المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لوزارة الحربية وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 111/ 4 و 113 و 118 و 119 من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عملا بمواد الإتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وغرامة قدرها خمسمائة جنيه وبعزل المتهم الثالث من وظيفته. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن الثانى ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى القانون، إذ دانه بمقتضى المادة 113 من قانون العقوبات دون أن تتوفر له صفة الموظف فهو لم يكن غير خفير ببلدية الإسكندرية يتقاضى أجرا يوميا ولا يخضع لأحكام قانون الموظفين ولا تقوم صلة بين وظيفته وبين الشئ المختلس وعقابه بفرض صحة الواقعة ينطبق على المادة 318 من قانون العقوبات. ويضيف الطاعن أن الحكم قصر فى الرد على ما دفع به من أن شاهد الواقعة نقل عنه أنه ذكر له أنه إنما كان يحمل الكمرة ليعيدها إلى مكانها، كما جزأ الحكم شهادة الشاهد فأخذ منها أنه رآه - أى الطاعن - يحمل الكمرة وأغفل باقيها الوارد بدفاعه السابق، ووصف الحكم ما نقله الشاهد من أقوال الطاعن بأنه اعتراف واطرح ما نقله عنه من إنكاره التهمة ومن أن حمل الكمرة كان لإعادتها إلى مكانها ومن أنه نهر العسكرى فؤاد عندما عرض عليه الاشتراك فى السرقة. على أن رؤية الشاهد للطاعن وهو يحمل الكمرة يمكن أن يوصف بأنه محاولة للسرقة كما يمكن أن يؤخذ على أنه محاولة لرد الشئ إلى مكانه مما كان يقتضى أن يفسر هذا الشك لصالحه.
وحيث إنه لما كانت الواقعة الثابتة بالحكم هى أن الطاعن وهو خفير ببلدية الإسكندرية استولى بغير حق على كمية من الحديد المملوكة لوزارة الحربية، فإن الواقعة على هذه الصورة تكون جناية الاختلاس المنصوص عنها فى المادة 113 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 وهى استيلاء موظف عمومى أو من فى حكمه بغير حق على مال للدولة، وكان لا يشترط لقيام هذه الجريمة صفات خاصة فى الموظف العمومى كالتى اشترطتها المادة 112 من قانون العقوبات ولا أن يكون المال قد سلم إلى الجانى بسبب وظيفته بل يكفى أن يكون الجانى موظفا عموميا أو من فى حكمه - طبقا للمادتين 111 و 119 من القانون سالف الذكر - وأن يكون المال الذى استولى عليه بغير حق مملوكا للدولة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد دفاع الطاعن وأقوال الشاهد كاملة وأخذ بما اطمأن إليه منها واطرح فى حدود سلطته التقديرية ماعداه، وكان للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد، وكان ما أثاره الطاعن خاصا بإنكاره التهمة أمام الشاهد وبما ادعاه من أنه إنما كان يحمل القضيب الحديدى ليعيده إلى مكانه وبما أبداه تشكيكا فى التهمة، كل هذا لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا يقبل منه أمام هذه المحكمة، ومن ثم فإنه يتعين رفض هذه الأوجه من الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى كذلك على الحكم المطعون فيه أنه قضى خطأ بمعاقبة كل من المتهمين - ومنهم الطاعن - بغرامة قدرها 500 جنيه تطبيقا لنص المادة 118 من قانون العقوبات فى حين أن الغرامة المنصوص عنها فى هذه المادة غرامة نسبية يقضى به طبقا لنص المادة 44 من القانون سالف الذكر بالتضامن على المتهمين بحيث لا يمكن التنفيذ عليهم جميعا بأكثر من مقدارها المحدد فى الحكم، فضلا عن أن هذه الغرامة تعتبر فى حقيقتها تعويضا مدنيا فلا يقضى بها إلا إذا تم الاستيلاء فعلا على مال الدولة مما لم يحدث فى واقعة الدعوى.
وحيث إن الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات هى من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه وهو المبلغ الذى قضى به الحكم. ولما كانت المادة 44 المذكورة قد نصت على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراده خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين فى الالتزام بها ما لم ينص فى الحكم على خلاف ذلك". وكان إعمال هذا النص يوجب الحكم على المتهمين معا بهذه الغرامة متضامنين فلا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد فى الحكم سواء فى ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلا منهم بنصيب منه، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم فى خصوص ما قضى به من تغريم كل من المتهمين مبلغ خمسمائة جنيه وتصحيحه يجعل هذه الغرامة واحدة بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليهما معه لاتصال هذا الوجه من الطعن بهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن أنه قارف جريمة الاختلاس تامة فقد حق الحكم بالغرامة خلافا لما يدعيه الطاعن من عدم جواز الحكم بها.