أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 292

جلسة 9 من مارس سنة 1959

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, أحمد زكي كامل, ومحمد عطيه اسماعيل, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(64)
الطعن رقم 2266 لسنة 28 القضائية

تلبس. شروطه. مجيئه عن سبيل قانوني مشروع. تحقيق. تفتيش. ما لا تحميه قواعده. التخلي الاختياري. ما لا ينفيه.
تخلي المتهم عن المخدر تحت رقابة المأذون بتفتيشه إثر أمره من المخبر بعدم التحرك وتهديده بالمسدس.
إذا كان الواضح من مدونات الحكم أن ما أتاه المخبر - وقد كان من بين من استعان بهم رئيس مكتب المخدرات على تنفيذ الأمر الصادر له بتفتيش المتهم - إنما تم تحت إشراف ورقابة الرئيس المذكور, وكان القصد من أمر المتهم بعدم التحرك وتهديده بالمسدس من تلقاء نفسه هو معاونة رئيس المكتب على تنفيذ أمر النيابة الصادر له بإجراء التفتيش, فإن ما يثيره المتهم من أنه لم يلق بالكيس الذي يحوي المخدر طواعية واختيارا لا يكون له أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة "حشيشا وأفيونا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و3 و33 ج و35 و38 و41 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1و12 من الجدول المرافق. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون, ذلك أن الدليل الوحيد الذي استند إليه الحكم في الادانة هو شهادة المخبر ابراهيم محمود عبد العزيز بأنه رأى الطاعن يلقي كيسا من نافذة الدكان في الحارة فأخبر الكونستابل بذلك فالتقط هذا الأخير الكيس وما تبعثر منه فإذا به يحتوي على حشيش وأفيون, وعلى فرض صحة هذه الواقعة فإنه يبين من مناقشة المخبر في شهادته أن الطاعن لم يلق بالكيس طواعية واختيارا بل ألقاه نتيجة الخوف والفزع خشية القبض عليه وتفتيشه من المخبر الذي أمره بعدم الحركة وهدده بالمسدس بدون مقتض في حين أنه ليست له صفة في القبض أو التفتيش, ولم ير الطاعن في إحدى حالات التلبس, ولا يقدح في صحة هذا القول صدور أمر من النيابة بتفتيش الطاعن وأن المخبر هو أحد معاوني رئيس مكتب المخدرات الذي صدر إليه الأمر المذكور إذ ينبغي ألا يتولى إجراءات القبض والتفتيش إلا من صدر إليه الأمر ولا يصح أن ينيب عنه شخصا آخر, سيما وأن المخبر ليس من رجال الضبط القضائي وقرر بأنه لم ينبه أحد أو يطلب منه اتخاذ الإجراء الذي أقدم على اتخاذه وإنما هو الذي سبق مرافقيه وباشر هذا الإجراء من تلقائه كذلك لا يقدح في صحة القول المتقدم أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش, فإن ذلك لا يحول دون إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأن الفصل فيه لا يحتاج إلى تحقيق موضوعي إذ واقعة الدعوى التي أثبتها الحكم المطعون فيه وما شهد به المخبر في تحقيق النيابة وفي الجلسة يحمل في طياته ما يقطع بأن الطاعن لم يلق بالمخدر طائعا مختارا, هذا فضلا عما يلابس تصرف المخبر المذكور وزميل آخر له من شبه حول من نيط به إجراء التفتيش ثم العثور على الكيس الذي قيل بأنه ألقى في طريق بلله المطر وتبين أنه لا يوجد به ولا بالمادة التي تبعثرت منه ما يدل على ذلك, كذلك وجود الكيس - إن صحت هذه الواقعة - في حارة يطل عليها منزل متهم آخر - حصل التراخي في تفتيشه - كل ذلك يوحي بأن الدفع ببطلان الدليل الذي قام عليه الحكم واجب القبول.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "أن البكباشي حسن أحمد أحمد رئيس مكتب مخدرات المنصورة كلف السيد أحمد عطيه الكونستابل الممتاز بالمكتب التحري عما إذا كان السيد شلبي البسيوني (الطاعن) والسيد البسيوني من بلدة برمبال القديمة مركز دكرنس يتجران في المواد المخدرة فحرر محضرا أثبت فيه نتيجة تحرياته وهما أنهما يتجران في تلك المواد والأول يوزعها بدكان بقالته والثاني يوزعها بمنزله وبمخزن حبوب له ثم عرض المحضر على رئيس المكتب الذي أشر عليه بدوره بعرضه على النيابة للإذن بتفتيش المذكورين, وبعد أن أجرت النيابة تحققا مفتوحا في هذا الصدد أذنت بالتفتيش وندبت لذلك رئيس المكتب ومن يندبه من رجال الضبط القضائي, وفي يوم 2 من مايو سنة 1957 انتقل رئيس المكتب على رأس قوة مكونة من الكونستابل السيد أحمد عطيه والمخبرين محمود ابراهيم عبد العزيز وأحمد عبد الرازق وغيرهم من قوات المكتب وقوات بلوكات أمن المديرية إلى ناحية برمبال القديمة في سيارتين تعطلتا قبل دكان المتهم بنحو خمسين مترا بسبب كثرة مياه المطر في الطريق فسارعوا إلى دكان المتهم سيرا على الأقدام وكان في مقدمتهم المخبر ابراهيم محمود وخلفه زيد أحمد عبد الرازق فالبكباشي حسن أحمد فالكونستابل السيد عطيه يفصل كل منهم عن الآخر بضع خطوات, وعند وصول المخبر ابراهيم محمود عبد العزيز للدكان وجد بها المتهم واقفا فشهر عليه مسدسه آمرا إياه بعدم الحركة فما كان منه إلا أن أخرج من جيب صديريته كيسا ألقى به من خلال شباك الدكان فسقط في الحارة المجاورة وتبعثر بعض ما به من لفافات الحشيش والأفيون على الأرض, وشهد المخبر أحمد عبد الرازق سقوط الكيس من النافذة, ولما وصل رئيس المكتب لدكان المتهم أبلغه المخبر ابراهيم ما فعله المتهم كما أبلغ المخبر أحمد عبد الرازق الكونستابل سيد عطيه بإلقاء الكيس من النافذة فأسرع الكونستابل إلى الحارة وجمع لفافات الحشيش والأفيون المتناثرة ووضعها في الكيس وسلمه إلى رئيس المكتب الذي أشرف على جمع محتويات الكيس في مكان العثور عليه ... ... وقد تبين أن عدد اللفافات المضبوطة واحد وستون لفافة حشيش وخمس لفافات أفيون, واتضح من تقرير المعمل الكيماوي أن وزن المخدرات المضبوطة بلفافاتها 144.75 جراما وأنها عبارة عن حشيش وأفيون". وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستقاة من أقوال رجال مكتب مكافحة المخدرات المتقدم ذكرهم ومن ضبط المواد المخدرة وتقرير المعمل الكيماوي وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى إدانة الطاعن, ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن عدم تلوث الكيس على الرغم من الزعم بإلقائه على أرض مبللة بمياه المطر ورد عليه بقوله "وإذا كان المحقق لم يثبت تلوث الكيس بالطين فذلك لا ينفي أن الكيس قد ضبط في الحارة أمام الشباك, وسواء تلوث الكيس بالطين ولم يثبت المحقق ذلك أو لم يتلوث فإن واقعة العثور على الكيس في الحارة أمام الشباك غير منكورة من المتهم وقامت الأدلة على صحتها, ولما كان هذا الرد سديدا كافيا لاطراح هذا الدفاع, وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع ببطلان القبض أو التفتيش ولا يبين من الحكم وقوع هذا البطلان فلا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأن الفصل فيه يقضي تحقيقا موضوعيا, على أن الواضح من مدونات الحكم أن ما أتاه المخبر ابراهيم محمود عبد العزيز - وقد كان من بين ما استعان بهم رئيس مكتب المخدرات على تنفيذ الأمر الصادر له بتفتيش الطاعن - إنما تم تحت إشراف ورقابة الرئيس المذكور, وكان القصد من أمر الطاعن بعدم التحرك وتهديده بالمسدس من تلقاء نفسه هو معاونة رئيس المكتب على تنفيذ أمر النيابة الصادر له بإجراء التفتيش, لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له أساس, أما ما يثيره غير ذلك فلا يعدو أن يكون جدلا في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.