أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 276

جلسة 27 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(50)
الطعن رقم 2387 لسنة 30 القضائية

قانون أصلح. مواد مخدرة. نقض.
الخروج عن مبدأ التقيد بأسباب الطعن ونسبية أثره. وجوب نقض الحكم عند صدور قانون أصلح واستفادة من لم يقدم أسبابا لطعنه من ذلك.
المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى - فإذا كانت الواقعة كما أثبتها الحكم تفيد أن الطاعن وزميله كانا يتجران فى المواد المخدرة المضبوطة، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 هو القانون الأصلح بما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف - وهو الواجب التطبيق عملا بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من القانون الجديد فى خصوص العقوبة المقيدة للحرية. ولما كان هذا الوجه يتصل بالمتهم الذانى الذى لم يقدم أسبابا لطعنه، فإن ذلك يقتضى أن يكون نقض الحكم بالنسبة إليه أيضا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما الأول - أحرز "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا والثانى أحرز "حشيشا وأفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و 2 و 33/ 1 - جـ وأخيرة و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و 2 من الجدول أ فصدر قرارها بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما 3000ج ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة والأدوات المضبوطة وردت المحكمة على الدفع قائلة إنه فى غير محله. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض...الخ.


المحكمة

... من حيث إن الطاعن الثانى وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن ملخص أسباب هذا الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون ويقول الطاعن بيانا لذلك فى السبب الأول بأنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لأن الإذن بالتفتيش الصادر من النيابة قاصر على ضبط وتفتيش مسكن المتهم دون تفتيشه شخصيا ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع بحجة أن أمر الضبط الصادر به الإذن، على خلاف أوامر الضبط المنصوص عليها فى المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها، ويقول الطاعن بأن ما ذكرته المحكمة فى هذا الصدد مخالف للقانون لأن قانون الإجراءات الجنائية لم يضع أحكام أوامر الضبط والإحضار إلا فى المادة 126. ويقول الطاعن فى السبب الثانى إن الحكم استند إلى أن الواقعة تعتبر حالة تلبس إذ ألقى الطاعن بقطعة المخدر وأمسك بالباقى فى حجر جلبابه - ويقول الطاعن بأن هذا يخالف الثابت فى الأوراق لأن إشارة الحادث ومحضر ضبط الواقعة وأقوال الضابط تفيد بأن التفتيش جرى بناء على فهم خاطئ للإذن الصادر من النيابة. ويقول الطاعن فى السبب الثالث بأن الحكم استند فى إدانته على أقوال أشخاص لم تسمع المحكمة شهادتهم، وقد أدانته المحكمة بتهمة الإتجار حالة كون الكمية التى ضبطت بلغ وزنها 349 جراما وقد ضبط الميزان مع المتهم الثانى. ويقول الطاعن فى السبب الرابع بأن المحكمة وإن كان من حقها أن تستخلص عقيدتها من واقع شهادة الشهود إلا أن هذا الحق مقيد بأن لا تكون شهادتهم مناقضة مع ما جاء بالأوراق ومن هذا التناقض وقوفه فور دخول القوة مع بقاء كيس المخدر فى حجره - وطرق الباب الذى قال به البوليس الملكى عبد الرحيم محمود وأثره فى لفت نظر الطاعن - وكان يمكن التخلص مما ألقاه فى حجره خصوصا بعد استغاثة زوجة المتهم لدى السبب كما قرر البوليس الملكى محمد سالم عبد الرحمن وأثر هذه الإستغاثة فى استحالة بقاء المتهم مستقرا فى موضعه ومعه المخدر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجناية إحراز المخدر فى غير الأحوال المصرح بها وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ولما كان يثيره الطاعن فى الوجهين الأول والثانى مردود إذ يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه ذكر "بأن المتهم الأول - الطاعن الأول - دفع ببطلان الأمر بضبطه لعدم مراعاة أحكام المواد 126 وما بعدها كما دفع ببطلان التفتيش لعدم اشتمال الإذن به على تفتيش شخص المتهم وأن المتهم المذكور عندما ألقى بالمخدر كان تحت تأثير الخوف من مهاجمة الضابط" - ثم ذكر الحكم - "إن الدفع ببطلان أمر النيابة بضبط المتهم مردود بأن إذن التفتيش تضمن الأمر بضبط المتهم المذكور وتفتيش مسكنه وأمر الضبط هذا ليس من قبيل أوامر الضبط المقصود بها إحضار المتهمين للتحقيق والمنصوص عليها فى المواد 126 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية وإنما قصد به الحد من حرية المتهم توصلا لتفتيش مسكنه..." ثم ذكر الحكم "إن الثابت من الأوراق وشهادة ضابط المباحث والمخبرين وتوفيق عبد السيد أن الضابط دخل المسكن الذى وجد به المتهمين بناء على إذن النيابة بتفتيشه وأن المتهم الأول بمجرد أن رأى الضابط وقوة البوليس وقبل أن يتخذ معه أى إجراء قذف بقطعة من الحشيش فاصطدمت بأحد المخبرين وبذلك يكون قد تخلى بإرادته عما كان يحوزه من المخدر ولا يكون تخليه هذا نتيجة عمل غير مشروع من جانب رجال البوليس وبالتالى تكون الجريمة والحالة هذه فى حالة تلبس ويكون ما تلا هذه الواقعة من تفتيش قد وقع صحيحا على أنه من جهة أخرى فإن المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأمور الضبط القضائى أن يفتش المتهم أو غيره من الموجودين المكان المأذون له بتفتيشه إذا وجدت قرائن قوية على أنه يخفى شيئا يفيد فى كشف الحقيقة، ويبين من وقائع الدعوى على الصورة السابق بيانها أن ما بدر من المتهم الأول عقب رؤيته رجال البوليس من إلقائه لفافة وقيامه ممسكا بحجر جلبابه، يعتبر قرينة قوية على أنه يخفى شيئا يفيد فى كشف الحقيقة ومن ثم يكون التفتيش قد وقع صحيحا ويكون الدفع ببطلانه فى غير محله" ولما كان ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع ببطلان التفتيش صحيحا فى القانون مادام الحكم قد أثبت قيام حالة التلبس بالجريمة فى حقه، فإن ما يثيره الطاعن فى هذين الوجهين لا يكون مقبولا.
وحيث إن ما يثيره الطاعن فى السبب الثالث مردود إذ أن للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ إلى جانب أقوال من سمعتهم أمامها بأقوال شهود آخرين فى التحقيقات وإن لم تسمع شهادتهم بنفسها طالما أن أقوالهم كانت مطروحة بالجلسة على بساط البحث وكان فى وسع المتهم أن يناقش تلك الأقوال أو يطلب من المحكمة سماع أقوالهم.
وحيث إن ما يثيره الطاعن فى السبب الرابع مردود إذ هو لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما كانت الواقعة كما أثبتها الحكم تفيد أن الطاعن وزميله كانا يتجران فى المواد المخدرة المضبوطة وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى. ولما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 هو الأصلح بما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف وهو الواجب التطبيق عملا بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من القانون الجديد فى خصوص العقوبة المقيدة للحرية، ولم كان هذا الوجه يتصل بالمتهم الثانى الذى لم يقدم أسبابا لطعنه، مما يقتضى أن يكون نقض الحكم بالنسبة إليه أيضا وتقدير العقوبة بالنسبة لكلا الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى عقوبتى الغرامة والمصادرة.