مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 509

(51)
جلسة 2 من فبراير سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: على عوض محمد صالح، والسيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 866 لسنة 36 قضائية عليا

توجيه وتنظيم أعمال البناء - مخالفات المبانى - الإزالة الوجوبية - ضوابطها - عدم جواز التفويض فى إصدارها.
المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983.
بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات للمحافظ إصدار قراره فى هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها - إذا أناب المحافظ فى قرار الإزالة فى المخالفات الثلاث - فيتعين على من يفوضه المحافظ عرض الأمر على اللجنة المشار إليها قبل إصدار قرار الإزالة - أساس ذلك - تطلب المشرع صدور قرار الإزالة فى تلك الأحوال من المحافظ بنفسه لتوفير ضمان لذوى الشأن فى مصدر القرار وفى ذات الوقت مراعاة لخطورة لتلك المخالفات فأعفى المحافظ من هذا الإجراء - نتيجة ذلك - إذا صدر القرار ممن فوضه المحافظ تعين عليه الالتزام بالعرض على اللجنة استصحاباً للأصل المقرر - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 10/ 2/ 1990 أودع الأستاذ ............ المحامى وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 866 لسنة 36 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" فى الدعوى رقم 5450 لسنة 42 ق بجلسة 14/ 12/ 1989 والقاضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/ 2/ 1996، وبجلسة 15/ 7/ 1996 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 29/ 9/ 1996 والجلسات التالية حيث قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 2/ 2/ 1997 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5450 لسنة 42 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى - بتاريخ 16/ 7/ 1988 طلب فى ختامها الحكم أولا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 68 لسنة 1987. ثانيا: بإلغاء القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بيانا لدعواه أنه تقدم إلى حى جنوب القاهرة منطقة الإسكان للحصول على ترخيص لإقامة منزل على قطعة الأرض المملوكة له والتى تأخذ رقم 11 حارة أحمد دبشه من شارع الألفى قسم الخليفة، وبتاريخ 17/ 11/ 1983 صدر له ترخيص البناء رقم 304 لسنة 1983 جاء فيه "يصرح لمقدم الطلب ببناء دور أرضى به مخزن ومدخل وأربعة متكررة بكل دور شقة واحدة، والدور الخامس فوق الأرضى به حجرة بواب بتكاليف إجمالية 14300 جنيه" وقد شرع المدعى بالبناء وقام بتشييدة وتشطيبه وشغل بالسكان إلى أن تسلم القرار المطعون فيه بتاريخ 3/ 7/ 1988 وهو يطعن عليه للأسباب الآتية:
1- القرار المطعون فيه غير قائم على سبب قانونى أو واقعى فقد جاء مجهلا لا يمكن من خلاله معرفة المخالفة المنسوبة إليه هل هى بالإزالة أو التصحيح.
2- المدعى لم يخالف الترخيص الممنوح له دائماً وإنما نفذ الترخيص دون زيادة أو نقصان.
وأضاف المدعى أن مقتضى تنفيذ القرار المطعون فيه سواء بالإزالة أو التصحيح سوف يضر به وبجميع سكان العقار وهو أمر يتعذر تداركه فى ظل أزمة السكان المستحكمة.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن القرار الطعين صدر بإزالة الأعمال التى أقامها المدعى بالعقار المذكور بالمخالفة لشروط الترخيص الممنوح له إذ لم يترك مسافة الارتداد القانونى وقدرها أربعة أمتار طبقاً للرسم المعتمد والصادر به قرار محافظ القاهرة رقم 217 لسنة 1978 ومن ثم يعد معتدياً على خط التنظيم وهى من المخالفات التى تستوجب الإزالة دون العرض على اللجنة المنصوص عليها فى المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 واستنادا إلى التفويض الصادر لمصدر القرار بقرار محافظ القاهرة رقم 195 لسنة 1983 وعليه فإن القرار يكون قد صدر من السلطة المختصة بإصداره بالتطبيق لأحكام القانون وقائماً على سببه المبرر لإصداره قانوناً.
وبجلسة 14/ 12/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها فى قيام بيان ركن الجدية أن البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى حصل من الجهة الإدارية على الترخيص رقم 304 لسنة 1983 ببناء دور أرضى - مخزن ومدخل وأربعة أدوار متكررة بكل دور شقة واحدة والدور الخامس فوق الأرضى حجرة بواب بتكاليف قدرها 14300 ج وقد حددت جهة الإدارة فى الترخيص للمدعى أن يكون حد البناء على بعد أربعة أمتار من محور الطريق وموازية له وذلك وفقاً لخط التنظيم الصادر له طبقاً للرسم المعتمد الصادر به قرار محافظ القاهرة رقم 211 لسنة 1978 إلا أن المدعى خالف الترخيص الممنوح له بعدم الارتداد بالمبانى التى أقامها لمسافة أربعة أمتار من الواجهة القبلية للمبنى التى تطل على عطفة أحمد دبشه وقد تحرر له بذلك محضر المخالفة رقم 159 لسنة 1987، ولما كانت المخالفة التى ارتكبها المدعى باعتدائه على خط التنظيم هى من المخالفات التى لا يجوز التجاوز عنها والتى تستوجب الإزالة الصادر بها القرار المطعون فيه وعلى ذلك فإنه لا محل لقول المدعى بأن القرار المطعون فيه قد صدر دون أن يحدد فى مضمونه بجلاء فيما إذا كان قد صدر بالإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة إذ إنه مردود عليه بأنه لا اختلاف بين المعنيين فى التعدى الواقع على خط التنظيم ذلك أن تصحيح المخالفة يعنى إزالتها كما أن إزالتها يعنى تصحيح الوضع المخالف فكلا العبارتان تؤديان لنفس الغرض وهو إزالة المخالفة وتصحيح الوضع المخالف، ومتى كان ما تقدم وكان البادى من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس حى جنوب القاهرة استنادا إلى التفويض الصادر له من محافظ القاهرة بالقرار رقم 195 لسنة 1983 بتفويض رؤساء الأحياء فى استخدام السلطة المخولة له بموجب نص المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 فإن هذا القرار يكون قد صدر بحسب الظاهر من الأوراق من السلطة المختصة بإصداره قانوناً وقائماً على سببه الصحيح قانونا مستهدفا الملصحة العامة، ولا ينال من ذلك ما أورده المدعى مرسلاً بأنه لم يخالف شروط الترخيص الممنوح له إذ ينفيه ويدحضه ما هو ثابت بالأوراق من اعتدائه على خط التنظيم، ومن ثم ينتفى ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ مما يتعين معه القضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى فهم الواقع والقانون فضلاً عن القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وذلك تأسيساً على أن الواقعة محل الدعوى هى مجرد ردود لا تستدعى الإزالة فضلاً عن أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يبين أنه لم يوضح طبيعة المخالفة وهل هى اعتداء على خط التنظيم كما ذهبت محكمة أول درجة أم هى مجرد مخالفة الترخيص بعد الالتزام بالردود وهو أمر لا تستطيع أن تحسمه المحكمة دون الرجوع إلى أهل الخبرة وهو ما سبق وأن تسمك به الطاعن أمام محكمة أول درجة والذى أغفلته وهو ما يعد منها إخلالاً بحق الدفاع، كما وأنه وبفرض أن المخالفة المنسوبة للطاعن هى الخروج على خط التنظيم - وهو ما لا يسلم به - فإن العقوبة فى جميع الأحوال غرامة وفقاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 106 لسنة 1976 معدلا بالقانون رقم 30 لسنة 1983 ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون.
ومن حيث إن المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أن: "يصدر المحافظ أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار منه من........... قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها وذلك خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال المنصوص عليها بالمادة السابقة........... وفى جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لايواء السيارات. وللمحافظ المختص أن يصدر قراره فى هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها فى الفقرة الأولى".
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقراً بأن مفاد نص المادة (16) سالفة الذكر أن المحافظ المختص أو من ينيبه - بعد أخذ رأى اللجنة المشار إليها بالنص أن يصدر قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التى تم وقفها، على أنه بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات للمحافظ إصدار قراره فى هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها والمغايرة بين الفقرة الأولى والأخيرة من النص السالف بيانه تفيد أن - المحافظ المختص - يلتزم كأصل عام بالنسبة لمخالفات البناء العرض على اللجنة المشار إليها تحقيقاً لضمانة جوهرية كفلها القانون - على أنه فى الفقرة الأخيرة يجوز للمحافظ - وحده - عدم التجاوز عن المخالفات المتعلقة بقيود الارتفاع أو بخطوط التنظيم أو بعدم تخصيص أماكن لإيواء السيارات ويصدر قراره بالإزالة دون الرجوع إلى اللجنة - أما إذا أناب المحافظ فى قرار الإزالة فى المخالفات الثلاث الأخيرة فيتعين على من فُوَّضَ فى إصدار القرار عرض الأمر على اللجنة المشار إليها قبل إصدار قرار الإزالة، فتطلب المشرع صدور قرار الإزالة فى تلك الأحوال من المحافظ بنفسه لتوفير ضمان لذوى الشأن فى مصدر القرار وفى ذات الوقت مراعاة لخطورة لتلك المخالفات أعفى المحافظ من هذا الإجراء - فإذا صدر القرار ممن فوضه المحافظ تعين عليه الالتزام بالعرض على اللجنة استصحابا للأصل المقرر.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس حى جنوب القاهرة المفوض من محافظ القاهرة بالقرار رقم 195/ 1983 دون العرض على اللجنة المنصوص عليها فى المادة (16) سالفة البيان وهى مخالفة لإجراء جوهرى أوجبه القانون يترتب عليه بطلان القرار المطعون فيه ويتوافر بالتالى ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ، فضلاً عن الاستعجال المتمثل فيما يترتب على الإزالة من أضرار يتعذر تداركها ومن ثم يتوافر طلب وقف التنفيذ على ركنيه ويتعين بالتالى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا المذهب مما يستوجب إلغاءه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكل، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.