أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 698

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدى، وقصدى إسكندر عزت، فاروق محمود سيف النصر، ومحمد صفوت القاضى.

(157)
الطعن رقم 456 لسنة 46 القضائية

أسباب الإباحة "دفاع شرعي". دفوع. "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي" محكمة الموضوع. سلطتها فى تقديم حالة الدفاع الشرعي" حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير ظرف الدفاع الشرعى ومقتضياته أمر اعتباري. المناط فيه الحالة النفسية التى يكون فيها المدافع عدم جواز محاسبته على أساس التفكير الهادى بعيدا ظروف الحادث.
من المقرر أنه يكفى لقيام حالة الدفاع الشرعى أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى ولا يلزم فى الفعل المتخوف منه أن يكون خطرا حقيقا فى ذاته بل يكفى أن يبدو كذلك فى اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصوير مبنيا على أسباب معقولة وتقدير ظروف الدفاع الشرعى ومقتضاته أمر اعتبارى المناط فيه الحالة النفسية التى تخالط ذات الشخص الذى يفاجأ بفعل الاعتداء فجعله فى ظروف حرجة ودقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى تفكير الهادئ المتزن الذى كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم محرم بك محافظة الإسكندرية: (أولا) أحدث عمدا بـ...... الاصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هى فتق جراحى يقدر بنحو 30 % (ثانيا) أحدث عمدا بـ..... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تقدر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث جرح نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه قصور فى التسبيب أدى به إلى فساد فى الاستدلال ذلك بأنه دفع لقيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس لرد الاعتداء المتوقع عليه بدلالة ما أحدث به مهاجموه من إصابات عدة إلا أن الحكم أطرح دفاع الطعن وأقام قضاء فى هذا الشأن على ما لا يسوغ به حمله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "أنه فى وقت متأخر من ليلة يوم 22 من سبتمبر سنة 1971 اصطحب ..... الفلسطينى الجنسية إحدى السيدات ومعه المتهم.... الشهير بـ....... - الطاعن - إلى شقة يسكنها الفلسطينى بالمنزل رقم... فاستاء الجيران وأحدثوا صخبا قام على أثره...... مالك العقار ويؤجر شقة من مسكنه الآخر بشارع عرفان وهو ملاصق للمنزل الأول وتوجه إلى الشقة المذكورة فى بزوغ يوم 13 من سبتمبر سنة 1971 ومصطحبا معه ولديه..... المجنى عليه الأول و... - المجنى عليه الثانى - وإذ طرق الأولان باب الشقة خرج لهما المتهم - الطاعن - ....... الشهيربـ....... وبيده مطواه ضرب بها.......... بجانبه الأيسر من البطن مزقت أمعاء الغليظة وتخلف لديه عنها عاهة مستديمة هى فتق جراحى يقدر بنحو 30 % وإذ انبرى له........ ضربه بالمطواة بيده فأحدث لها إصابة تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما. وقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بقيام حالة الدفاع الشرعى عن نفسه بقوله "وبخصوص الدفاع بأن المتهم - الطاعن - كان فى حالة دفاع شرعى فهو دفاع مردود حيث لم يقم أمام المحكمة دليل مقنع على أن المتهم كان فى حالة دفاع شرعى وأن كل ما كان يمكن أن يتعرض له المتهم هو الذهاب به إلى الشرطة وهو عمل مشروع إن كان قد ارتكب هو عملا غير مشروع وحتى لو كان القبض عليه غير قانونى فإنه لا يبيح له ارتكاب جريمة أى أنه لم تتوافر فى جانبه حالة من الحالات المنصوص عليها بالمادة 245 من قانون العقوبات" لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة الأخير أن الدفاع عن الطاعن صرح فى مرافعته أن الطاعن اعتدى عليه من الجمع الحاشد الذى توجه إليه وأن إصابات متعددة أوضحها الكشف الطبى وكان الثابت من تحصيل الحكم لواقعة الدعوى أن تجمعا من الجيران والمجنى عليها كانوا أمام الشقة التى كان الطاعن وآخر ومعهما إحدى النساء بعد أن افتضح أمرهم وإذ كان من المقرر أنه يكفى لقيام حالة الدفاع الشرعى أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى ولا يلزم فى الفعل المتخوف منه أن يكون خطرا حقيقيا فى ذاته بل يكفى أن يبدو كذلك فى اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصور مبنيا على أسباب معقولة وتقدير ظروف الدفاع الشرعى ومقتضياته أمر اعتبارى المناط فيه الحالة النفسية التى تخالط ذات الشخص الذى يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله فى ظروف حرجة ودقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن الذى كان يتعذر عليه وقنئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات وهو ما قصر الحكم المطعون فيه فى استظهاره وإقساطه دفاع الطاعن حقه فى صدد قيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس لما كان ما تقدم فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاعادة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.