مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2663

(312)
جلسة 27 من أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ سامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5192 لسنة 44 القضائية

أملاك الدولة العامة - الأراضى ذات الصلة بالرى والصرف - إزالة التعدى عليها إداريا.
القانون رقم 11 لسنة 1984 بشأن الرى والصرف - المشرع قسم الأراضى الزراعية من حيث الصرف المغطى إلى وحدات كل وحدة عبارة عن مساحة من الأراضى تزود بشبكة من المصاريف الحقلية المغطاة والتى تصرف على مصرف عمومى فرعى أو رئيس - فالمصرف أو جزء منه أو أى فتحة فيه إنما يخدم مساحة من الأراضى ولا يخدم القطعة التى يقع فيها بما يعنى ضرورة كفالة وجود الصرف وعدم تعطيله - ضرورة الحصول على ترخيص من الجهة المختصة قبل القيام بأى عمل فى نطاق المساحة المشار إليها وعبارة عن عشرون مترا خارج منافع الترع والمصارف - القيام بأى عمل دون ترخيص يوجب على جهة الإدارة تكليف المخالفة بإزالته فى موعد مناسب والأجاز لها وقف العمل وإزالته إداريا على نفقته - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 16/ 5/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5192 لسنة 44 ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 43 لسنة 11 ق جلسة 28/ 3/ 1998 القاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة منزل المدعى المقام بالقطعة رقم 18 ايمن معروف المقدام بناحية ميت القرض مركز ميت غمر مع ما يرتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى (فحص) بجلسة 17/ 4/ 2000، وبجلسة 4/ 9/ 2000 قررت إحالته إلى الدائرة الأولى موضوع والتى أحالته إلى هذه الدائرة حيث نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 43 لسنة 11 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بتاريخ 8/ 10/ 1988 طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال شرحا لدعواه أنه بتاريخ 23/ 8/ 1988 أصدرت جهة الرى المختصة القرار المطعون فيه، ونعى المدعى على هذا القرار مخالفته للواقع والقانون لأن القرار شمل سبعة أسماء بالإضافة إليه بأنهم أقاموا جميعهم مساكن على مساحة تبلغ 12 قيراط داخل الكتلة السكنية وهى أرض فضاء وبور غير مميزة وصالحة للبناء منذ أكثر من خمسة عشر سنة وبالتالى ليست فى حاجة إلى مصارف مغطاة، وهذا فضلا عن أن ذات الجهة قد رخصت لآخرين بالبناء فى مجازاة بناء محل القرار الطعين، ولا توجد ثمة علامات ظاهرة تدل على وجه مصارف، كما أنه المبنى محل القرار قد أقيم بالطوب الاخضر على سطح الأرض دون حفر أو إعتراض لاى من مصارف الرى وبالتالى فليس هناك ضرر للصرف وان من شأنه ازالة المبنى الذى يقيم فيه وأسرته والذى تكن فى إقامته مبالغ باهظة سبب له أضرارا جسيمة ولا يمكن تداركها، هذا فضلا عن أنه أثناء إقامته مبانى لم يتلق إخطارات من جهة الصرف بعدم إقامة المبانى أو خلافه.
وبجلسة 28/ 3/ 1998 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من مطالعة الرسم الكروكى المرفق بحافظة مستندات الهيئة المصرية العامة لمشروعات الصرف أن المدعى أقام منزلا على بعد ثلاثة أمتار من مجمع الصرف رقم 18 أيمن معروف المقدام ميت غمر وعليه فإن المدعى لم يخالف أية أحكام لقانون الرى المشار إليه، ومن جهة أخرى فالثابت من حافظة مستندات المدعى المودعة بجلسة 30/ 8/ 1997 أنه صدر لصالحه حكم محكمة ميت غمر بجلسة 7/ 4/ 1993 بالبراءة من تهمة بناء منزله المشار إليه على الأرض الزراعية بذات الموقع على أساس أن الأرض بور وغير صالحة للزراعة، وبهذه المثابة تغدو مساحة الأرض المقام عليها المبنى محرومه من وسائل الرى والصرف، وغنى عن البيان أن جهة الإدارة التابعة لمديرية الزراعة قد حررت للمدعى محضر مخالفة المبانى سالفة الذكر بتاريخ 30/ 6/ 1986 أثناء قيامه بالبناء غير أن جهة الإدارة المختصة بالصرف قد تراخت ولم تحرر له محاضر إلا بتاريخ 27/ 2/ 1988 أى بعد مرور ما يناهز عامين من الإنتهاء إقامته مبانيه التى أقامها داخل الكتلة السكنية وعلى ارض مملوكة ملكية خاصة مصونة بحكم القانون والدستور، مما يستشفى منه أنها لم ترى ثمة مخالفة عند إقامة المبنى ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون غير قائم على أساس صحيح من الواقع والقانون واجب الإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن المطعون ضده أقام منزله بالمخالفة لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1984 وبدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة وذلك على مسافة ثلاثة أمتار من مجمع الصرف (أيمن معروف المقدام) بميت القرض مركز ميت غمر وإن هذا المصرف من المصارف العامة التابعة لوزارة الرى ومن ثم قامت الجهة الإدارية بتحرير محضر مخالفة بشأن الواقعة ثم أصدرت القرار المطعون فيه بإزالة الأعمال المخالفة على أساس أن المصرف المشار إليه من المصارف العامة المعدة للصرف ومن ثم فإنه اعمالا لحكم المادة 98 من القانون المشار إليه تم إخطار المطعون ضده بإزالة المخالفة وعندما لم يمتثل صدر القرار المطعون فيه قائما على أسباب الصحيفة المبررة قانوناً.
ومن حيث إن المادة 2 من القانون رقم 11 لسنة 1984 بشأن الرى والصرف تنص على أن "تعتبر ترعة عامة أو مصرفا عاما كل مجرى معد للرى أو الصرف تكون الدولة قائمة بنفقات صيانته ويكون مدرجا بسجلات وزارة الرى أو فروعها فى تاريخ العمل بهذا القانون وكذلك المجارى التى تنشأها وزارة الرى بوضعها ترعا عامة أو مصارف عامة وتدرجها فى سجلاتها بهذا الوصف.
ومن حيث إن المادة 5 تنص على أن تحمل بالقيود الآتية لخدمة الأغراض العامة للرى والصرف الأراضى المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الإعتبارية العامة أو الخاصة المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل والترع العامة أو المصارف العامة وكذلك الأراضى الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين مترا خارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين مترا ولو كان قد عهد بالإشراف عليها الى إحدى الجهات المشار إليها فى المادة السابقة:
أ - ........... ب - ............. جـ - لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الرى إجراء أى عمل بالأراضى المذكورة أو إحداث حفر آبار بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراضى أو منشآت أخرى.
د - لمهندسى وزارة الرى دخول تلك الأراضى للتفتيش على ما يجرى بها من أعمال فإذا تبين لهم أن اعمالا أجريت أو شرع فى أجرائها مخالفة للأحكام السابقة كان لهم تكليف المخالف بإزالتها فى موعد مناسب وإلا جاز وقف العمل وإزالة إداريا على نفقته ولا يخل بتطبيق الأحكام المقدمة إشراف أية جهة من الجهات المشار إليها بالمادة السابقة على جزء من الأملاك العامة المشار إليها، وتنص المادة 30 تنص على أن "تقسم الاراضى الزراعية من حيث الصرف المغطى إلى وحدات، كل وحدة عبارة عن مساحة من الأراضى تزود بشكبة من المصارف المغطاة والتى تصرف على مصرف عمومى فرعى أو رئيسى أو سلسلة من المجتمعات يجمعها مصب واحد على المصرف العمومى. ولوزير الرى بقرار منه نزع ملكية الأراضى اللازمة لإنشاء شبكة المصارف العامة الرئيسية والفرعية والمبانى السكنية اللازمة لأعمال الصيانة والحراسة ولوزير الرى الإستيلاء توقعا على الأراضى اللازمة لإنشاء المصارف المكشوفة أو المغطاة.
وتنص المادة 98 على ان "لمهندسى الرى المختص عند وقوع تعد على منافع الرى والصرف أن يكلف من إستفاد من هذا التعدى بإعادة الشئ لأصله فى ميعاد يحدده وإلا قام بذلك على نفقته.......... فإذا لم يقم المستفيد بإعادة الشئ لاصله فى الموعد المحدد يكون لمدير عام الرى المختص إصدار قرارا بإزالة التعدى إدارياً.......... .
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قسم الأراضى الزراعية من حيث الصرف المغطى إلى وحدات كل وحدة هى عبارة عن مساحة من الأراضى تزود بشبكة من المصارف الحقلية المغطاة والمكشوفة وهى تصرف على مصرف عمومى أو فرعى أو رئيسى وذلك لضمان صرف المياه الزائدة فى الأراضى الزراعية وصولا لنشف التربة وقسم المشرع الأراضى إلى وحدات كل وحدة عبارة عن مساحة من الأراضى وعلى ذلك فالمصرف أو أى جزء منه أو أى فتحة فيه إنما يخدم مساحة الأراضى ولا يخدم القطعة التى تقع فيها وهو ما يعنى ضرورة كفالة وجود المصرف وعدم تعطيله، وقد قرر المشرع مد أجل ذلك ضرورة لحصوله على ترخيص من الجهة المختصة قبل القيام بأى عمل فى نطاق المسافة المشار إليها وهى عشرون مترا خارج منافع الترع والمصارف، والقيام بأى عمل من الأعمال دون الحصول على ترخيص بوجه على الجهة الإدارية بتكليف المخالف بإزالتها فى موعد مناسب وألا جاز وقت العمل وإزالته إداريا على نفقته ولما كان البادى من الإطلاع على الأوراق الطعن أنه تحرر محضر للمطعون ضده لقيامه يوم 27/ 2/ 1988 بناء منزل بالطوب الطين على مسافة 3م من الخط الرئيسى لمجمع رقم 18 أيمن معروف المقدام. وأعلن لإزالة المبانى ولم يمتثل ومن صدر القرار المطعون فيه وإزالة تلك المبانى أعمالا لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1983 وهو قرار يقوم على سنده الصحيح من أحكام القانون.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك صدور حكم ببراءة المطعون ضده من تهمة بناء منزله على أرض زراعية ذلك أن تقيد المحكمة بحجية الحكم الجنائى عندما تكون المخالفة الجنائية هى ذات المخالفة المعروضة على المحكمة ولما كان المطروح على المحكمة هو إقامة منزله دون ترخيص من الجهة المختصة بالصرف وفى نطاق المسافة التى منع القانون البناء عليها كذلك لا يمنع بأن الأرض غير زراعية فلا حاجة لها لوجود المصرف فيها فهو قول مردود بأن المصرف لخدمة مساحة من الأراضى على ما سلف بيانه تشمل هذه المنازعة الأرض التى يوجد بها المصرف وما جاورها، وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه متفقاً وصحيح حكم القانون إذا خالف الحكم الطعين بما تقدم ونعى بإلغاء هذا القرار ومن ثم يكون الحكم قد جانبه الصواب جديرا بالإلغاء وبرفض الدعوى.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.