مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 663

(79)
جلسة 28من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر، ود. محمد ماهر أبو العنين حسين، وأحمد محمد حامد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 445 لسنة 40 القضائية

ترخيص - ترخيص مبانى - مخالفة شروط الترخيص - إزالة المبانى المخالفة - اختصاص المحافظ المختص بإصدار قرار الإزالة.
المواد أرقام (4)، (15)، (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 م بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
مفادها: أن المشرع حظر المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه إقامة المبانى أو الأعمال الأخرى المنصوص عليها فيه وتعديلاته دون الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم، وأناط المشرع بالمحافظ المختص أن من ينيبه فى حالة وقوع أى من المخالفات الواردة بالقانون المذكور أو لائحته التنفيذية إصدار قراراً مسببا بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة شريطة أخذ رأى اللجنة المنصوص على تشكيلها فى المادة (16) المشار إليه، بيد إن المشرع أوجب الإزالة بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقرر طبقا للقانون رقم 106 لسنة 1976 أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات على أن يصدر قرار الازالة من المحافظ نفسه دون تفويض غيره فى أحوال الإزالة المشار إليها ودون حاجة إلى عرض المخالفة على اللجنة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (16) المشار إليها - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 27/ 12/ 1993 أودع الأستاذ/ ........... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقرير الطعن الماثل - فى الحكم المشار إليه والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفاته.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم فى مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه والزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بالمحاضر، حيث أودع المدعى عدة مذكرات دفاع وحوافظ مستندات، كما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع المطعون ضدهم، وبجلسة 25/ 5/ 1999قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة "موضوع" لنظره بجلسة 20/ 6/ 1999 والتى نظرته بجلساتها حيث أودع الطاعن مذكرة دفاع، وبجلسة 12/ 11/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 7/ 1/ 2001، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 14/ 1/ 2001 ثم لجلسة اليوم لاستكمال المداولة حيث أصدرت هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانون، فمن ثم فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتحصل - حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه - فى أنه بتاريخ 13/ 5/ 1992 أقام المدعى (الطاعن) الدعوى رقم 5934 لسنة 46 ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ضد المطعون ضدهم بصفاتهم وطلب فى ختامهما الحكم له بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 12 لسنة 1992 الصادر من رئيس حى غرب القاهرة بتاريخ 25/ 3/ 1992 وفى الموضوع بالغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شرحا لدعواه أنه بموجب عقد مسجل برقم 692 لسنة 1983 يمتلك هو أسرته العقار رقم 15 ب بشارع المرعشلى بالزمالك والمكون من خمسة طوابق وأعمدة خرسانية وأسطح مسقوفة من طابقين آخرين قام بتشطيبهما وتركيب أبواب ونوافذ فى حدود عشرة آلاف جنيه المسموح بها قانون، وفى غضون عام 1989 تقدم إلى حى غرب القاهرة بطلب للترخيص له ببناء غرفتى ماكينة بذات العقار إلا أنه رفض طلبه، ثم فوجئ بتاريخ 14/ 4/ 1992 بصدور القرار رقم 12 لسنة 1992 بإزالة الأدوار السادس والسابع فوق الأرضى وغرفتين بالدور الثامن وغرفة بالدور التاسع وينعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون، ذلك أن المهندس المختص بالحى قد قرر بأن الدورين السادس والسابع مبان لخدمة العقار ولا تعد إنشاءات محملة عليه بقصد الاستغلال، فضلا عن أنهما مقامان منذ عام 1983 ويؤكد ذلك أن شركة توزيع كهرباء القاهرة قامت بتاريخ 16، 24/ 1/ 1983 بتركيب عدادين بالدورين المطلوب إزالتهم، كما أن طلب الترخيص الذى تقدم به كان منصبا على حجرتين بالدور الثامن وحجرة بالدور التاسع مخصصة للمصعد، كما أن القرار المطعون فيه صدر من غير مختص إذ أن محافظ القاهرة هو المختص بإصداره ومن غير الجائز له تفويض رؤساء الأحياء فى هذا الشأن، فضلا عن أنه مشوب بعيب الانحراف بالسلطة ذلك أن عقار الطاعن أقل فى الارتفاع بكثير من العقارين المجاورين له، كما أن العقار بحالة جيدة وهو ما أكده التقرير الذى أعده المهندس الاستشارى ...... أضاف الطاعن بأن تنفيذ القرار المطعون فيه يصيبه بأضرار بالغة يتعذر تداركها.. وخلص من ذلك إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر... وبجلسة 4/ 11/ 1993 أصدرت المحكمة المذكورة الحكم المطعون فيه والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفاته، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الظاهر من الأوراق أنه بتاريخ 17/ 3/ 1992 صدر القرار رقم 21 لسنة 1992 بإيقاف الأعمال المخالفة بالعقار رقم 15 ب بشارع المرعشلى بالزمالك وهى عبارة عن بناء الدورين السادس والسابع فوق الأرضى بدون ترخيص وكذلك غرفتين بالدور الثامن وحجرة بالدور التاسع بتكاليف إجمالية (37020) ج، ثم أصدر رئيس حى غرب القاهرة القرار رقم 12 لسنة 1992 المطعون فيه بإزالة الأعمال المخالفة سالفة الذكر بناء على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة برقم 199 بتاريخ 18/ 7/ 1991 بإصدار قرارات بإزالة وتصحيح الأعمال المخولة له فى المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 والمادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 فمن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون صادرا من مختص بإصداره وقائما على سببه ومتفقا مع القانون مما لا يتوافر معه ركن الجدية ويتعين رفض طلب وقف تنفيذه دونما حاجة إلى بحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه... وعليه خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أ ساس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وإنه صدر مشوبا بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، والقضاء بغير الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع للأسباب الآتية:
1 - فى شأن الخطأ فى تطبيق القانون وتأوليه، ذلك أن قرار الإزالة المطعون فيه صدر على أساس أن الطاعن قام ببناء الدورين السادس والسابع وغرفتين بالدور الثامن وغرفة بالدور التاسع بدون ترخيص وإنه تجاوز الحد الأقصى للارتفاع المقرر قانون، ومن ثم فإن رئيس حى غرب القاهرة يكون غير مختص بإصدار قرار الإزالة المذكور، مما يجعل الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من اختصاص رئيس حى غرب القاهرة بإصدار القرار المطعون فيه قد وقع مخالفا للقانون متعينا إلغائه.
2 - فى شأن الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الثابت أن الطاعن تقدم إلى حى غرب القاهرة -إدارة الإسكان للترخيص له ببناء حجرة للمصعد وبرج لخزان المياه فتم إفادته برفض هذا الطلب لأن ذلك سوف يقلل من مساحة المنور القانونى، ولما كان القانون رقم 25 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء قد أوجب تركيب مصعد وإلا اعتبر مرتكبا لجريمة جنائية، ولما كان الطاعن قد دفع بذلك أمام محكمة أول درجة، غير أن هذه المحكمة لم تحقق هذا الدفاع الجوهرى الذى يهدر ما ذهبت إليه جهة الإدارة، الأمر الذى يهدر الحكم المطعون فيه ويجعله جديراً بالإلغاء.... وعليه خلص الطاعن بتقدير الطعن إلى طلب الحكم له بطلباته المبينة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يتعين لوقف تنفيذ القرار الإدارى ضرورة توافر ركنى الجدية بأن يكون القرار مرجح الإلغاء عند نظر موضوع الدعوى، وكذلك توافر ركن الاستعجال بأن يكون من شأنه الاستمرار فى تنفيذ القرار المطعون فيه ترتيب آثار يتعذر تدارك نتائجها فى حالة الحكم بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية بشأن القرار المطعون فيه، فإن المادة (4) من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء مستبدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أنه "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال وتوسيعها أو تعليتها...... الا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم".
وتنص المادة (15) من ذات القانون على أن "توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإدارى ويصدر بالوقف قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يتضمن بيانا بهذه الأعمال، ويعلن إلى ذوى الشأن بالطريق الإدارى..".
وتنص المادة (16) من ذات القانون قبل استبدالها بالقانون رقم 101 لسنة 1996 بمراعاة أن القرار المطعون فيه صدر قبل العمل بهذا القانون على أن "يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأى لجنة تشكل بقرار منه..... قرارا مسببا بإزالة أو تصحيح الأعمال التى تم وقفها.. وفى جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقا لهذا القانون أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن تخصص لإيواء السيارات.
وللمحافظ المختص أن يصدر قراره فى هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها فى الفقرة الأولى".
ومن حيث إن مفاد النصوص سالفة البيان أن المشرع حظر على المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه إقامة المبانى أو الأعمال الأخرى المنصوص عليها فيه وتعديلاته دون الحصول على ترخيص فى ذلك من الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم، وأناط المشرع بالمحافظ المختص أو من ينيبه فى حالة وقوع أى من المخالفات الواردة بالقانون المذكور أو لائحته التنفيذية إصدار قرارا مسببا بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة شريطة أخذ رأى اللجنة المنصوص على تشكيلها فى المادة (16) المشار إليه، بيد أن المشرع أوجب الإزالة بالنسبة للمخالفات والمتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقرر طبقا للقانون رقم 106 لسنة 1976 أو قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات على أن يصدر قرار الإزالة من المحافظ نفسه دون تفويض غيره فى أحوال الإزالة المشار إليها ودون حاجة إلى عرض المخالفة على اللجنة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (16) المشار إليها..".
"الطعن رقم 871 لسنة 43 ق.ع جلسة 6/ 2/ 2000".
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد نسب إليه القيام ببناء الدورين السادس والسابع فوق الأرضى وكذا بناء غرفتين بالدور الثامن وغرفة بالدور التاسع بدون ترخيص وبمجاوزة الحد الأقصى للارتفاع المسموح به قانونا والمنصوص عليه فى القانون رقم 106 لسنة 1976، وبناء على قرار محافظ القاهرة رقم 199 لسنة 1991 بتفويض رؤساء الأحياء فى السلطات المخولة له فى المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه أصدر رئيس حى غرب القاهرة القرار رقم 12 لسنة 1992 (المطعون فيه) بإزالة الأدوار المشار إليها من عقار الطاعن الكائن بـ15 شارع محمد المرعشلى بالزمالك دون العرض على اللجنة الفنية بدعوى مخالفة قيود الارتفاع المقررة، فمن ثم يكون هذا القرار بحسب الظاهر من الأوراق صادرا من غير مختص بإصداره قانون مما يجعله مخالفا للقانون، إذ أنه يتوجب فى حالة مخالفة قيود الارتفاع أن يصدر قرار الإزالة من المحافظ نفسه وليس له الحق فى تفويض غيره فى إصداره، الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية بشأن طلب الطاعن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، بالإضافة إلى توافر ركن الاستعجال بشأن هذا الطلب بالنظر لما يترتب على تنفيذه من هدم عقار الطاعن وتشريد القاطنين بهذه الأدوار منذ سنوات طويلة سابقة تنفيذا لقرار ظاهر عدم المشروعية على النحو السالف، وإذ أخلص الحكم المطعون فيه إلى رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه يكون مخالفا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بالغائه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتى التقاضى عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، والزمت الجهة الادارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.