مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2869

(335)
جلسة 11 سبتمبر سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دجروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعه، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 5086 و 5743 لسنة 44 القضائية

عقد إدارى - التعويض عن الإخلال بأحكامه - ميعاد سقوط دعوى التعويض عن العقد.
المادتان 37، 375 من القانون المدنى - يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض بالنص عليه فى العقد - الضرر الموجب للتعويض يجب أن يكون محققاً بمعنى أن يكون وقع فعلاً - الضرر الاحتمالى فإن التعويض عنه لا يستحق إلا إذا وقع فعلاً - تقادم دعوى التعويض عن العقد تسقط بمضى خمسة عشر سنة بخلاف دعوى التعويض عن العمل غير المشروع التى تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من علم المضرور بالضرر والشخص المسئول عنه - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 13/ 5/ 1998 أودع الأستاذ .......... المحامى بصفته وكيلا عن ............ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 5086 لسنة 44 ق.ع عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 3699 لسنة 44 ق بجلسة 12/ 4/ 1998 الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغاً مقداره مائتا ألف جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ هذا الحكم وحتى تمام الوفاء والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى رقم 6399 لسنة 44 ق مع إلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات.
وفى يوم الثلاثاء الموافق 2/ 6/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ الفيوم بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 5743 لسنة 44 ق.ع عن ذات الحكم المشار إليه وطلبت فى ختام تقرير طعنها للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض القضاء للجهة الإدارية بباقى الإيجار عن باقى المدة ومقدارها 950000 جنيها ورفض طلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابت الجهة الإدارية وفيما قضى به من استحقاق الجهة الإدارية للفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ هذا الحكم وحتى تمام الوفاء والقضاء مجدداً بتعديله ليكون بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 1150000 (مليون ومائة وخمسون ألف جنيه) والتعويض الذى تقدره المحكمة عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابت الجهة الإدارية من جراء تقاعس المطعون ضده عن تنفيذ التزاماته التعاقدية والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 4/ 8/ 1990 وحتى تمام السداد وإلزامه المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان الطعنين للمطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم
أولاً: بقبول الطعن الأول رقم 5086 لسنة 44 ق.ع شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن الثانى رقم 5743 لسنة 44 ق.ع شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده بالمبلغ المحكوم به مضافاً إليه الفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم فى 12/ 4/ 1998 حتى تمام السداد مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 20/ 10/ 1999 ضم الطعن رقم 5086 لسنة 44 ق.ع إلى الطعن رقم 5743 لسنة 44 ق.ع للارتباط وقررت بجلسة 19/ 7/ 2000 إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظرهما أمامها جلسة 22/ 8/ 2000 وتدوول الطعنان أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 27/ 3/ 2001 إصدار الحكم بجلسة 26/ 6/ 2001 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 11/ 9/ 2001 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فهما مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن محافظ الفيوم بصفته أقام الدعوى رقم 6399 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإدارى - دائرة العقود الإدارية والتعويضات بصحيفة أودعت بتاريخ 4/ 8/ 1991 وطلب فى ختامها الحكم بإلزام .......... (الطاعن فى الطعن الأول) بأن يؤدى له بصفته مبلغاً مقداره مليون ومائة وخمسون ألف جنيه فضلاً عن إلزامه بالتعويض الذى تقدره المحكمة على سند من أنه بتاريخ 17/ 10/ 1983 تعاقدت محافظة الفيوم مع المدعى عليه على استئجار كافيتريا المدينة المطلة على سواقى الهدير بميدان قارون بالفيوم وذلك بقيمة إيجارية سنوية مقدارها مائة ألف جنيه تسدد على أقساط مقدماً كل ثلاثة شهور على أن تكون مدة الإيجار عشر سنوات غير قابلة للتجديد وتبدأ من تاريخ الاستلام الفعلى للكافيتريا، ونص العقد على قيام المدعى عليه بإنفاق مبلغ مائتان ألف جنيه لإصلاح وتنمية الكافيتريا إلى درجة لا تقل عن ثلاث نجوم وفقاً لشروط وزارة السياحة وعلى أنه إذا رغب المدعى عليه فى إنهاء العقد بإرادته المنفردة خلال مدة سريان العقد يكون ملزماً بجميع التزاماته المالية عن كامل مدة العقد، وأنه فى حالة مخالفة المدعى عليه لأى بند من بنود العقد يترتب عليه فسخ العقد تلقائياً مع حق الجهة الإدارية فى المطالبة بقيمة الإيجار عن باقى المدة والتعويض، كما ينتج لها مصادرة التأمين المودع لديها وإذ توقف المدعى عليه عن سداد الأقساط المستحقة عليه اعتباراً من 13/ 4/ 1984، كما لم يقم بالتطوير المنصوص عليه بالعقد فقد قامت الجهة الإدارية المدعية بفسخ العقد فى 26/ 7/ 1984 وبالتالى يحق لها مطالبة المدعى عليه بمبلغ مليون ومائة وخمسون ألف جنيه (50 ألف جنيه باقى إيجار النصف الثانى من السنة + 900 ألف جنيه القيمة الإيجارية عن التسع سنوات الباقية + 200 ألف جنيه قيمة التطوير) وأنهى المدعى بصفته طلباته الختامية بإلزام المدعى عليه بالمبلغ المشار إليه والفوائد القانونية عند بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد.
وبجلسة 12/ 4/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها على أن المطالبة بقيمة الإيجار عن باقى مدة العقد لا يعدو أن يكون تعويضاً اتفاقياً بين طرفى العقد وبالتالى فإنه من ناحية لا يحق لجهة الإدارة المطالبة بتلك القيمة مع المطالبة بالتعويض بحسبان أنه لا يجوز الجمع بين تعويضين عن واقعة واحدة - وهى فى الدعوى الماثلة مخالفة بنود العقد - ومن ثم يتعين رفض طلب الجهة الإدارية بالتعويض، ومن ناحية أخرى فإن المطالبة بقيمة الإيجار عن باقى مدة العقد وطبقاً لما سبق بيانه وباعتباره تعويضاً يدور وجوداً وعدماً مع الضرر ويقدر بمقداره، وعلى ذلك فإنه لما كان الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة فور فسخ العقد مع المدعى عليه أعلنت عن تأجير الكافتيريا محل العقد وحددت يوم 20/11/ 1984لفتح المظاريف وهو ما كشف عن قيام الجهة الأدارية بالحد من الأضرار التى قد تلحقها من جراء فسخ العقد مع المدعى عليه، وانتهت المحكمة إلى رفض الدفع المبدى من المدعى عليه بسقوط الحق المطالب به التقادم الخمسى على سند من أنه ليس حقاً دورياً متجدداً، وإنما بمثابة تعويض، وأن دعوى التعويض تتقادم بخمس عشرة سنة، وقدرت قيمة التعويض المستحق بمبلغ 200 ألف جنيه مع إلزام المدعى بالفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ الحكم لأن الدين يخرج من نطاق المسائل التجارية ولم يكن معين المقدار وقت المطالبة.
وإذ لم يرتض/ .......... (المدعى عليه) هذا الحكم فقد أقام طعنه رقم 5086 لسنة 44 ق.ع على أسباب حاصلها:
(1) الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الطاعن دفع بسقوط حق الجهة الادارية - فى المطالبة بالقيمة الإيجارية موضوع الدعوى - بالتقادم الخمسى طبقاً لأحكام المادة 375 من القانون المدنى ورغم تمسكه بذلك الدفع فى جميع مراحل الدعوى إلا أن المحكمة انتهت إلى رفض هذا الدفع وهو الأمر المخالف للقانون، ذلك أن الحق المطالب به هو قيمة إيجارية - مقابل الاستغلال كافيتريا المدينة بالفيوم ومن ثم يتوافر صفة الدورية والتجدد، ولما كان العقد موضوع المنازعة قد تم فسخه بتاريخ 20/ 6/ 1984 وأقيمت الدعوى بتاريخ 4/ 8/ 1990 أى بعد مضى أكثر من خمس سنوات ومن ثم يكون هذا الحق قد سقط بالتقادم الخمسى على النحو السالف الإشارة إليه.
(2) القصور فى التسبيب، ذلك أن الطاعن قد دفع بسقوط الحق فى المطالبة بالتعويض طبقاً لحكم المادة 172 من القانون المدنى وذلك بمذكرة دفاعه المودعة ملف الدعوى بجلسة 18/ 1/ 1998 إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على ذلك الدفاع بما يتحقق معه الإخلال بحق الدفاع.
(3) التناقض فى الأسباب والفساد فى الاستدلال إذ إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أحقية الجهة الإدارية فى تعويض مقداره مائتا ألف جنيه دون أن يوضح ثبوت خطأ من جانب الطاعن أو ثبوت ضرر لحق بالجهة المطعون ضدها خاصةً وأن الجهة الأخيرة قامت بتأجير الكافيتريا موضوع العقد المفسوخ فور فسخ هذا العقد وبالتالى لم يلحقها ثمة أضرار من جراء هذا الفسخ.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثانى رقم 5743 لسنة 44 ق.ع المقام من محافظ الفيوم بصفته ويقوم على أسباب مجملها مخالفة الحكم المطعون ضده للقانون، تأسيساً على أن حق الجهة الإدارية فى المطالبة بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له بصفته مبلغ مليون ومائة وخمسون ألف جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الحاصلة فى 4/ 8/ 1990 وحتى تمام السداد والتعويض يقوم على سند صحيح من الواقع والقانون لأنه من المقرر أن العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين، وأن حقوق المتعاقد والتزاماته تتقرر وفقاً لشروط العقد، وأنه يجب الحكم بالتعويض عند توافر عناصر المسئولية الثلاث من خطأ وضرر وعلاقة سببية، والثابت أن المطعون ضده قام باستغلال الكافيتريا محل التعاقد ابتداء من تاريخ العقد فى 17/ 10/ 1983، إلا أنه توقف عن سداد الأقساط المستحقة عليه اعتباراً من 17/ 4/ 1984، كما أنه لم يقم بالتطوير المنصوص عليه فى العقد، فقامت جهة الإدارية بفسخ العقد بتاريخ 26/ 7/ 1984 وبالتالى يحق لجهة الإدارة المطالبة بقيمة الإيجار عن باقى المدة والبالغ مقدارها 950 ألف جنيه، وقيمة التطوير ومقدارها 200 ألف جنيه فضلاً عن المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية والتى تتمثل فيما فات الجهة الإدارة من كسب وما لحقها من خسارة تمثلت فيما تكبدته من مصروفات ونفقات من أجل إعادة تأجير الكافيتريا فضلاً عن الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 4/ 8/ 1990 وحتى تمام السداد، إذ إن تحديد المبلغ محل المطالبة قائم على أسس ثابتة فضلاً عن أن عقد إيجار الكافيتريا عمل تجارى تستحق عنه فوائد بواقع 5% سنوياً.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعنين الماثلين تمثل فى مدى أحقية الجهة الإدارية فى انقضاء المبالغ المستحقة فيما يلى من المطعون ضده فى الطعن الأول:
(أ) أجرة كافيتريا المدينة بالفيوم عن المدة من 17/ 4/ 1984 تاريخ توقف المطعون ضده فى سداد الأجرة حتى نهاية مدة العقد.
(ب) والتعويض عما أصابها من ضرر نتيجة فسخ العقد لإخلال المطعون ضده بالتزاماته التعاقدية.
(ج) وفى اقتضاء 200 ألف جنيه قيمة تطوير الكافيتريا ورفع كفايتها لدرجة لا تقل عن 3 نجوم، والفوائد المالية عن هذه المبالغ 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ السداد وفى مدى سقوط هذه الحقوق بالتقادم الخمسى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 17/ 10/ 1983 أبرم عقد إيجار من محافظ الفيوم بصفته رئيساً لهيئة السياحة بالفيوم وبين المطعون ضده على أن يستغل الأخير كافيتريا المدينة بالفيوم المطلة على سواقى الهدير لمدة عشرة سنوات بقيمة إيجارية سنوية مقدارها 100 ألف جنيه تسدد على أقساط مقدماً كل 3 شهور، ويعتبر التأخير عن السداد مدة 10 أيام من تاريخ الاستحقاق سبباً لفسخ العقد، وعلى أن يقوم المستأجر برفع درجتها السياحية إلى مستوى ثلاث أو أربع نجوم بإنفاق 200 ألف جنيه لإصلاحها ونص البند 12 من هذا العقد على أن "مخالفة أى بند من بنود هذا العقد يترتب عليها كنتيجة مباشرة فسخ التعاقد تلقائياً دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه أو حكم قضائى ويكون للهيئة الحق فى المطالبة بقيمة الإيجار عن باقى المدة والتعويض، كما يتيح لها مصادرة التأمين المودع لديها دون معارضة المستأجر".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المستأجر (المطعون ضده) تأخر فى سداد الأجرة المستحقة على الكافيتريا اعتباراً من 17/ 4/ 1984 ومن ثم يحق للجهة الإدارية فسخ عقد الإيجار.
ومن حيث إنه عن مدى أحقية الجهة الإدارية فى مطالبة المطعون ضده بأجرة الكافيتريا عن المدة من 17/ 4/ 1984 - تاريخ التوقف عن السداد - حتى نهاية المدة المحددة فى العقد (نهاية العشر سنوات) فإنه لما كان الثابت أن الجهة الإدارية فسخت عقد الإيجار بتاريخ 26/ 7/ 1984 ومن ثم تكون العلاقة الإيجارية بينها وبين المطعون ضده بشأن استغلال الكافتيريا المشار إليها قد انتهت اعتباراً من ذلك التاريخ، وبالتالى يكون من حقها المطالبة بأجرة استغلال الكافيتريا عن المدة من 7/ 4/ 1984 حتى 16/ 7/ 1984 أما بعد ذلك التاريخ فإنه لا يجوز لها المطالبة بأية أجرة لانتهاء العلاقة الإيجارية على النحو السالف بيانه.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أن الجهة الإدارية لم تطالب بالأجرة إلا اعتباراً من 4/ 8/ 1990 تاريخ إقامتها الدعوى مثار الطعن - أى بعد مضى أكثر من خمس سنوات من تاريخ استحقاق الأجرة فإن حقها فى الأجرة يكون قد سقط إعمالاً لحكم المادة (375) من القانون المدنى التى تنص على أن "يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المبانى والأراضى الزراعية ومقابل الحكومة كالفوائد والإيرادات المترتبة والمهايا والأجور والمعاشات".
ومن حيث إنه عن مدى أحقية الجهة الإدارية فى اقتضاء تعويض عما أصابها من ضرر نتيجة فسخ العقد لإخلال المطعون ضده بالتزاماته التعاقدية يتمثل فى أجرة الكافيتريا عن المدة من 17/ 4/ 1984 تاريخ توقف المطعون ضده عن السداد حتى نهاية مدة العقد (95 ألف جنيه) وقيمة تطوير الكافيتريا لدرجة كفاية لا تقل عن 3 نجوم (200 ألف جنيه) وما تكبدته من مصاريف تأجير الكافيتريا مرة أخرى فإن المادة 221 من القانون المدنى تنص على أنه:
(1) إذا لم يكن التعويض مقداراً فى العقد أو بنص فى القانون فالقاضى هو الذى يقدره.
(2) ومع ذلك إذا كان الالتزام مصدره العقد فلا يلتزم المدين الذى لم يرتكب غشاً أو خطأً جسيماً إلا بتعويض الضرر الذى كان يمكن توقعه وقت التعاقد".
وتنص المادة (223) منه على أنه "لا يجوز للمتعاقدين أن يحددوا مقدما قيمة لتعويض بالنص عليها فى العقد أو فى اتفاق لاحق.......".
وتنص المادة (224) على أن:
(1) لا يكون التعويض الاتفاقى مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أى ضرر.
(2) ويجوز للقاضى أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيره، إذ أن الالتزام الأصلى قد نفذ فى جزء منه.
(3) ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين".
ومن حيث أن مفاد النصوص المتقدمة أنه وإن كان يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض بالنص عليه فى العقد، إلا أن ذلك التعويض وطبقاً للأصل العام يدور وجوداً وعدماً مع الضرر ويقدر بمقداره، وأنه من المستقر أن الضرر الموجب للتعويض يجب أن يكون ضرراً محققاً بمعنى أن يكون وقع فعلاً أو أنه سيقع حتماً، أما الضرر الاحتمالى الغير محقق فإنه التعويض عنه لا يستحق إلا إذا وقع فعلاً.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد أخل بالتزامه التعاقدى فى سداد الأجرة مما ترتب عليه فسخ العقد وإصابة الجهة الإدارية نتيجة لذلك بأضرار تتمثل فى قيمة الأجرة عن المدة من 17/ 4/ 1984 تاريخ توقف المذكور عن سداد الأجرة حتى نهاية مدة العقد، وقيمة تطوير الكافيتريا لمستوى ثلاث نجوم وأية أضرار أخرى، فإنه وإن كان ذلك إلا أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قامت بتاريخ 16/ 12/ 1984 بتأجير الكافيتريا محل النزاع إلى.......... لمدة خمس سنوات بقيمة إيجارية مقدارها 72 ألف جنيه سنوياً مع التزام المستأجر برفع درجة الكافيتريا السياحية وكافة عناصرها إلى مستوى ثلاث نجوم بأنقاق 100 ألف جنيه لإصلاح وتنمية ا لمنشأة على أن تؤول الكافيتريا بجميع الإضافات والتحسينات الثابتة والمنقولة إلى ملكية هيئة تنشيط السياحة فى نهاية المدة ومن ثم فإن المحكمة تقدر قيمة التعويض المستحق للجهة الإدارية بمبلغ 200 ألف جنيه بقدر الضرر الذى أصابها مراعية فى ذلك أنها قامت بتاجير الكافيتريا مرة أخرى لمدة خمس بأجرة سنوية مقدارها 72 ألف جنيه مع التزام المستأجرة الجديدة بتطوير الكافيتريا لمستوى 3 نجوم على النحو السالف بيانه، ومع مراعاة أن الجهة الإدارية ستقوم بتأجير تلك الكافيتريات بعد انتهاء مدة العقد واقتضائها مقابل ذلك لما تقضى معه المحكمة بإلزام ضده بأن يودع للجهة الإدارية مبلغ (200 ألف جنيه) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً باعتباره من المسائل التجارية اعتباراً من تاريخ الحكم لأن ذلك المبلغ لم يكن معلوم المقدار وقت الطلب، ولأن تحديد مقداره لم يكن قائماً على أساس ثابتة وإنما خاضعاً لتقدير المحكمة.
ولا ينال مما تقدم ما ذهب إليه المطعون ضده (الطاعن فى الطعن الثانى) بسقوط الحق فى المطالب به بانقضاء خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق باعتباره من الديون الدورية المتجددة طبقاً للمادة 375 من القانون المدنى ذلك لأن المبلغ المحكوم به ليس أجرة وإنما تعويض من المقرر أن دعوى التعويض تتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة طبقاً للأصل المقرر بالمادة 374 من القانون المدنى، كما أنه ليس صحيحاً القول بسقوط هذا الحق بانقضاء ثلاث سنوات طبقاً للمادة 172 مدنى ذلك لأن دعوى التعويض التى تسقط بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هى دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع وليس التعويض الناشئ عن العقد كما هو الشأن فى النزاع الماثل، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغاً مقداره 200 ألف جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً تاريخ الحكم وحتى تمام يكون قد خالف القانون فى شق الأخير المتعلق بالفوائد مما تقضى معه المحكمة بتعديل هذا الحكم إلى إلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغاً مقداره 200 ألف جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بدافع 5% سنوياً من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطرفين المصروفات مناصفةً بينهما طبقاً للمادة 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المدعى عليه .......... بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغاً مقداره 200 ألف جنيه (مائتان ألف جنيه) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم وحتى تمام الوفاء وألزمت الطرفين المصروفات مناصفةً بينهما ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.