مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1235

(137)
جلسة 9 من يونيو سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الرحمن السيد، ومحمد السيد الطحان، وأدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3374 لسنة 36 القضائية

طرق عامة - أنواعها - الحظر الوارد على الأراضى الواقعة على جانبى الطرق - حدود الاستثناء من الحظر.
القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة.
تقسم الطرق العامة إلى ثلاثة أنواع وهى الطرق السريعة والطرق الرئيسية والطرق الإقليمية - فرض المشرع قيودا على الأراضى الواقعة على جانبى الطرق العامة بأنواعها الثلاث لمسافات تختلف باختلاف أنواع هذه الطرق - حظر المشرع الانتفاع بهذه الأراضى فى أى عرض إلا الزراعة - لا يجوز إقامة أية منشآت فى هذه الأراضى - لا يسرى هذا الحكم داخل حدود مجالس المدن إلا فى الأجزاء المارة بالأراضى الزراعية - مناط عدم سريان الحظر الوارد فى المادة (10) على المبانى الواقعة داخل الكتلة السكنية أن يكون المبنى داخل كردون أحد مجالس المدن فقط وليس مجالس القرى وإلا لما أعوز المشرع النص على ذلك صراحة. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 19/ 8/ 1990 أودع الاستاذ/ ........ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجداولها برقم 3374 لسنة 36 ق عليا فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1585 لسنة 40 ق بجلسة 21/ 6/ 1990 والقاضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - إلغاء الحكم المطعون فيه وفى موضوع الدعوى الحكم له بطلباته فيها مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/ 1/ 1995 وتداولت نظره بالجلسات، وبجلسة 15/ 5/ 1995 قررت احالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 18/ 6/ 1995 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 24/ 3/ 1996 قررت اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 9/ 6/ 1996 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانونا.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1585 لسنة 40 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 12/ 1/ 1986 طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من الهيئة العامة للطرق والكبارى رقم 35/ 1985 فى 5/ 12/ 1985 بإزالة المبنى المملوك له لعدم تركه المسافة القانونية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب. وقال شرحا لدعواه أنه أقام منزلاً بناحية شطانوف على جانب طريق مصر - شبين الكوم يحده من الجهة البحرية منزل.....، ومن قبلى منزل.... والشرقى الرياح المنوفى والغربى باقى المساحة وطريق مصر - شبين الكوم رقم 4، وقد صدر القرار المطعون فيه بإزالة المبنى الذى أقامه لعدم تركه المسافة القانونية وهى 25 متراً، وأنه ابلغ بالقرار شفاهة، وأضاف المدعى أنه طبقاً للمادة (13) من القانون رقم 84 لسنة 1968 فإن المبنى مستثنى من تطبيق أحكام هذا القانون فضلاً عن أنه لا يشكل خطورة على الأرواح أو الأموال ولم يجاوز المبانى المجاورة له وفى محاذاتهم وأنه لم يتعد على جسم الطريق كما أن شرط المسافة عملية تنظيمية.
وبجلسة 12/ 2/ 1987 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 21/ 6/ 1990 صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المستفاد من نص المادتين (2، 10) من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة أن المشرع حظر إقامة المبانى أو المنشآت على جانبى الطرق العامة التى أشار إليها فى القانون المذكور فى المسافات التى حددها وهى خمسة وعشرين متراً بالنسبة للطرق الرئيسية، واستثنى من تطبيق هذا القانون الطرق الأقليمية الداخلة فى حدود مجالس المدن والقرى التى لها مجالس محلية أما الطرق الرئيسية الداخلة فى حدود القرى، حتى لو كان لها مجلس محلى فتسرى عليها أحكام هذا القانون وتخضع للحظر الوارد فيه.ولما كان الثابت من إقرار المدعى بصحيفة دعواه أنه أقام منزلاً بناحية شطانوف بجوار طريق مصر/ شبين الكوم الرئيسى رقم 4 دون مراعاة مسافة الحظر الواردة فى المادة العاشرة وهى خمسة وعشرين متراً مخالفاً بذلك الحظر الوارد فى تلك المادة فإن للجهة الادارية فى هذه الحالة وطبقاً لنص المادة (15) من القانون رقم 84/ 1968 المشار إليه سلطة إزالة هذه المخالفة فإذا ما أصدرت قراراً بإزالة المبانى التى أقامها المدعى على النحو الثابت بالأوراق فإن قرارها يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون مستوجبه الرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، كما أهدر حجية حكم قضائى نهائى، فهو قد خالف القانون حين ربط بين أحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 المختلفة التى ينظم بعضها مجال سريانه، وتنظم الأخرى الأحكام الموضوعية الواردة فيه، على نحو ينكر على المشرع سلطان التنظيم الموضوعى لما يسرى على الطرق إلى أخضعها لذلك القانون فالمسلم به أن هذا القانون يسرى على الطرق السريعة والرئيسية أيا كان موقعها والأقليمية الخارجة عن حدود مجالس المدن والقرى أى أن أصل خضوع هذه الطرق القانون المشار إليه ودخولها فى مجال سريان أحكامه لا يعنى أنها تخضع جميعها بالضرورة لحكم واحد، أذ أن المشرع لا يملك استثناء بعضها أو مواضع منها من تلك الأحكام للإعتبارات الخاصة التى يقدرها والحكمة التى يصدر عنها. والحكم المطعون فيه حيث ربط بين المادتين (2، 10) من القانون المذكور مستخلصاً منهما معاً أن الطرق الرئيسية تخضع للحظر الوارد فى المادة (10) من ذلك ولو فى حدود مجالس المدن والقرى، عملاً بحكم المادة (2) فيه مخالفة للقانون وإرهاق فى تفسير النصوص لا يقبله المنطق ولا يطيقه القانون.
وهو قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الطرق - أيا كان نوعها - الداخلة فى حدود مجالس المدن والقرى الواقعة فى حيزها العمرانى لا يسرى عليها القيد الوارد فى المادة (10/ أ)، وبالتالى يصح أقامة المنشآت فيها على جانبى الطريق بغير ترك المسافة التى نصت عليها المادة (10) ولا يخرج من نطاق هذا الاستثناء إلا ما كان من الطرق المشار إليها ماراً بأرض زراعية، وفى حدود مرورها بتلك الأرض.
وبتطبيق ذلك على واقعة الحال يبين أن المبنى الذى أقامه الطاعن واقع فى نطاق الحيز العمرانى (داخل حدود مجلس قرية شطانوف) مجاوراً ومحاذياً لكل المبانى القائمة الأخرى فى هذه الجهة، وأن الطريق الرئيسى الذى يقع عليه هذا المبنى يخترق القرية المذكورة ويمر خلالها أى أنه مار بمنطقة سكنية وليست بأرض زراعية وموضوع البناء والمنطقة المجاورة له كلها منطقة سكنية وليس أرضاً زراعية. ولذلك يكون ما قضى به الحكم المطعون فيه من مشروعية القرار المطعون فيه قائماً على أساس غير صحيح.
والحكم الطعين أهدر حكم قضائى نهائى على ما يبين من الشهادة الرسمية التى قدمها الطاعن أمام محكمة القضاء الإدارى والصادرة من نيابة أشمون الجزئية تفيد براءته فى الجنحة رقم 902 لسنة 1985 والتى أتهم فيها بالبناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة. ومبنى هذا الحكم أن الأرض المقام عليها المبنى ليست أرضاً زراعية لوقوعها داخل الحيز العمرانى لقرية شطانوف وفى هذا الحكم ما يقطع بأن موقع الطريق الرئيسى فى موضع ذلك البناء ليس ماراً بأرض زراعية ولكن بأرض للبناء لوقوعها فى كردون القرية المذكورة.. وهو حكم نهائى لعدم الطعن عليه ومن ثم يكتسب حجية فيما قام عليه وبالتالى يكون الاستثناء الذى قررته المادة (10/ أ) قائماً ويكون بناء الطاعن فى هذا الموضع سليم غير مخالف للقانون واهدار الحكم الطعين لحجية الحكم الجنائى المشار إليه يجعله مخالفاً للقانون جديراً بالألغاء. ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة تنص على أن "تنقسم الطرق العامة إلى الأنواع الآتية: ( أ ) طرق سريعة. (ب) رئيسية. (جـ) طرق أقليمية. وتنشأ الطرق الرئيسية والسريعة وتعدل وتحدد أنواعها بقرار من وزير النقل، وتشرف عليها المؤسسة المصرية العامة للطرق والكبارى. أما الطرق الأقليمية فتشرف عليها وحدات الإدارة المحلية". وتنص المادة (2) على أن "تسرى أحكام هذا القانون على جميع الطرق عدا ما يأتي: (أ)........ (ب) الطرق الأقليمية الداخلة فى حدود المدن والقرى التى لها مجالس مدن أو مجالس قروية. أما الطرق السريعة الداخلة فى تلك الحدود فتسرى عليها أحكام هذا القانون. وتنص المادة (10) على أن "تعتبر ملكية الأراضى الواقعة على جانبى الطرق العامة لمسافة خمسين متراً بالنسبة إلى الطرق السريعة وخمسة وعشرين متراً بالنسبة إلى الطرق الرئيسية، وعشرة أمتار إلى الطرق الأقليمية وذلك خارج الأورنيك النهائى المحدد بحدائد المساحة طبقاً لخرائط نزع الملكية المعتمد لكل طريق محملة لخدمة أغراض هذا القانون بالأعباء الآتية: -
(أ) لا يجوز استغلال هذه الأراضى فى أى غرض غير الزراعة ويشترط عدم إقامة أية منشآت عليها ولا يسرى هذا الحكم داخل مجالس المدن إلا فى الأجزاء المارة بأراضى زراعية.
(ب)........ وتنص المادة (12) على أنه "مع عدم الاخلال بأحكام المادة (10) لا يجوز بغير موافقة الجهة المشرفه على الطريق إقامة أية منشآت على الأراضى الواقعة على جانبى الطريق العام ولمسافة توازى مثلاً واحداً للمسافة المشار اليها فى المادة (10)...." وتنص المادة (15) على أنه "فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها فى المادتين السابقتين... وفى جميع الأحوال يكون للجهة المشرفة على الطريق إزالة المخالفة ادارياً على نفقة المخالف".
ومن حيث إنه قد يبين من نصوص القانون المذكور ومذكرته الإيضاحية أن غرضه الأساسى هو تأمين الطرق العامة والمحافظة عليها مع الحرص فى الوقت نفسه على المظهر العام للطريق، وتحقيقاً لذلك فقد قسم الطرق العامة إلى ثلاثة أنواع نص عليها فى المادة الأولى وهى الطرق السريعة والطرق الرئيسية والطرق الأقليمية، وحدد فى المادة الرابعة مواصفات الحركة على هذه الطرق على وجه يكفل توفير الأمان عليها وعدم تعطيل حركة المرور بها ومنع تعرضها للتلف، ولتوفير أكبر قدر من الحماية للطرق العامة ضمن القانون المذكور نصوصه الاشتراطات والقيود التى تكفل هذه الحماية فوضع قيداً قانونياً على ملكية الأراضى الواقعة على جانبى الطرق العامة للمسافات المبينة تفصيلاً فى المادة العاشرة منه محسوبة خارج هذه الأراضى وحظر استغلالها فى أى أغراض غير الزراعة وحدها، وحظر القانون تماماً استغلال هذه الأراضى بإقامة أية منشآت عليها. ويسرى هذا الحكم - كأصل عام - على الأراضى الواقعة خارج حدود مجالس المدن، كما يسرى داخل حدود مجالس المدن فى أجزاء الطرق المارة بأرض زراعية ومن ثم فإن مخالفة هذه الاشتراطات والقيود والخروج عليها يعد اعتداء على الطريق العام وخول القانون فى المادة (15) منه سلطة إزالة المخالفة ادارياً على نفقة المخالف.
ومن حيث إن البادى من الأوراق أن المبانى التى أقامها الطاعن تبعد عن حد الطريق الرئيسى مصر/ شبين الكوم بأقل من المسافة المحظورة إقامة مبانى ومنشآت عليها وبدون ترك المسافة القانونية وقدرها 25 متراً حسب اقراره فى صحيفة دعواه - مما يعد اعتداء على هذا الطريق لا يغير منه ما ذكره الطاعن أن مبناه داخل الحيز العمرانى والكتلة السكنية لقرية شطانوف مركز أشمون منوفية إذ الطريق المشار إليه خارج حدود مجالس المدن ومن ثم لا تدخل أرض الطاعن التى أقام عليها مبناه ضمن الاستثناء المقرر فى المادة (10) من القانون المشار إليه ذلك أن عدم سريان الحظر الوارد فى تلك المادة على المبانى الواقعة داخل الكتلة السكنية مناطة أن يكون المبن داخل كردون أحد مجالس المدن فقط وليس مجالس القرى وإلا لما أعوز المشرع النص على ذلك صراحة خاصة وأنه استخدم عبارتى مجالس المدن ومجالس القرى فى مواطن أخر من النصوص، ولما كان المبنى داخل قرية شطانوف ومن ثم يسرى عليه الحظر المشار إليه، كما لا يفيد الطاعن من الحكم الصادر فى الجنحة رقم 902/ 1985 ببراءته من تهمة البناء على أرض زراعية - على أساس أن المنزل موضوع الاتهام تحيط به الأبنية والطرق وبالتالى يكون قد أقيم على أرض ينحسر عنها وصف الأرض الزراعية فذلك رهين بكون الأرض داخل حدود أحد مجالس المدن وليس القرى ومن ثم يكو القرار المطعون فيه بإزالة المبانى التى أقامها الطاعن قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الطاعن المصروفات.