أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 599

جلسة 3 من يونيه سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(153)
طعن رقم 2025 سنة 27 ق

مواد مخدرة. جريمة تسهيل تعاطي المخدر للغير. متى تتوافر. مثال.
متى كان الثابت بالحكم أن المتهم وآخرين كانوا يتناوبون تعاطي الحشيش أثناء وجودهم معا فإن دور كل منهم يعتبر مماثلاً لدور الآخر من حيث استعمال المادة المخدرة استعمالاً شخصياً, وليس فيما أثبته الحكم من اختصاص المتهم بحمل الجوزة المشتعلة وقت أن وقع عليه نظر الضابط ما يغير مركزه بما يسمح قانوناً اعتباره مسهلا لزملائه الذين كانوا يبادلونه استعمال المخدر متى كان لا يبين من الحكم أن الأشخاص الذين كانوا يجالسون المتهم في الحانوت قد استعانوا في الإحراز بشخص آخر لتسهيل التعاطي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1- إبراهيم إبراهيم خضر و2- محمد إبراهيم خضر (الطاعن) بأنهما: سهلا تعاطي المواد المخدرة "الحشيش" بأن قدما جوزة بها حشيش لراود المقهى وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و32 جـ وأخيرة و35 و41 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول "أ" المرفق به فأجابتهما إلى ذلك, ومحكمة جنايات بورسعيد قضت حضورياً أولاً: ببراءة المتهم الأول إبراهيم إبراهيم خضر مما نسب إليه عملا بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. وثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني محمد إبراهيم خضر بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وإغلاق المحل الذي ضبط به المخدر تطبيقاً للمواد 1 و2 و33 جـ و35 و38 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول "أ" المرفق به. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعي في أوجه طعنه على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور وفساد الاستدلال إذ رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه لحصوله بدون إذن من النيابة العامة, ولا يرد على ذلك بأن الجريمة كانت في حالة تلبس لأن المكان الذي فتش ليس محلاً عمومياً، كما لا يسوغ القول - بانبعاث رائحة الحشيش منه لصغر قطعة الحشيش المضبوطة مما لا يتأتى معه أن تتصاعد منها تلك الرائحة, فضلا عن أن ضابط المباحث وإن صور الواقعة بأنه رأى الطاعن وهو يقدم الجوزة لبعض المتعاطين إلا أنه لم يضبط واحد منهم, ولم يبين الحكم نوع المكان الذي وقعت فيه الجريمة بياناً كافياً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن اليوزباشي عبد الحليم بركات أثبت في محضره أنه يوم 10 من أغسطس سنة 1955 ومعه المخبرون حلمي الرفاعي ومبروك الجمل وحامد عيسى تصادف مروره أمام حانوت المتهمين "محمصة" فشم رائحة حشيش تنبعث منه ورأى المتهم الثاني (الطاعن) يمسك بجوزة ويقدمها لثلاثة كانوا يجلسون متجاورين بداخل الحانوت, فأسرع بالدخول لضبط هذه الواقعة، فأسرع المتهم الثاني والجوزة في يده على داخل الحانوت وألقى بمحتويات الجوزة في حوض ماء, فتبعه هو والمخبرون إلى الداخل وبحث في الحوض فوجد قطعة صغيرة من الحشيش بجوار الحجر الذي كان عليه الدخان فضبطه, وفتشه, ولم يعثر معه على شيء" - وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت هذه الواقعة, وقضى بمعاقبة الطاعن بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 باعتبار أنه: "سهل تعاطي المواد المخدرة (الحشيش للغير) وقضى ببراءته المتهم الأول - ولما كان المستفاد من هذا الذي أثبته الحكم المطعون فيه أن عناصر جريمة تسهيل تعاطي المخدر للغير غير متوافرة في حق الطاعن, وذلك أنه لا يتبين من الحكم أن الأشخاص الذين كانوا يجالسون الطاعن في الحانوت المملوك لوالده (المتهم الأول) قد استعانوا في الإحراز بشخص آخر لتسهيل التعاطي, بل إنهم جميعاً بما فيهم الطاعن كانوا يتناولون تعاطي الحشيش في أثناء وجودهم معاً, وكان دور كل منهم مماثلاً لدور الآخر من حيث استعمال المادة المخدرة استعمالاً شخصياً, وليس فيما أثبته الحكم المطعون فيه من اختصاص الطاعن بحمل الجوزة المشتعلة وقت أن وقع عليه نظر الضابط ما يغير مركزه بما يسمح قانوناً اعتباره مسهلا لزملائه الذين كانوا يبادلونه استعمال المخدر - لما كان ذلك - فإن القدر الذي يجب محاسبة الطاعن عليه حسب الواقعة الثابتة بالحكم هو ارتكابه لجريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي - ويكون الحكم المطعون فيه إذ دانه بالعقوبة المغلظة المخصصة لجناية التسهيل قد أخطا في تطبيق القانون على تلك الواقعة مما يتعين معه نقضه وتصحيح هذا الخطأ عملا بالمادة 425 من قانون الإجراءات الجنائية, ومعاقبة الطاعن بالتطبيق لنص المادة 34 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 - أما ما يثيره الطاعن في طعنه, فمردود بأن الحكم قد أثبت أن الضابط ومن معه من المخبرين قد شهودا بأنهم اشتموا رائحة الحشيش تتصاعد من محل الطاعن الذي شوهد عندئذ ومعه الجوزة المشتعلة, الأمر الذي يجعل جريمة إحراز بقصد التعاطي متلبساً بها, مما يسوغ لمأمور الضبط القضائي دخول هذا المكان وتفتيشه والقبض على كل من يرى أن له اتصالاً بالجريمة, ولا يهم نوع المكان الذي وقعت فيه الجريمة, ولا يلزم أن يكون محلاً عمومياً, ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع ببطلان التفتيش على أساس توافر حالة التلبس يكون صحيحاً في القانون.