أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 879

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد مصطفي فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: مصطفي كامل، وفهيم يسى جندي، ومحمد عطيه إسماعيل، وعباس حلمي سلطان المستشارين

(216)
الطعن رقم 935 لسنة 28 القضائية

نقض. طعن. المصلحة في الطعن. انتفاؤها.
مثال في اعتبار المتهم فاعلا في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار.
اتفاق المتهمين على القتل العمد مع سبق الإصرار ووجود ثانيهما في مسرح الجريمة وقت ارتكابها ينفي مصلحة هذا الأخير في التمسك بأنه لم يضرب المجني عليه إلا الضربة التي أصابت العصا.
إذا أثبت الحكم اتفاق المتهمين على القتل العمد مع سبق الإصرار ووجود ثانيهما في مسرح الجريمة وقت ارتكابها، فإنه لا جدوى لهذا الأخير مما يثيره خاصا بأن الشاهدين ذكرا أنه لم يضرب المجني عليه إلا الضربة التي أصابت العصا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- الحسيني محمد السبحى و2- عبد الله محمد السبحى (الطاعنين) و3- سيد محمد السبحى و4- أبو النجا محمد السبحى و5- غريب أحمد السبحى و6- بسيونى أحمد السبحى بأنهم: المتهمون الخمسة الأول: قتلوا السيد النجار عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك فؤوسا وقواديما وعصيا وسيفا وتربصوا له في طريق عودته لمنزله فلما ظفروا به انهالوا عليه ضربا بهذه الأسلحة قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقدير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. والمتهم الثاني ضرب عائشة وهبه وهبه بسيونى السيد النجار فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما. والمتهم السادس: - ضرب عبد الله محمد السبحى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي لم يتقرر لها علاج، وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات، فصدر الأمر بذلك. وأدعى بحق مدني: - 1- صباح صالح فرج و2- هليجة بيومي المجدوية و3- هانم أحمد المجدوية و4- بسيونى السيد النجار و5- زينب السيد النجار، وطلبوا الحكم لهم قبل المتهمين الخمسة الأول متضامنين بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات طنطا قضت أولا: بمعاقبة الحسيني محمد السيحى بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. وثانيا: بمعاقبة عبد الله محمد السبحى بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عن التهمتين. وثالثا: بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعين مدنيا خمسمائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وذلك تطبيقيا للمواد 230 و231 و232 و17 من قانون العقوبات للأول وبها بالمادتين 242/ 1 و32 من ذات القانون للثاني. ورابعا ببراءة كل من المتهمين الثالث والرابع والخامس مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم وإلزام رافعيها بمصروفاتها. وخامسا: - ببراءة المتهم السادس مما أسند اليه، وذلك تطبيقا للمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والتناقض وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم حين عرض لأقوال الشهود ذكر أن بسيونى السيد النجار ابن القتيل قرر بأن الضارب لأبيه خمسة أشخاص منهم الطاعنان، وأن جلال المجدوبى، وإبراهيم خليل أبو شهبه شهدا بأن الضاربين للقتيل هما. الطاعنان وآخران، كما شهدت عائشة وهبه بأن الطاعنين وثالث هم الضاربون للقتيل، وما أثبته الحكم المطعون فيه على لسان هؤلاء الشهود الأربعة متعارض مع واقعة الدعوى كما بينتها المحكمة وقصدت منها حصول الاعتداء على الطاعنين فحسب. كما أن ما أثبته الحكم كذلك على لسان الشاهدين بسيونى النجار وجلال المجدوبى يدل على أن كل ما فعله الطاعن الثاني هو محاولة ضرب المجني عليه مرة واحدة بالسيف، فتلقاها الأخير على عصاه، ومن ثم كان اعتماد المحكمة على ما جاء بأقوال هذين الشاهين. من أن الطاعن الثاني أخذ يضرب المجني عليه حتى فارق الحياة هو تدليل غير سليم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد إذ حصر مقارفة الجريمة في الطاعنين، ودلل على ذلك بسرد أقوال شهود الحادث جميعا، خلص إلى قوله: "وحيث إن المحكمة ترى أن تهمة قتل المجني عليه السيد النجار ثابتة في حق المتهمين الأولين الحسيني محمد السبحى وعبد الله محمد السبحى مما شهد به شهود الإثبات المتقدم ذكرهم على النحو السالف بيانه. وكلهم شهود رؤية، والمحكمة تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود بصدد هذين المتهمين" وقال في موضع آخر. "وقد تأيدت شهادة هؤلاء الشهود فيما يختص بالمتهم الأول باعترافه بضرب المجني عليه بالقادوم عدة ضربات على رأسه" وحين تحدث الحكم عن المتهم الثاني قال بأن أقوال الشهود فيما يختص به قد تأيدت بوجود آثار بعصا المجني عليه من جراء الضربة الأولى التي وجهها إليه، ومن اعتراف هذا المتهم بضربه بسيونى ابن المجني عليه والشاهدة عائشة وهبه مما يؤيد في نظر المحكمة وجوده في محل الحادث وقت حصوله واشتراكه في قتل المجني عليه - لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما عداها، وتجزيء أقوال الشاهد، فتأخذ في حق متهم دون الآخر ومرد الأمر في ذلك كله إلى اطمئنانها، وقد أثبت الحكم اتفاق الطاعنين على القتل العمد مع سبق الإصرار ووجود ثانيهما في مسرح الجريمة وقت ارتكابها، فلا جدوى لهذا الأخير مما يثيره في هذا الوجه من الطعن خاصا بأن الشاهدين بسيونى النجار وجلال المجدوبى ذكرا أنه لم يضرب عليه المجني عليه إلا الضربة التي أصاب العصا.
ومن حيث إن الطاعنين نعيا على الحكم المطعون فيه كذلك القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقولان. إن المحكمة اعتمدت في التدليل على نية القتل بالنسبة للطاعن الثاني على تعدد الضربات، في الوقت الذي أثبتت فيه على لسان الشهود الثلاثة الأولين وأحد المتهمين الذين برئوا أن آخرين اشتركوا مع الطاعنين في ضرب المجني عليه وكانوا يحملون أسلحة من نوع ما حمله الطاعنان.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حين عرض لبيان نية القتل قال في شأنها: "وحيث إن المحكمة ترى أن نية القتل متوافرة لدى المتهمين الأولين - الطاعنين - من قيام الباعث على قتل المجني عليه وهو الأخذ بثأر ابن عمهما أحمد السبحي الذي اتهم المجني عليه في قتله قبل الحادث ببضعة أشهر، ومن استعمال المتهمين في الاعتداء على المجني عليه آلات حادة قاتلة، وتخيرهما في ضربة مواضع قتالة من جسمه، ومن تعد الضربات الذي عليه تعدد الإصابات، ومن جسامه هذه الإصابات، كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أن المتهمين قصدا إزهاق روح المجنى عليه" وكان هذا الذي أورده الحكم سائغا في استخلاص نية القتل لدى الطاعنين. ما دام أن الحكم لم ينسب ضربا لسواهما، ويؤدى عقلا إلى النتيجة التي رتب عليها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.