مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صـ 743

(77)
جلسة 29 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والسيد محمد العوضى، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2285 لسنة 37 قضائية عليا

دعوى - عوارض سير الخصومة - ترك الخصومة - العدول عن الترك - أثره.
المادة 141 من قانون المرافعات.
الأصل في ترك الخصومة أن يتم أمام المحكمة وأثناء نظر الدعوى سواء بمذكرة تقدم من التارك للمحكمة أو إثباته بمحضر الجلسة أو بإعلانه على يد محضر - مرد هذا التحديد أن تظهر إرادة المدعى في ترك الخصومة واضحة ومحددة - عدول المدعى عن الإقرار بالتنازل عن الدعوى وعدم الخصومة قبل غلق باب المرافعة في الدعوى يجب معه على المحكمة أن تتقيد بالإرادة الحقيقية التي أبداها أمام المحكمة وتطرح الإقرار بالترك جانباً - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 8/ 5/ 1991 اودع الأستاذ/............ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2285 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة الترقيات" بجلسة 28/ 3/ 1991 في الدعوى 1789 لسنة 41 ق الذي قضى بإثبات ترك المدعى الخصومة في الدعوى وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً للمطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إثبات ترك المدعى (الطاعن) الخصومة في الدعوى والقضاء بإعادة الدعوى مجدداً إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وبعد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - موضوع التي نظرته بجلسة 11/ 1/ 1997 وبالجلسات التالية إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يتبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 15/ 1/ 1987 أقام السيد/ سعد نجيب سعد (الطاعن) الدعوى رقم 1789 لسنة 41 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1289 لسنة 1986 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون الرقابة والخبراء والتسعير المقرر لها الفئة العالية بديوان عام وزارة التموين مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعى شارحاً دعواه أنه رغم امتيازه واعتراف جهة الإدارة بذلك إلا أنها دأبت على حرمانه من الترقيات فقد تخطته في الترقية للدرجة الأولى وأنصفه القضاء الإداري، ثم تخطته في الترقية لدرجة مدير عام وأنصفه القضاء مرة أخرى، ولما حل عليه الدور في الترقية إلى الدرجة العليا "وكيل وزارة" كررت جهة الإدارة - مسلكها فاستصدرت القرار رقم 1298 لسنة 1986 بتاريخ 21/ 10/ 1986 بتخطيه في الترقية إلى إحدى وظائف الدرجة العالية، إذ تضمن هذا القرار ترقية من هو أحدث منه في وظيفة مدير عام ولا يزيد عنه في الكفاية والاقتدار، ولهذا فقد تظلم من هذا القرار إلى رئيس الوزراء بالبريد المسجل مع علم الوصول في 8/ 11/ 1986 ناعياً على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون ذلك أنه تضمن ترقية السيد/ ........ رئيساً للإدارة المركزية لشئون الرقابة والخبراء والتسعير بديوان عام وزارة التموين في حين أنه أحدث منه في شغل درجة مدير عام فالمطعون على ترقيته شغل هذه الوظيفة اعتباراً من 15/ 10/ 1983 في حين أن المدعى شغلها في 19/ 5/ 1982 وتقارير كفايته عن السنوات الثلاث الأخيرة بمرتبة ممتاز كما أن المطعون على ترقيته لا يفوقه في مرتبة الكفاية والاقتدار وخلص المدعى في صحيفة دعواه إلى طلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 15/ 11/ 1990 قدمت هيئة قضايا الدولة أصل تنازل المدعى عن دعواه موقعاً منه وموثقاً بالشهر العقاري بتاريخ 16/ 9/ 1987 وبذات الجلسة حضر وكيل المدعى وقرر أنه يعدل عن ترك دعواه ويتمسك بطلباته وطلب الاستمرار في نظر الدعوى.
وبجلسة 28/ 3/ 1990 قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها المطعون فيه والمشار إليه بصدر هذا الحكم وشيدت قضاءها على أساس أن الثابت بالأوراق أن المدعى قدم للإدارة تنازلاً موثقاً بالشهر العقاري يفيد تنازله عن الدعوى وأن الإدارة بدورها قدمته للمحكمة فمن ثم فإنه يترتب على هذا التنازل إسقاط أصل الحق في مخاصمة القرار المطعون فيه ولا يمكن الرجوع في هذا الترك ومعاودة اختصام القرار المطعون فيه مرة أخرى وأن طلب المدعى العدول عن هذا الترك والاستمرار في نظر الدعوى غير جائز مما يتعين القضاء بإثبات ترك المدعى للخصومة في الدعوى.
ولم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فقد اقام طعنه الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون لأنه طالما لم يقفل باب المرافعة في الدعوى فيكون من حق المدعى العدول عن الترك حتى ولو كان تركه لدعواه قد تم في مجلس القضاء، وأضاف الطاعن أن وزير التموين ضغط عليه ليترك دعواه كشرط لترقيته مستقبلاً وبالتالي فإنه وبغض النظر عن الإكراه الأدبي الذي تعرض له فإنه له (الطاعن) أن يعدل عن ترك دعواه طالما لم يقفل فيها باب المرافعة وقد قرر وكيل الطاعن في ذات جلسة تقديم التنازل عن الدعوى، عدوله عن ترك الخصومة في دعواه وإصراره على الاستمرار فيها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ما يوجبه النظر المتقدم فقد خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إن المادة 141 من قانون المرافعات تنص على أن "يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو بيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإيداعه شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر".
ومن حيث إن مقتضى النص المشار إليه أن الأصل في ترك الخصومة أن يتم أمام المحكمة وأثناء نظر الدعوى سواء بمذكرة تقدم منه للمحكمة أو إثباته بمحضر الجلسة أو بإعلانه على يد محضر. "ومرد هذا التحديد أن تظهر إرادة المدعى في ترك الخصومة واضحة ومحددة".
ومن حيث إن الثابت أن الحاضر عن الجهة الادارية قدم إقراراً موقعاً عليه من المدعى وموثقاً بالشهر العقاري يفيد تنازله عن الدعوى المرفوعة ضد الجهة الإدارية (المطعون ضدها) إلا أن الثابت أيضاً أن الحاضر عن المدعى قرر بذات جلسة تقديم الإقرار بعدوله عن إقراره وعدم تركه الخصومة واستمساكه بها وكان ذلك قبل قفل باب المرافعة في الدعوى، الأمر الذي كان يقتضى من المحكمة أن تعتد بالإرادة الحقيقة التي أبداها أمام المحكمة وتطرح الإقرار بترك الخصومة جانباً طالما أن المدعى عدل عن هذا الإقرار في ذات جلسة تقديمه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وإذ قضى بإثبات ترك الخصومة يكون غير قائم على أساس سليم من القانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إن الدعوى في حالتها الراهنة غير مهيأة للفصل في موضوعها، حيث لم يبد الخصوم دفوعهم الموضوعية مما يتعين معه إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري "دائرة الترقيات" للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وأبقت الفصل في المصروفات.