مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 1601

(163)
جلسة 18 من أبريل سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة، ومحمد الشيخ علي أبو زيد، وعبد الرحمن سعد محمود عثمان - المستشارين.

الطعن رقم 1608/ 1635 لسنة 36 القضائية

( أ ) دعوى - انقطاع سير الخصومة - تأجيل نظر الدعوى - إجراءاته
حدد المشروع حالات انقطاع سير الخصومة وبين كيفية تعجيل نظر الدعوى بعد الانقطاع - تستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته، بناء على طلب الطرف الآخر أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف - إذا كان ذلك بالنسبة للمنازعات الداخلة في ولاية القضاء العادي فإن تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره إجراء يستهدف السير في المنازعة بعد انقطاعها يأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون لانعقاد الخصومة أمام المحكمة المختصة - تطبيق.
(ب) العلاقة بين انقطاع الخصومة وسقوطها - أثر ذلك عند تعدد الخصوم في موضوع غير قابل للتجزئة.
لئن كان انقطاع سير الخصومة يتم بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقد أهليته أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه إلا أن ذلك لا يستتبع احتساب بدء مواعيد السقوط من تاريخ تحقق سببه ما لم يصدر حكم من المحكمة فيبدأ منه احتساب تلك المواعيد - إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة فإن سقوط الخصومة بالنسبة لبعض المدعى عليهم يستتبع سقوطها بالنسبة للباقين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 3/ 4/ 1990 أودع الأستاذ الدكتور/........ المحامي نائباً عن الأستاذ/.......... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن بموجب توكيل خاص رقم 2736أ لسنة 1990 توثيق الجيزة النموذجي، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن، قيد بجدولها برقم 1608 لسنة 36 ق. عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 4/ 2/ 1990 في الدعوى رقم 1722 لسنة 25 ق، والذي قضى بإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع للمدعي بصفته مبلغاً مقداره 280, 10545 جنيه عشرة آلاف وخمسمائة وأربعين جنيهاً ومائتين وثمانين مليماً والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبصفة أصلية برفض دعوى المطعون ضده بصفته مع إلزامه المصروفات من الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق.
وفي يوم الأربعاء الموافق 4/ 4/ 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن، قيد بجدولها برقم 1635 لسنة 36 ق. عليا، في ذات الحكم المطعون عليه بالطعن الأول، والقاضي في شقه الأخير، برفض المطالبة بالفوائد القانونية.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع، بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المطعون ضده بالمبلغ المحكوم به وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع المصروفات عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين، ارتأت فيه الحكم أولاً: أصلياً في الطعن رقم 1608 لسنة 36 ق. عليا، بإلغاء الحكم المطعون فيه وسقوط الخصومة وإلزام الجهة الإدارية المصروفات - ثانياً احتياطياً: في الطعن رقم 1635 لسنة 36 ق. عليا: بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المطعون ضده بمبلغ 280، 10545 جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً والمصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعنين على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع التمست فيها الحكم أولاً: برفض الطعن رقم 1608 لسنة 36 ق. عليا وإلزام الطاعن المصروفات - ثانياً: بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المطعون ضده بالمبلغ المحكوم به وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، مع إلزامه المصروفات. وبجلسة 19/ 1/ 1994 قررت الدائرة ضم الطعن رقم 1635 لسنة 36 ق. عليا إلى الطعن رقم 1608 لسنة 36 ق. عليا، ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 2/ 3/ 1994، وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا لنظرهما بجلسة 5/ 4/ 1993، وقد تداول نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 18/ 4/1995، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعها الشكلية، فهما مقبولين شكلاً: ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/ 8/ 1971 أقام السيد/ وزير التعليم العالي بصفته الدعوى رقم 1722 لسنة 25 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) ضد
(1):........
(2)....... - طالباً الحكم في ختامها بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا إليه مبلغاً مقداره 10545.280 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وذكر المدعي بصفته شرحاً لدعواه، أنه بتاريخ 25/ 2/ 1961 تقدم المدعى عليه الأول بطلب التحاق ببعثة عملية تابعة لكلية الزراعة بجامعة عين شمس للحصول على درجة الدكتوراه في الأرضي والفاكهة. وبتاريخ 19/ 6/ 1961 قررت اللجنة التنفيذية للبعثات ترشيحه لهذه البعثة، وبتاريخ 2/ 12/ 1961 حرر المدعى عليه الأول إقراراً كتابياً تضمن التزامه بأن يتم دراسته خلال المدة المقررة لها وأن يعود إلى أرض الوطن ليخدم الوزارة أو الجامعة التابع لها المدة المقررة قانوناً، كما تضمن هذا التعهد التزام المذكور برد جميع نفقات البعثة في حالة إخلاله بالتزامه السابق، وقد وقع على التعهد المدعى عليه الثاني الذي التزم بطريق التضامن مع المدعى عليه الأول برد نفقات البعثة في حالة تقاعس الأخير عن تنفيذ التزامه.
وأضاف المدعي بصفته أن المدعى عليه الأول لم يعد لأرض الوطن بعد انتهاء مدة الدراسة المقررة والتي تم مدها حتى يونيه عام 1968، ومن ثم قررت اللجنة التنفيذية للبعثات مطالبته وضامنة (المدعى عليه الثاني) بالنفقات البالغ مقدارها 10545.280 جنيه، وخلص إلى أنه يلتمس الحكم بالطلبات سالفة الذكر. وقد تدوول نظر الدعوى بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري على النحو الموضح بمحاضر جلساتها حيث قدم كل من طرفي الدعوى مستنداته ودفاعه.
وبجلسة 3/ 4/ 1983 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعى عليه الثاني، وقام المدعي بصفته بتعجيل نظر الدعوى في مواجهة المدعى عليه الأول بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، وأعلنت للمدعى عليه المذكور، ونظرت المحكمة الدعوى بعد تعجيلها، حيث قررت تكليف الحاضر عن الجهة الإدارية المدعية بإيداع ملف بعثة المدعى عليه الأول وملف خدمته، وقد قدم الحاضر عن المدعى عليه الأول مذكرة دفاع التمس فيها الحكم بسقوط الخصومة في الدعوى طبقاً لنص المادة 134 مرافعات، وبجلسة 2/ 3/ 1986 قضت المحكمة بوقف الدعوى لمدة ستة أشهر لعدم تنفيذ الجهة الإدارية المدعية قراراً للمحكمة المشار إليه.
وقامت هيئة قضايا الدولة بتعجيل نظر الدعوى بموجب صحيفة معلنة للمدعى عليه الأول، وبعد أن استأنف سير الدعوى، قدمت الجهة الإدارية حافظة مستندات ومذكرة دفاع التمست فيها الحكم بالطلبات.
وبجلسة 4/ 2/ 1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها تأسيساً على ما ثبت في الأوراق، من إخلال المدعى عليه الأول بالتزامه الوارد بتعهده والمقررة بنص المادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم البعثات والأجازات الدراسية والمنح، ومن ثم يتعين إلزامه برد كافة النفقات التي صرفت عليه خلال وجوده بالخارج والتي بلغت قيمتها 10545.280 جنيه.
وأضافت المحكمة أن القضاء بالفوائد القانونية يعد تكراراً للحكم بالتعويض عن الواقعة الواحدة ومن ثم يتعين رفض المطالبة بهذه الفوائد.
ومن حيث إن الطاعن في الطعن رقم 1608 لسنة 36 ق. عليا، ينعى على الحكم المطعون فيه، مخالفته القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، للأسباب الآتية:
أولاً - التفتت المحكمة عن دفاع الطاعن المتضمن بأن عدم عودته لأرض الوطن كان يرجع لأسباب لا دخل له فيها، وقد تمثلت هذه الأسباب في إدراج اسم الطاعن بقوائم منع السفر وقوائم ترقب الوصول، فضلاً عن أن جهة الإدارة قررت إنهاء خدمته في الفترة التي كان فيها اسمه مدرجاً بقوائم ترقب الوصول.
ثانياً - دفع الطاعن بسقوط الخصومة في الدعوى استناداً إلى أنه سبق للمحكمة أن قضت بجلسة 3/ 4/ 1983 بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعى عليه الثاني، وقام المدعي بصفته بتعجيلها بعد المدة المقررة قانوناً، وقد كان يتعين على المحكمة القضاء بسقوط الخصومة في هذه الدعوى، إلا أنها التفتت عن هذا الدفع بدون سند من القانون.
ثالثاً - أخلت المحكمة بحق الدفاع، لأنها لم تعرض لدفاع الطاعن وظروف الدعوى وملابساتها، واعتمدت في قضائها على ما سطره المدعي بصفته بدعواه.
وتنعى الجهة الإدارية الطاعنة في الطعن رقم 1635 لسنة 36 ق. عليا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون في قضائه برفض المطالبة بالفوائد القانونية، ذلك أن المبلغ المطالب به في الدعوى معلوم المقدار وقت المطالبة القضائية، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على تطبيق أحكام المادة 226 مدني متى توافرت شروط تطبيقها.
ومن حيث إن المادة 130 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تقضي بأن "ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائين..." وتقضي المادة 113 مرافعات بأن "تستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للخصومة.." وتقضي المادة 134 مرافعات بأنه (لكل ذي مصلحة في الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي" وتقضي المادة 136 مرافعات بأن "يقدم طلب الحكم بسقوط الخصومة إلى المحكمة المقامة أمامها الدعوى المطلوب إسقاط الخصومة فيها بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى. ويجوز التمسك بسقوط الخصومة في صورة دفع إذا عجل المدعي دعواه بعد انقضاء السنة....".
ومن حيث إن المستفاد من نص المادتين 130، 133 من قانون المرافعات أن المشرع أوضح حالات انقطاع سير الخصومة وحدد كيفية تعجيل نظر الدعوى بعد الانقطاع، فنص على أن تستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفة بناء على طلب الطرف الآخر، وبهذه المثابة، فإنه إذا كان ما تقدم هو الطريق المرسوم قانوناً لتعجل نظر الدعوى في المنازعات الداخلة في ولاية القضاء العادي، فإن تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره إجراء يستهدف السير في المنازعة بعد انقطاعها بأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون لانعقاد الخصومة أمام المحكمة المختصة. والمستفاد من نص المادة (134) مرافعات أن سقوط الخصومة جزاء فرضه المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله وامتناعه مدة سنة إذا طلب صاحب المصلحة إعمال ذلك الجزاء، ومن المستقر عليه قضاء أن سقوط الخصومة لا يتعلق بالنظام العام، إذ يجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ويسقط التمسك به بالتعرض للموضوع، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
ومن المسلم به أنه لئن كان انقطاع سير الخصومة يتم بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقد أهليه أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه، إلا أن ذلك بمفرده لا يستتبع احتساب بدء مواعيد السقوط في تاريخ تحقق سببه ما لم يصدر حكم من المحكمة، فيبدأ منه احتساب تلك المواعيد. والمستفاد من نص المادة (136) مرافعات أن الخصومة بالنسبة لإسقاطها أصبحت قابلة للتجزئة عند تعدد المدعى عليهم، غير أن ذلك لا يتصور إلا إذا كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة، أما إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة فإن سقوط الخصومة بالنسبة لبعض المدعى عليهم يستتبع سقوطها بالنسبة للباقين.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قد قضت بجلسة 3/ 4/ 1983 بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعى عليه الثاني، وقد قامت الجهة الإدارية المدعية بتعجيل نظر الدعوى في مواجهة المدعى عليه الأول، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 3/ 9/ 1984، وبعد أن تم نظر الدعوى دفع المدعى عليه المذكور بسقوط الخصومة، وقدم مذكرة تمسك فيها بهذا الدفع، فمن ثم كان يتعين على المحكمة القضاء بسقوط الخصومة في الدعوى، لإيداع صحيفة التعجيل بعد مضي أكثر من سنة من تاريخ القضاء بانقطاع سير الخصومة في الدعوى.
ومن حيث إنه استناداً لما تقدم يكون الحكم المطعون عليه بالطعنين الماثلين قد خالف القانون، الأمر الذي يتعين معه بإلغائه، وبسقوط الخصومة في الدعوى وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدهما في الطعن رقم 1608 لسنة 36 ق. عليا المصروفات، عملاً بنص الماد 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً،ً وفي الموضوع، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبسقوط الخصومة في الدعوى، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها، في الطعن رقم 1608 لسنة 36 ق. عليا، بمصروفات هذا الطعن.