أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 1101

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(267)
الطعن رقم 61 لسنة 28 القضائية

(أ وب وج) اختصاص. امتداده. ارتباط. أثر الارتباط الحتمي بين دعاوى بعضها من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم استثنائية.
ارتباط جريمة من الجرائم العامة بجريمة من اختصاص محكمة استثنائية ارتباطاً حتمياً يوجب اختصاص المحاكم الجنائية العادية بنظر الدعويين والفصل فيهما. علة ذلك. المادة 183 أ ج، 32/ 2 ع.
تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة القانون إلى الجريمة الأصلية وسيرها في مجراها في مرحلتي الإحالة والمحاكمة إلى  أن يتم الفصل فيهما.
بقاء اختصاص المحكمة العادية في حالة الارتباط الحتمي ولو قضى في الجريمة الأصلية التي هي من اختصاصها بالبراءة أو بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى. علة ذلك. عموم نص المادة "183" أ. ج.
1- قررت المادة "183" من قانون الإجراءات الجنائية قاعدة عامة أصلية من قواعد تنظيم الاختصاص هي أنه إذا ارتبطت جريمة من الجرائم العادية بجريمة من اختصاص محكمة استثنائية - كجريمة عسكرية - إرتباطاً حتمياً تتوافر بة شروط المادة 32 من قانون العقوبات اختصت بنظرهما والفصل فيهما المحاكم الجنائية العادية، وذلك تغليباً لاختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة على غيرها من جهات القضاء، ولا يخالف هذا الأصل إلا في الأحوال التي يتناولها القانون بنص خاص.
2- تتماسك الجريمة المرتبطة وتنضم بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأصلية وتسير في مجراها وتدور معها في محيط واحد في سائر مراحل الدعوى، في الإحالة والمحاكمة إلى أن يتم الفصل فيهما.
3- يظل اختصاص المحكمة العادية مبسوطاً على الجريمتين المرتبطتين إلى أن يتم الفصل في موضوعهما، ولا ينفك عنها هذا الاختصاص ولو قضى في الجريمة الأصلية التي هي من اختصاصها بحسب الأصل بالبراءة أو بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، وذلك لورود النص بصيغة عامة والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة عبد الفتاح حسن المصري - أولاً بأنه: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً ماديا في ورقة رسمية هي محضر معاينة وجرد لمخزن بضائع لها بالمنطقة الحرة صادر من مصلحة الجمارك وذلك بتغيير كلمة "نظر" إلى كلمة "يعتمد" وثانيا - أنه استعمل الورقة المذكورة بادية الوصف بأن قدم صورة زنكوغرافية منها إلى لجان تقدير التعويضات عن أضرار الحرب ببورسعيد مع علمه بتزويرها وثالثا - أنه أدلى كتابة ومشافهة ببيانات غير صحيحة وذلك للحصول على تعويضات عن أضرار الحرب التي وقعت على الأموال بمدنية بورسعيد. وطلبت النيابة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 211 و212 و214 من قانون العقوبات والمواد 1 و4 من الأمر العسكري رقم 1 لسنة 1951 الصادر من محافظة القنال. وغرفة الاتهام بمحكمة بورسعيد الابتدائية أمرت حضورياً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية على التهم في التهم الثلاث المنسوبة إليه. فطعنت الطاعنة "النيابة العامة" في هذا الأمر بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن النيابة تبني طعنها على الخطأ في تطبيق القانون وفي ذلك تقول أن الجريمة الثالثة الواردة بوصف التهمة هي جريمة منصوص عليها في الأمر العسكري المحلي رقم 1 لسنة 1957 الصادر من محافظة القنال بتاريخ 4 من فبراير سنة 1957 بمقتضى السلطة المخولة له بالأمر العسكري رقم 2 الصادر من الحاكم العسكري العام، فهي جريمة عسكرية تختص بنظرها والفصل فيها المحاكم العسكرية وحدها دون غيرها تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 533 لسنة 1954 بشأن الحكام العرفية، وليس لجهة القضاء العادي ولاية الفصل فيها، أما وقد نظرت غرفة الاتهام موضوع هذه الجريمة وفصلت فيه بالأوجه لإقامة الدعوى فإنها تكون قد أخطأت إذ كان عليها أن تحكم بعدم اختصاصها بنظرها.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المتهم وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن تهم الثلاث هي أنه في المدة بين 30 يناير سنة 1957 ونهاية مارس سنة 1957 ببورسعيد أولاً - ارتكب تزويراً مادياً في ورقة رسمية هي محضر معاينة وجرد لمخزن بضائع لها بالمنطقة الحرة صادر من مصلحة الجمارك وذلك بتغيير كلمة "نظر" إلى كلمة "يعتمد" وثانيا - أنه استعمل هذه الورقة المزورة بأن قدم صورة زنكوغرافية منها إلى لجان تقدير التعويضات عن أضرار الحرب ببورسعيد مع علمه بتزويرها وثالثا - أنه أدلى كتابة ومشافهة ببيانات غير صحيحة وذلك للحصول على تعويضات عن أضرار الحرب التي وقعت على الأموال بمدنية بورسعيد. وبعد أن اطلعت غرفة الاتهام على الأوراق أمرت بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى على المتهم في التهم الثلاث وأسست قضاءها على سببين: الأول: عدم توافر ركن القصد الجنائي في واقعة التزوير في المحرر الرسمي، وبالتالي انعدم جريمة استعمال المحرر المذكور، والثاني عدم توافر أركان جريمة الإدلاء ببيانات كاذبة وهي موضوع الجريمة الثالثة.
وحيث إن المادة 183 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "في أحوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة إذا كان بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم استئنافية يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكمة العادية....." قد قررت قاعدة عامة أصلية من قواعد تنظيم الاختصاص هي أنه إذا ارتبطت جريمة من الجرائم العامة بجريمة من اختصاص محكمة استثنائية - كجريمة عسكرية - ارتباطاً حتمياً تتوافر فيه شروط المادة 32 من قانون العقوبات، اختصت بنظرهما والفصل فيهما المحاكم الجنائية العادية، وذلك تغليباً لاختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة على غيرها من جهات القضاء، ولا يخالف هذا الأصل إلا في الأحوال التي تناولها القانون بنص خاص، ويظل اختصاص المحكمة العادية مبسوطاً على الجريمتين المرتبطتين إلى أن يتم الفصل في موضوعهما ولا ينفك عنها هذا الاختصاص ولو قضى في الجريمة الأصلية التي هي من اختصاصها بحسب الأصل بالبراءة أو بعدم وجوده لإقامة الدعوى، وذلك لورود النص بصفة عامة مطلقة والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولأن مناط الاختصاص المشار إليه آنفاً هو الارتباط الحتمي بين الجرائم، حيث تتماسك الجريمة المرتبطة وتنضم بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأصلية وتسير في مجراها وتدور معها في محيط واحد في سائر مراحل الدعوى، في الإحالة والمحاكمة، إلى أن يتم الفصل فيهما. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة قدمت المتهم إلى غرفة الاتهام لإحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن الجريمة العسكرية مع الجريمتين الأخريين، وكان الواضح مما أثبته الأمر المطعون فيه اشتماله على العناصر التي يتحقق به ارتباط هذه الجرائم الثلاث بعضها ببعض ارتباطاً لا يتجزأ ويجمعها غرض جنائي واحد، فإن غرفة الاتهام إذا أمرت بالأوجه لإقامة الدعوى في تلك الجرائم جمعيا. يكون أمرها صادراً من جهة تملك إصداره لدخوله في حدود ولايتها المستمدة من القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.