أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 41

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد سليمان نائب رئيس المحكمة، محمد وليد الجارحي، محمد بدر الدين توفيق وشكري جمعة حسين.

(322)
الطعن رقم 1860 لسنة 53 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2 - 5) إيجار "إيجار الأماكن". "عقد الإيجار". "التزامات المؤجر". بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". عقد.
(2) تعدد المستأجرين لمكان واحد. العبرة بالعقد الأسبق في التاريخ الثابت. م 24 ق لسنة 1977. عدم ثبوت تاريخ العقد الأخر أو ثبوت أن تاريخه السابق لاحق للأول. لا محل لتطبيق نص المادة 573 مدني للمفاضلة بينهما.
(3) تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الواقع منها من سلطة محكمة الموضوع.
(4) عقد الإيجار. أثره التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة. مؤدي ذلك. التزام المؤجر بضمان عدم التعرض مادتان 571، 572 مدني.
(5) بطلان العقد. أثره. اعتباره كأن لم يكن زوال كل أثر له فيما بين المتعاقدين بالنسبة للغير لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان. م 141/ 1 مدني.
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط فيما يختصم في الطعن بالنقض أن يكون قد قضي لصالحه بشيء قبل الطاعن.
2 - مفاد النص في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع واجه تعدد المستأجرين لمكان واحد بقرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس مؤداها الاعتداد بالتاريخ الثابت بالعقد دون تاريخه العرفي، ولازم ذلك أن العقد الأسبق في التاريخ الثابت صحيح دون غيره مما ليس له تاريخ ثابت أولاً ولكن لاحق للتاريخ الأول وبذلك فلا محل لتطبيق نص المادة 573 من القانون المدني التي تقتضي نقضت المفاضلة بين عقود إيجار صحيحة ونافذة.
3 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الواقع منها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
4 - إن عقد الإيجار يلزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، فإذا وقع تعرض من الغير يستند إلي سبب قانوني يرجع إلي المؤجر جاز للمستأجر أن يرفع دعوى الحق مستنداً في ذلك إلي عقد الإيجار وما ينشأ عنه من ضمان عدم التعرض طبقاًَ للقواعد العامة عملاً بالمادتين 571، 572 من القانوني المدني.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يترتب على بطلان العقد اعتباره كأن لم يكن وزوال كل أثر له فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير، لما كان ذلك وكانت المادة 141/ 1 من القانون المدني تقضي بأنه إذا كان العقد باطلاً جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ولا يزول البطلان بالإجازة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما على الطاعن والمطعون ضدهما الثالث والرابع الدعوى رقم 301 لسنة 1979 أمام محكمة بور سعيد الابتدائية بتمكينهما من الانتفاع بالعقار المؤجر لهما المبين بالأوراق وقالوا بياناً لها أن المطعون ضده الثالث أجر لهما غرفة لاستعمالها مكتباً ومساحة من الأرض تابعة لها لاستعمالها مكتباً ومخزناً بعد إعدادها لذلك وحرر عن ذلك عقدين إيجار مؤرخين 20/ 12/ 1978، 1/ 3/ 1979 - ثابتي التاريخ في 3/ 3/ 1979 وإذ منعهما الطاعن والمطعون ضده الرابع من الانتفاع بالعين المؤجرة فقد أقاما الدعوى. دفع الطاعن بأن المطعون ضده الثالث أجر له قطعة الأرض سالفة الذكر بعقد مؤرخ 26/ 1/ 1978 ثابت التاريخ في 3/ 9/ 1979 ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق الحيازة. وبعد أن قدم تقريره حكمت بتفضيل عقدي الإيجار الصادرين للمطعون ضدهما الأول والثاني ومنع التعرض لهما. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 155 لسنة 23 ق الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد) كما استأنفه المطعون ضده الثالث بالاستئناف رقم 154 لسنة 23 ق الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد) وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 12/ 6/ 1983 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبني دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع أنه لم يقضي لصالحه بشيء قبل الطاعن. كما أنه قبل الحكم الابتدائي ولم يستأنفه وبالتالي فقد حاز قوة الأمر المقضي بالنسبة له.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون قد قضي لصالحة بشيء قبل الطاعن، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يقض بشيء على الطاعن لصالح المطعون ضده الرابع الذي حاز الحكم الابتدائي قوة الأمر المقضي بالنسبة له وأصبحت الخصومة في الاستئناف في حقيقتها معقودة بين باقي الخصوم دونه، فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم قد استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن مناط تفضيل أحد المستأجرين لعقار واحد هو سبق وضع اليد. فإذا لم يكن هناك وضع يد فيفضل المستأجر حسن النية الذي سبق بإثبات تاريخ عقده، ورغم أنه استأجر العقار ووضع يده عليه في تاريخ سابق على ثبوت تاريخ عقدي المطعون ضدهما الأول والثاني، وهو ما طلب من المحكمة تحقيقه إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع وفضل عقدي المطعون ضدهما لسبق ثبوت تاريخهما دون أن يستظهر حسن نية المطعون ضدهما المذكورين، ودون أن يحقق دفاعه بأسبقية تنفيذ عقده مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن على أن...... تبرم عقود الإيجار كتابة ويجب إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائن بدائرته العين المؤجرة....... ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع واجه تعدد المستأجرين لمكان واحد بقرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس مؤداها الاعتداد بالتاريخ الثابت للعقد دون تاريخه العرفي، ولازم ذلك أن العقد الأسبق في التاريخ الثابت صحيح دون غيره مما ليس له تاريخ ثابت أوله ولكن لاحق للتاريخ الأول، وبذلك فلا محل لتطبيق نص المادة 573 من القانون المدني التي تقتضي المفاضلة بين عقود إيجار صحيحة ونافذة لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الواقع منها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالاعتداد بعقدي المطعون ضدهما الأول والثاني دون عقد الطاعن إلي ما استخلصه من الأدلة المطروحة في الدعوى من أن عقد الطاعن لاحق للتاريخ الثابت للعقدين سالفي الذكر، ومن ثم فإن النعي مما أثاره الطاعن من أنه الأسبق في وضع يده على عين النزاع بحسن نية يكون غير منتج، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه أجنبي عن عقدي المطعون ضدهما الأول والثاني ومن ثم لا يسوغ إلزامه بالتسليم إلا عن طريق الدعوى غير المباشرة وهو ما لم يصرح به المطعون ضدهما المذكورين بل وجها إليه وإلى المطعون ضده الثالث - المؤجر - طلباتهما مباشرة، وقد ترتب على ذلك أنه لم يتمكن من مطالبة المؤجر - الذي لم يوجه إليه أي طلبات كأثر الدعوى المباشرة قبله - بنفقات ما أقامة من مبان، وإذ ألزمه الحكم المطعون فيه بالتسليم وأضاع عليه حقوقه القانونية قبل المؤجر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن عقد الإيجار يلزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، فإذا وقع تعرض من الغير يستند إلي سبب قانوني يرجع إلي المؤجر جاز للمستأجر أن يرفع دعوى الحق مستنداً في ذلك إلى عقد الإيجار وما ينشأ عنه من ضمان عدم التعرض طبقاًَ للقواعد العامة عملاً بالمادتين 571، 572 من القانوني المدني ومن ثم فإن مقولة الطاعن بأنه من الغير، ودعوى النزاع غير مقبولة بالنسبة له يكون على غير أساس، هذا إلي أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على بطلان العقد اعتباره كأن لم يكن وزوال كل أثر له فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير، لما كان ذلك وكانت المادة 141/ 1 من القانون المدني تقضي بأنه إذا كان العقد باطلاً لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ولا يزول البطلان بالإجازة، وكان عقد الإيجار الصادر للطاعن عن عين النزاع باطل بطلاناً مطلقاً وفق ما نصت عليه المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - على نحو ما سلف - وبالتالي فإنه يعتبر غير موجود ولا أثر له فيما بين المتعاقدين أو الغير مما يكون معه الطاعن غاصباً لعين النزاع المؤجرة للمطعون ضدهما الأول والثاني مما يستوجب إلزامه بتسليمها لهما. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، أما ما أثارة الطاعن بأن القضاء بالتسليم حرمه حقوقه فهو وشأنه مع المؤجر، ودعوى النزاع ما كانت تحول دون مطالبته بتلك الحقوق ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.