أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 183

جلسة 27 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(40)
الطعن رقم 1860 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج) نصب. جريمة. "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
(أ) جريمة النصب. أركانها؟
(ب) ركن الاحتيال. شروط توافره في حق المتصرف في الأموال الثابتة أو المنقولة؟
(ج) مدى مسئولية غير المتصرف والوسيط؟ مثال.
(د) نقض. "الحكم في الطعن. أثره". "سلطة محكمة النقض".
نقض الحكم بالنسبة للطاعن يقتضي نقضه بالنسبة للمحكوم عليهما الآخرين اللذين يتصل بهما وجه الطعن ولو لم يقررا بالطعن بالنقض. المادة 42 من القانون 57 لسنة 1959
1 - جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية هذا الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في ملك الغير ممن لا يملك التصرف.
2 - إذا كان يكفي لتكوين ركن الاحتيال في جريمة النصب بطريق التصرف في الأموال الثابتة أو المنقولة أن يكون المتصرف لا يملك التصرف الذي أجراه، وأن يكون المال الذي تصرف فيه غير مملوك له، إلا أنه لا تصح إدانة غير المتصرف - والوسيط كذلك - إلا إذا كانت الجريمة قد وقعت نتيجة تواطؤ وتدبير سابق بينه وبين المتصرف مع علمه بأنه يتصرف فيما لا يملكه وليس له حق التصرف فيه حتى تصح مساءلته سواء بصفته فاعلاً أو شريكاً.
3 - لا يكفي لتأثيم مسلك الوسيط أن يكون قد أيد البائع فيما زعمه من ادعاء الملك إذا كان هو في الحقيقة يجهل الواقع من أمره أو كان يعتقد بحسن نية أنه مالك للقدر الذي تصرف فيه. ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن سمسار وله بهذه المثابة أن يجمع بين طرفي العقد ويقتضي أجر الوساطة بينهما، ولا يكلف مؤونة التثبت من ملكية البائع أو بحث مستنداته، فإن الحكم المطعون فيه إذ دانه دون أن يبين ما وقع منه مما يعد في صحيح القانون احتيالاً، يكون قاصراً عن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة طبقاً لما افترضته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.
4 - متى كان المنعي الذي نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب - والذي أخذت به المحكمة - يتصل بالمحكوم عليهما الثالث والرابع أيضاً، فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما كذلك ولو لم يقررا بالطعن بالنقض طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 25 أبريل سنة 1964 بدائرة بندر دمنهور. توصلوا إلى الاستيلاء على النقود المبينة قدراً بالمحضر والمملوكة لوجنات أحمد المسيري وذلك عن طريق بيع العقار المبين بالمحضر لها مع أنهم ليس لهم حق التصرف فيه حالة كون الثاني عائداً وطلبت عقابهم بالمادتين 49/ 3 و336 من قانون العقوبات. وادعت مدنياً المجني عليها وطلبت القضاء لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة بندر دمنهور الجزئية قضت عملاً بمادتي الاتهام حضورياً للمتهمين الأول والثالث والرابع وحضورياً للثاني بحبس الأول ستة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش وحبس الثاني سنة واحدة مع الشغل والنفاذ وحبس كل من الثالث والرابع ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 300 قرش لكل منهما بلا مصروفات جنائية وفي الدعوى المدنية باعتبار المدعية المدنية تاركة لها وألزمتها المصاريف وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأول والثالث والرابع وحضوريا اعتبارياً للثاني في موضوع الإستئنافات الأربعة برفضها وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة النصب ببيع ملك الغير قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات التي دين بمقتضاها بما تتطلبه من احتيال وقصد جنائي مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن - وهو سمسار - قصد المجني عليها بتاريخ 25/ 4/ 1964 وأفهمها أن المتهم الثاني في الدعوى يملك - بمقتضى عقد تبين فيما بعد أنه مزور - أطياناً زراعية مساحتها عشرون فداناً بزمام جهة زرقون يعرض عليها شراءها نظير ثمانين جنيهاً للفدان، فعاينت المشترية الأرض، وأبرمت العقد الذي حرره محام وشهد عليه شاهدان وهما المتهمان الثالث والرابع، ودفعت أربعمائة جنيه عربوناً ثم تكشف لها أن المتهم لا يملك الأرض التي باعها، وانتهى الحكم في تسبيبه إلى إدانة الطاعن والمتهمين الآخرين جملة واحدة بجريمة النصب طبقاً للمادة 336 من قانون العقوبات باعتبارهم قد باعوا عقاراً ليس ملكاً لهم ولا لهم حق التصرف فيه مع أن التصرف المؤثم - بهذا التنصيص - لم يقع إلا من المتهم الثاني وحده باعتباره البائع للعقار الذي لا يملكه. ولما كانت جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية هذا الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في ملك الغير ممن لا يملك التصرف. وإذا كان يكفي لتكوين ركن الاحتيال في جريمة النصب بطريق التصرف في الأموال الثابتة أو المنقولة أن يكون المتصرف لا يملك التصرف الذي أجراه، وأن يكون المال الذي تصرف فيه غير مملوك له، إلا أنه لا تصح إدانة غير المتصرف - والوسيط كذلك - إلا إذا كانت الجريمة قد وقعت نتيجة تواطؤ وتدبير سابق بينه وبين المتصرف، مع علمه بأنه يتصرف فيما لا يملكه وليس له حق التصرف فيه، حتى تصح مساءلته سواء بصفته فاعلاً أو شريكاً. ولا يكفي لتأثيم مسلك الوسيط أن يكون قد أيد البائع فيما زعمه من ادعاء الملك إذا كان هو في الحقيقة يجهل الواقع من أمره أو كان يعتقد بحسن نية أنه مالك للقدر الذي تصرف فيه. ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن سمسار. وله بهذه المثابة أن يجمع بين طرفي العقد ويقتضي أجر الوساطة بينهما، ولا يكلف مؤونة التثبت من ملكية البائع أو بحث مستنداته، فإن الحكم المطعون فيه إذ دانه دون أن يبين ما وقع منه مما يعد في صحيح القانون احتيالا بالمعنى المتقدم، يكون قاصراً عن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة طبقاً لما افترضته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.
ولما كان هذا المنعى يتصل بالمحكوم عليهما الثالث والرابع أيضاً، فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما كذلك ولو لم يقررا بالطعن بالنقض طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.