أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 128

جلسة 6 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: أحمد قوشة، محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

(13)
طعن رقم 39 سنة 24 ق

( أ ) ضرائب. رسم الأيلولة على التركات. المقصود بالديون المنصوص عليها في المادة 16 من القانون 142 لسنة 1944.
( ب ) نقض "أسباب يخالطها واقع" و"أسباب جديدة". ضرائب. رسم الأيلولة على التركات. عدم جواز التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بتطبيق المادة 13 من القانون 142 لسنة 1944 على الديون المتنازع على خصمها من قيمة التركة.
1 - إن ما نصت عليه المادة 16 من القانون 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات من وجوب استبعاد كل دين أو التزام سقط التقادم من قيمة التركة ولو لم يتمسك الورثة بذلك - إنما هو خاص بالديون التي على التركة ولا ينصرف إلا إليها دون الديون التي تكون مستحقة للتركة.
2 - لا يجوز التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بتطبيق المادة 13 من القانون رقم 142 لسنة 1944 على الديون المستحقة للتركة والمتنازع على استبعادها من قيمة التركة عند تقديرها لأن هذا الدفاع يخالطه واقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتلخص في أنه بتاريخ 11 من يوليه سنة 1946 توفى أبقراط مرقص رزوق عن تركة آل ثلثها إلى السيدة ماري رزوق (المطعون عليها الأولى) باعتبارها موصي لها بالثلث وآل باقيها إلى الأستاذ إلياس رزوق، مورث باقي المطعون عليهم وفي سبيل تحصل رسم الأيلولة عن هذه التركة قدرتها لجنة تقدير التركات بتاريخ 17 من مايو سنة 1949 بمبلغ 106602 جنيهاً و309 مليماً فرفع المطعون عليهم الدعوى رقم 981 سنة 1949 كلي المنصورة ضد الطاعنة بطلب إلغاء هذا القرار وتقدير التركة بمبلغ 68916 جنيهاً و400 مليم - وبتاريخ 24 من يناير سنة 1951 قضت المحكمة بتعديل قرار اللجنة سالفة الذكر واعتبار قيمة التركة مبلغ 82641 جنيهاً و704 مليماً فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 45 تجاري سنة 3 ق محكمة استئناف المنصورة طالبين تعديله إلى مبلغ 68916 جنيهاً و400 مليم، كما استأنفته الطاعنة أمام تلك المحكمة الاستئنافية رقم 47 تجاري سنة 3 ق طالبة إلغاءه ورفض دعوى المطعون عليهم وبتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1953 قضت المحكمة المذكورة في هذين الاستئنافين بعد ضمهما برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنة وفي الاستئناف المرفوع من المطعون عليهم بتعديل الحكم المستأنف واعتبار قيمة التركة مبلغ 78797 جنيهاً و414 مليماً ومن ضمن ما استبعده من قيمة التركة دين لها على أحمد بك الحلواني مقداره 620 جنيهاً بموجب كمبيالة استحقاق سنة 1930 وفوائده البالغ مقدارها 78 جنيهاً، فقررت الطاعنة بتاريخ 9 من فبراير سنة 1954 الطعن بالنقض في هذا الحكم. وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1957 صممت النيابة العامة على رأيها وقررت الدائرة إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 23 من يناير سنة 1958 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد محصله خطأ الحكم المطعون فيه ومخالفته للقانون فيما قضى به من استبعاد دين أحمد الحلواني وفوائده من التركة عند تقدير قيمتها لسقوطه بمضي المدة تأسيساً على أن المادة 16 من القانون رقم 142 لسنة 1944 صريحة في وجوب استبعاد كل دين أو التزام سقط بالتقادم ولو لم يتمسك الورثة بذلك وأن هذا النص عام ومطلق بحيث لا يفرق بين الديون التي للتركة أو عليها مع أن المقصود بالديون من عبارة النص في قوله إنه يجب على موظفي مصلحة الضرائب استبعاد كل دين أو التزام سقط بالتقادم ولو لم يتمسك الورثة بذلك إنما هي الديون المستحقة على التركة لا الديون المطلوبة لها. وإذ أن الديون المستحقة على التركة هي وحدها التي يتصور ألا يتمسك الورثة بتقادمها لكي يزيدوا من أعبائها ومن مجموع المبالغ المطلوبة عليها والتي تخصم من موجوداتها وأصولها بقصد تخفيض صافي التركة الذي تفرض عليه الضريبة إضراراً بصالح الخزانة العامة. أما الديون المطلوبة للتركة فلا يتصور أن يدفع الورثة - وهم أصحابها - بسقوطها بالتقادم ضد أنفسهم واستباقاً للحوادث. وهذه الديون إنما تدخل في نطاق المادة 13 وتندرج تحت عبارة "الديون المشكوك في تحصيلها والمعدومة" التي للمصلحة عليها ولاية الاستبعاد النهائي أو الاستبعاد المؤقت بشرط تعهد الورثة باتخاذ الإجراءات اللازمة للمطالبة بها وأن يشرعوا في اتخاذ هذه الإجراءات اللازمة خلال ستة أشهر من تاريخ تعهدهم وإلا زالت عنها صفة الاستبعاد وإن كان المطعون عليهم لم يتمسكوا بذلك أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قال "ومن حيث إن النزاع ينحصر في نقط ست أولاً ... ثانياً ... ثالثاً دين التركة قبل أحمد الحلواني استحقاق سنة 1930 وفوائده. وعند مناقشة هذه النقطة الثالثة قال الحكم "ومن حيث إن مصلحة الضرائب تنعي على الحكم المستأنف أنه استبعد من قيمة التركة مبلغ 620 جنيهاً وفوائده البالغة 780 جنيهاً وهو عبارة عن دين قبل أحمد الحلواني استحقاق سنة 1930 محرر بشأنه كمبيالة تأسيساً على أنه سقط الحق فيها بمضي المدة وتطبيقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 142 لسنة 1944 وتعترض المصلحة على ذلك بأن الحكم قد فسر هذه المادة تفسيراً خاطئاً ذلك أن المقصود من هذا النص استبعاد الديون التي تنقضي من قيمة التركة فهي تنطبق على خصوم التركة لا على أصولها ... ... وهذا الاعتراض لا يستند إلى أساس ذلك أن المادة 16 من القانون رقم 142 لسنة 1944 ينص على وجوب استبعاد كل دين أو التزام سقط بالتقادم ولو لم يتمسك الورثة بذلك وقد جاء النص عاماً صريحاً دون تفرقة بين الديون التي للتركة أو عليها". وهذا الذي انتهى إليه الحكم المذكور غير صحيح في القانون ذلك أن المشرع فيما أورده في المادة 12 من القانون رقم 142 لسنة 1944 من عناصر تحديد قيمة التركة تمهيداً لتقدير الرسم المستحق عليها قد ذكر "الديون المطلوبة للتركة" والديون التي عليها "بصفة عامة وعبر عن الأولى في النص الفرنسي لتلك المادة بكلمة "Creances" قضى بإدماجها في التركة. وعبر عن الثانية بكلمة "Dettes" قضى بخصمها منها. ثم رأي المشرع بعد ذلك ألا يكون هذا الإدماج والخصم مطلقين فوضع في المواد التالية للمادة المذكورة قواعد لتنظيم هاتين العمليتين وخص المادة 13 بالديون المطلوبة للتركة نص على أن يستبعد منها من قيمة التركة نهائياً أو مؤقتاً ما قد يكون مطلوباً من مدينين مفلسين أو ما يكون مشكوكاً في تحصيله أو معدوماً بالقيد الوارد في تلك المادة وخص المادة 14 بالديون والالتزامات التي على التركة نص على خصمها من التركة طالما أنها ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء. ولكنه استدرك في المادة 15 ونص على ألا يكون هذا الخصم إلا في الحدود التي أشار إليها فيها تبعاً لما قد يشوب تلك الديون من صورية أو يعتور ثبوتها من شك - ولما كانت المادة 16 قد نصت بعد ذلك على أنه "يجب على موظفي مصلحة الضرائب استبعاد الديون الآتية: (1) كل دين أو التزام سقط بالتقادم ولو لم يتمسك الورثة بذلك (2) كل دين أبرم في الخارج إلى أن يصدر به حكم من القضاء المصري أو يصدر به عن كلمة "دين" الواردة في هذه المادة في نصها الفرنسي بكلمة "Dettes" وهي نفس الكلمة التي عبر بها في المادة 12 عن الديون التي على التركة. وكان من غير المتصور أن يتمسك الورثة بالتقادم إلا بالنسبة للديون التي على التركة وكانت المادة 16 قد وردت في أعقاب المادة 15 استطراداً لاستدراك المشرع فيما نص عليه في المادة 14 بالنسبة لخصم الديون التي على التركة لما كان ذلك فإن نص المادة 16 إنما يكون خاصاً بالديون التي على التركة ولا ينصرف إلا إليها دون الديون التي تكون مستحقة لها. ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من سريانها على كلاً النوعين من الديون مخالفاً للقانون وموجباً لنقضه لهذا السبب. أما ما أثارته الطاعنة في سبب الطعن من تطبيق نص المادة 13 من القانون رقم 142 لسنة 1944 على حالة الدعوى فإنه دفاع يخالطه واقع ولم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.