أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 9 - صـ 197

جلسة 13 من مارس سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: أحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

(25)
طعن رقم 46 سنة 24 ق

( أ ) ضرائب. إجراءات. لجنة التقدير. عدم مراعاتها ميعاد إعلان الممول بالحضور أمامها ورفضها طلب الممول بالتأجيل. بطلان قرارها الصادر بتقدير الأرباح.
(ب) نقض "أسباب قانونية". تعلق النعي بسبب قانوني كانت عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - مخالفة إجراءات اللجان الإدارية وقراراتها للأصول العامة وانحرافها عن الأصول المقررة - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - يجعل هذه القرارات باطلة. فإذا كانت لجنة التقدير لم تراع ما أوجبته المادة 52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 من إعلان الممول بالحضور أمامها قبل ميعاد انعقادها بخمسة أيام على الأقل ورفضت طلب التأجيل الذي أبداه الممول فإن قرارها بتقدير الأرباح يكون باطلاً ولو لم يرد بذلك نص في القانون المذكور ودون ما حاجة إلى الاستناد في ذلك إلى قواعد قانون المرافعات وأحكامه، ذلك لأن لجنة التقدير وإن كانت لجنة إدارية إلا أن العيب الذي شاب إجراءاتها هو عيب جوهري يمس أصلاً من الأصول العامة التي حرص المشرع في القانون المشار إليه على توفيره وصيانته للمولين وهو حق الدفاع.
2 - متى تبين أن النعي وإن كان لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع إلا أنه متعلق بسبب قانوني كانت عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع فيجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتخلص في أن مصلحة الضرائب أخطرت المطعون عليهما في 21/ 6/ 1950 بالنموذج رقم 19 ضرائب بتقدير أرباح الشركة التي يديرانها عن المدة من 1940 إلى 1944 وحددت لهما فيه عشرين يوماً لإبداء ملاحظاتهما على هذا التقدير، وفي اليوم التالي (22/ 6/ 1950) أخطرتهما بالنموذج رقم 20 ضرائب بأنها لم تقتنع بملاحظاتهما على التقدير المذكور وأنها لا زالت عند رأيها فيه وحددت لهما عشرة أيام لقبول التقدير وإلا أحالت الأوراق على لجنة التقدير وفي نفس اليوم أحالت الأمر إلى تلك اللجنة لاتخاذ قرار فيه، واللجنة المذكورة أرسلت في نفس اليوم (22/ 6/ 1950) إخطاراً إلى المطعون عليهما بتحديد جلسة 29/ 6/ 1950 لنظر الموضوع. تسلم هذا الإخطار إلى المطعون عليه الأول في يوم 24/ 6/ 1950، وفي تلك الجلسة حضر المطعون عليه المذكرة وطلب التأجيل لأن الفترة التي مضت بين إخطاره بالجلسة وميعادها لم تكف للاطلاع ولأن النموذج 19 ضرائب وصله يوم 22/ 6/ 1950 والنموذج رقم 20 ضرائب وصله يوم 24/ 6/ 1950 ولم يعط الفرصة المنصوص عليها في النموذجين المذكورين وطلب أيضاً إعلان الشريكين الآخرين بمعرفة اللجنة. وفي نهاية الجلسة قررت اللجنة قصر الفصل في الخلاف القائم بين المأمورية والمنشأة على تقدير أرباح المدة من أول يناير سنة 1944 إلى 30/ 6/ 1944 وقدرت أرباحها بمبلغ 5146 جنيهاً ورأس المال الحقيقي المستثمر في أول سنة 1944 بمبلغ 30000 جنيه وأرجأت الفصل في باقي مدد الخلاف لجلسة أخرى تحدد فيما بعد. فطعن المطعون عليهما في هذا القرار أمام محكمة بنها الابتدائية في القضية رقم 112 سنة 1950 تجاري بعريضة طلباً فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بسقوط الحق في المطالبة بمضي المدة واحتياطياً بتعديل تقدير لجنة التقدير واعتبار الأرباح عن النصف الأول من سنة 1944 مبلغ 739ج و475 م ورفع الغرامة المتوقعة عليهما. وبجلسة 5/ 5/ 1952 وفي المذكرة الختامية المقدمة من الطاعنين لجلسة 26/ 5/1952 طلب وكيل الطاعنين الحكم ببطلان الإجراءات وبطلان قرار اللجنة المترتب على هذه الإجراءات وحفظ حقه في الدفع بسقوط حق المصلحة في المطالبة بالضريبة. وبتاريخ 26/ 5/ 1952 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان الإجراءات وبإلغاء قرار لجنة التقدير المطعون فيه الصادر بتاريخ 29/ 5/ 1950 واعتباره كان لم يكن استناداً إلى أن المدة التي مضت بين تاريخ إخطار المطعون عليهما بمعرفة لجنة التقدير بالجلسة المحددة لنظر الموضوع وتاريخ تلك الجلسة أقل من الخمسة الأيام التي نصت المادة 52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على وجوب مضيها بين تاريخ الإعلان وتاريخ الجلسة المحددة. وطبقاً لقواعد قانون المرافعات يكون هذا الإعلان باطلاً هو وما ترتب عليه من إجراءات. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة تحت رقم 492 سنة 69 ق وطلبت إلغاء الحكم المذكور والحكم بصحة قرار لجنة التقدير وتأييده ورفض دعوى الطعن الأصلية. وبتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1953 حكمت المحكمة المذكورة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المصلحة في هذا الحكم بالنقض بتاريخ 16 من فبراير سنة 1954، وبعد تبادل مستندات ومذكرات الطرفين قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، ثم عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 14 من يناير سنة 1958، وصممت النيابة على رأيها، وقررت الدائرة إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 20 من فبراير سنة 1958 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وخطؤه في تطبيقه وتأويله من أربعة وجوه: الأول - أنه على فرض تطبيق قواعد المرافعات على واقعة الدعوى فإن المطعون عليهما لم يتمسكا بالدفع ببطلان الإجراءات في صحيفة الطعن، وإنما جاء هذا الدفع متأخراً وفي جلسة المرافعة الأخيرة أو في مذكرة 26 من مايو سنة 1952 وبذلك يكون قد سقط الحق فيه إذ يجب إبداؤه قبل الدفع بعدم قبول الدعوى وقبل أي طلب أو دفاع فيها. والثاني - أنه مع تسليم الحكم المطعون فيه بأن حضور المطعون عليهما أمام اللجنة أزال البطلان إلا أنه أسنده إلى سبب جديد آخر هو عدم استجابة اللجنة إلى طلب التأجيل لاستكمال ميعاد الحضور بينما يدل نص المادة 140 على أن التأجيل لاستكمال ميعاد الحضور علاج للبطلان - وليس وجه بطلان جديداً. والثالث - أنه لا بطلان بغير نص أو قرار. وليس في القانون رقم 14 لسنة 1939 أو لائحته التنفيذية نص على البطلان سواء لعدم مراعاة مواعيد إبداء الملاحظات على تقديرات المأمورية الواردة في النموذجين رقم 19، ورقم 20 ضرائب قبل إحالة النزاع على لجنة التقدير أو لعدم مراعاة مواعيد الحضور أمام تلك اللجنة. كما أنه لم يترتب على عدم مراعاة هذه المواعيد أو استكمالها ضرر للمطعون عليهما طالما أنهما يقبلا تقديرات المأمورية ونازعاً فيها أمام المحكمة، هذا فضلاً عن أن تلك المواعيد إنما هي مواعيد تنظيمية أريد بها مجرد تنظيم إجراءات الربط والمطالبة التمهيدية فهي رخصة للمصلحة ولا يتعلق بها حق للممول .... والرابع - أن لجنة تقدير الضرائب ليست هيئة قضائية تفصل في خصومة وإنما هي لجنة إدارية فلا محل لتطبيق قواعد المرافعات على واقعة الدعوى وعلى إجراءات إدارية بحت لأنه لو كان المشرع قد أراد تطبيق هذه القواعد وإتباعها لنص على ذلك صراحة وأحال عليها، ولكن المشرع أراد في الواقع التحلل من القيود الشكلية والإجراءات التي تضمنها قانون المرافعات بشأن الحضور والإعلان قصداً في الوقت وتمكيناً للجان من إنجاز عملها على وجه السرعة دون أن يكون في ذلك ضرر على الممول الذي إن فاته أن يبدي أمام اللجنة دفاعه فإن في وسعه أن يستكمل ما فاته من ذلك أمام المحاكم.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة في الوجه الأول وإن كان لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع إلا أنه متعلق بسبب قانوني كانت عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع، كما يبين من الحكمين الابتدائي والاستئنافي فيجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث أنه فيما يختص بموضوع هذا النعي فإنه يبين من الاطلاع على عريضة طعن المطعون عليهما في قرار لجنة التقدير أمام محكمة بنها الابتدائية المقدمة صورتها الرسمية من الطاعنة أنه قد ورد فيها "وحيث إن جميع الإجراءات التي اتخذتها مصلحة الضرائب في هذه القضية باطلة وغريبة فضلاً عن أن حق المصلحة قد سقط بمضي المدة. وحيث إن غرابة الإجراءات وبطلانها قد بدأ بأن أرسلت المأمورية إلى الطالبين النموذج رقم 19 ضرائب بتاريخ 22/ 6/ 1950 وفيه تحدد للممول عشرين يوماً لإبداء ملاحظاته على تقديراتها ولكنها بدلاً من أن تنتظر هذه المدة الممنوحة قانوناً للممول أرسلت له في يوم 24/ 6/ 1950 النموذج رقم 20 ضرائب تخطره فيه بأنها مصممة على تقديرها الوارد في النموذج رقم 19 وتحدّد له عشرة أيام لإبداء رأيه ولكنها في نفس الوقت ودون انتظار مهلة العشرة أيام أرسلت له خطاباً تخطره فيه بأنها حددت لنظر قضيته أمام لجنة التقدير "الدائرة الثالثة" جلسة 29/ 6/ 1950 وقد ذهب الممول إلى اللجنة وطلب التأجيل حتى يستطيع إبداء ملاحظاته وخصوصاً أن النماذج المذكورة لم يرد بها أسس التقدير ولكن اللجنة رفضت طلبه - وظاهر بجلاء ما في هذه الإجراءات من تعسف وبطلان - إذ أن المهلة الواردة بالنماذج منحت للممول حتى يستطيع تدبر الأمر والدفاع عن نفسه" ثم ورد فيها في موضع آخر. "وحيث إنه بالنسبة لسقوط حق مصلحة الضرائب فقد سقط حق المصلحة رغم التجائها إلى إجراءات باطلة غير سليمة للحيلولة دون هذا السقوط" وبعد أن تكلمت العريضة عن موضوع التقدير ورفع الغرامة، التي أوقعتها اللجنة على الممولين انتهت بطلب الحكم أصلياً بسقوط الحق في المطالبة بمضي المدة واحتياطياً بتعديل قرار لجنة التقدير ورفع الغرامة، وهذا الذي ورد في عريضة الطعن هو تمسك صريح من المطعون عليهما ببطلان إجراءات مصلحة الضرائب سواء بالنسبة لعدم مراعاتها المواعيد الممنوحة لهما في النموذجين رقم 19، رقم 20 ضرائب أو لعدم مراعاتها ميعاد تكليفهما بالحضور أمام لجنة التقدير أو لرفض اللجنة طلب الممولين التأجيل لإبداء أقوالهما ودفاعهما وقد أثارا هذا البطلان بصفة خاصة عند ما دفعا في العريضة بسقوط الحق بمضي المدة بقولهما إن هذا السقوط واقع فعلاً رغم ما التجأت إليه المصلحة من إجراءات باطلة لا تحول دون وقوعه. وعلى ذلك يكون النعي بما ورد في هذا الوجه مردوداً.
وحيث إن النعي في وجهيه الثالث والرابع مردود، ذلك أن لجنة التقدير وإن كانت لجنة إدارية إلا أن العيب الذي شاب إجراءاتها بعدم مراعاة ميعاد إعلان المطعون عليهما بالحضور أمامها وبما قررته من رفض طلب التأجيل عيب جوهري يمس أصلاً من الأصول العامة التي حرص المشرع في القانون رقم 14 لسنة 1939 على توفيره وصيانته للممولين، وهو حق الدفاع، فقد كان نص المادة 52 من مشروع القانون المذكور عند وضعه خالياً من تحديد ميعاد يمضي بين تاريخ إعلان الممول بالجلسة المحددة أمام لجنة التقدير وتاريخ تلك الجلسة ولكن اللجنة المالية لمجلس الشيوخ عندما عرض عليها هذا النص عدلته وأوجبت إعلان الممولين بالحضور أمام اللجنة قبل ميعاد انعقادها بخمسة أيام على الأقل وذلك على ما ورد في تقريرها. "حتى يتاح للممول إبداء ما عسى أن يرى إبداءه للجنة إذا شاء سواء بنفسه أو بوكيل عنه محامياً كان أو غير محام وفي جميع ذلك صون لحق الممول". ولما كانت مخالفة إجراءات اللجان الإدارية وقراراتها للأصول العامة وانحرافها عن الأصول المقررة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجعل هذه القرارات باطلة (نقض 24/ 4/ 1952 طعن رقم 88 سنة 20 ق) وكان قرار لجنة التقدير الصادر بتاريخ 29/ 6/ 1950 وهي لجنة إدارية قد شابه ذلك العيب الجوهري السابق الإشارة إليه الذي انحرف به عن الأصول العامة المقررة. فإن ذلك القرار يكون باطلاً ولو لم يرد بذلك نص في القانون رقم 14 لسنة 1939 ودون ما حاجة إلى الاستناد في ذلك إلى قواعد قانون المرافعات وأحكامه. ولا اعتداد بما تتحدى به الطاعنة من عدم حصول ضرر للمطعون عليهما من جراء هذا العيب بحجة أنه إن فاتهما إبداء دفاعهما أمام اللجنة ففي وسعهما استكمال ما فاتهما من ذلك أمام المحكمة إذ الضرر ماثل في شأنهما مما كان منصوصاً عليه في المادة رقم 53 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلها بالقانون رقم 146 سنة 1950 الصادر بتاريخ 28 من أغسطس سنة 1950 من اعتبار قرار لجنة التقدير أساساً لربط الضريبة وصيرورتها بذلك القرار واجبة الأداء ولو طعن في التقدير أمام القضاء.
وحيث إنه وقد استبان مما سبق أن ما لحق قرار لجنة التقدير الصادر بتاريخ 29/ 6/ 1950 من بطلان إنما يقوم على مخالفته للأصول العامة المقررة دون أن يستند ذلك البطلان إلى قانون المرافعات وأحكامه فلا يجدي الطاعنة تمسكها بما ورد في الوجه الثاني من أوجه الطعن.
وحيث إنه يبين مما سبق أن الطعن في غير محله ويتعين رفضه