أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة السادسة - صـ 588

جلسة 5 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن المستشارين.

(192)
القضية رقم 2464 سنة 24 القضائية

ترصد. توافره مهما تكن مدة التربص ومهما يكن مكانه.
إن العبرة في قيام الترصد هي بتربص الجاني وترقبه للمجني عليه مدة من الزمن قصرت أم طالت، في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوسل بذلك إلى الاعتداء عليه، دون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد في مكان خاص بالجاني نفسه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1ـ كامل فاضل عمر (الطاعن) و2ـ حمدي فاضل عمر و3ـ محمد محمد متولي بأنهم في يوم 9 من يناير سنة 1953 الموافق 30 من ربيع الثاني سنة 1372 بناحية نجع العرب تبع أولاد نجم بهجوره مركز نجع حمادي مديرية قنا (أولاً) المتهم الأول ضرب عمداً محمد سقاو فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام قبوة الجمجمة لن يملأ بنسيج عظمى مما يعتبر نقطة ضعف تعرضه لخطر الإصابات الخفيفة والتغيرات الجوية وضربات الشمس والتهابات السحايا وخراجات المخ ونوبات الصرع والجنون والتي ما كان يتعرض لها لو كان المخ محمياً بالعظام مما يعتبر عاهة مستديمة يستحيل برؤها تقلل من كفايته على العمل ومن سعادته وهنائه، ولا يستطاع تقدير مداها نظراً لما قد يطرأ عليها مستقبلاً من المضاعفات الخطرة سالفة الذكر، وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. (ثانياً) المتهمون الثلاثة ضربوا أمائل حسن فراج أحدثوا بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عن إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إصابة بنصر يدها اليسرى القيد الكعبى بحركة ثنى المفصل السلامى العلوي وتأثير قوة قبضة اليد بنسبة 4%، وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. (وثالثاً) المتهمون الثلاثة أيضاً ضربوا عمداً محمد سقاو موافي فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً، وطلبت النيابة من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 240/ 2 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة بذلك، وادعى بحق مدني 1ـ أمائل حسن فراج و2ـ أحمد محمد سقاو وطلب كل منهما الحكم له بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة ـ المدعية الأولى قبل المتهمين الثلاثة، والمدعى الثاني قبل المتهم الأول وحده. ومحكمة جنايات قنا سمعت الدعوى وقضت حضورياً في 13 من سبتمبر سنة 1954 (أولاً) بمعاقبة كامل فاضل عمر بالأشغال الشقة لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الأولى المسندة إليه عملاً بالمادة 240/ 1 و2 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يدفع إلى المدعى بالحقوق المدنية أحمد محمد سقاو موافي مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية وثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وببراءته من التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليه ورفض الدعوى المدنية المرفوعة قبله من أمائل حسن فراج وإلزامها بمصاريفها بالنسبة له وذلك عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. (وثانياً) بحبس كل من حمدي فاضل عمر ومحمد محمد متولي شهراً واحداً مع الشغل عن التهمة الثانية المسندة إليهما وإلزامهما بأن يدفعا متضامنين إلى المدعية بالحقوق المدنية آمال حسن فراج عشرين جنيهاً والمصاريف المدنية المناسبة و مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك تطبيقاً للمادة 242/ 1 من قانون العقوبات إذ أخذتهما المحكمة بالقدر المتيقن من الجريمة وهو إحداث الإصابات التي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً، وبتغريم كل منهما مبلغ ثلاثمائة قرش عن التهمة الثالثة المسندة إليهما عملاً بالمادة 242/ 1 عقوبات. فطعن المحكوم عليه الأول وحده في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر البيان في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار إذ استند إلى الضغينة الناشئة عن التنافس على الزواج بين المجني عليه والطاعن، مع أنها لا تصلح أساساً للقول بتوافر سبق الإصرار، وإذ استند في التدليل على توافر ظرف الترصد بوقوف الطاعن يحمل فأساً في طريق المجني عليه، مع أن الطاعن والمجني عليه يقيمان في منزلين متجاورين، وكان الطاعن يقف أمام منزله حاملاً الفأس التي يستعملها في الزراعة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه الجريمة التي دان الطاعن بها، واستظهر توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد مما شهد به المجني عليه من أنه شاهد المتهم واقفاً أمام منزل بهيج عمر أثناء توجهه إلى منزله لإبدال ثيابه، ولما عاد من منزله وجده لا يزال متربصاً له، وقد أعد فأساً انهال بها على رأسه لما بينهما من ضغينة، إذ تزوج هو بفتاة كان يرغب الطاعن في زواجها ـ ولما كان ما أورده الحكم من ذلك من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه من توفر سبق الإصرار والترصد لدى المتهم، وكانت العبرة في قيام الترصد هي في تربص الجاني وترقبه للمجني عليه مدة من الزمن قصرت أم طالت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى الاعتداء عليه، دون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد في مكان خاص بالجاني نفسه، وكان لا جدوى للطاعن مما يثيره في هذا الشأن ما دامت العقوبة الموقعة عليه داخلة في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل من غير سبق إصرار ولا ترصد ـ لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.