أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 9 - صـ 677

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: عثمان رمزي، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(87)
الطعن رقم 215 لسنة 24 ق

( أ ) فوائد. القضاء بها عن مبلغ مطلوب على سبيل التعويض. المادة 124 من القانون المدني الملغي. نص المادة 226 مدني جديد. نص مستحدث ليس له أثر رجعي.
(ب) حكم. ندب خبير وتكليفه بمجرد تقدير الريع ليس حكماً قطعياً فيما يتعلق بطلب استحقاق الريع.
(ج) تعويض. حق محكمة الموضوع في تقديره بشرط الاعتماد على أساس معقول.
1 - نص المادة 226 من القانون المدني نص مستحدث ورد ضمن القانون رقم 131 لسنة 1948 الذي لم يبدأ العمل به إلا منذ 15 أكتوبر سنة 1949 فهو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليس له أثر رجعي، وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب الفوائد القانونية عن مبلغ مطالب به على سبيل التعويض عن أرض استولى عليها للمنفعة العامة دون اتخاذ الإجراءات المرسومة في القانون، قد قرر أنه يشترط للحكم به أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب عملاً بالمادة 226 من القانون المدني وهو ما ليس متوافراً في الدعوى الحالية، وكان الواقع في الدعوى أن الاستيلاء على أرض الطاعن قد تم في أول سنة 1944. في ظل القانون المدني الملغي الذي كانت تنص المادة 124 منه على أنه "إذا كان المتعهد به عبارة عن مبلغ من الدراهم فتكون فوائده مستحقة من يوم المطالبة الرسمية فقط إذا لم يقض العرف أو الاصطلاح التجاري أو القانون في أحوال مخصوصة بغير ذلك"، فإن الحكم المطعون فيه بما انتهى إليه في هذا الصدد يكون مخالفاً للقانون.
2 - إذا أصدرت المحكمة حكماً بندب خبير وكلفته بمجرد تقدير ريع عقار، فليس صحيحاً القول بأن هذا الحكم هو حكم قطعي فيما يتعلق بطلب استحقاق الريع لا تملك المحكمة العدول عنه إذ ليس في ذلك ما يوحي بأن رأي للمحكمة في هذا الطلب.
3 - إن تقدير التعويض عن الضرر أمر متروك لرأي محكمة الموضوع طالما أنها تعتمد في ذلك على أساس معقول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعن كان يمتلك 2 ف، 12 س بجهة إسنا منها 14 ط حديقة والباقي كان يزرع خضروات وكانت الأرض كلها تروى من شادوف مقام على النيل، وفي أول سنة 1944 استولت وزارة الأشغال في مشروع تقيمه قناطر إسنا على 22 ط و19 س من تلك الأرض من ضمنها الحديقة دون أن تتخذ الإجراءات القانونية التي يوجبها قانون نزع الملكية وأزالت الشادوف الذي يروي الأرض الباقية فرفع الطاعن الدعوى رقم 395 سنة 1945 مدني كلي قنا ضد وزارة الأشغال ومديرية قنا (المطعون عليهما) بطلب ريع الأرض المستولى عليها والأرض الباقية التي تعطل الانتفاع بها بعد إزالة الشادوف ابتداء من سنة 1943 - سنة 1944 الزراعية إلى 1947 - سنة 1948 الزراعية وبعد ندب خبير لتقدير الريع في تلك المدة حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا متضامنين للطاعن مبلغ 293 ج و837 م عدل إلى مبلغ 343 ج و837 م في الاستئناف رقم 209 سنة 25 ق أسيوط الذي رفعه الطاعن عن ذلك الحكم وذلك قيمة ريع الأرض جميعها في المدة سالفة الذكر وبتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1948 رفع الطاعن الدعوى رقم 498 سنة 1948 مدني كلي قنا ضد المطعون عليهما أمام محكمة قنا يطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 3436 ج وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية وذلك قيمة ثمن الأرض المنزوع ملكيتها وما عليها من أشجار ونخيل وثمن السور الذي كان مقاماً حول الحديقة مع الحكم له بريع الأرض الباقية بعد ما استولى عليه ابتداء من سنة 1948 - سنة 1949 بواقع 40ج سنوياً لغاية السداد بسبب رفع الشادوف. وبتاريخ 4 من أبريل سنة 1950 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لمعاينة الأرض المنزوع ملكيتها وتقدير ثمنها وثمن النخيل والأشجار القائمة فيها وتقدير ريع الأرض الباقية التي لم تتدخل في مشروع نزع الملكية عن سنة 1948 - 1949 وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 5 من مايو سنة 1953 بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا للطاعن مبلغ 1495 جنيهاً و383 مليماً والمصاريف المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وهي قيمة السور والفوائد والريع - فاستأنف الطاعن الحكم المذكور أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 224 سنة 28 ق وأصر فيه على طلباته السابقة بما فيها قيمة السور والريع والفوائد - كما استأنف المطعون عليهما أيضاً ذلك الحكم بالاستئناف رقم 238 سنة 28 ق. وبتاريخ 25 من أبريل سنة 1954 قضت المحكمة في الاستئنافين المذكورين بعد ضمهما برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. وبتاريخ 17 من يونيه سنة 1954 قرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بالنقض وبعد استيفاء إجراءات الطعن وتقديم مستندات الطرفين ومذكراتهما قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم في خصوص السبب الثاني الخاص بالفوائد وبتاريخ 27 من مايو سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأصرت النيابة على رأيها وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلباتها.
وحيث إن الطعن يقوم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن في أولها: على الحكم المطعون فيه مخالفته للثابت في الأوراق إذ قال الحكم في صدد الرد على طلب الطاعن بقيمة السور الذي كان حول الحديقة والذي كان يستند فيه إلى اعتراف الحكومة في مذكرتها المقدمة لجلسة 18 من مايو سنة 1948 في قضية الريع رقم 395 سنة 1945 بوجود هذا السور أنه تبين للمحكمة من مطالعة تلك المذكرة وفحص عباراتها أنه لم يرد إشارة للسور المذكور. وهذا القول من المحكمة لا يطابق الواقع كما يتبين من مراجعة تلك المذكرة. ويقوم النعي في السبب الثاني على أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون ويقول الطاعن في بيان ذلك أنه قد طلب الحكم له بفوائد الثمن بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية فرفض الحكم الابتدائي القضاء بهذه الفوائد، وقال في أسبابه التي أخذ بها الحكم المطعون فيه أن المادة 226 من القانون المدني تشترط للحكم بالفوائد أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معين المقدار وهو ما ليس متوافراً في الدعوى وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح قانوناً إذ أن طلب الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية هو حق لكل من يدعي طرف آخر مبلغاً من النقود مهما كان سبب الالتزام - فضلاً عن أن المادة 458 من القانون المدني هي الواجبة التطبيق لأن المبلغ المطالب به هو ثمن عقار أخذ للمنفعة العامة دون اتخاذ الإجراءات المرسومة في القانون ولم يودع الثمن خزانة المحكمة وهو عقار ينتج ثمرات. وقد أقرت الحكومة الطاعن على حقه في الفوائد لا من تاريخ المطالبة الرسمية فحسب بل من تاريخ الاستيلاء على العقار بما ورد في مذكرتها المقدمة لجلسة 17 من يناير سنة 1950 في القضية رقم 498 سنة 1948 مدني كلي قنا - وينعي الطاعن في السبب الثالث خطأ الحكم في تطبيق القانون. ذلك أنه كان من ضمن طلباته الحكم بريع المقدار الذي تخلف بوراً بسبب إزالة الشادوف الذي كان يروى منه عن سنة 1948 - 1949 وعدم وجود طريقة لريه واحتياطياً حكماً تمهيدياً بندب خبير كان من مأموريته تقدير ريع 1 فدان، 2 قيراط، 3 سهم عن سنة 48 - 1949 وقالت في أسباب حكمها أن الطاعن قد لحقه ضرر من نزع ملكية عقاره للمنفعة العامة وحرمان باقي أرضه التي لم يتناولها الاستيلاء من الري يستوجب مساءلة الحكومة وملزوميتها بتعويض الطاعن عنه وقد رفضت المحكمة الابتدائية الحكم للطاعن بالريع وقالت في أسبابها التي أخذ بها الحكم المطعون فيه أن ما جاء به للطاعن من ريع عن المدة من سنة 1944 إلى سنة 1948 يكفي لتعويضه عن الضرر الذي أصابه بسبب إزالة الشادوف وأن ما ورد في الحكم التمهيدي من تكليف الخبير بتقدير الريع عن سنة 1948، 1949 لا يدل على الأخذ بوجهة نظر الطاعن ومن حق المحكمة العدول عنه طبقاً لنص المادة 165 من قانون المرافعات وهذا الذي ورد في أسباب الحكم المذكور ينطوي على خطأ في فهم الواقع كما ينطوي على خطأ في تطبيق القانون - أولاً - لأن الثابت من الحكم رقم 395 سنة 1945 كلي قنا أن الريع المحكوم به للطاعن كان عن المدة لغاية سنة 1948 الزراعية وطلبات الطاعن في الدعوى الحالية هي عن السنة اللاحقة لتلك المدة أو مبلغ إجمالي كتعويض عن حرمان الطاعن من الوسيلة المعدة لري أرضه - ثانياً - أن الحكم الصادر في 4 من أبريل سنة 1950 بتكليف الخبير بتقدير الريع ليس حكماً تمهيدياً محضاً وإنما هو حكم قطعي فيما يتعلق باستحقاق الطاعن لريع سنة 1948، 1949 لا تملك المحكمة العدول عنه كما جاء في أسباب حكمها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن في السبب الأول مردود ذلك أن صورة المذكرة المقدمة منه بملف الطعن والتي يستند إلى اعتراف الحكومة فيها بثمن السور الذي يطالب به هذه الصورة عرفية لا يقبل منه الاستدلال بها على ما يدعيه إذ لا اعتداد في هذا المقام إلا بالصورة الرسمية.
وحيث إن النعي في السبب الثالث مردود كذلك إذ يبين من الاطلاع على أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها الحكم المطعون فيه أنه قال عن الريع الذي يطالب به المدعى (الطاعن) عن الأرض التي لم تتناول أعمال المنفعة العامة ومساحتها 1 فدان، 2 قيراط، 3 سهم تعويضاً للضرر الذي أصابها بسبب إزالة الشادوف وحرمانها من الري بواسطته أن الحكومة وإن كانت مسئولة عن هذا الأمر وملزمة بتعويض الطاعن عنه إلا أن هذا التعويض يكون كما يقول الحكم - "قاصراً على النتائج المباشرة للخطأ الذي وقع من الحكومة - وهذه النتائج تقف عند الحد الذي يستطيع المدعى إيقافها ولا تتعداه فهي قاصرة على ما يعادل نفقات إنشاء وسيلة أخرى لري أرضه كحفر بئر أو إنشاء ساقية مضافاً إليه ريع الأرض في المدة المناسبة لإيجاد هذه الوسيلة والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتائج غير معقولة وهي أن المدعى يستمر في مطالبة الحكومة بريع الأرض دون أن يكون لهذه المطالبة نهاية، اعتماداً على أنها محرومة من الري سبب إزالة الشادوف". واستطرد الحكم إلى القول "ومن حيث إن المدعى قد حكم له في القضية المنضمة رقم 395 سنة 1945 مدني كلي بمبلغ 76 جنيهاً، 195 مليماً قيمة ريع 1 فدان، 2 قيراط، 3 سهم في السنوات من 1944 إلى سنة 1948 وترى المحكمة أن هذا المبلغ كاف لتعويضه عن الضرر الذي أصابه بسبب إزالة الشادوف". ثم انتهى الحكم إلى رفض هذا الطلب. ولا رقابة لهذه المحكمة على الحكم المذكور في ذلك لأن تقدير التعويض عن الضرر أمر متروك لرأي محكمة الموضوع طالما أنها تعتمد في ذلك كما والحال في هذه الدعوى - على أساس معقول. وليس صحيحاً ما يقرره الطاعن من أن الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 4/ 4/ 1952 ليس حكماً تمهيدياً محضاً وإنما هو حكم قطعي فيما يتعلق باستحقاق الطاعن للريع عن سنة 1948، 1949 لا تملك المحكمة العدول عنه لأن الحكم المذكور لم يزد في صدد هذا الطلب عن مجرد تكليف الخبير بتقدير ريع الأرض الباقية التي لم تدخل في المشروع ومساحتها 1 فدان، 2 قيراط، 3 سهم عن سنة 1948، 1949 الزراعية وليس في ذلك ما يوحي بأي رأي للمحكمة في هذا الطلب.
وحيث إن النعي بما تضمنه السبب الثاني في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قال عن طلب الفوائد (ومن حيث إنه عن طلب الفوائد فإنه يشترط للحكم به أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب عملاً بالمادة 226 مدني وهو ما ليس متوافراً في الدعوى الحالية ويتعين لذلك عدم إجابة المدعى لهذا الطلب" ولما كان الاستيلاء على أرض الطاعن قد تم في أول سنة 1944 في ظل القانون المدني الملغي الذي كانت تنص المادة 124 منه على أنه "إذا كان المتعهد به عبارة من مبلغ من الدراهم فتكون فوائده مستحقة من يوم المطالبة الرسمية فقط إذا لم يقض العقد أو الاصطلاح التجاري أو القانون في أحوال مخصوصة بغير ذلك" ولم يرد نص المادة 226 إلا بعد ذلك ضمن القانون رقم 131 سنة 1948 الذي لم يبدأ العمل به إلا منذ 15 من أكتوبر سنة 1949 فهو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نص مستحدث ليس له أثر رجعي ولا يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه في هذا الصدد يكون مخالفاً للقانون متعيناً نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن موضوع الدعوى بالنسبة لطلب الفوائد صالح للفصل فيه.
وحيث إن المبلغ المستحق للطاعن ثمناً للأرض المستولى عليها وأشجار الحديثة والنخيل التي كانت بها قد تحدد نهائياً بالحكم المطعون فيه بمبلغ 1495 جنيهاً و383 مليماً وقد اتضح مما سبق أن الطاعن على حق فيما طلبه من فوائده عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة الرسمية هذا إلى أن الأرض المستولى عليها بما عليها من أشجار ونخيل مما ينتج منها ثمرات يكون من حق الطاعن طبقاً لنص المادة 330 من القانون المدني الملغي الذي يحكم واقعة الدعوى - أن يتقاضى عن ثمنها فوائد من تاريخ الاستيلاء عليها وهو ما أقرت به المطعون عليها في مذكرتها المودعة بالقضية رقم 498 سنة 1948 مدني كلي قنا فيتعين لذلك تعديل الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من رفض طلب الفوائد والحكم للطاعن بها على المبلغ سالف الذكر من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة بتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1948 على أن تكون تلك الفوائد بواقع 5% من هذا التاريخ إلى 14 من أكتوبر سنة 1949 وبواقع 4% من بعد ذلك لحين السداد.