أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 9 - صـ 751

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(98)
الطعن رقم 198 لسنة 24 ق

فوائد تأخيرية. حكم "تسبيب كاف". التأخير في دفع ثمن أرض منزوع ملكيتها تحددت قيمتها بموجب اتفاق. يوجب دفع فوائد التأخير. المادة 124 من القانون المدني القديم - طالما لم يتفق في العقد على خلاف ذلك.
إذا كان الواقع في الدعوى أن وزارة الأشغال اعتمدت مرسوماً خاصاً بتعديل خطوط تنظيم شارع مستشفى الليدي كرومر - الواقع به أرض النزاع - وصدر مرسوم ملكي باعتماد هذه الإجراءات - ثم تعاقدت مصلحة التنظيم - المطعون عليها - مع الطاعنين بموجب اتفاق مؤرخ 25/ 12/ 1939 على أخذ القدر الذي استلزمه تنفيذ هذا المرسوم بنزع ملكيته نظير ثمن قدره 3299 جنيهاً و200 مليم، فإن حق الطاعنين إنما يتحدد بموجب هذا العقد في ثمن الأرض المنزوع ملكيتها بالقيمة التي حصل الاتفاق عليها فيه، وإذن فإذا تأخرت المطعون عليها في دفع الثمن المتفق عليه حتى سنة 1948، فإن الطاعنين لا يكون لهم في حالة التأخير إلا فوائد هذا الثمن من تاريخ مطالبتهم الرسمية به إعمالاً لنص المادة 134 من القانون المدني القديم المنطبقة على واقعة الدعوى - طالما أنهم لم يتفقوا في العقد على خلاف ذلك - وهو ما قضى لهم به الحكم المطعون فيه، ومن ثم لا يكون دفاعهم المنطوي على المطالبة بفرق ثمن الأرض بين تاريخ العقد وما بعد الحرب - دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فلا يعيب الحكم إغفال الرد عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعنين رفعوا الدعوى رقم 813 سنة 49 مدني كلي القاهرة أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها (مصلحة التنظيم) بعريضة ذكروا فيها أنهم يملكون أرضاً بشارع مستشفى الليدي كرومر قسم السيدة زينب وفي سنة 1939 رغبت مصلحة التنظيم في نزع ملكية 40/ 834 متراً منها لتوسيع الشارع المذكور وقدرت ثمناً للمتر في هذه القطعة مبلغ أربعة جنيهات بمقتضى محضر تثمين دعتهم للاطلاع عليه فوافقوا على هذا الثمن وتحرر بينهم وبين المصلحة بتاريخ 25/ 12/ 1939 عقد اتفاق تضمن قبول التقدير على هذا الأساس أصبح بمقتضاه ثمن قطعة الأرض المذكورة 3299 ج و200 م لم تقم المصلحة بدفعه إليهم بل تراخت في ذلك وردت إليهم مستندات ملكيتهم مما يدل في نظر الطاعنين عن عدولها عن هذا المشروع - ثم حدث في سنة 1947 أنه لما أراد الطاعنون تسوير الأرض المملوكة لهم بما فيها تلك القطعة اعترضهم المصلحة وقامت بالاستيلاء فعلاً على 830 متراً منها فطالبها الطاعنون بالاتفاق معهم على الثمن المناسب للأرض وقت الاستيلاء عليها وكن المطعون عليها أجابتهم بتاريخ 20/ 4/ 1948 بأنهم (الطاعنين) سبق أن قبلوا تقدير الثمن بمبلغ 3299 ج و200 م للقطعة المطلوب نزع ملكيتها باعتبار أنها 40/ 834 متراً. ولما كان هذا الثمن قد قدر في سنة 1939 وعدل عن نزع الملكية في ذلك التاريخ وتغيرت الظروف بعد ذلك وارتفعت الأسعار في سنة 1947 عنها في سنة 1939 ارتفاعاً كبيراً فقد أنذر الطاعنون المطعون عليها في 4/ 7/ 1948 بضرورة الاتفاق معهم من جديد على ثمن الأرض المستولى عليها بعد أن أصبح الاتفاق السابق مفسوخاً وقاموا برفع هذه الدعوى وتمسكوا فيها بعدول المطعون عليها عن هذا الاتفاق وفسخ تبعاً لذلك، وبأنه قد شابه غلط مبطل له لأنهم اعتقدوا وقت الاتفاق أن مرسوم نزع ملكية هذه الأرض قد صدر ولكن تبين أن مرسوماً بنزع ملكيتها لم يصدر بعد وطلبوا في ختام العريضة الحكم بإلزام المطعون عليها بأن تدفع لهم مبلغ 12450 ج ثمن الأرض المستولى عليها بواقع 15 ج للمتر الواحد مع الفوائد عن هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد والمصاريف والنفاذ. وطلبت المطعون عليها رفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 3299 ج و200 م وهو الثمن المقرر للأرض المطلوب نزع ملكيتها بمقتضى عقد اتفاق 25/ 12/ 1939 الذي تمسكت به ونفت عدولها عن تنفيذ مشروع سنة 1939. وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1952 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعنين مبلغ 3299 ج و200 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 29/ 1/ 1949 حتى 14/ 10/ 1949 وبواقع 4% سنوياً من 15/ 10/ 1949 حتى السداد مع المصروفات المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وشملت الحكم بالنفاذ المعجل، وذلك استناداً إلى عدم ثبوت حصول فسخ لاتفاق 25/ 12/ 1939 وإلى عدم حصول غلط فيه لسبق صدور مرسوم بتاريخ 6/ 12/ 1934 باعتماد قرار وزير الأشغال بتعديل خط التنظيم بشارع مستشفى الليدي كرومر وهذا المرسوم يسوغ للحكومة طبقاً لنص المادة العاشرة من قرار وزير الأشغال الصادر في 8 من سبتمبر سنة 1889 نزع الملكية. رفع الطاعنون استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة قيد برقم 417 سنة 69 ق طالبين تعديله إلى مبلغ 12450 ج مع الفوائد والمصاريف متمسكين بدفاعهم السابق. وبتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1953 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين (الطاعنين) بالمصاريف وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 29 من مايو سنة 1954 طعن الطاعنون بالنقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة بطلب نقض الحكم. وبتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها وقررت الدائرة إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1958 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على ثلاثة أسباب محصل أولها قصور الحكم في التسبيب من وجهين أولهما خاص بما تمسك به الطاعنون من حصول فسخ ضمني لاتفاق 25/ 12/ 1939 والثاني خاص بما تمسكوا به من حصول غلط في هذا الاتفاق يبطله وقالوا شرحاً للوجه الأول الخاص بالفسخ الضمني إن هذا الفسخ يلحق العقود الرضائية بغير حاجة إلى كتابة تنص على وقوعه بل يكفي في التعرف على تحققه أن يكون مدلوله واضحاً كل الوضوح من مسلك المتعاقدين بعد التعاقد وأنهم قد استدلوا على ذلك بالخطاب المودع بالملف الخاص بمشروع الليدي كرومر الذي يتضمن اعتراف المختصين الصريح بعدم صدور مرسوم بنزع ملكية أرض النزاع وبعدم إدراج المبلغ اللازم صرفه للطاعنين في الميزانية نظراً لعدم استصدار المرسوم وبإرجاء مسألة صرف المبلغ إلى السنة المقبلة والانتفاع بهذا المبلغ في أحوال أخرى أكثر أهمية. كما استدلوا على هذا الفسخ الضمني بمستندات أخرى مودعة بملف المشروع (المستندين رقم 55، 106) وبأن المصلحة لم تقم باستخراج الشهادات العقارية التي تعتبر إجراء أساسياً لصرف ثمن الأرض المنزوع ملكيتها طوال السنين التالية لاتفاق ديسمبر سنة 1939 ولم تفكر في ذلك إلا بعد أن كتب لها الطاعنون في سنة 1948 يستفهمون عن الأساس الذي ستجري عليه المحاسبة باعتبار أن اتفاق سنة 1939 لم يعد له وجود ووجه القصور في ذلك أن المحكمة اكتفت في ردها على هذه الوقائع وما يتصل بها من دفاع بعبارة موجزة لا تشفي غليلاً ولا يمكن مراجعتها معرفة الأساس الذي بني عليه رفض فكرة الفسخ. وقال الطاعنون شرحاً للوجه الثاني الخاص بحصول غلط في اتفاق ديسمبر سنة 1939 إن هذا الدفاع لم يكن بأوفر حظاً من سابقه في رد المحكمة الاستئنافية عليه فقد تمسك الطاعنون في هذا المقام بأنه إذا تبين عدم وجود مرسوم نزع الملكية الذي تعاقد الطرفان متأثرين بوجوده وبسلطانه على إرادتهم فإن مثل هذا الاتفاق يكون قابلاً للبطلان لعيب شاب الرضاء فحسب بل لا يكون ثمت عقد إذ لا تكون الإرادتان قد التقتا وبالتالي لم يوجد اتفاق على الثمن يصح الاستناد إليه لإلزام الطاعنين بقبوله. وجاء رد الحكم على هذا الدفاع مجملاً غاية في الإجمال مفرطاً في التعميم إلى حد غير مألوف تضيع معه الحكمة من اشتراط تسبيب الأحكام. ولم يتعرض الحكم لموضوع صدور المرسوم بنزع الملكية ولم يتحقق من هذه الواقعة ليرتب على أثرها مسئولية مصلحة التنظيم قبل الطاعنين، ومحصل ما ينعى به الطاعنون في السبب الثاني أن الحكم وهو بصدد مناقشته لدفاع الطاعنين الخاص بالفسخ الضمني ودلالة عدم دفع الثمن إليهم على وقوع هذا الفسخ قد استند في قضائه على واقعة تخالف الثابت في الأوراق إذ نسب إلى الطاعنين أنهم لم يطالبوا المصلحة بالثمن في حين أنهم أرسلوا للمصلحة خطابين بتاريخ 3/5 ، 18/ 10/ 1940 مودعين بملف المشروع يطالبونها فيهما بالثمن فلم تهتم المصلحة بالرد عليهم ولم تلتفت المحكمة إلى هذين الخطابين أو تعن بالاطلاع عليهما بالملف. وينعي الطاعنون في السبب الثالث بقصور الحكم في أسبابه الواقعية ذلك أنهم كانوا قد أضافوا في مذكرتهم المقدمة للمحكمة الاستئنافية بجلسة 27/ 12/ 1953 إلى دفاعهم دعامة جديدة مؤداها أنه بفرض أن اتفاق ديسمبر سنة 1939 قائم ولم يفسخ فإن المطعون عليها قد أخلت بالتزامها فيه وهو قيامها بدفع الثمن المتفق عليه إلى الطاعنين فور التعاقد وقد ترتب على ذلك ضرر جسيم للطاعنين يجعل لهم الحق في تعويض هذا الضرر بالحكم لهم بالفرق بين ثمن الأرض في سنة 1939 وثمنها وقت رفع الدعوى كما قدروه ويدخل هذا الفرق ضمن مبلغ الـ12450 جنيهاً الذي طلبوا تعديل الحكم المستأنف إليه ولكن الحكم المطعون فيه تغافل عن هذا الدفاع ولم يشر إليه ضمن أسبابه الواقعية مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الحكم في الدعوى.
وحيث إن السبب الأول من أسباب النعي مردود في وجهه ذلك أنه يبين من الاطلاع على أسباب الحكم الابتدائي التي أقرها وأحال إليها الحكم المطعون فيه أنه قال في صدد مناقشة دفاع الطاعنين الخاص بالفسخ الضمني "ومن حيث إن ما زعمه المدعون (الطاعنون) من أن العقد المؤرخ 25/ 12/ 1939 قد فسخ باتفاق الطرفين قول لم يقم عليه دليل إذ لم يرد ذكر لهذا الفسخ إطلاقاً لا صراحة ولا ضمناً بأية ورقة من الأوراق المتبادلة بين طرفي الخصوم. كما أنه ليس بالملف الخاص بهذا الموضوع والمقدم من المدعى عليها ما يشتم منه رغبة المدعي عليها في فسخ العقد المبرم بينها وبين المدعين بل إن كل ما احتواه هذا الملف عبارة عن مكاتبات تشير إلى تأجيل تنفيذ المشروع ولا نزاع في أن الفسخ لا يكون إلا قضاء أو رضاء فلا يفترض افتراضاً. ومن ثم فلا مناص من احترام عقد الاتفاق المبرم بين الطرفين والأخذ به". وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك ما يأتي: "وحيث إنه بالنسبة للسبب الأول من أسباب الاستئناف وهو الخاص بأن الاتفاق فسخ على خلاف ما استخلصه الحكم فإنه بالرجوع للأوراق المتبادلة بين الطرفين بعد التوقيع على الاتفاق يبين منها بأنه لم يرد بها لا تصريحاً ولا تلميحاً أي إشارة تدل على رغبة مصلحة التنظيم في فسخ العقد (يراجع الملف الخاص بالمشروع وكتاب المستأنفين بتاريخ 26/ 11/ 1940 وكتاب مدير الحسابات بمصلحة التنظيم بتاريخ 7/ 4/ 1941 إلى تفتيش التنظيم الذي يستعجل فيه استصدار مرسوم نزع الملكية وخطاب من المذكور إلى باشمهندس نزع الملكية المشار فيه إلى عقد الاتفاق وأن السبب في عدم السير في المرسوم الملكي هو عدم وجود مبالغ بالميزانية وأن المرسوم يتطلب وقتاً للإجراءات (مستند 63 من ملف التنظيم) ثم كتاب باشمهندس نزع الملكية إلى مفتش التنظيم الذي يقول فيه بإدراج مبلغ الثمن المتفق عليه في كشف المبالغ المنظور صرفها لغاية آخر السنة المالية) ويستخلص من هذا بأن ما ذكرته محكمة أول درجة في هذا الخصوص من أنه ليس بالملف الخاص بالمشروع والمقدم من المستأنف عليها ما يشتم منه رغبتها في فسخ العقد المبرم بينها وبين المستأنفين وأن كل ما احتواه عبارة عن مكاتبات تشير إلى تأجيل تنفيذ المشروع قد وافق الثابت بالأوراق. ومن المبادئ المقررة أن العقد هو شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاقهما صراحة أو ضمناً أو قضاء وأنه إذا شابه سبب من أسباب البطلان يجوز إبطاله... كما لا يعتبر هذا التأخير (في تنفيذ العقد) دليلاً على الفسخ الضمني إلا إذا تأيد بأدلة أو قرائن لا تدع شكاً في حصول الفسخ الضمني لأن الفسخ المذكور لا يفترض من مجرد التأخير في التنفيذ خصوصاً وأن طلب الفسخ هو حق استثنائي وعلى ذلك يعتبر ما ذكره المستأنفون في هذا الخصوص مردود بما تقدم وبما ذكره الحكم المستأنف" كما يبين من الاطلاع على أسباب الحكم الابتدائي التي أقرها وأحال إليها الحكم المطعون فيه أنه في صدد مناقشته لدفاع الطاعنين الخاص بحصول غلط في التعاقد لعدم صدور مرسوم بنزع الملكية أنه قال: "وحيث إنه بالنسبة لما أثاره المدعون من أن العقد المذكور قد وقع باطلاً بمقولة إنه بني على وجود مرسوم بنزع ملكية في حين أنه لم يصدر بعد فإن نص المادة العاشرة من قرار وزير الأشغال رقم 549 الصادر في 8 سبتمبر سنة 1889 بناءً على الأمر العالي الصادر بتاريخ 26/ 8/ 1889 الخاص بأحكام مصلحة التنظيم صريح في (أن مجرد الإقرار على رسم خطر التنظيم من وزير الأشغال وصدور أمر عال باعتماد هذا الإقرار يسوغان للحكومة أن تنزع شيئاً فشيئاً بالطرق القانونية الأراضي المبينة بالرسم لزومها لإنشاء الشوارع المعمول عنها الرسم المذكور ومن تاريخ صدور الأمر العالي المشار إليه لا يجوز إقامة أي بناء على الأراضي اللازم نزع ملكيتها) فإذا تبين من المستندات المقدمة بمحافظة المدعى عليها 8 دوسيه أن بتاريخ 21/ 9/ 1934 اعتمدت وزارة الأشغال المرسوم الخاص بتعديل خطوط تنظيم شارع مستشفى الليدي كرومر (وهو الواقع به أرض النزاع) وصدر مرسوم ملكي بتاريخ 6/ 12/ 1934 اعتمدت وزارة الأشغال المرسوم الخاص بتعديل خطوط تنظيم شارع مستشفي الليدي كرومر (وهو الواقع به أرض النزاع) وصدر مرسوم ملكي بتاريخ 6/ 12/ 1934 باعتماد هذه الإجراءات ثم تعاقدت مصلحة التنظيم بعد ذلك مع المدعين بموجب الاتفاق المؤرخ 25/ 12/ 1939 على أخذ القدر الذي استلزم تنفيذ هذا المرسوم بنزع ملكيته وقدره 800/ 834 متراً نظير ثمن قدره 3299 جنيهاً و200 مليم متى تبين ذلك أصبح لا محل للقول ببطلان هذا الاتفاق لعدم صدور مرسوم بنزع الملكية وقت التعاقد - وحيث إنه لا عبرة كذلك بما يزعمه المدعون من أن رضاءهم بالاتفاق على ثمن الأرض موضوع النزاع كان مشوباً بغلط موجب لبطلان هذا الرضاء وهو إيهامهم بأن الأرض قد نزعت ملكيتها بالفعل - لا عبرة بهذا الزعم إطلاقاً إذ أن الثابت من كشف مقاس الأرض المؤرخ 6/ 8/ 1939 ومن محضر التثمين المؤرخ 3/ 10/ 1939 والموقع عليهما من وكيل المدعين ومن الكتاب المرسل من المدعى عليها للمدعين بتاريخ 17/ 9/ 1939 ما يقطع بفساد هذا الزعم وأن المدعين كانوا يعلمون وقت التعاقد الحاصل 25/ 12/ 1939 أن المرسوم بنزع ملكية الأرض لم يصدر بعد". وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ما سبق لدى مناقشة هذا الوجه من دفاع الطاعنين ما يأتي: "وحيث إنه بالنسبة لما اعترض به المستأنفون على الحكم في السبب الثاني من أسباب الاستئناف خاصاً بالغلط فإنه بالرجوع للملف الخاص بالمشروع يبين منه بأنه قد جاء في محضر نزع الملكية الخاص بالتثمين ما يقطع بأن الأرض لم تنزع ملكيتها وهو المؤرخ 3/ 10/ 1939 إذ نص به على تثمين الأملاك وأجزاء الأملاك المقتضى نزع ملكيتها للمنفعة العامة وجاء به عبارة ملك الخواجة عاداه المراد نزع ملكيتها لتوسيع الشارع .... ويستخلص من هذا بأن ما ذكرته محكمة أول درجة من أن الثابت من كشف مقاس الأرض المؤرخ 6/ 8/ 1939 ومن محضر التثمين المؤرخ 3/ 10/ 1939 والموقع عليهما من وكيل المستأنفين ومن الكتاب المرسل من المستأنف عليهم لهم بتاريخ 12/ 9/ 1939 مما يقطع بفساد الزعم الخاص بأن الاتفاق قد تم تحت تأثير ظن خاطئ هو أن مرسوم نزع الملكية قد صدر - قد استخلص من واقع الثابت بأوراق ملف المشروع ومتفقاً تماماً مع النتيجة التي استخلصها من أن زعم المستأنفين بحصول غلط هو زعم فاسد وغير صحيح ويكون ما ذكره المستأنفون في هذا السبب من أسباب استئنافهم مردود بما تقدم وبما ذكره الحكم في هذا الخصوص". ويبين مما ورد في هذين الحكمين أن ما ردا به على دفاع الطاعنين بشقيه كاف في حمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه فلا محل لتعييبه بالقصور في هذا الخصوص.
وحيث إنه عن النعي بما ورد في السبب الثاني فإنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه ورد به في هذا الخصوص ما يأتي "وحيث إنه بالنسبة للسبب الرابع من أسباب الاستئناف وهو إغفال الحكم الرد على ما ذكروه خاصاً باستخلاص العدول عن الاتفاق وفسخه من أن الثمن لم يدفع في المواعيد القانونية فترى هذه المحكمة رداً على ذلك السبب أن مجرد عدم دفع الثمن لا يعتبر دليلاً أو قرينة على حصول التفاسخ الضمني خصوصاً وأن المستأنفين لم يطالبوا مصلحة التنظيم. والثابت أنه بعد الاتفاق طلب المستأنفون في سنة 1940 رد مستنداتهم إليهم فردت وكانت مصلحة التنظيم تسعى في درج الثمن في ميزانيتها كما سبقت الإشارة إليه في المستندات السابق ذكرها". ومؤدى ما سبق أن الحكم إذ رفض دفاع الطاعنين المبني على حصول فسخ ضمني لعقد الاتفاق بسبب عدم دفع الثمن قد استند إلى أن مجرد عدم دفع الثمن لا يؤدي إلى ذلك. وفي هذا وفيما سبق الإشارة إليه في الرد على الوجه الأول من السبب الأول الخاص بالفسخ الضمني ما يكفي لحمل الحكم في هذا الخصوص. فلا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً بعد ذلك من قول بأن الطاعنين لم يطالبوا المطعون عليها بالثمن ومن ثم يكون هذا النعي غير مجد ويتعين رفضه.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الثالث مردود. ذلك أنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة منهم لجلسة 27/ 12/ 1953 أمام المحكمة الاستئنافية أنه قد ورد بها في خصوص هذا النعي ما يأتي: "ومما هو جدير بالذكر توضيح أن مطالبتنا بتطبيق أحكام المسئولية التعاقدية على المتعاقد ضدها إنما تقوم على أساس افتراض أن العقد محل النزاع قد نشأ صحيحاً لا يشوبه عيب من عيوب الرضا وأنه ظل سارياً نافذاً بين الطرفين حتى الآن فلم يعترضه فسخ أي أننا نبدي هذا الدفاع في حالة ما إذا رأت المحكمة رغم ما قدمناه من شواهد وأدلة أن العقد صحيح نافذ فعندئذ تتحرك المسئولية التعاقدية باعتبار أن مصلحة التنظيم وهي إحدى طرفي العقد قد قصرت تقصيراً جسيماً بلغ درجة التعمد في عدم تنفيذ التزامها بدفع الثمن فترتب على ذلك ضرر محقق يقدره المستأنفون بأنه يتمثل في الفرق بين سعر أرض النزاع عند الاتفاق (4 ج) للمتر الواحد وسعره بعد الحرب قد بلغ ما يوازي 15 ج - وهذا هو ما طالبنا به في العريضة الابتدائية وما نطلب الآن تعديل الحكم المستأنف على أساسه". ولما كان أساس هذا الدفاع من الطاعنين أنهم يقرون بقيام عقد اتفاق 25/ 12/ 1939 وعدم فسخه فإن حقهم إنما يتحدد بموجب هذا العقد في ثمن الأرض المنزوع ملكيتها بالقيمة التي حصل الاتفاق عليها فيه وهو مبلغ من المال مقداره 3299 جنيهاً و200 مليم ولما كانت المادة 124 من القانون المدني القديم المنطبقة على واقعة الدعوى تقضي بأنه "إذا كان المتعهد به عبارة عن مبلغ من الدراهم فتكون فوائده مستحقة من يوم المطالبة الرسمية فقط إذا لم يقض العقد أو الاصطلاح التجاري أو القانون في أحوال مخصوصة بغير ذلك" فإن الطاعنين لا يكون لهم في حالة تأخير المطعون عليها في دفع الثمن المتفق عليه إليهم إلا فوائد هذا الثمن من تاريخ مطالبتهم الرسمية به - طالما أنهم لم يتفقوا في العقد على خلاف ذلك - وهو ما قضى لهم به بالحكم المطعون فيه - ومن ثم لا يكون دفاعهم المنطوي على المطالبة بفرق الثمن بين تاريخ العقد وما بعد الحرب دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فلا يعيب الحكم إغفال الرد عليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.