أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 498

جلسة 24 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عادل بيومي نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، عبد المنعم محمد الشهاوي، مصطفى جمال شفيق وعبد الحميد الحلفاوي.

(107)
الطعن رقم 114 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: التطليق للضرر، التطليق للزواج بأخرى" "دعوى الأحوال الشخصية: الحكم فيها". حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. شرطه. اتحاد الموضوع والخصوم والسبب في الدعويين. اختلاف السبب في دعوى التطليق طبقاً للمادة السادسة من القانون 25 لسنة 1929 عن السبب في دعوى التطليق طبقاً للمادة 11 مكرر من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985. علة ذلك.
(2) دعوى نقض "أسباب الطعن: أسباب قانونية يخالطها واقع".
النعي على الحكم بعدم إعلان الطاعن بتغيير سبب الدعوى الذي تم في غيبته وعدم تمسكه بذلك أمام محكمة الموضوع. دفاع قانوني يخالطه واقع. عدم قبول التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: التطليق للزواج بأخرى".
الحكم بالتطليق وفق المادة 11 مكرر من القانون 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985. شرطه. ثبوت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة. عدم اشتراط استمرار المعاشرة الزوجية بعد الزواج بأخرى فترة من الزمن طالت أم قصرت.
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يتحد الموضوع والخصوم والسبب في الدعويين فإذا تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي. وكان السبب في دعوى التطليق طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 يخالف السبب في دعوى الزوجة التطليق على زوجها لتضررها من زواجه عليها بأخرى طبقاً لنص المادة 11 مكرر من القانون المذكور المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985. إذ الضرر المبيح للتطليق وفق نص هذه المادة الأخيرة هو ضرر خاص على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل أحكام القانون رقم 25 لسنة 1929، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 961 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية الجيزة بطلب التطليق على الطاعن للضرر الذي تحكمه المادة السادسة آنفة الذكر ثم طلبت في الدعوى الراهنة التطليق على الطاعن لإيقاعه الضرر بها لزواجه عليها بأخرى الذي تحكمه المادة 11 مكرر سالفة الذكر بما يكون معه السبب في كل من الدعويين مغايراً للسبب في الدعوى الأخرى ولا يكون للحكم الصادر برفض الدعوى الأولى حجية مانعة من نظر الدعوى الثانية ويكون من ثم النعي على الحكم في هذا الصدد على غير أساس.
2- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم إعلانه بالطلب العارض المقدم من المطعون ضدها والذي تضمن تغييراً لسبب دعواها وهو دفاع قانوني يخالطه واقع فإنه لا يقبل التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
3- النص في المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن "... ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها. فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة....." يدل على أن الشارع اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر مع دوام العشرة بينهما ولم يستلزم لوجوب تحققه استمرار المعاشرة الزوجية بعد الزواج بأخرى فترة من الزمن طالت أم قصرت.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 527 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية الجيزة على الطاعن للحكم - وفقاً لطلباتها المعدلة - بتطليقها عليه لزواجه بأخرى وقالت بياناً لدعواها إنها زوجته بصحيح العقد الشرعي وعلى عصمته وفي طاعته ولم يدخل بها منذ عقد قرانه عليها في 3/ 2/ 1980 وتزوج عليها بأخرى وإذ تضررت من ذلك فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها حكمت في 26/ 4/ 1987 بتطليق المطعون ضدها على الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 626 لسنة 104 ق وبتاريخ 9/ 3/ 1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الثاني منها والوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه سبق للمطعون ضدها أن أقامت الدعوى رقم 961 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية الجيزة على الطاعن للحكم بتطليقها عليه للضرر إعمالاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 وقضى بالرفض بموجب الحكم الصادر في الاستئناف رقم 176 لسنة 102 ق القاهرة وأضحى هذا القضاء نهائياً وحاز قوة الأمر المقضي في دعوى الطلاق ثم أقامت الدعوى الماثلة بذات الطلبات في الدعوى السابقة وإذ قضى الحكم المطعون فيه في هذه الدعوى بتطليق المطعون ضدها عليه استناداً إلى إضراره بها فإنه يكون قد فصل في النزاع خلافاً لحكم سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي وناقض بذلك حجية هذا الحكم وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يتحد الموضوع والخصوم والسبب في الدعويين فإذا تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي. وكان السبب في دعوى التطليق طبقا للمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 يخالف السبب في دعوى الزوجة التطليق على زواجها لتضررها من زواجه عليها بأخرى طبقاً لنص المادة 11 مكرر من القانون المذكور المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985. إذ الضرر المبيح للتطليق وفق نص هذه المادة الأخيرة هو ضرر خاص على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل أحكام القانون رقم 25 لسنة 1929، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 961 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية الجيزة بطلب التطليق على الطاعن للضرر الذي تحكمه المادة السادسة آنفة الذكر ثم طلبت في الدعوى الراهنة التطليق على الطاعن لإيقاعه الضرر بها لزواجه عليها بأخرى الذي تحكمه المادة 11 مكرر سالفة الذكر بما يكون معه السبب في كل من الدعويين مغايراً للسبب في الدعوى الأخرى ولا يكون للحكم الصادر برفض الدعوى الأولى حجية مانعة من نظر الدعوى الثانية ويكون من ثم النعي على الحكم في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان وفي بيان ذلك يقول إنه لما كانت المطعون ضدها قد أقامت دعواها بطلب التطليق عليه للضرر الذي تحكمه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 ثم عدلت طلباتها إلى طلب التطليق عليه لزواجه بأخرى الذي تحكمه المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 وهو منها طلب عارض يتضمن تغيير سبب الدعوى أبدى من المطعون ضدها في غيبته ولم يعلن به فإن الحكم المطعون فيه إذ فصل في موضوع هذا الطلب بتطليق المطعون ضدها عليه رغم ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم إعلانه بالطلب العارض المقدم من المطعون ضدها والذي تضمن تغييراً لسبب دعواها وهو دفاع قانوني يخالطه واقع فإنه لا يقبل التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع والوجهين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان يشترط للحكم بالتطليق للضرر طبقاً لنص المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 ثبوت تضرر الزوجة من زواج زوجها عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما وكان التطبيق الصحيح لهذا النص يستلزم استمرار الحياة الزوجية لفترة بعد الزواج من أخرى وذلك للتحقق من ثبوت الضرر وإمكانه تعذر الحياة الزوجية وشرط تحقق العدل بين الزوجات من عدمه وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد نشزت عن طاعته وأخلت بواجب الإقامة المشتركة معه والقرار في منزل الزوجية وامتنعت عن أن تزف إليه بما لا يصح معه القول بتضررها من زيجته الثانية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بالتطليق على سند من زواج الطاعن على المطعون ضدها بأخرى فإنه يكون قد جعل مجرد الزواج بأخرى يتحقق به الضرر الموجب للتفريق دون اعتبار لوجوب ثبوته في جانب الزوجة على ما تقضي به المادة 11 مكرر المذكورة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن "... ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها. فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة....." يدل على أن الشارع اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر مع دوام العشرة بينهما ولم يستلزم لوجوب تحققه استمرار المعاشرة الزوجية بعد الزواج بأخرى فترة من الزمن طالت أم قصرت، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما استخلصه سائغاً من بينه المطعون ضدها الشرعية أنه قد لحقها ضرر من زواج الطاعن عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ له مأخذه من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.