مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1959 إلى آخر يناير سنة 1960) - صـ 3

(1)
جلسة 31 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور - المستشارين.

القضية رقم 78 لسنة 5 القضائية

عمال الجيش البريطاني - تقدير درجة كفاية العامل - اللجنة المشكلة لإعادة توزيعهم على وزارات الحكومة ومصالحها - اشتراطها أن يؤدى العمال والصناع الفنيون امتحاناً في حرفهم أمام اللجنة الفنية المختصة - الغاية التي استهدفتها هي الوصول إلى تحديد الدرجة والوظيفة التي يوضع فيها كل من هؤلاء العمال والأجر الذي يستحقونه - إطلاق حرية اللجنة الفنية في تقدير مدى صلاحية العامل أو الصانع ودرجة مهارته في حرفته - تفاوت درجة المهارة الفنية في الحرفة الواحدة وتباين الدرجة والأجر المقررين لها في الكادر تبعاً لذلك - لا تثريب على اللجنة الفنية إذا هي قدرت درجة كفاية العامل بصانع غير دقيق ما دامت وظيفة "عامل فني" التي تندرج تحت هذه الدرجة تتسع لحرفته التي لم تر اللجنة أن إلمامه بها يرقى إلى درجة الدقة.
أن الغاية التي استهدفتها لجنة إعادة توزيع عمال القنال من اشتراط أداء امتحان فني للعمال أو الصناع في حرفهم أمام اللجنة الفنية المختصة المشكلة لهذا الغرض في الوزارات والمصالح المختلفة, على غرار ما قضى به كادر عمال الحكومة بالنسبة إلى المعينين من الخارج, هي الوصول إلى تحديد الدرجة والوظيفة التي يوضع فيها كل من هؤلاء العمال والأجر الذي يستحقونه, وذلك تبعاً لقدرته الفنية بعد التحقق من إلمامه بحرفته والوقوف على مبلغ كفايته في العمل الذي يسفر الامتحان عن ثبوت أهليته له. وغني عن البيان أن تحقيق الحكمة من الامتحان المشار إليه يقضى إطلاق حرية اللجنة التي تتولاه في تقدير مدى صلاحية العامل أو الصانع ودرجة مهارته في حرفته حسبما يكشف عنه الاختبار الذي تجريه له والذي على أساسه تحدد درجته ووظيفته وأجره, ومن ثم فلا تثريب على اللجنة المذكورة إذا هي قررت, بعد الاختبار, صلاحية العامل أو الصانع لمهنة غير تلك التي أسندت إليه على عجل وبصفه مؤقتة قبل إعادة توزيع عمال القنال وفقاً للأسس المستقرة التي سنتها اللجنة المشار إليها, أو إذا هي قدرت كفايته في هذه المهنة بمرتبة أدنى أو أعلى من تلك التي وضع فيها عقب تركه خدمة الجيش البريطاني, ما دام المرد في ذلك كله إلى نتيجة الاختبار الذي هو القياس الصحيح للأهلية, ذلك أن درجة المهارة الفنية قد تتفاوت في الحرفة الواحدة, وبناء على هذا تتفاوت درجة الدقة في القائم بهذه الحرفة, وتتباين تبعاً لذلك الدرجة والأجر المقرران لها في الكادر, وما دامت العبرة بدرجة الكفاية بحسب ما تقدره لجنة الامتحان التي لا معقب على تقديرها من الوجهة الفنية, فإن درجة الدقة ومرتبتها على التدرج الوارد في كشوف كادر عمال القنال ترتبط أساساً بهذا التقدير الذي يحدد أجر العامل أو الصانع وفقاً له في نطاق المهنة التي أدى الامتحان فيها, فلا يسوغ بعد تقدير كفايته وضعه في درجة لم ترق إليها هذه الكفاية أو أدنى مما تؤهله لها. ولا قيد على اختصاص اللجنة الفنية في هذا الشأن كما لا سلطان لها في وضعه في درجة غير التي يستحقها, وما دام المناط هو درجة الكفاية تأسيساً على نتيجة الاختبار الفني, فلا تثريب على اللجنة إذا قررت أن العامل يصلح لأعمال في درجة صانع لا يحتاج إلى دقة التي مربوطها (200/ 360 مليماً) وهى الواردة بالجدول رقم 6 الملحق بكادر عمال القنال, وفى حدود هذه الدرجة - لا سواها - يصدق عليه وصف "عامل فني" الوارد بالجدول المذكور والذي يتسع لحرفته التي لم تر اللجنة أن إلمامه بها يرقى إلى درجة الدقة.


إجراءات الطعن

في 13 من ديسمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 87 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة أول نوفمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 113 لسنة 5 القضائية "محاكم" المقامة من: محمود محمد بدار ضد وزارة الشئون البلدية والقروية, القاضي "بأحقية المدعى في درجة عامل دقيق (300/ 500 مليم) ببداية قدرها 240 مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 بالتطبيق لأحكام كادر عمال القنال, ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت المدعى عليها المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وألزم رافعها المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 16 من ديسمبر سنة 1958 وإلى المطعون عليه في 30 منه. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 17 من أكتوبر سنة 1959. وفى 7 منه أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1959. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 113 لسنة 5 ق "محاكم" ضد وزارة الشئون البلدية والقروية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بعريضة أودعها سكرتارية هذه المحكمة في 19 من يناير سنة 1958 ذكر فيها أنه من عمال الجيش البريطاني والتحق بعد إلغاء معاهدة سنة 1936 بخدمة الحكومة حيث عين في 7 من نوفمبر سنة 1951 بوظيفة ميكانيكي بقسم صيانة المصاعد التابع للإدارة العامة للمباني بوزارة الشئون البلدية والقروية بأجر يومي قدره 240 مليماً. وفي أول فبراير سنة 1953 أدى امتحاناً أمام اللجنة الفنية المختصة التي قررت لياقته لمهنة ميكانيكي لصيانة المصاعد بأجر يومي قدرة 240 مليماًً بالدرجة (200/ 360 مليماً) , ولما كان ليس من شأن اللجنة الفنية الموكول إليها الامتحان أن تعدل في كشوف كادر العمال بالحذف أو الإضافة وإنما تقتصر مهمتها على امتحان العامل, إذ لا تملك وضع مهنة معينة في درجة خلاف تلك الواردة بالكشوف المذكورة, وكان المدعى يستحق أجر المهنة التي عين فيها ويقوم بعمله بعد تركه العمل في الجيش البريطاني, فإنه يطلب "الحكم بتسوية حالته باستحقاقه أجراً يومياً قدره 300 مليم في درجة صانع دقيق اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 وتدرج أجره بالعلاوات الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام السيد المعلن إٍليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وقد ردت وزارة الشئون البلدية والقروية على هذه الدعوى بأن المدعى عند اختباره كان أجره 240 مليماً يومياً ولذا وضعته اللجنة الفنية في درجة صانع لا يحتاج إلى دقة التي مربوطها (200/ 360 مليماً) مع منحه علاوتين حتى يصل أجره اليومي إلى 240 مليماً, وهذا الأجر الذي كان يتقاضاه وقت الاختبار حتى لا ينقض عنه, ومن ثم فإن دعواه تكون غير قائمة على أساس حقيقة بالرفض. وقد عقب المدعى على هذا بمذكرة ردد فيها ما جاء بعريضة دعواه واختتمها بطلب منحه درجة صانع دقيق بأجر يومي قدره 300 مليم اعتباراً من بدأ تعيينه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه للأسباب التي أوردها به إلى أنه يرى "الحكم بأحقية المدعى في الدرجة (300/ 500 مليم) ببداية 240 مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 طبقاً لأحكام كادر عمال القنال وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الوزارة بالمصروفات المناسبة".
وبجلسة أول نوفمبر سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعى في درجة عامل دقيق (300/ 500 مليم) ببداية قدرها 240مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 بالتطبيق لأحكام كادر عمال القنال, ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات, وألزمت المدعى عليها المصروفات".
وأقامت قضاءها على أن المناط في تقدير درجة الصانع ومقدار أجره هو بنتيجة الامتحان الذي يؤديه أمام اللجنة المختصة, وأن اللجنة الفنية التي اختبرت المدعى في 31 من يناير سنة 1953 قد هدفت إلى تقدير صلاحيته لمهنة عامل ميكانيكي , ولما كانت هذه المهنة قد وردت في كادر عمال القنال بالكشف رقم 7 ضمن المهن المقررة لها درجة عامل دقيق (300/ 500 مليم) ببداية قدرها 240 مليماً, فإن المدعي وهو يشغل هذه المهنة من بدء تعيينه يستحق أن يوضع في الدرجة المشار إليها, فإذا وضعته اللجنة في درجة صانع لا يحتاج إلى دقة (200/ 360 مليم) فإنها تكون قد أخطأت في وضعه في الدرجة المقررة للمهنة التي امتحن فيها, ذلك أن اختصاصها ينحصر في امتحان العامل وتقدير درجة صلاحيته للمهنة التي يختبر فيها, فإن هي قررت درجة تخالف تلك المقررة لهذه المهنة, فإنها تكون قد جاوزت الاختصاص المخول لها قانوناً. ولا اعتداد بما أثاره المدعى من طلب استحقاقه أجراً يومياً قدره 300 مليم, ذلك أن كادر عمال القنال, وإن كان قد أورد في الكشف رقم 8 مهنة ميكانيكي التي جعل بدايتها 300 مليم, إلا أنه جعل هذه المهنة مصحوبة ببعض الصناعات المبينة به وليس من بينها مهنة ميكانيكي مصاعد كهربائية. كما أن ما يطلبه المذكور من تدرج أجره بالعلاوات مردود بأن من المقرر أن عمال القنال لا يستحقون أية علاوات دورية لعدم توافر الاعتماد المالي اللازم لذلك, كما هو واضح من ميزانية السنة المالية 1954/ 1955, إذ روعي في ربط الاعتمادات المالية الخاصة بأجورهم ألا تصرف لهم أية علاوات اعتباراً من أول مايو سنة 1954, كما يؤيد ذلك كتاب وزارة المالية والاقتصاد رقم 123 - 3/ 2 ق الموجه إلى ديوان الموظفين في 23 من مايو سنة 1954, ومن ثم يكون طلب المدعى هذا غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتارية هذه المحكمة في 13 من ديسمبر سنة 1958 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن الحكمة التي توخاها الشارع من امتحان عمال القنال في حرفهم أمام اللجان المشكلة لهذه الغرض إنما هي معرفه الدرجة التي يوضع فيها كل منهم بحسب قدرته على العمل وتقدير كفايته واستحقاقه للدرجة المقررة في الكادر. وما دام المناط في تقدير درجة الصانع ومقدار أجره هو بنتيجة الامتحان, وما دامت اللجنة الفنية المختصة قد قدرت المدعي بدرجة عامل غير دقيق, فإنه لا يسوغ للمحكمة الإدارية أن تقضى له بدرجة لم ترق إليها كفايته ولم تثبت أهليته لها. ولا وجه للنعي على اللجنة المذكورة بأن اختصاصها مقيد ما دامت قواعد كادر عمال القنال قد تضمنت مهنة "عامل فني" بدرجة صانع غير دقيق (200/ 360 مليم) وهي تتسع لجميع الأعمال التي يقوم بها الصناع الفنيون على اختلاف حرفهم. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة تقرير اللجنة المشكلة في وزارة المالية والاقتصاد بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 لإعادة توزيع عمال الجيش البريطاني الذين تركوا الخدمة في منطقة قناة السويس على وزارات الحكومة ومصالحها بحسب حرفهم وتقدير أجورهم وهو التقرير المؤرخ 19 من مارس سنة 1952, أنه ورد به فيما يتعلق بامتحان العمال ما يلي "ومما يتصل اتصالاً وثيقاً بالأجور المقدرة مسألة تأدية الامتحان. فهذا أمر واجب, إذ يتحتم على العمال أو الصناع الفنيين أن يؤدوا امتحاناً في حرفهم بمعرفة اللجان المشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح طبقاً للمادة السابعة من قواعد كادر العمال, وذلك لمعرفة الدرجة التي يوضع فيها كل منهم حسب قدرته على العمل, فلقد نصت المادة المذكورة على أنه لا يعين عامل من الخارج إلا بعد اجتيازه امتحاناً أمام لجنة فنية, وتحدد اللجنة وظيفته ودرجته....", والغرض من الامتحان التحقق من إلمام عمال الجيش بحرفهم وللوقوف على كفايتهم في العمل واستحقاقهم للدرجات المقدرة لهم في الكادر. ويراعى فيه مختلف الاعتبارات لأنه القياس الصحيح للأهلية.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن الغاية التي استهدفتها لجنة إعادة توزيع عمال القنال من اشتراط أداء امتحان فني للعمال أو الصناع في حرفهم أمام اللجنة الفنية المختصة المشكلة لهذا الغرض في الوزارات والمصالح المختلفة, على غرار ما قضى به كادر عمال الحكومة بالنسبة إلى المعينين من الخارج, هي الوصول إلى تحديد الدرجة والوظيفة التي يوضع فيها كل هؤلاء العمال والأجر الذي يستحقونه وذلك تبعاً لقدرته الفنية بعد التحقق من إلمامه بحرفته والوقوف على مبلغ كفايته في العمل الذي يسفر الامتحان عن ثبوت أهليته له. وغني عن البيان أن تحقيق الحكمة من الامتحان المشار إليه يقتضى إطلاق حرية اللجنة التي تتولاه في تقدير مدى صلاحية العامل أو الصانع ودرجة مهارته في حرفته حسبما يكشف عنه الاختبار الذي تجريه له والذي على أساسه يحدد درجته ووظيفته وأجره. ومن ثم فلا تثريب على اللجنة المذكورة إذا هي قررت, بعد الاختبار, صلاحية العامل أو الصانع لمهنة غير تلك التي أسندت إليه على عجل وبصفة مؤقتة قبل إعادة توزيع عمال القنال وفقاً للأسس المستقرة التي سنتها اللجنة المشار إليها, أو إذا هي قدرت كفايته في هذه المهنة بمرتبة أدنى أو أعلى من تلك التي وضع فيها عقب تركه خدمة الجيش البريطاني, ما دام المراد في ذلك كله إلى نتيجة الاختبار الذي هو المقياس الصحيح للأهلية, ذلك أن درجة المهارة الفنية قد تتفاوت في الحرفة الواحدة, وبناء على هذا تتفاوت درجة الدقة في القائم بهذه الحرفة، وتتباين تبعاً لذلك الدرجة والأجر المقرران لها في الكادر, وما دامت العبرة بدرجة الكفاية بحسب ما تقدره لجنة الامتحان التي لا معقب على تقديرها من الوجهة الفنية, فإن درجة الدقة ومرتبتها على التدرج الوارد في كشوف كادر عمال القنال ترتبط أساساً بهذا التقدير الذي يحدد أجر العامل أو الصانع وفقاً له في نطاق المهنة التي أدى الامتحان فيها, فلا يسوغ بعد تقدير كفايته وضعه في درجة لم ترق إليها هذه الكافية أو أدنى مما تؤهله لها. ولا قيد على اختصاص اللجنة الفنية في هذا الشأن كما لا سلطان لها في وضعه في درجة غير التي يستحقها, وما دام المناط هو درجة الكفاية تأسيساً على نتيجة الاختبار الفني, وما دام الثابت من الأوراق أن اللجنة قامت في 31 من يناير سنة 1953 بامتحان المدعى وذكرت في تقديرها أنه قد "تم اختباره وتشغيله في أعمال صيانة المصاعد الكهربائية في الأعمال الميكانيكية وتبين أنه يصلح لأعمال الصيانة في درجة صانع لا يحتاج إلى دقة التي مربوطها (200/ 360 مليم) بأجر قدره 240 مليماً" أي أنها قدرت درجة كفايته بصانع غير دقيق وإنما منحته علاوتين حتى يبلغ أجره 240 مليماً يومياً كي لا ينقص عما كان يتقاضاه فعلاً وقتذاك, فلا يجوز بعد ذلك اعتباره في درجة صانع دقيق, ولاسيما أن اللجنة المذكورة, وهى صاحبة الاختصاص في التقدير, لم تثبت له صفة الميكانيكي بل قررت "أنه يصلح لأعمال الصيانة في درجة صانع لا يحتاج إلى دقة التي مربوطها (200/ 360 مليم) وهى الواردة بالجدول رقم 6 الملحق بكادر عمال القنال وفى حدود هذه الدرجة - لا سواها - يصدق عليه وصف "عامل فني" الوارد بالجدول المذكور والذي يتسع لحرفته التي لم تر اللجنة أن إلمامه بها يرقى إلى درجة الدقة, ولا يغير من هذا وصفه تجوزا في ملف خدمته بأنه ميكانيكي تارة وبأنه عامل بالمصاعد أو بقسم صيانة المصاعد تارة أخرى.
ومن حيث لما تقدم فإن حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه, إذ قضى بأحقية المدعي في درجة عامل دقيق (300/ 500 م) ببداية قدرها 240 مليماً يومياً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952, يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه في هذا الشق منه وبرفض الدعوى, مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصرفات.