أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 15

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1950
(6)
القضية رقم 415 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن إسماعيل الهضيبى بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد غنيم بك المستشارين.
( أ ) تحقيق. عرض المتهم على شهود الإثبات. ليست له إجراءات معينة.
(ب) إثبات. تقدير أقوال الشهود. سلطة المحكمة في الأخذ بما يدلون به في الجلسة أو في التحقيقات الأولية.
1 - إن عملية عرض المتهم على شهود الإثبات ليست لها إجراءات معينة يوجب القانون مراعاتها.
2 - للمحكمة السلطة في تقدير أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن إليه من أقوالهم بالجلسة أو في التحقيقات الابتدائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذين الطاعنين في قضية الجناية رقم 1723 سنة 1948 الفشن المقيدة بالجدول الكلى برقم 246 سنة 1948 - بأنهما في يوم 23 من أكتوبر سنة 1948 الموافق 20 من ذي الحجة سنة 1367 بدائرة بندر الفشن مديرية المنيا: المتهمان قتلا عمدا طه عبد المجيد الشرقاوي بأن أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار, ثانيا - شرعا في قتل صالح فرج شلابى بأن أطلقا عليه أعيرة نارية قاصدين قتله فأصابه احدها وأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادتهما وهو مداركة المجني عليه بالعلاج, وكان ذلك مع سبق الإصرار. وطلبت إلى قاضى الإحالة أحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات. وقد ادعى كل من: (1) يحيى طه عبد المجيد الشرقاوي و(2) ذكرى طه عبد المجيد الشرقاوي و(3) روحيه طه عبد المجيد الشرقاوي (أولاد المرحوم طه عبد المجيد الشرقاوي) و(4) الست ما شاء الله عبد الله يوسف (زوجته) بحق مدني قبل المتهمين وطلبوا القضاء لهم عليهما متضامنين بمبلغ ألف جنيه مصري على سبيل التعويض مع المصاريف والأتعاب. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت عملا بالمواد 230 و231 و17 من قانون العقوبات بالنسبة للأول والمواد 40/2 - 3 و41 و45 و46 و230 و231 و235 و32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثاني (أولا) بمعاقبة محمد محمود يعقوب بالأشغال الشاقة المؤبدة عن التهمة الأولى وبراءته من التهمة الثانية, و(ثانيا) بمعاقبة إبراهيم أحمد يعقوب بالأشغال الشاقة المؤبدة عن تهمتي اشتراكه مع المتهم الأول في الجناية الأولى وعن ارتكابه الجناية الثانية و(ثالثا) بإلزام محمد محمود يعقوب وإبراهيم أحمد يعقوب بأن يدفعا متضامنين إلى المدعيين بالحق المدني مبلغ ألف جنيه والمصاريف المدنية وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة, وذلك على اعتبار أن المتهمين في الزمان والمكان سالفى الذكر المتهم الأول قتل عمدا ومع سبق الإصرار طه عبد المجيد الشرقاوي عمدة الزاوية الخضراء بأن جمع رأيه وأعد عدته لتنفيذ جريمة القتل العمد في المجني عليه المذكور فتسلح بآلة قاتلة لا تترك مجالا للشك في قصده وهو مسدس محشو بالرصاص وأتى من بلدة الزاوية الخضراء إلى بندر الفشن حيث كان العمدة جالسا عند مبنى جمعية التعاون وأطلق عليه قاصدا قتله من المسدس الذي كان يحمله عيارين ناريين أصاباه بالإصابات السابق بيانها وقد نفذ أحد العيارين بمقدم يسار البطن ونفذ إلى التجويف البريتونى ومزق الأمعاء الدقاق وقد نشأت عن ذلك وفاته بسبب الامتصاص العفن نتيجة التهاب صديدي بالبريتون مضاعف بإصابة البطن. والمتهم الثاني إبراهيم أحمد يعقوب قد ثبت للمحكمة أيضاً أنه اشترك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جناية القتل السابقة وذلك بأن حضر معه إلى بندر الفشن حاملا مسدسا محشوا بالرصاص مجمعين أمرهما على تنفيذ جريمة القتل العمد في العمدة ورافق المتهم الأول وقت أن كان يطلق الرصاص على العمدة وشد أزره وهو يقترف فعلته, فوقعت جناية القتل بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة, وقد ارتكب أيضا جناية أخرى وهى أنه في الزمان والمكان المذكورين شرع في قتل صالح فرج شلابى عمدا ومع سبق الإصرار بأن أطلق عيارا ناريا قاصدا القتل فأصاب هذا العيار المجني عليه المذكور الذي كان بجوار العمدة بالإصابة السابق بيانها في الكشف الطبي وقد خاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو مداركة المصاب بالعلاج. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن المحكمة قد أخلت بحق الطاعنين في الدفاع, ذلك لأن المدافع عنهما طلب سماع شهود نفى سبق أن أدلوا بأقوالهم في التحقيقات كما طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وضم تذكرة المستشفى الخاصة بعلاج المجني عليه, ولكن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب مع أهميته في تحقيق دفاعهما. ويتحصل الوجهان الثاني والثالث من أوجه الطعن في أن الدفاع عن الطاعنين تمسك ببطلان عملية العرض على أحد شهود الإثبات, ولكن المحكمة آخذت بأقوال هذا الشاهد وتناقضت في أسباب حكمها في هذا الخصوص, فتارة تقول إن عملية العرض وقعت صحيحة في الحدود التي رسمها القانون في حين أنها تذكر في موضع آخر أن عملية العرض لا أهمية لها في الدعوى مادامت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد وصدقتها, وهذا منها تناقض يعيب الحكم. أما الوجه الرابع فحاصلة أن المحكمة رفضت ضم قضايا طلب ضمها لإظهار أن للمجني عليه أعداء متعددين والاطلاع عليها قد يكون له أثره في مصير هذه الدعوى, وهذا منها إخلال بحقوق الطاعنين في الدفاع.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد ردت على كل ما يثيره الطاعنان ردا سديدا وبررت رفضها للطلبات المشار إليها في أوجه الطعن بما يتفق مع القانون وسلطتها في تقدير أدلة الدعوى. ولما كان التناقض المدعى لا وجود له في الحكم وكانت عملية العرض ليست لها إجراءات معينة لوجب القانون مراعاتها, وكان للمحكمة السلطة في تقدير أقوال الشهود والأخذ بما تطمئن إليه من أقوالهم بالجلسة أو في التحقيقات الابتدائية - لما كان الأمر كذلك, فإن الجدل على الصورة الواردة في الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.