أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثانية - صـ 374

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1950
(139)
القضية رقم 1348 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسني بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
خيانة الأمانة. متى يتحقق القصد الجنائي؟ عدم استظهار المحكمة هذا الركن في حكمها. قصور.
القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بما له, وإنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه. فإذا كانت المحكمة لم تستظهر هذا الركن الأساسي في حكمها فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن في قضية الجنحة رقم 198 سنة 1949 بأنه في يوم 31 من مارس سنة 1947 بدائرة قسم مينا البصل بدد المبالغ المبينة بالمحضر والمملوكة لورثة المرحوم حافظ علي الطرهونى والمسلمة إليه على سبيل الوكالة فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات ومحكمة مينا البصل الجزئية قضت عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وأمرت بوقف التنفيذ لمدة خمس سنوات تبدأ من يوم اعتبار هذا الحكم نهائياً. فاستأنف. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصراً لأنه دانه بالتبديد استناداً إلى مجرد إقراره بالمديونية وقبوله تقسيط الدين وإرجاء الوفاء مع أن هذا لا يؤدي إلى توافر أركان الجريمة, إذ لا بد من ثبوت أنه كان ينتوي إضافة المال إلى ملكه إضراراً بالورثة, وهو الأمر الواجب توفره لقيام القصد الجنائي واستحقاقه للعقاب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى قال "إن في تعهد المتهم في عقد الصلح بدفع المبلغ الباقي بعد سداده خمسمائة جنيه على أقساط بعد إقراره بهذا المبلغ ما يشير إلى اعترافه بأن هذا المبلغ في ذمته للورثة وكان يتعين عليه أن يبادر إلى سداده فوراً ولو أنه فعل لأطاح بكل شبهة تدور حول نيته في التبديد, أما وقد أرجأ الوفاء بما تبقى مقسطاً فقد دلل على أنه استولى لنفسه على المبلغ المقسط المسلم إليه على سبيل الوكالة إضراراً بالورثة. وظاهر أنه ما كان ينبغي له أن يخلط أموال التركة بماله الخاص بل كان الواجب عليه أن يفصل بينهما استعداداً للوفاء بمال التركة في أية مناسبة ولن يعفيه من المسئولية أن يدفع بأنه كان يعتقد ببراءة ذمته مؤيداً اعتقاده هذا بأنه رفع دعوى براءة الذمة ففضلاً عن أن هذه الدعوى قد رفضت ابتدائياً فإنه قبل الصلح قبل الفصل فيها استئنافياً وظاهر أن تقرير الخبير الذي ندب لفحص الحساب قد انتهى إلى إثبات أن ذمته مشغولة بالمبلغ الذي أسلفت المحكمة الإشارة إليه".
ولما كان القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بماله, وإنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه, وكان ما أوردته المحكمة من أسباب لا يبين منه أنها عنيت باستظهار توفر هذا الركن الأساسي للجريمة, فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه, وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.