أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 8 – صـ 302

جلسة 26 من مارس سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى جندى المستشارين.

(84)
القضية رقم 142 سنة 27 القضائية

مواد مخدرة. جريمة زراعة نبات الحشيش. متى يتوفر القصد الجنائى فيها ؟
يكفى لتوفر القصد الجنائى فى جريمة زراعة نبات الحشيش أن تكون الزراعة بقصد الإنتاج.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 – الطيب محمد جاويش (الطاعن) 2 – أحمد محمد جاويش بأنهما: زرعا نبات الحشيش المبين بالمحضر بقصد إنتاجه وبيعه فى غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للمواد 28 و29 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 1 من الجدول رقم 15 فقررت بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بالمواد 28 و29 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق به للأول والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية للثانى أولا: بمعاقبة المتهم الطيب محمد جاويش بالأشغال الشاقة المؤيدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات وثانيا: ببراءة المتهم الثانى أحمد محمد جاويش مما أسند إليه. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث أن الطاعن يبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور فقد دفع الطاعن بأنه ما كان يعلم نوع النبات الذى وجد فى زراعته وأوضح أنه بعد أن زرع البصل بحوالى شهرين اشترى تقاوى القرطم والشمار وبذرها لحماية الزراعة وكان أن ظهرت الأشجار المضبوطة مع ما بذره مع القرطم والشمار وهو يجهل كنهها وطلب الدفاع استدعاء إخصائى ليبدى رأيه فى إمكان اختلاط هذه البذور ولم يتحدث الحكم عن ركن العلم متجاهلا دفاع الطاعن، كما لم يستظهر القصد الجنائى الخاص فى هذه الجريمة وهو زرع نبات الحشيش بقصد إنتاجه وبيعه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله إنه فى يوم 9 مايو سنة 1955 بدائرة مركز جرجا مديرية جرجا أبلغت حليمه عبد الرحيم يوسف، ضابط مباحث مركز أخميم الملازم أول ابراهيم السنارى أن المتهمين الطيب محمد جاويش (وهو الطاعن) وأحمد محمد جاويش لهما زراعة بصل بحرى بلدة كوم اشكيلو بها نبات الحشيش مخفاة بالبصل فقام ضابط المباحث ومعه قوة من رجاله واصطحب معه ضابط نقطة بوليس بيت داود الملازم أول فتحى ابراهيم والمبلغة حليمه عبد الرحيم يوسف وذهب الجميع إلى هذه الزراعة بارشاد المبلغة حوالى العصر، فشاهدوا أشجارا عديدة لنبات يشتبه فى أن يكون حشيشا مزروعة بكثرة على شكل خطوط منظمة وسط زراعة بصل مساحتها حوالى الربع فدان وموازية لخطوطه، فأرسل ضابط المباحث فى طلب المتهمين كما أرسل فى طلب نائب عمدة كوم اشكيلو محمد أبو العلا وشيخها على محمد فحضر المتهم الأول الطيب محمد جاويش وقرر أن زراعة البصل هى زراعته خاصة وأنكر معرفته بالنباتات المشتبه فيها أو زراعته لها وقرر أنها نباتات نبتت من تلقاء نفسها ثم أحضر نائب العمدة محمد أبو العلا وشيخ البلد عباس محمد ومعهما المتهم الثانى أحمد محمد جاويش وقرر الجميع أن زراعة البصل المذكورة هى زراعة المتهم الأول وحده، فقام ضابط المباحث ومن معه بانتزاع هذه الأشجار من الأرض وإحضارها إلى المركز وعدها فوجدها 4350 شجرة فحرر محضر بذلك وقد أبلغت النيابة بالحادث فتولت التحقيق وأرسلت بعض النباتات المضبوطة إلى المعمل الكيماوى بمصلحة الطب الشرعى لتحليلها فثبت من تقريره أنها نباتات حشيش وأنها أعطت بيم إيجابيا ثم أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ومنها ضبط أشجار الحشيش مزروعة وسط زراعة البصل فى خطوط منتظمة موازية لهذه الزراعة، واعتراف المتهم (الطاعن) بملكيته لزراعة البصل وأنه هو زارعها، ورد الحكم على دفاع الطاعن الذى ردده فى طعنه، بأن النباتات التى شوهدت وسط زراعة الطاعن وجدت فى خطوط منتظمة داخل زراعة البصل وفى خطوط متوازية ولا يتخللها نبات آخر مما يدل على أنها زرعت بمهارة واتقان، وبيد خبير بزراعتها وأثبت الحكم أيضا فى معرض الرد على الدفاع أن المحكمة فضت إحراز هذه النباتات بالجلسة وفى حضور هيئة الدفاع عن المتهمين فتبين أن الأشجار جميعها من نوع واحد وليس بينها ثمت خلاف ولا محل بعد ذلك لإرسال النباتات جميعها للتحليل خصوصا وأن ما أرسل منها للمعمل الكيماوى كان قدرا كافيا وثبت من تحليله أنه لنبات الحشيش. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم من وصف هذه النباتات وأنها كلها متشابهة لم يختلط بها غيرها من الزراعات الأخرى وأنها زرعت صفوفا مستوية فى خطوط محاذية لزراعة البصل، ما أثبته الحكم من ذلك يفيد أن المحكمة أطرحت طلب الدفاع تعيين إخصائى للبت فيما أثاره من اختلاط تلك البذور المحظور زراعتها بغيرها ما دامت قد اقتنعت بالدليل المادى الذى ثبت لديها من أن زراعة نبات الحشيش إنما كانت مستقلة عما عداها من زرع يجاورها وخالصة من شائبة الاختلاط به، وهى لا تلزم بعد ذلك بأن ترد ردا صريحا فى حكمها عن طلب الدفاع، لما كان ذلك كانت المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 تنص على " أن يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه كل من زرع نباتا من النباتات الواردة فى الجدول رقم (5) وكل من جلب أو صدر أو نقل أو أحرز أو اشترى أو تبادل أو سلم أو تسلم نباتا من هذه النباتات... بالمخالفة لأحكام هذا القانون، وكان ذلك بقصد انتاجها أو بيعها أو غير ذلك مما هو مبين بالفقرتين (ب)، (ج) السابقتين" وكان الجدول رقم (5) المشار إليه فى هذا النص قد ذكر بين النباتات الممنوع زراعتها نبات الحشيش، وكان الحكم قد أثبت أن زراعة نبات الحشيش المضبوطة كانت نامية وفى خطوط منتظمة وأن عدد أشجارها المضبوطة قد بلغ 4350 شجرة كلها من نوع واحد، وكان القصد الجنائى فى هذه الجريمة يكفى فيه أن تكون الزراعة بقصد الانتاج وكان هذا القصد من المسائل المتعلقة بالموضوع، لما كان ذلك فإن المحكمة تكون على حق إذا هى استنتجت من وقائع الدعوى ومن الأدلة والقرائن التى استخلصتها أن المتهم (الطاعن) هو الزارع لما زرع سواء فى ذلك الزراعة المباحة والزراعة المحرمة وأنه لم يكن فى ذلك إلا منتويا انتاج مخدر الحشيش الذى حرم القانون انتاجه، وتكون فيما انتهت إليه من ادانته على فعلته قد طبقت القانون تطبيقا سليما بعد أن استظهرت توافر العناصر القانونية لتلك الجريمة استظهارا كافيا لا قصور فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.