أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثانية - صـ 1055

جلسة 7 مايو سنة 1951
(385)
القضية رقم 348 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب السعادة والعزة: أحمد فهمي إبراهيم باشا وكيل المحكمة وأحمد حسني بك, وحسن إسماعيل الهضيبي بك وفهيم إبراهيم عوض بك المستشارين.
تموين:
( أ ) صاحب المحل. مسؤوليته عن المخالفات التي تقع في محله. الحكم بالغرامة فقط. محله. تعدد مصانع المتهم. ذلك لا يكفي للقول بتعذر مراقبتها.
(ب) استخدام مواد التموين في غير الغرض الذي صرفت من أجله أو استخدامها في مصنع آخر. لا يتطلب توفر قصد جنائي خاص.
1 - إن الشارع إذ نص في المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 على أن يكون "صاحب المحل مسؤولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون ويعاقب بالعقوبات المقررة لها, فإذا أثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة في المواد من 50 إلى 56 من هذا المرسوم بقانون" فقد دل بذلك على أن الأصل هو معاقبة صاحب المحل بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون لمدير المحل الذي وقعت فيه المخالفة. فإذا كانت المخالفة عقوبتها الحبس والغرامة معاً فإنه ما لم يثبت صاحب المحل أنه كان متعذراً عليه منع وقوع المخالفة انطبقت الفقرة الأولى من المادة 58 المذكورة. وإذ طبقت المحكمة على صاحب المحل هذه الفقرة معتمدة في ذلك على أقواله في التحقيقات التي يستفاد منها أنه كان المهيمن الفعلي على ما يدور في مصنعه الذي وقعت فيه المخالفة وعلى مصانعه الأخرى ولم تعبأ بما ذكره من تعدد مصانعه واتساع أملاكه, مما لا يعتبر دليلاً على استحالة المراقبة, فإنها تكون قد استعملت سلطتها التقديرية في أمر متعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها.
2 - إن القانون لا يوجب توفر قصد جنائي خاص في جريمة استخدام مواد التموين في غير الغرض الذي صرفت من أجله أو استخدامها في مصنع آخر غير المصنع الوارد بيانه في البطاقة بل تتحقق الجريمتان بمجرد وقوع الفعل المعاقب عليه والمتهم عالم به دون حاجة إلى البحث عن البواعث التي دفعت المخالف لارتكاب الفعل المنهى عنه بمقتضى صريح نص المادتين 12 و13 من القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - باسيلي ميشيل كومباروس و2 - تودري ديمتريو. بأنهما بدائرة قسم الموسكي المتهم الأول بوصفه صاحب مصنع والثاني مديره أولاً: لم يخطرا مراقبة التموين المختصة عن الوفورات المتبقية لديهما من مواد التموين في المواعيد المقررة قانوناً. ثانياً: استخدما مقدار السكر المقرر لهما في غير الغرض الذي صرف من أجله. ثالثاً: استخدما السكر المقرر لهما في غير المصنع الوارد بيانه في البطاقة. وطلبت عقابهما بالمواد 10 - 2, 12, 13، 54 من القرار رقم 504 لسنة 1945 و115 لسنة 1949 و56, 57 و58 من المرسوم بقانون رقم 91 لسنة 1945 ومحكمة القاهرة المستعجلة قضت عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى التهمتين الثانية والثالثة أولاً ببراءة المتهمين من التهمة الأولى المسندة إليهما وثانياً بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وكفالة لكل منهما عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وتغريم كل منهما مائة جنيه وأمرت بنشر ملخص الحكم على واجهة المحل لمدة ستة شهور عن التهمتين الثانية والثالثة فاستأنف المتهمان, ومحكمة مصر قضت بتأييد الحكم ووقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة خمس سنوات تبدأ من اليوم وذلك بالنسبة للمتهم الأول (الطاعن) وإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الثاني وبراءته عملاً بالمادتين 172 و188 من قانون تحقيق الجنايات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن أوجه الطعن تتحصل في القول (أولاً) بأن الطاعن دفع بأنه يملك 13 مصنعاً غير الأراضي الزراعية مما يتعذر عليه معه الإشراف عليها جميعاً ولذا فقد جعل لكل مصنع مديراً مسئولاً وليس له إلا الإشراف العام مما مقتضاه أنه بفرض صحة الوقائع موضوع المحاكمة لا يساءل إلا في حدود ما نص عليه القانون رقم 95 لسنة 1945 في المادة 58 منه وإذن فكان بجب الحكم عليه بالغرامة المنصوص عليها في تلك المادة دون الحبس - أما والحكم المطعون فيه قد قضى عليه بالعقوبتين معاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وإذ لم يرد على هذا الدفاع الجوهري يكون قد شابه القصور. (وثانياً) بأن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن بالمادتين 12 و13 من القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 أخذا بظاهر لفظهما قد أخطأ إذ أن حكمة التشريع هي عدم التلاعب في مواد التموين ورقابة حسن توزيعها على الناس بحيث لا تهرب إلى الخارج ولا يحابى بها عن طريق بيعها في السوق السوداء لفريق من السكان دون الفريق الآخر وهذه الحكمة منتفية في واقعة هذه الدعوى ويؤكد هذا النظر القرار الصادر من وزير التموين رقم 44 لسنة 1950 والذي ألغى العمل بالمادة الخامسة من القرار رقم 504 لسنة 1945 التي كان يجب بمقتضاها على أصحاب المحلات والمصانع أن يخطروا مراقبة التموين المختصة في فترات معينة في السنة عن الوفورات المتبقية لديهم من مواد التموين ومفهوم ذلك أن لصاحب المصانع المتعددة أن يستخدم مواد التموين المخصصة لها كوحدة قائمة بغض النظر عن مخصصات كل مصنع بذاته وله في سبيل حسن سير العمل وحسب الظروف المحيطة به أن يستعمل مواد التموين المخصصة لمصنع ما في مصنع آخر له أيضاً ما دامت العملية سليمة في ذاتها وبعيدة عن التلاعب في تلك المواد. و(ثالثاً) بأن الدفاع عن الطاعن طلب تحقيق نقص مقدار السكر ودفع بأن سبب هذا النقص يرجع إلى أن كمية كبيرة من زجاجات المياه الغازية أعدمت لعدم صلاحيتها للاستهلاك لعيب طرأ على الآلات لم يتنبه له العمال في حينه وأن كمية أخرى بلغ ثمنها 550 جنيهاً بيعت وفقدت فواتير بيعها وأرصدت في دفتر اليومية ولكن مفتش التموين رفض احتساب كمية السكر التي استلزمه صنعها وكميته اللازمة لصنع الزجاجات التالفة والمحكمة اعتمدت على أقواله ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن في هذا الصدد وهذا منها إخلال بحقه في الدفاع.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في طعنه مردود (أولاً) بأن الشارع إذ نص في المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 على أن "يكون صاحب المحل مسئولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون ويعاقب بالعقوبات المقررة لها فإذا أثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة. اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة في المواد من 50 إلى 56 من هذا المرسوم بقانون" فقد دل بذلك على أن الأصل هو معاقبة صاحب المحل بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون لمدير المحل الذي وقعت فيه المخالفة وهي في واقعة هذه الدعوى الحبس والغرامة معاً ما لم يثبت هو أنه كان متعذراً عليه منع وقوع المخالفة فعندئذ وعندئذ فقط يحق له التمسك بالعذر المبين في القانون والذي على مقتضاه يعفى من عقوبة الحبس دون الغرامة. ولما كان المستفاد من الأدلة التي أوردها الحكم أن المحكمة أطرحت دفاعه المشار إليه في الطعن واعتمدت فيما اعتمدت عليه في إدانته على أقواله في التحقيقات التي يستفاد منها أنه كان المهيمن الفعلي على ما يدور في مصنعه الذي وقعت فيه المخالفة وعلى مصانعه الأخرى وكان ما يذكره الطاعن من تعدد مصانعه واتساع أملاكه لا يعتبر دليلاً على استحالة المراقبة فإن المحكمة إذ طبقت الفقرة الأولى من المادة 58 المذكورة وعاقبته على مقتضاها تكون قد استعملت سلطتها التقديرية في أمر متعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومن ثم فلا خطأ في القانون ولا قصور إذ أن دفاع الطاعن موضوعي لا يلزم له رد صريح خاص - بل الرد عليه يكون مستفاداً من الحكم بالإدانة على أساس الفقرة الأولى من المادة المذكورة لأدله الثبوت التي أوردها الحكم (وثانياً) بأن القانون لا يوجب توفر قصد جنائي خاص في جريمة استخدام مواد التموين في غير الغرض الذي صرفت من أجله أو استخدامها في مصنع آخر غير المصنع الوارد بيانه في البطاقة بل تتحقق الجريمتان بمجرد وقوع الفعل المعاقب عليه والمتهم عالم به وذلك دون حاجة إلى البحث عن البواعث التي دفعت المخالف لارتكاب الفعل المنهى عنه بمقتضى صريح نص المادتين 12، 13 من القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 واللتين طبقهما الحكم المطعون فيه على واقعة الدعوى. (وثالثاً) بأن الحكم المطعون فيه قد تعرض لدفاع الطاعن المشار إليه في الوجه الثالث من الطعن وفنده في منطق سديد وإذن فلا تكون المحكمة قد أخلت بدفاع الطاعن في شيء.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.