أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثانية - صـ 1073

(جلسة 8 من مايو سنة 1951)
(391)
القضية رقم 223 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد فهمي إبراهيم باشا وكيل المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم إبراهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
بلاغ كاذب. القصد الجنائي. متى يتحقق؟ دفاع المتهم بأن القذف والإخبار وقعا في عريضة دعوى. عدم التعرض له. قصور.
يشترط لتوفر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الجاني عالماً بكذب الوقائع التي بلغ عنها وأن يكون منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ في حقه. فإذا كان الحكم لم يعن بإقامة الدليل على ثبوت علم المتهم بكذب الوقائع, وكان الطاعن قد أشار في دفاعه أمام المحكمة الاستئنافية إلى المادة 309 من قانون العقوبات بناءً على أن القذف والإخبار قد وقعا في عريضة الدعوى مما يشمله حكم المادة المذكورة فسكت الحكم عن التعرض لذلك, فهذا يكون قصوراً يعيب الحكم بما يوجب نقضه.


الوقائع

رفع المدعيان بالحقوق المدنية دعوى الجنحة المباشرة أمام محكمة جنح بندر دمنهور الجزئية على 1 - الدكتور فهمي مسعد (الطاعن) و2 - صبحي أفندي نخلة منصور و3 - مرقص أفندي رزق و4 - نجيب أفندي عبد السيد, و5 - رزق الله جرجس و6 - عوض الله أفندي سمعان و7 - توفيق أفندي عبده و8 - فهيم نصر الله بصحيفة أعلناها لهم في 17 و19 يوليو سنة 1947 قالا فيها إن المتهم الأول بصفته رئيساً لمجلس إدارة الجمعية الخيرية القبطية الأرثوذكسية بدمنهور أولاً - قذف علناً في حقهما بأن أسند إليهما أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقابهما واحتقارهما عند أهل وطنهما وهي اتهامهما بارتكابهما جريمة نصب. وثانياً - أخبر الحكام القضائيين كذباً مع سوء القصد بأمر كاذب مستوجب لعقوبة فاعله بأن أبلغ كذباً بحصول جريمة النصب سالفة الذكر واتهم فيها المدعيين بالحق المدني الأستاذ غالي إبراهيم والدكتور نجيب فهيم, والسبعة الآخرون اشتركوا مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين السابقتين بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن عاونوه وامتنعوا عن تكذيب الوقائع التي نسبها إلى المجني عليهما مع تكليفهم بذلك فوقعت الجريمتان بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبا عقابهما بالمواد 40 - 2 - 3 و41 و171 و302 و303 و305 من قانون العقوبات كما طلبا القضاء لهما عليهم متضامنين بدفع مبلغ 2000 جنيه تعويضاً عما لحقهما من ضرر. والمحكمة قضت حضورياً للمتهم الأول (الطاعن) وغيابياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد 302 - 1 و303 - 1 و305 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول - أولاً - بتغريمه 20 جنيهاً وإلزامه بأن يدفع لكل من المدعيين بالحقوق المدنية مائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وتخصيص التعويض المحكوم به لجمعيتي الإسعاف والمواساة بدمنهور وللجمعية الخيرية القبطية بمصر مثالثة بينهم وذلك تنفيذاً لرغبة المدعيين بالحقوق المدنية. وثانياً - ببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم وذلك عملاً بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات. فاستأنف المحكوم عليه (الطاعن) ومحكمة دمنهور الابتدائية قضت غيابياً بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فعارض وقضي في معارضته برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بجريمتي البلاغ الكاذب والقذف جاء باطلاً لقصوره. ذلك لأن المحكمة لم تستظهر توفر القصد الجنائي لديه فلم تقم الدليل على أنه كان يعلم بكذب الواقعة حين رفع دعواه المباشرة كما أنها رتبت قضاءها بإدانته في تهمة القذف على ثبوت الإدانة في التهمة الأولى دون أن تبحث توافر أركانها ومع أن ما وقع منه كان في عريضة دعوى مما يشمله حكم المادة 309 من قانون العقوبات التي تقضي بعدم العقاب على ما يسنده أحد الأخصام لخصمه في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة ثم قال: "وحيث إنه استناداً إلى ما ورد بأسباب الحكم المعارض فيه مما لا يتعارض مع ما تقدم تكون التهمتان المسندتان إلى المتهم ثابتتين قبله إذ أن تهمة القذف ثابتة في حقه من وصفه للمدعيين بالحق المدني بالنصب الذي لم يثبت في حقهما على النحو المشار إليه في الجنحة رقم 2030 سنة 1947 بندر دمنهور كما أن ركن العلانية متوافر من تداول صحيفة الدعوى المذكورة في قلم المحضرين كما أن تهمة البلاغ الكاذب متوافرة الدليل قبله أيضاً من إبلاغه كذباً ضد المدعيين بالحق المدني بأنهما استوليا بطريق الاحتيال على مال الجمعية وأن أولهما لم ينفق مصاريف الانتقال التي استلمها من أموال الجمعية واختلسها لنفسه بمساعدة المدعي المدني الثاني الأمر الذي لم يثبت في حقهما على النحو الذي قررته المحكمة في الجنحة 2030 سنة 1947 سالفة الذكر ومن سوء قصده في التبليغ ضدهما بتحريكه الدعوى العمومية قبلهما من باب التشهير متجاوزاً قرار مجلس إدارة الجمعية الذي فوضه للمطالبة بحق الجمعية على ما أشار إليه الحكم المستأنف ومن نية الإضرار بهما بتقديمهما للمحاكمة والتشهير بهما ووقوفهما موقف الاتهام, ومن ثم يكون الحكم المعارض فيه في محله ويتعين تأييده". ولما كان يشترط لتوفر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الجاني عالماً بكذب الوقائع التي بلغ عنها وأن يكون منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ في حقه, وكان الحكم لم يعن بإقامة الدليل على ثبوت العلم بكذب الوقائع لديه. لما كان الأمر كذلك. وكان الطاعن من جهة أخرى قد أشار في دفاعه أمام المحكمة الاستئنافية إلى المادة 309 من قانون العقوبات بناءً على أن القذف والإخبار قد وقعا في عريضة الدعوى وهي مما تشمله حكم المادة سالفة الذكر فسكت الحكم عن التعرض لذلك. وفي هذا قصور يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.