أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 492

جلسة 4 من أبريل سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(93)
الطعن 1996 رقم لسنة 36 القضائية

(أ) تعويض. دعوى مدنية. حكم.
الحكم بالتعويض غير مرتبط بالحكم بالعقوبة. جواز الحكم به ولو قضى بالبراءة. شرط ذلك: ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة، أو على عدم صحتها، أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم.
(ب) دخان. عقوبة. " مصادرة ". غش.
الأدخنة العادية لا تخرج عن دائرة التعامل إلا إذا كون خلطها غشا. ثبوت أن الدخان المضبوط من الأدخنة العادية. إبطال الحكم دليل غشه بإبطاله محضر الضبط المثبت له. عدم جواز الحكم بالمصادرة.
1 - الأصل أن الحكم بالتعويض المدني لا يرتبط حتما بالحكم بالعقوبة، إذ يصح الحكم به ولو قضى بالبراءة، إلا أن شرط ذلك ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلا، أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم، لأنه في هذه الأحوال لا تملك المحكمة أن تقضى بالتعويض على المتهم أو على المسئول عنه لقيام المسئوليتين الجنائية والمدنية معا على ثبوت حصول الواقعة وصحة إسنادها إلى صاحبها. ولما كان مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من تبرئة المتهم تأسيسا على بطلان محضر الضبط لحصوله قبل الطلب أنه استبعد الدليل المستمد من ذلك الإجراء والذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه، فإن الواقعة التي بني عليها طلب التعويض تكون قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهم، فلا تملك المحكمة القضاء بالتعويض عنها لطالبته.
2 - متى كان الدخان المضبوط هو من الأدخنة العادية التي لا تخرج بذاتها عن دائرة التعامل إلا إذا كون خلطها غشا، وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل دليل الغش - بفرض وقوعه - حين أبطل محضر الضبط المثبت له، فإن القضاء بالمصادرة سواء بصفتها تدبيرا وقائيا أو بصفتها تعويضا مدنيا يكون ممتنعا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 6 من ديسمبر سنة 1960 بدائرة مركز طلخا: أحرز دخانا "معسلا" مغشوشا. وطلبت عقابه بالمادتين 1 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانونين 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948. وادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ 1750 ج على سبيل التعويض. محكمة طلخا الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 19 من فبراير سنة 1962 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ممن أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحقوق المدنية مصارف دعواها المدنية. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة ومصلحة الجمارك.
ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت - بهيئة إستئنافية - حضوريا بتاريخ 17 يونيه سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض في 26 يوليه سنة 1962. وبتاريخ 20 من أبريل سنة 1964 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الدعوى المدنية وإحالة القضية إلى محكمة المنصورة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وألزمت المطعون ضده المصروفات. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت في الدعوى من جديد بتاريخ 15 من فبراير سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعى بصفته المصاريف. فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ رفض دعوى التعويض المدني الذي تطالب به الطاعنة - مصلحة الجمارك - ولم يقض بالمصادرة في جريمة غش الدخان المسندة إلى المطعون ضده قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على ما انتهى إليه من بطلان محضر ضبط الواقعة المحرر، بمعرفة مفتش الإنتاج لإجرائه قبل صدور الطلب باتخاذه من مصلحة الجمارك وخلص إلى تبرئة المطعون ضده، مع أن القضاء بالبراءة لا يلزم عنه حتما رفض التعويض لمن أصابه الضرر من الفعل الجنائي، ولأن للمصادرة في هذا الصدد صفة التعويض المدني الذي يتعين القضاء به من تلقاء المحكمة طبقا للمستفاد من صريح نص المادة الثانية من الأمر العالي الصادر في 21 من ديسمبر سنة 1890 والمادة السادسة من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل، ولأن الدخان المخلوط من المواد التي يحظر القانون إحرازها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان إجراءات ضبط الواقعة التي حرر محضرها بمعرفة الإنتاج في 21 من ديسمبر سنة 1960 لحصولها قبل صدور الطلب في 4 يناير سنة 1961 من مصلحة الجمارك وفقا لحكم المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ وأهدر الدليل المستمد منه، وقضى ببراءة المطعون ضده لانعدام الدليل عليه، ورتب على ذلك رفض الدعوى المدنية. ولما كان من المقرر أنه إذا كان الأصل أن الحكم بالتعويض المدني لا يرتبط حتما بالحكم بالعقوبة، إذ يصح الحكم به ولو قضى بالبراءة، إلا أن شرط ذلك ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلا، أو على عدم صحة أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم لأنه في هذه الأحوال لا تملك المحكمة أن تقضي بالتعويض على المتهم أو على المسئول عنه لقيام المسئوليتين الجنائية والمدنية معا على ثبوت حصول الواقعة وصحة إسنادها إلى صاحبها. ولما كان مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من تبرئة المتهم تأسيسا على بطلان محضر الضبط لحصوله قبل الطلب أنه استبعد الدليل المستمد من ذلك الإجراء والذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه، فإن الواقعة التي بني عليها طلب التعويض تكون قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهم، فلا تملك المحكمة القضاء بالتعويض عنها لطالبته. لما كان ذلك، وكان الدخان المضبوط هو من الأدخنة العادية التي لا تخرج بذاتها عن دائرة التعامل، إلا إذا كون خلطها غشا. وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل دليل الغش - بفرض وقوعه - حين أبطل محضر الضبط المثبت له، فإن القضاء بالمصادرة سواء بصفتها تدبيرا وقائيا، أو بصفتها تعويضا مدنيا - يكون ممتنعا للعلة ذاتها التي يمتنع بها القضاء بالتعويض المدني البحت. لما كان ما تقدم، فإن الطعن بوجهيه يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعا، وإلزام الطاعنة المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.