أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 596

جلسة 6 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه الصديق دنانه.

(121)
الطعن رقم 244 لسنة 43 القضائية

(1) مواد مخدرة. قصد جنائى. جريمة. "أركانها".
إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل بالفصل فيها قاضى الموضوع.
(2) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذى يعيب الحكم. ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر. ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة.
(3) مواد مخدرة. تفتيش. "التفتيش بإذن". "إذن التفتيش إصداره". محكمة الموضوع. "سلطتها تقدير التحريات". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سلطة محكمة الموضوع فى تقدير التحريات وتجزئتها لها أن ترى فيها ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى.
(4) حكم. "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". إثبات. "شهود".
إحالة الحكم فى بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر لا يعيبه ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
(5) تفتيش. "التفتيش. بإذن إذن التفتيش إصداره" محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعى. الأمر فيه يوكل لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
(6) مواد مخدرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب عير معيب".
اطراح الحكم دفاع الطاعن بشأن اختلاف وزن المخدر فى التحليل عنه فى تحقيق النيابة استنادا إلى أقوال الشاهد بأن مرجع ذلك إلى خطأ مادى فى الكتابة وإن ذلك لا ينال مما عثر عليه من قطعة مخدر أخرى بجيب جلبابة وفتات مخدر بجيب صديريه. لا يعيبه.
1- من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها.
2- التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة.
3- للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها فى سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضا أن ترى فى تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفى أقوال الضابط محررها مما يقنعه بأن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار به وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره – فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص فضلا عن انعدام مصلحته فى إثارته – لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
4- لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما على ما هو ثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة – متفقة فيما استند إليه الحكم منها هذا، إلى أن الطاعن لم يفصح فى صحيفة طعنه عن أوجه الخلاف المزعومة، فإن ما يثيره فى هذا الشأن يضحى غير مقبول.
5- تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – على ما أفصحت عنه في حكمها – فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
6- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بشأن اختلاف وزن قطعة الأفيون التى أرسلت للتحليل عن وزنها الثابت فى تحقيقات النيابة استنادا إلى ما اطمأن إليه من أقوال الضابط شاهد الإثبات من أن مرجع ذلك إلى خطأ مادى فى الكتابة وإن هذا الاختلاف – بفرض صحته لا ينال من الدليل القائم على حيازة الطاعن لقطع المخدر الأخرى التى ضبطت يجيب جلبابه وبما عثر عليه من فتات الأفيون يجيب صديريه مما يوفر مسئوليته الجنائية عن إحراز هذه المواد المخدرة قل ما ضبط منها أو كثر. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الوجه يكون فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم أول فبراير سنة 1971 بدائرة قسم أسيوط محافظة أسيوط: حاز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (أفيونا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمواد 1 و2 و7/ 1 – 2 وأ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 1 من الجدول رقم 1 الملحق. فقرر ذلك بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1971. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بتاريخ 11 من أبريل سنة 1972 عملا بالمواد 1 و2 و37/ 1 - 2 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 1 من الجدول رقم 1 المرفق والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة ..... وشهرته ..... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك على اعتبار أن المتهم حاز بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى جوهرا مخدرا (أفيونا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى، قد شابه تناقض وقصور فى التسبيب وانطوى على فساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ فى الاسناد، ذلك بأنه بعد أن حصل الواقعة أخذا بما دلت عليه تحريات رئيس قسم مكافحة المخدرات من اتجار الطاعن فى المواد المخدرة وترويجها الأمر الذى أكده الضابط الذى باشر تنفيذ إذن النيابة العامة بضبطه وتفتيشه عاد الحكم فنفى توافر قصد الاتجار لدى الطاعن إستنادا إلى خلو الأوراق من الدليل على توافره، كما عول الحكم فى قضائه بالإدانة على أقوال الشرطى السرى ..... دون أن يورد مؤدى شهادته واكتفى فى تحصيلها بالإحالة على أقوال الضابط مع اختلاف أقوالهما، وقد أطرح الحكم دفاع الطاعن المبنى على بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التى سبقته ورد على هذا الدفع برد غير سائغ، هذا إلى أنه التفت عن دفاع الطاعن المؤسس على اختلاف وزن قطعة المخدر الكبيرة الواردة فى تحقيق النيابة عنه فى تقرير التحليل ولم يعن بإجراء تحقيق لهذا الدفاع، وفى هذا كله ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن النقيب ...... رئيس قسم مكافحة مخدرات أسيوط علم من تحرياته السرية أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة، ولما تحقق من صدق تحرياته استصدار إذنا من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه صرح له فيه بندب غيره لتنفيذه فندب لذلك النقيب ..... الذى انتقل وبمرافقته قوة من رجال الشرطة السريين لتنفيذ الإذن فعثر بجيب جلباب الطاعن على زجاجة بداخلها قطع من الحشيش وبجيب صديريه على لفافة بداخلها قطعة من الأفيون وزنها 27.80 جراما، ثم أورد الحكم مؤدى أقوال الضابط الذى باشر التفتيش فى أن التحريات السرية التى أجراها القسم واشترك هو فيها، دلت على أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد نفى عن الطاعن هذا القصد بقوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز المخدر المضبوط، فإن الأوراق خلو من الدليل على أنه كان يحوزه بقصد الاتجار إذ لم تضبط معه أية أداة من أدواته كميزان أو مطواة، كما أنه لا دليل على أنه كان يحوزه بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى". وكان التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها فى سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ ما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداها، ومن سلطتها التقديرية أيضا أن ترى فى تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفى أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار – وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره – فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص فضلا عن انعدام مصلحته فى إثارته – لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد فى تفصيل أقوال الضابط الذى باشر إجراءات التفتيش عرض لأقوال الشرطى السرى ...... فقال أنه شهد بالتحقيقات وبالجلسة بمضمون ما شهد به الضابط، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان أقوال الشاهد إلى ما أورد من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما – على ما هو ثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة – متفقة فيما استند إليه الحكم منها، هذا إلى أن الطاعن لم يفصح فى صحيفة طعنه عن أوجه الخلاف المزعومة، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يضحى غير مقبول. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – على ما أفصحت عنه فى حكمها – فلا معقب عليها فى ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بشأن اختلاف وزن قطعة الأفيون التى أرسلت للتحليل عن وزنها الثابت فى تحقيقات النيابة استنادا إلى ما اطمأن إليه من أقوال الضابط شاهد الإثبات من أن مرجع ذلك إلى خطأ مادى فى الكتابة وأن هذا الاختلاف – بفرض صحته – لا ينال من الدليل القائم على حيازة الطاعن لقطع المخدر الأخرى التى ضبطت بجيب جلبابه وبما عثر عليه من فتات الأفيون بجيب صديريه مما يوفر مسئوليته الجنائية عن إحراز هذه المواد المخدرة قل ما ضبط منها أو كثر. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الوجه يكون فى غير محله ويضحى الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.