أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 699

جلسة 22 من مايو سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(136)
الطعن رقم 830 لسنة 37 القضائية

مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر. مجرد تحقق الحيازة المادية غير كاف لتوافره. وجوب قيام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه من الجواهر المخدرة المحظور إحرازها قانونا.
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة المادية بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من الجواهر المخدرة المحظور إحرازها قانونا. ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساته على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدوناته توافره توافرًا فعليًا. وإذ كان الطاعن قد دفع بأن شخصا آخر أعطاه اللفافة المضبوطة فوضعها في حجره إلى أن حضر الضابطان فوقف وعندئذ سقطت من حجره، وأنه ما كان يعلم كنه ما تحويه تلك اللفافة، فإنه كان من المتعين على الحكم أن يورد ما يبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بأن ما يحرزه من الجواهر المخدرة. أما قوله بأن مجرد وجود المخدر في حيازته باعترافه كاف لاعتباره محرزا له وأن عبء إثبات عدم علمه بكنه الجوهر المخدر إنما يقع على كاهله هو، فلا سند له من القانون، إذ أن القول بذلك فيه إنشاء لقرينة قانونية مبناها افتراض العلم بالجوهر المخدر من واقع حيازته وهو ما لا يمكن إقراره قانونا ما دام القصد الجنائي من أركان الجريمة، ويجب أن يكون ثبوته فعليا لا افتراضيا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 فبراير سنة 1963 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "حشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى المحكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة انتهت إلى تعديل وصف التهمة إلى الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وقضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 11 ديسمبر سنة 1966 عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم/ 1 المرافق مع إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل سنتين، وبتغريمه خمسمائة جنيه، وبمصادرة المخدر. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع قام على أنه لم يكن عالما بأن ما أحرزه هو جوهر مخدر غير أن الحكم أطرح هذا الدفاع بقوله إن الطاعن لم يقدم دليلاً عليه مع أن عبء الإثبات يقع على كاهل سلطة الاتهام دون المتهم الذي يفترض فيه البراءة أصلاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الضابطين ومن اعتراف الطاعن والتقرير الطبي الشرعي عرض للرد على ما دفع به الطاعن من انعدام القصد الجنائي العام لديه فقال "ومن حيث إن المتهم اعترف بإحرازه للمخدر زاعما أنه لا يعرف كنهه ولا ماهيته دون أن يقدم للمحكمة الدليل اليقيني على صدق زعمه فيكون إحرازه للمخدر محققا وثابتا في حقه". لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة المادية بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من الجواهر المخدرة المحظور إحرازها قانونا. ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساته على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدوناته توافره توافرا فعليا. وإذ كان الطاعن قد دفع بأن شخصا آخر يدعى سيد أعطاه اللفافة المضبوطة فوضعها في حجره إلى أن حضر الضابطان فوقف وعندئذ سقطت من حجره، وأنه ما كان يعلم كنه ما تحويه تلك اللفافة، فإنه كان من المتعين على الحكم أن يورد ما يبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بأن ما يحرزه من الجواهر المخدرة. أما قوله بأن مجرد وجود المخدر في حيازته باعترافه كاف لاعتباره محرزا له وأن عبء إثبات عدم علمه بكنه الجوهر المخدر إنما يقع على كاهله هو، فلا سند له من القانون، إذ أن القول بذلك فيه إنشاء لقرينة قانونية مبناها افتراض العلم بالجوهر المخدر من واقع حيازته وهو ما لا يمكن إقراره قانونا ما دام القصد الجنائي من أركان الجريمة، ويجب أن يكون ثبوته فعليا لا افتراضيا. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أورده الحكم لا يتوافر به قيام العلم لدى الطاعن فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون سديدا، ويتعين لذلك نقض الحكم والإحالة.