أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 225

جلسة 2 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوي، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، ومصطفى الأسيوطي، ومحمد ماهر حسن.

(56)
الطعن رقم 1678 لسنة 39 القضائية

( أ ) إجراءات المحاكمة. "حضور الخصوم". حكم. "وصف الحكم". "الحكم الغيابي. الحكم الحضوري الاعتباري". معارضة.
العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة.
المقصود بالحضور في معنى المادة 238/ 1 إجراءات؟
الحضور الاعتباري في مفهوم المادة 239 إجراءات؟
حضور الخصم إحدى الجلسات ثم تخلفه عن الحضور في الجلسات التالية بعد تقديمه عذراً مقبولاً كان في مقدور المحكمة تحقيق قيامه أو انعدامه، إلا أنها قعدت عن تحقيقه. اعتبار الحكم الصادر في هذه الحالة غيابياً جائزاً المعارضة فيه.
(ب) نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
صدور الحكم قبل الفصل في موضوع الدعوى ودون أن ينبني عليه منع السير فيها لعدم إنهائه الخصومة كلها أو بعضها.
عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض.
1 - المقصود بالحضور في نظر المادة 238/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية هو وجود المتهم بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك في الجلسة التي حصلت فيها المرافعة حتى تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه، إلا أن الشارع لاعتبارات سامية تتعلق بالعدالة في ذاتها اعتبر الحكم الصادر في الجنحة أو المخالفة في بعض الحالات حضورياً، بقوة القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية ومقتضاها حضور الخصم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً، فإذا ما انتفى الأمران أحدهما أو كلاهما بأن تخلف عن الحضور إطلاقاً أو حضر ثم غادر الجلسة أو تخلف عن الحضور في الجلسات التالية بعد أن قدم عذراً مقبولاً وكان في مقدور المحكمة أن تشق طريقها في تحقيق قيام أو عدم قيام هذا العذر، ورغم ذلك لم تفعل فإن حكمها يكون في حقيقته حكماً غيابياً جائزاً المعارضة فيه رجوعاً إلى الأصل العام لانتفاء علة اعتباره حضورياً اعتبارياً لتخلف أحد شروطه إذ العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه. ولما كانت محاضر جلسات محكمة أول درجة تنبئ عن قيام عذر تخلف الطاعنين عن حضور جلسة المحاكمة الأخيرة وهو وجودهما في السجن وكان في مقدور محكمة أول درجة أن تتقصى ثبوت قيام أو عدم قيام هذا العذر والوقوف عليه بنفسها لما قد يترتب على ذلك من أثر على حقيقة وصف الحكم الصادر منها وشكل المعارضة المرفوعة من المطعون ضدهما، وكانت مذكرة النيابة العامة التي استند إليها الحكم المطعون فيه قد كشفت عن جدية عذر تخلفهما إذ كانا بالسجن نفاذاً لحكم صادر ضدهما، فإن حكم محكمة أول درجة وقد صدر في غيبة المطعون ضدهما وعذر تخلفها القهري ماثل أمامها دون أن تفطن إليه وتتناوله في حكمها بالرد يكون غيابياً وبالتالي قابلاً للطعن فيه بالمعارضة لعدم إتاحته فرصة الدفاع للمتهمين. وإذ جرى الحكم المطعون فيه بهذا النظر وقضى بإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل في المعارضة، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد صدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولم ينبن عليه منع السير فيها إذ هو لم ينه الخصومة كلها أو بعضها، فإنه لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض وفقاً للمادة 31 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في ليلة 11 من أبريل سنة 1965 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: سرقا الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر لفضل أحمد وآخرين من مسكنه بطريق الكسر من الخارج. وطلبت عقابهما بالمادة 317/ 2 - 4 من قانون العقوبات. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت في الدعوى حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل والنفاذ. فعارضا. وقضى في معارضتهما بعدم قبولها. فاستأنف المحكوم عليهما الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة من جديد. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بعدم قبول معارضة المطعون ضدهما وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للحكم في المعارضة من جديد، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المطعون ضدهما حضراً أمام محكمة أول درجة بالجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى ثم تخلفا عن الحضور في الجلسات اللاحقة، ومن ثم فإن الحكم الصادر ضدهما يعتبر حضورياً اعتبارياً فلا تجوز فيه المعارضة ما دام استئنافه جائزاً.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المتهمين حضرا بجلسة 6 من يونيه سنة 1965 المحددة لنظر الدعوى فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 26 من سبتمبر سنة 1965 مع عرض المتهم الثاني على مفتش الصحة للكشف عليه، وفيها لم يحضرا فتأجلت لجلسة 2 من يناير 1966 لإحضار المتهمين من السجن ثم تتابع تأجيل الجلسات لتنفيذ القرار السابق حتى جلسة 12 مارس سنة 1967 وفيها لم يحضرا وقضت المحكمة حضورياً اعتبارياً بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل والنفاذ، فعارض المطعون ضدهما في هذا الحكم وقضت المحكمة بعدم قبول المعارضة. فاستأنف الطاعنان هذا الحكم ومحكمة الاستئناف قضت بحكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل في المعارضة، استناداً إلى ما قالته بأن "تخلف المتهمين عن الحضور أمام المحكمة بجلسة 12 مارس سنة 1967 التي صدر فيها الحكم قد حدث بسبب عذر واضح وهو إنما كانا مقيدي الحرية فيتعين القول بثبوت العذر المبرر لغيابهما أن الحكم الابتدائي قد صدر غيابياً". لما كان ذلك، وكان المقصود بالحضور في نظر المادة 238/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية هو وجود المتهم بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك في الجلسة التي حصلت فيها المرافعة حتى تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه إلا أن الشارع لاعتبارات سامية تتعلق بالعدالة في ذاتها، اعتبر الحكم الصادر في الجنحة أو المخالفة في بعض الحالات حضورياً بقوة القانون في الحالة المنصوص عليها في المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية ومقتضاها حضور الخصم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى، بدون أن يقدم عذراً مقبولاً، فإذا ما انتفى الأمران أحدهما أو كلاهما بأن تخلف عن الحضور إطلاقاً، أو حضر ثم غادر الجلسة أو تخلف عن الحضور في الجلسات التالية، بعد أن قدم عذراً مقبولاً وكان في مقدور المحكمة أن تشق طريقها في تحقيق قيام أو عدم قيام هذا العذر ورغم ذلك لم تفعل فإن حكمها يكون في حقيقته حكماً غيابياً جائز المعارضة فيه رجوعاً إلى الأصل العام لانتفاء علة اعتباره حضورياً اعتبارياً لتخلف أحد شروطه إذ العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هو بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه. لما كان ذلك، وكانت محاضر جلسات محكمة أول درجة - على النحو السالف بيانه - تنبئ عن قيام عذر تخلف الطاعنين عن حضور جلسة المحاكمة الأخيرة وهو وجودهما في السجن وكان في مقدور محكمة أول درجة أن تتقصى ثبوت قيام أو عدم قيام هذا العذر والوقوف عليه بنفسها لما قد يترتب على ذلك من أثر على حقيقة وصف الحكم الصادر منها وشكل المعارضة المرفوعة من المطعون ضدهما، وكانت مذكرة النيابة العامة المؤرخة 29 مايو سنة 1969 والتي استند إليها الحكم المطعون فيه قد كشفت عن جدية عذر تخلفهما إذ كانا بالسجن نفاذاً للحكم الصادر ضدهما في القضية رقم 3393 سنة 1965 جنح مصر الجديدة وأنهما كانا مقيدي الحرية من 5 من ديسمبر سنة 1966 إلى 5 من ديسمبر سنة 1967 أي أنهما كانا مقيدي الحرية يوم 12 من مارس سنة 1967 وهو تاريخ نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وصدور الحكم فيها وهو ما لم تجادل النيابة الطاعنة في صحته". لما كان ذلك، فإن حكم محكمة أول درجة، وقد صدر في غيبة المطعون ضدهما وعذر تخلفهما القهري ماثل أمامها دون أن تفطن إليه وتتناوله في حكمها بالرد فإن حكمها يكون غيابياً ويكون بالتالي قابلاً للطعن فيه بالمعارضة بعدم إتاحة فرصة الدفاع للمتهمين وإذ جرى الحكم المطعون فيه بهذا النظر وقضى بإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل في المعارضة، فإنه يكن قد التزم صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان هذا الحكم المطعون فيه قد صدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولم ينبن عليه منع السير فيها إذ هو لم ينه الخصومة كلها أو بعضها، فإنه لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض وفقاً للمادة 31 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن المقدم من النيابة العامة في ذلك الحكم.