أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 528

جلسة 5 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(127)
الطعن رقم 317 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تموين. خبز. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
( أ ) حق القاضي أن يستمد عقيدته من أي عنصر من عناصر الدعوى. دون التقيد بدليل معين.
(ب) المرجع في تحري وصف الخبز. هو الحواس الطبيعية لمن قام بالضبط.
وزن عناصر الدعوى. استقلال محكمة الموضوع به. عدم جواز مجادلتها في ذلك أمام النقض، ما دام أنها لم تخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
1 - من المقرر أن للقاضي بمقتضى القانون الحق في استمداد عقيدته من عناصر الإثبات المطروحة أمامه في الدعوى دون التقيد بدليل معين.
2 - إن مرجع الأمر في تحري وصف الخبز هو الحواس الطبيعية لمن يقوم بالضبط ولا يوجب القانون أو الواقع عليه أن يتخذ طريقة خاصة لذلك مثل الاستعانة بالمقاييس الطولية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ما دامت أنها لم تخرج في ذلك عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. [(1)]


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 5/ 10/ 1966 بدائرة قسم باب الشعرية: أنتجا خبزاً شامياً أقل من الوزن المقرر قانوناً. وطلبت عقابهما بالمواد 31 و38 من القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقوانين أرقام 109 لسنة 1959 و220 لسنة 1963 و282 لسنة 1965 والمواد 56 و57 و58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 250 لسنة 1952. ومحكمة باب الشعرية الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ 4/ 9/ 1968 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم الأول ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه وبتغريمه مائة جنيه والمصادرة وبتغريم المتهم الثاني مائة جنيه. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إنتاج خبز أقل من الوزن القانوني، جاء مشوباً بالفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه استند في إدانته إلى أقوال شاهد الإثبات من أن الخبز الذي أجرى وزنه هو من فئة العشرة مليمات، في حين أنه طبقاً لأحكام القرار رقم 90 لسنة 1957 يتم إنتاج ثلاثة أنواع من الخبز الشامي، الأول قطره 20 سنتيمتراً وثمنه عشرة مليمات والثاني قطره 14 سنتيمتراً وثمنه خمسة مليمات والثالث قطره 9 سنتمترات وثمنه مليمان ونصف المليم، ولا يمكن القطع بفئة الرغيف إلا إذا قيس قطره أولاً ولا يجوز في هذا الخصوص الاعتماد على النظر العادي في معرفة قطر الرغيف تحديداً للفئة التي يباع بها، كما التفتت المحكمة عن طلب الدفاع مناقشة الشاهد وفي هذا ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى التي دان بها الطاعن بما تتوافر به كافة أركانها القانونية واستدل على ثبوتها في حقه بشهادة محرر المحضر ونتيجة الوزن، ثم عرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعن ورد عليه بقوله "إن دفاع المتهم الأول الذي حضر بالجلسة الاستئنافية من أن الخبز المضبوط هو من الخبز الشامي المتوسط وأن محرر المحضر لم يقس قطر الرغيف لأن قطر الرغيف الشامي الكبير لا يقل عن 20 سنتيمتراً وقطر الرغيف الشامي المتوسط لا يقل عن 14 سنتيمتراً وأن بعض الخبز المضبوط على الأقل من الرغيف الشامي المتوسط سعره خمسة مليمات والبعض الآخر من الخبز الشامي الكبير فئة عشرة مليمات، وأن محرر المحضر لم يحدد كل نوع منهما، وهذا الدفاع برمته على غير أساس سليم، لأن وزن الرغيف الشامي المتوسط 97.5 جراماً وقد بلغ وزن متوسط الرغيف من الخبز المضبوط 168.5 جراماً فليس ثمة ما يقنع عقلاً بأن المتهمين (الطاعن وآخر) يبيعان رغيفاً وزنه 168.5 جراماً بخمسة مليمات، ولو كان بعض الخبز من المتوسط والبعض الآخر من الرغيف الشامي الكبير لأدى ذلك بداهة ومنطقياً إلى زيادة النقص في وزن الرغيف الشامي الكبير وقد قطع محرر المحضر في محضره بأن الـ 66 رغيفاً التي جمعها من الخبز الشامي الكبير وتطمئن المحكمة لصدق هذا القول، ولا عليه إن لم يقس قطر الخبز المذكور" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للقاضي بمقتضى القانون الحق في استمداد عقيدته من عناصر الإثبات المطروحة أمامه في الدعوى دون أن يتقيد بدليل معين، كما أن مرجع الأمر في تحري وصف الخبز هو الحواس الطبيعية لمن يقوم بالضبط، ولا يوجب القانون أو الواقع عليه أن يتخذ طريقة خاصة لذلك مثل الاستعانة بالمقاييس الطولية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره دون رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت أنها لم تخرج في ذلك عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 113 لسنة 1957 أجازت الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. ولما كان الطاعن لم يطلب من المحكمة الاستئنافية سماع شاهد الإثبات فلا يقبل منه أن ينعي عليها قعودها عن القيام بإجراء أمسك هو عن المطالبة به. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.


[(1)] نفس المبدأ مقرر بالطعن رقم 1207 لسنة 38 ق جلسة 21/ 10/ 1968 السنة 19 ص 846.