مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957) - صـ 227

(26)
جلسة 22 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد/ السيد علي السيد - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 153 لسنة 2 القضائية

( أ ) ميعاد الستين يوماً - وقفه لمدة سنة في الحالات المنصوص عليها بالقانون رقم 377 لسنة 1953 - الوقف لا يقتصر على قرارات اللجان القضائية الصادرة قبل العمل بقانون المعادلات الدراسية، بل يشمل كل ما يصدر بعده من قرارات بالتطبيق لأحكامه استناداً إلى ما حل من نصوصه محل قرارات مجلس الوزراء المشار إليها بالمادة الرابعة منه.
(ب) ميعاد الستين يوماً - انطواء القرار المطعون فيه على شقين مرتبطين ارتباطاً لا يقبل التجزئة - مطالبة الطاعن بإلغاء القرار برمته - توجيه المطاعن في صحيفة الطعن إلى أحد شقي القرار فقط - رفع الطعن في الميعاد القانوني بالنسبة لأحد الشقين، وأثره على ميعاد الطعن بالنسبة للشق الآخر.
1- إن القانون رقم 377 لسنة 1953 نص في مادته الرابعة على أنه "استثناء من حكم المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 105 لسنة 1953، يعتبر موقوفاً لمدة سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، ميعاد الطعن في قرارات اللجان القضائية الصادرة بالاستناد إلى قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الرابعة من قانون المعادلات الدراسية سالف الذكر". وإطلاق النص على النحو من التعميم لا يجعل حكمه في وقف ميعاد الطعن لمدة السنة مقصوراً على القرارات الصادرة من اللجان القضائية قبل صدور القانون رقم 371 لسنة 1953، بل يصرفه أيضاً إلى ما يصدر بعد ذلك من قرارات بالتطبيق لهذا القانون متى كان أساس الحق المقضي به مستنداً إلى ما حل من نصوص القانون المذكور محل قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الرابعة منه؛ وذلك للحكمة التي أفصح عنها المشرع في مذكرته الإيضاحية، وهي إفساح الوقت أمام الحكومة لتتخذ إجراءات الطعن لكثرة عدد القضايا، ولكي تتدبر موقفها من الموظفين إما بتسوية على مقتضى نصوص قانون المعادلات وإما بطعن في القرار أمام المحكمة؛ ومن ثم فإن وقف سريان ميعاد الطعن يصدق على قرار اللجنة القضائية الصادر لصالح المتظلم؛ لاستناد هذا القرار إلى نصوص القانون رقم 371 لسنة 1953 التي حلت محل قرار أول يوليه سنة 1951.
2- إنه وإن كانت الحكومة قد ذكرت في صدر صحيفة طعنها أن الشق الثاني من قرار اللجنة القضائية (وهو القاضي باستحقاق المتظلم الدرجة السادسة الشخصية بالتطبيق للمرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952) قد جاء مخالفاً للقانون، وأغفلت الشق الأول منه، إلا أنها انتهت في ختام طعنها إلى طلب إلغاء قرار اللجنة القضائية برمته. ولما كان قضاء اللجنة في الشق الثاني من قرارها مترتباً على قضائها في الشق الأول منه كأثر من أثار التسوية التي قررتها لصالح المتظلم والتي مصدرها أصلاً هو قرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951 الذي ألغاه وحل محله القانون رقم 371 لسنة 1953، فإن ميعاد الطعن في هذا الشق من القرار يأخذ حكم ميعاده في الشق الأول منه بحكم اللزوم؛ لقيام الارتباط بينهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ويسري عليه بالتالي حكم الوقف الذي نصت عليه المادة الرابعة من القانون رقم 377 لسنة 1953.


إجراءات الطعن

في 31 من يناير سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة، سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 153 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة " أ " الدائرة الثانية) بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 10489 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة الزراعة ضد محمد محمد سعد، القاضي: "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وإلزام الحكومة المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي أستند إليها في صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به في الشق الأول من تسوية حالة المتظلم بالتطبيق للقانون 371 لسنة 1953، وإلغاؤه في الشق الثاني الخاص بتطبيق القانون 329 لسنة 1952 مع ما يترتب على التسوية في الشق الأول من آثار قانونية، وإلزام الوزارة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الزراعة في 11 من فبراير سنة 1956 وإلى المطعون لصالحه في 14 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 24 من نوفمبر سنة 1956. وقد أبلغ الطرفان في 19 من سبتمبر سنة 1956 بميعاد هذه الجلسة، وانقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي منهما مذكرة بملاحظاته، وقد سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن في الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
( أ ) عن الدفع بعدم قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري:
من حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة الزراعة التظلم رقم 2650 لسنة 1 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 26 من يوليه سنة 1953 ذكر فيها أنه حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة في سنة 1932 وعين بوزارة الزراعة في 14 من يونيه سنة 1934 باليومية ومنح الدرجة الثامنة اعتباراً من أول مايو سنة 1936، ولما كان قرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951 يقضي باعتبار المعينين في ظل كادر سنة 1931 في الدرجة السابعة منذ بدء التعيين، فإنه يطلب صدور قرار اللجنة باعتبار بداية تعيينه في الدرجة السابعة منذ 14 من يونيه سنة 1934، مع تسوية حالته على هذا الأساس وتطبيق قرارات مجلس الوزراء الخاصة بالمنسيين على حالته، ومنحه الدرجة السادسة الفنية، وصرف ما يترتب على ذلك من فروق، وبجلسة 24 من أكتوبر سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قرارها "بتسوية حالة المتظلم على النحو الآتي: (أولاً) استحقاقه للدرجة الثامنة من بدء التعيين، وللدرجة السابعة بعد سنتين؛ بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953. (ثانياً) استحقاقه للدرجة السادسة بصفة شخصية بالتطبيق للمرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952". واستندت في أسباب هذا القرار إلى أن القانون رقم 371 لسنة 1953 ينص على إلغاء قرارات مجلس الوزراء الصادرة في أول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951 وذلك من وقت صدورها، وعلى سريان أحكامه على الدعاوى المنظورة أمام اللجان القضائية؛ ومن ثم فإن هذا القانون هو الواجب التطبيق في هذه الخصوصية. وأنه بتسوية حالة المتظلم على هذا الأساس يستحق الترقية إلى الدرجة السادسة بصفة شخصية بالتطبيق لأحكام المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. وقد أبلغ قرار اللجنة القضائية إلى وزارة الزراعة في 2 من فبراير سنة 1954 بكتاب اللجنة رقم 802 المؤرخ أول فبراير سنة 1954. بيد أن الوزارة طلبت بكتابها رقم 3179 - 71/ 13/ 1203 المؤرخ 4 من يوليه سنة 1954إلى إدارة قضايا الحكومة الطعن في قرار اللجنة؛ اعتماداً على أن القانون رقم 377 لسنة 1953 قد أوقف ميعاد الطعن في هذا القرار لمدة سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الصادر في 22 من يوليه سنة 1953. وبناء على هذا طعنت الوزارة في القرار المذكور أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 10489 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 10 من يوليه سنة 1954 ذكرت في صدرها أنه لما كان الشق الثاني من قرار اللجنة القضائية مخالفاً للقانون فإنها تطعن فيه طالبة إلغاءه؛ لأنه ليس من أثر الأقدميات الرجعية التي يرتبها قانون المعادلات الدراسية أن يستفيد الموظف من القواعد السابقة الموقوتة الأثر التي قصد بها تسوية حالات الموظفين المستوفين لشرائطها في تاريخ معين ينتهي بعده تطبيقها، لذا لا يمكن تطبيق المرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952 على حالة المطعون عليه. وانتهت من هذا إلى طلب "الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع إلغاء قرار اللجنة الصادر في التظلم المبين في صلب العريضة، مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وبجلسة 7 من ديسمبر سنة 1955 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة " أ ") في هذه الدعوى "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وإلزام الحكومة بالمصروفات"؛ وأقامت على قضاءها على أنه لما كان المدعى عليه من الموظفين المؤقتين فإنه لا يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 طبقاً للتفسير الوارد في القانون رقم 151 لسنة 1955، ولما كان الشطر الثاني من القرار المطعون فيه مترتباً على الشطر الأول فإنه يسقط بسقوطه. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 31 من يناير سنة 1956 طلب فيها "قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء (أصلياً) بعدم قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري لرفعها بعد الميعاد، و(احتياطياً) بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به في الشق الأول من تسوية حالة المتظلم بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 وإلغاؤه في الشق الثاني الخاص بتطبيق القانون رقم 329 لسنة 1952 مع ما يترتب على التسوية في الشق الأول من آثار قانونية، وإلزام الوزارة المصروفات"؛ وبني طعنه فيما يتعلق بعدم قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على أنه وفقاً للمادتين 9 من القانون رقم 160 لسنة 1952 و12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 يرفع الطعن خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغ الوزارة بالقرار، وعلى ذلك يكون الطعن قد قدم للمحكمة بعد الميعاد. وقد كانت عناصر هذا الميعاد تحت نظر المحكمة وكان عليها أن تقضي بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد ولو لم يدفع به؛ لأن ميعاد رفع الدعوى هو من النظام العام لتعلقه باستقرار القرارات الإدارية؛ وذلك طبقاً لما نصت عليه المادة 381 من قانون المرافعات التي يسري حكمها؛ لعدم تعارضه مع نصوص مجلس الدولة، أما ولم تفعل ذلك فإنها قد أخطأت خطأً مبطلاً للحكم. أما ما قضى به القانون رقم 377 لسنة 1953 من وقف لميعاد الطعن في قرارات اللجان القضائية، فإنه مقصور على القرارات التي تصدر استناداً إلى قرارات مجلس الوزراء التي حددها دون تلك الصادرة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 التي منها القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن قرار اللجنة القضائية صدر لصالح المتظلم في 24 من أكتوبر سنة 1953، وأنه أبلغ إلى وزارة الزراعة في 2 من فبراير سنة 1954، وأن الوزارة طعنت في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 10 من يوليه سنة 1954. كما أنه ثابت أيضاً أن قرار اللجنة القضائية وأن لم يطبق قرر مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951 الذي طلب المتظلم تطبيقه على حالته إلا أنه صدر بالاستناد إلى أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وهو القانون الذي نص في مادته الرابعة على اعتبار قرارات مجلس الوزراء التي حددها - ومنها قرار أول يوليه سنة 1951 - ملغاة من وقت صدورها وأحل محلها الأحكام الواردة فيه. ومن ثم فإن قرار اللجنة يكون قد فصل في الواقع في شأن مركز قانوني يستمد منشأة في الأصل من قرار أول يوليه سنة 1951 وهو القرار الذي انطوت أحكامه مع غيره من القرارات الأخرى في التنظيم الجديد الجامع الذي تضمنه القانون رقم 371 لسنة 1953.
ومن حيث إن القانون رقم 377 لسنة 1953 نص في مادته الرابعة على أنه "استثناء من حكم المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 105 لسنة 1953، يعتبر موقوفاً لمدة سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، ميعاد الطعن في قرارات اللجان القضائية الصادرة بالاستناد إلى قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الرابعة من قانون المعادلات الدراسية سالف الذكر". وإطلاق النص على هذا النحو من التعميم لا يجعل حكمه في وقف ميعاد الطعن لمدة السنة مقصوراً على القرارات الصادرة من اللجان القضائية قبل صدور القانون رقم 371 لسنة 1953، بل يصرفه أيضاً إلى ما يصدر بعد ذلك من قرارات بالتطبيق لهذا القانون متى كان أساس الحق المقضي به مستنداً إلى ما حل من نصوص القانون المذكور محل قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الرابعة منه؛ وذلك للمحكمة التي أفصح عنها المشرع في مذكرته الإيضاحية وهي إفساح الوقت أمام الحكومة لتتخذ إجراءات الطعن لكثرة عدد القضايا ولكي تتدبر موقفها من الموظفين إما بتسوية على مقتضى نصوص قانون المعادلات وإما بطعن في القرار أمام المحكمة. ومن ثم فإن وقف سريان ميعاد الطعن يصدق على قرار اللجنة القضائية الصادر لصالح المتظلم لاستناد هذا القرار إلى نصوص القانون رقم 371 لسنة 1953 التي حلت محل قرار أول يوليه سنة 1951.
ومن حيث إنه ولئن كانت الحكومة قد ذكرت في صدر صحيفة طعنها أن الشق الثاني من قرار اللجنة القضائية وهو القاضي باستحقاق المتظلم الدرجة السادسة الشخصية بالتطبيق للمرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952 قد جاء مخالفاً للقانون وأغفلت الشق الأول منه، إلا أنها انتهت في ختام طعنها إلى طلب إلغاء قرار اللجنة القضائية برمته. ولما كان قضاء اللجنة في الشق الثاني من قرارها مترتباً على قضائها في الشق الأول منه كأثر من آثار التسوية التي قررتها لصالح المتظلم والتي مصدرها أصلاً هو قرار مجلس الوزراء الصادر في أول يوليه سنة 1951 الذي ألغاه وحل محله القانون رقم 371 لسنة 1953، فإن ميعاد الطعن في هذا الشق من القرار يأخذ حكم ميعاده في الشق الأول منه بحكم اللزوم لقيام الارتباط بينهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ويسري عليه بالتالي حكم الوقف الذي نصت عليه المادة الرابعة من القانون رقم 377 لسنة 1953.
ومن حيث إنه لما كان إبلاغ قرار اللجنة القضائية إلى الوزارة وإيداع صحيفة الطعن المرفوع من هذه الأخيرة أمام محكمة القضاء الإداري في هذا القرار قد تما خلال فترة الوقف المشار إليها وقبل انقضاء هذه الفترة، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد القانوني، ويكون الدفع بعدم قبوله في غير محله متعيناً رفضه.
(ب) عن الموضوع:
من حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في موضوع الدعوى على أنه طبقاً للتفسير الوارد في القانون رقم 151 لسنة 1955 لا يسري القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إلا على الموظفين المعينين بصفة دائمة على وظائف دائمة داخل الهيئة دون الموظفين المؤقتين أو الموظفين المعنيين على وظائف مؤقتة أو المستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية، وأنه لما كان المطعون عليه من الموظفين المؤقتين فإنه لا يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1952 وبالتالي من أحكام المرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952.
ومن حيث إن النقطة القانونية مثار النزاع هي تحديد مقصود الشارع بالموظفين الذين يفيدون من أحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955 وبالقانون رقم 78 لسنة 1956، وهل هذه الإفادة مقصورة على الموظفين المثبتين وحدهم أم أنها تمتد إلى الموظفين الذين اكتسبت وظائفهم ذات الدرجات المقدرة صفة الدوام والاستقرار على النحو الذي فصله الطعن، وكذلك ما إذا كانت هذه الإفادة تستتبع الأحقية في تطبيق المرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952 الخاص بترقية قدامى الموظفين إلى درجات شخصية أم لا؟
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت [(1)] بأن المناط في نظر القانون رقم 151 لسنة 1955 عند تحديده الموظفين الذين يفيدون من قانون المعادلات الدراسية هو أن يكون هؤلاء معتبرين في حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة معينين بصفة دائمة داخل الهيئة. والمناط في دائمية الوظيفة - التي تضفي بدورها صفة الدائمية على الموظف - هو بحسب وصفها الوارد في الميزانية في سلك الدرجات الداخلة في الهيئة من الأولى إلى التاسعة لا يكون الموظف مثبتاً أو غير مثبت. فإذا وصفت الدرجة التاسعة أو غيرها بأنها مؤقتة زايلت الموظف الذي يشغلها صفة الدائمية، أما إذا اندرجت في سلك الدرجات الدائمة ولم توصف بالتأقيت فإن شاغلها يعتبر موظفاً دائماً. ومن جهة أخرى فإن من عدا هؤلاء من الموظفين لا يفيدون من أحكام قانون المعادلات وهم الموظفون المعينون بصفة مؤقتة، إما لأنهم على وظائف مؤقتة موصوفة كذلك في الميزانية سواء أكانت الدرجة التاسعة أم غيرها، وإما لأنهم معينون لأعمال مؤقتة، وإما لأنهم خارج الهيئة أو على أعمال باليومية. وعلة إخراج هؤلاء جميعاً من عداد الموظفين الذين تسري عليهم أحكام قانون المعادلات الدراسية هي كما كشفت عن ذلك المذكرة الإيضاحية، لأن هذه الطوائف تنظم قواعد توظيفهم أحكام خاصة لا تتفق في مجموعها والقواعد التي استنها ذلك القانون فالمعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة هم الذين نصت المادة 26 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على أن قواعد توظيفهم تنظمها أحكام خاصة يصدر بها قرار من مجلس الوزراء. وقد صدر هذا القرار الذي وضع صيغة لعقد الاستخدام الذي يوقعونه لمدة محدودة، وطبيعة هذه العلاقة الموقوتة لا تتلاءم مع تطبيق أحكام قانون المعادلات الذي يقتضي أساساً درجات دائمة تتم التسوية عليها. أما المستخدمون خارج الهيئة وعمال اليومية فعلة إخراجهم أنهم ليسوا في نظام درجات تتسق مع الدرجات المقدرة في القانون المعادلات لذوي المؤهلات، هذا فضلاً عن أن طبيعة عملهم لا تتفق أساساً مع تقدير هذه المؤهلات.
ومن حيث إن القانون رقم 78 لسنة 1956 صدر في 14 من مارس سنة 1956 مستبدلاً بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1955 الحكم الآتي: "تضاف إلى المادة 2 من القانون رقم 371 لسنة 1953 فقرة جديدة نصها كالآتي:
"ويقصد بالموظفين المنصوص عليهم في الفقرة السابقة الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية".
كما قضى في مادته الثانية بأن تستبدل بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 151 لسنة 1955 النص الآتي:
"ولا تخل أحكام المادة السابقة بالأحكام النهائية الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والقرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية وجهات الإدارة".
ومن حيث إنه يبين من هذا القانون الأخير في ضوء مذكرته الإيضاحية أنه قنن التفسير الذي سبق أن انتهت إليه هذه المحكمة واستحدث حكمين جديدين: أولهما أنه يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية الموظفون المعينون على اعتمادات مقسمة إلى درجات، وذلك بأثر رجعي منسحب إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 151 لسنة 1955 باعتبار أن حكم هذه الاعتمادات كحكم الوظائف الدائمة من حيث استقرارها، وثانيهما احترام التسويات النهائية التي تمت من جانب جهات الإدارة المختلفة من تلقاء نفسها قبل نفاذ القانون رقم 151 لسنة 1955 وكانت قد ألغيت تنفيذاً لهذا القانون وكانت تشمل طائفة كبيرة من الموظفين وعمال اليومية والمستخدمين الخارجين عن الهيئة غير الحاصلين على أحكام نهائية وكان بعضهم قد رقي إلى درجات أعلى مما أوجد اضطراباً كبيراً في حالاتهم ونشأت عنه تفرقة بين من خاصم الحكومة فحصل على حقه بطريق القضاء وبين من آثر انتظار وصول هذا الحق إليه في يسر ومسالمة، ويترتب على احترام هذه التسويات إعادة حالة أصحابها إلى ما كانت عليه قبل الإلغاء مع رد الفروق المالية التي تكون قد حصلت منهم، وذلك كله رغبة في تحقيق المساواة بين من صدرت لهم أحكام نهائية ومن تمت في حقهم تسويات نهائية من جانب جهات الإدارة المختلفة من تلقاء نفسها.
ومن حيث إنه لا ريب في أن التسويات التي تكتسب الحصانة المعنية بالنص سالف الذكر هي تلك التي تكون قد تمت نهائياً من جانب جهات الإدارة من تلقاء نفسها قبل نفاذ القانون رقم 151 لسنة 1955 واعتمدت نهائياً قبل هذا التاريخ ممن يملك ذلك قانوناً، وألا يكون قائماً بشأنها أية منازعة قضائية ما زالت منظورة في أية درجة من درجات التقاضي، إذ أن قيام مثل هذه المنازعة ينفي عن التسوية صفة النهائية والاستقرار، ومن ثم تكون الكلمة في شأنها للقضاء [(2)].
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت [(3)] بأن الحق الناشئ للموظف من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إذا ما تحققت له بمقتضاه صفة الموظف المنسي يخوله الانتفاع بالمادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، وأن إفادته من هذه المادة في خصوص قدامى الموظفين منوطة بتوافر الشروط المنصوص عليها فيها على مقتضى نتيجة التسوية التي تتم في حق الموظف بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية المشار إليه مفسراً بالقانون رقم 78 لسنة 1956.
ومن حيث إنه قد بان من الأوراق أن المطعون لصالحه حاصل على دبلوم الدراسة المتوسطة في الزراعة في سنة 1932 وهو مؤهل وارد بالجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، وأنه التحق بخدمة وزارة الزراعة بوظيفة معاون لأعمال مقاومة دودة القطن بأجرة يومية قدرها مائتا مليم اعتباراً من 14 من يونيه سنة 1934، ثم عين بالماهية الشهرية في الدرجة الثامنة الفنية المؤقتة بعقد اعتباراً من أول مايو سنة 1936، وفي 10 من نوفمبر سنة 1938 صدر الأمر رقم 429 بالخصم بماهيته على وظيفة معاون من الدرجة الثامنة بقسم التفتيش الزراعي تحت باب 1 بند 1 - ب بميزانية الوزارة، ثم صدر أمر الوزارة رقم 185 في 24 من يوليه سنة 1939 بالخصم بماهيته على ميزانية قسم وقاية المزروعات تحت باب 1 بند 1 - ب. وفي 26 من أغسطس سنة 1947 صدر أمر الوزارة رقم 414 بترقيته إلى الدرجة السابعة الفنية اعتباراً من أول مايو سنة 1946. وفي 25 من يناير سنة 1949 صدر أمر الوزارة رقم 1508 بالخصم بماهيته على ربط وظيفة من الدرجة السابعة الفئة الدائمة 1 - 1 - أ تفتيش بالكادر العادي وذلك اعتباراً من أول مارس سنة 1948. ثم صدر أمر الوزارة رقم 477 في 12 من نوفمبر سنة 1952 بالخصم بماهيته على ربط وظيفة من الدرجة السابعة بمصلحة الثقافة الزراعية رقم 14 فرع 12 - 1 - أ (كادر فني عادي) وذلك اعتباراً من أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن الحكم المطعون فيه إذ قضي بعدم انطباق أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية على المطعون لصالحه تأسيساً على أن الموظفين المؤقتين المعينين على وظائف دائمة بالميزانية لا يفيدون من أحكام هذا القانون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيتعين إلغاؤه والقضاء باستحقاق المذكور تسوية حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات المشار إليه والمادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي موضوعها بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المتظلم تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وبالتطبيق للمادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، وألزمت الحكومة بالمصروفات.


[(1)] السنة الأولى من هذه المجوعة بند 65 صفحة 526.
[(2)] سبق تقرير هذا المبدأ في الطعن رقم 250 لسنة 2 ق بجلسة 14/ 4/ 1956 (راجع السنة الأولى من هذه المجموعة بند 79 صفحة 676).
[(3)] السنة الأولى من هذه المجموعة بند 79 صفحة 676.