أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 3 - صـ 64

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1951
(12)
القضية رقم 203 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطى خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارون.
( أ ) نقض. إعلان الحكم. أثره مقصور على من أعلنه ومن أعلن إليه. المادة 379 مرافعات. يجب قصر حكمها على ما ورد به صريح نصها. شخص لم يعلن بالحكم المطعون فيه لا يجوز له التمسك بسريان ميعاد الطعن في حق من أعلنه إلى غيره، ولا يجوز لمن أعلن بالحكم أن يتمسك بسريان ميعاد الطعن في حق الطاعن من وقت سابق لإعلانه.
(ب) نقض. إعلان الطعن إلى وصي المطعون عليه مع رفعه الاستئناف باسمه شخصياً على أساس بلوغه سن الرشد وعدم اعتراض الطاعن. لا يقبل الطعن. مطعون عليه لم يقدم ما يدل على بلوغه سن الرشد. دفعه بعدم قبول الطعن بالنسبة إليه بمقولة إنه بالغ. تقديمه دليلاً على البلوغ التوكيل الرسمي لمحاميه. لا يجدي.
(ج) حكم - وتسبيبه. ذكر نصوص السندات التي اعتمد عليها. لا يلزم.
1 - الأصل أن أثر إعلان الحكم مقصور على من أعلنه ومن أعلن إليه ولا يتعدى إلى غيرهما من خصوم الدعوى، والمادة 379 مرافعات التي تنص على جريان ميعاد الطعن في حق من أعلن الحكم ومن أعلن إليه وإن كانت قد سوت في هذا بين المعلن والمعلن إليه استثناء من قاعدة أن الشخص لا يضار بعمله المشروع، فإن هذا الاستثناء يجب أن يقتصر على ما ورد به صريح النص. ومن ثم يجوز لمن لم يعلن بالحكم المطعون فيه أن يتمسك بسريان ميعاد الطعن في حق من أعلنه إلى غيره، كما لا يجوز لمن أعلن بالحكم أن يتمسك ببدء جريان ميعاد الطعن في حق الطاعن من وقت سابق لإعلانه استناداً إلى حصول إعلان آخر منه في تاريخ سابق لخصم آخر في الدعوى.
2 - متى كان الثابت بصحيفة الاستئناف أن المطعون عليها قد رفعت لاستئناف باسمها شخصياً على أساس أنها كانت قد بلغت سن الرشد ولم يعترض الطاعن على قبول الاستئناف بهذه الصفة، فإنه إعلانه الطعن إلى والداتها بصفتها وصية عليها - ذلك يجعل طعنه غير مقبول بالنسبة إليها.
وإذا كان الثابت بصحيفة الاستئناف أنه قد أقيم على أساس أن أحد المطعون عليهم ما زال قاصراً مشمولاً بوصاية والدته وصدر الحكم بهذه الصفة، ثم لم يقدم هذا المطعون عليه بعد صدور الحكم - مع منازعة الطاعن في بلوغه سن الرشد - ما يدل على أنه قد بلغ هذه السن سوى التوكيل الرسمي الصادر منه لمحاميه، وهو لا يعد دليلاً حاسماً في هذا الخصوص، فلا يقبل منه الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة إليه بمقولة إنه أعلن للوصي عليه.
3 - لا يعيب الحكم أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت هذه المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم مما يكفى معه مجرد الإشارة إليها.


الوقائع

في يوم 10 من ديسمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 16 من نوفمبر سنة 1947 في الاستئنافات رقم 99 و1014 سنة 63 ق و452 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بنقض الحكم المطعون فيه في الاستئناف المرفوع من الطاعن وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى واحتياطياً بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيح منطوقه بالنسبة لما قضى به في استئناف الطاعن وذلك بتأييد الحكم الابتدائي لمستأنف من الطاعن في كل ما قضي به في الدعوى الأصلية التي رفعت منه بإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 12 و15 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن - وفي 31 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 17 من يناير سنة 1951 أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد واحتياطياً برفضه وإلزام الطاعن في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة من درجات التقاضي الثلاث - وفي 4 من فبراير سنة 1950 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 15 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بملاحظاتهم على الرد. وفي 19 من إبريل سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً بسقوط الحق في الطعن بالنسبة إلى المطعون عليه الثاني حبيب أفندي سكاكيني وثانياً بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى المطعون عليها لوريس سكاكيني التي أعلنها الطاعن ممثلة في شخص المطعون عليها الأولى وثالثاً بقبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم ورفضه موضوعه وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي أول نوفمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة.... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1228 سنة 1942 كلي مصر وقال في صحيفتها أن ورثة هنري سكاكيني وكلوا أحدهم وهو المطعون عليه الثاني الذي وكل بصفاته الطاعن في مباشرة شئونهم وأنه ظل يباشر ما عهد إليه به حتى أوائل شهر سبتمبر سنة 1940 إذ دب الخلاف بين الورثة فعزلوا وكيلهم حبيب سكاكيني (المطعون عليه الثاني) الذي عزل الطاعن بدوره ونظراً لأنه لم يستطع الحصول على أجره طلب من نقابة المحامين المختلطة تقدير أتعابه فقدرتها بمبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه أقام بها الدعوى أمام المحكمة المختلطة ولكنها قضت بعدم اختصاصها فالتجأ إلى المحكمة الوطنية مطالباً بهذا المبلغ بعد خصم 383 جنيهاً منها 280 جنيهاً وصلته مقدماً من حبيب سكاكيني و103 جنيهاً حصلها في مدة وكالته فيكون صافي مطلوبه 3117 جنيهاً - وفي أثناء سير الدعوى رفع المطعون عليهم على الطاعن دعويين فرعيتين طالبوه في الأولى بمبلغ 142 جنيه و887 مليم مستحقة لوقف حبيب سكاكيني وفي الثانية بمبلغ 378 جنيهاً مستحقة لورثة هنري سكاكيني مع الفوائد والمصاريف في الدعويين - وفي 20 من يناير سنة 1945 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا إلى الطاعن 607 جنيهاً مع الفوائد والمصاريف وبرفض الدعويين الفرعيتين - فاستأنف الطاعن هذا الحكم في 30 من مايو سنة 1950 طالباً تعديله وإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا إليه 2510 جنيهاً زيادة على ما حكم له به - كما استأنفته السيدة كورين وباقي المحكوم عليهم عدا حبيب سكاكيني طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصروفات والحكم بقبول الدعويين الفرعيتين وإلزام الطاعن بأن يدفع إليهم 378 جنيهاً المستحقة لورثة هنري سكاكيني و142 جنيه و887 مليم المستحقة لوقف حبيب سكاكيني. ثم أقام حبيب سكاكيني استئنافاً فرعياً طلب فيه إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن وإلزامه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وبعد ضم الاستئنافات الثلاثة بعضها لبعض قضت المحكمة في 16 من نوفمبر سنة 1947 بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام السيدة كورين سكاكيني وفريقها بأن يدفعوا إلى الطاعن مبلغ 200 جنيهاً والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وبرفض الاستئناف المرفوع من السيدة كورين ومن معها في الدعوى الفرعية وألزمتهم بمصاريفها وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة - فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهم جميعاً دفعوا بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد ذلك أن الطاعن أعلن الحكم المطعون فيه إلى حبيب سكاكيني (المطعون عليه الثاني) في 22 من أكتوبر سنة 1949 ثم أعلنه لباقي الورثة في 9 من نوفمبر سنة 1949 ثم قرر طعنه في الحكم بطريق النقض في 10 من ديسمبر سنة 1949 وأنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 379 مرافعات تنص على جريان ميعاد الطعن في حق من أعلن الحكم ومن أعلن إليه فيكون تقرير الطعن المشار إليه قد حصل بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله بالنسبة إلى حبيب سكاكيني وحده ذلك أن الطاعن أعلنه بالحكم في 22 من أكتوبر سنة 1949 ثم أنه (أي الطاعن) لم يقرر طعنه إلا في 10 من ديسمبر سنة 1949 أي بعد مضى أكثر من ثلاثين يوماً من تاريخ قيامه بإعلان الحكم المطعون فيه، أما بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم فان الدفع مردود بأن الأصل أن أثر إعلان الحكم مقصور على من أعلنه ومن أعلن إليه ولا يتعدى إلى غيرهما من خصوم الدعوى وأن النص المشار إليه وإن كان قد سوى في حكم سريان ميعاد الطعن بين من أعلن الحكم ومن أعلن إليه استثناء من قاعدة أن الشخص لا يضار بعمله المشروع - فإن هذا الاستثناء يجب أن يقتصر على ما ورد به صريح النص ومن ثم فإنه لا يجوز لمن لم يعلن بالحكم المطعون فيه أن يتمسك بسريان ميعاد الطعن في حق من أعلنه لغيره كما أنه لا يجوز لمن أعلن بالحكم أن يتمسك ببدء جريان ميعاد الطعن في حق الطاعن من وقت سابق لإعلانه استناداً إلى حصول إعلان آخر منه في تاريخ سابق لخصم آخر في الدعوى.
ومن حيث إن المطعون عليهما لوريس وأندريه دفعا بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما لأنهما كان قد بلغا سن الرشد حين أعلن الطاعن الوصية عليهما بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه لما كان الثابت بصحيفة الاستئناف الأصلي رقم 99 سنة 63 ق أن لوريس قد رفعت الاستئناف باسمها شخصياً على أساس أنها كانت بلغت سن الرشد ولم يعترض الطاعن على قبول الاستئناف منها بهذه الصفة وكان الثابت بإعلان تقرير الطعن في 15 من ديسمبر سنة 1949 أن الطاعن أعلن والداتها بصفتها وصية عليها لما كان ذلك فإن الطعن بالنسبة إليها يكون غير مقبول - أما بالنسبة إلى أندريه فإن الثابت بصحيفة الاستئناف أنه قد أقيم على أساس أن أندريه ما زال قاصراً مشمولاً بوصاية والدته السيدة كوريين وصدر الحكم بهذه الصفة ولم يقدم ما يدل على بلوغه سن الرشد بعد صدوره مع منازعة الطاعن في ذلك، أما استدلاله على بلوغه سن الرشد بالتوكيل الرسمي الصادر منه لمحاميه فهو لا يعد دليلاً حاسماً في هذا الخصوص.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهم عدا حبيب سكاكيني ولوريس.
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل الأول منهما في أن الحكم إذ نقص المبلغ المحكوم به ابتدائياً فجعله 200 جنيه بعد أن كان 617 جنيه عاره بطلان جوهري فضلاً عن تناقض أسبابه مع منطوقه ذلك أن محكمة أول درجة قدرت للطاعن مبلغ ألف جنيه أتعاباً خصمت منه المبلغ الذي قبض وحكمت له بالباقي، فاستأنفه الطاعن فيما رفض من طلباته، وكان على محكمة الاستئناف إما أن تؤيد الحكم كما هو وإما أن تقضى بأكثر مما قضى به ابتدائياً إذ لا يجوز أن يضار شخص بطعن يرفعه - وأنه و إن كان المطعون عليهم قد رفعوا استئنافين عن الحكم الصادر برفض دعويهما الفرعيتين فإن الحكم المطعون فيه بعد أن ضم الاستئنافات الثلاثة بعضها لبعض قضى في استئنافيهما برفضهما ومن ثم لم يكن أمام محكمة الاستئناف إلا استئناف الطاعن وحده فما كان يجوز لها والحالة هذه أن تنقص المبلغ المحكوم به ابتدائياً.
ومن حيث إن هذا السبب غير صحيح ذلك أن المطعون عليهم - كما يبين من الوقائع - قد استأنفوا أيضاً الحكم الصادر لمصلحة الطاعن وطلبوا رفض دعواه، ومن ثم فإن الدعوى تكن قد انتقلت بجميع عناصرها إلى محكمة الاستئناف وكان لها إما أن تؤيد الحكم الابتدائي أو تلغيه بكامل أجزائه أو أن تعدله لأكثر أو لأقل مما حكم به، أما ما يزعمه الطاعن من قيام تناقض بين أسباب الحكم ومنطوقه بحجة أن الحكم مع رفضه استئنافي المطعون عليهم عدل والحكم لمصلحتهم - فهو مردود بأن الأسباب التي أوردها والتي أسس عليها قضاءه بتعديل الحكم المستأنف ورفض الاستئناف المرفوع من السيدة كورين ومن معها تدل بجلاء على أن الرفض إنما أنصب على استئناف المطعون عليهم للحكم الصادر في الدعويين الفرعيتين المقامتين منهم بخصوص استرداد ما قبضه الطاعن بغير حق من أموال التركة والوقف.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم إذ قضى بتعديل الحكم المستأنف تأسيساً على (أن التقدير الجزافي لا محل له وأعمال الوكيل مبينة ومحددة من الأوراق المقدمة منه ومن خصومه موكليه) وقد تقاضى أجره عن معظمها كما دلت على ذلك الإيصالات المقدمة كما سلف البيان ولم يبق من أعماله ما لم يتقاضى الأجر عنه سوى حضوره مع خبير المجلس الحسبي في عملية الجرد كما هو ثابت من جميع محاضر أعمال الخبير المذكور وسوى التقرير المقدم منه عن حساب مدير الشركة (في حين أن الطاعن فصل في عريضة دعواه الابتدائية الأعمال التي قام بها لمصلحة خصومه مدة وكالته عنهم - إذ قضى الحكم بذلك شابه القصور لأنه لم يوضح الأعمال التي قال أن الطاعن أخذ أجره عنها ولم يذكر تفصيلاً عن هذه الوصول التي اقتنع بأن ما فيها هو أجر الطاعن عن معظم هذه الأعمال.
ومن حيث إنه يبين مما أورده الحكم أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من المستندات المقدمة من طرفي الخصومة أن الطاعن تقاضى أجره عن معظم الأعمال التي قام بها ولم يبق منها ما لم يتقاضى الأجر عنه سوى حضوره مع خبير المجلس الحسبي في عملية الجرد وسوى التقرير المقدم منه عن حساب مدير الشركة ولا يعيب الحكم أنه لم يذكر نصوص المستندات التي استند إليها ما دامت هذه المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم مما يكفى معه مجرد الإشارة إليها ولمن ينع الطاعن على الحكم الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس متعين رفضه.