أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 541

جلسة 28 من فبراير سنة 1952
(92)
القضيتين رقمي 17، 19 سنة 20 قضائية

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
( أ ) نقض. الطعن بطريق النقض. من يحق له الطعن؟. عدم جواز الطعن ممن لم يكن طرفاً في الحكم المطعون فيه. مثال.
(ب) نقض. الأحكام التي يجوز فيها الطعن بالنقض. حكم صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية بعد العمل بقانون المرافعات الجديد. جواز الطعن فيه بطريق النقض ولو كانت الدعوى قد رفعت وحكم فيها ابتدائياً وسارت مرحلة أمام محكمة ثاني درجة في ظل قانون المرافعات القديم. المادتان 1، 425 من قانون المرافعات الجديد.
(ج) استئناف. الخصوم في الاستئناف. عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة. مثال. شخص رفضت محكمة أول درجة قبول تدخله في الدعوى. اختصامه أمام محكمة ثاني درجة غير جائز. لا يغير من هذه القاعدة أن يكون له حق الاعتراض على الحكم أو لديه ما يدحض به الدعوى. الفقرة الأولى من المادة 412 مرافعات.
(1) الطعن بطريق النقض لا يجوز إلا لمن كان طرفاً في الحكم المطعون فيه وإذن فمتى كان الواقع أن محكمة أول درجة قد رفضت تدخل الطاعن في الدعوى كما أخرجته محكمة ثاني درجة رافضة اقتحامه في خصومة لم يكن طرفاً فيها أمام محكمة أول درجة فإن طعنه بطريق النقض يكون غير مقبول شكلاً.
(2) إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد العمل بقانون المرافعات الجديد من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية فإنه يكون قابلاً للطعن بالنقض وفقاً للمادة 425 مرافعات ولا يحول دون ذلك أن تكون الدعوى قد رفعت وحكم فيها ابتدائياً بل وسارت مرحلة من مراحلها أمام محكمة ثاني درجة في ظل قانون المرافعات القديم إذ المادة الأولى من قانون المرافعات صريحة في أن أحكام القانون الجديد فيما عدا ما استثنته المادة تسري على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها.
(3) إذا كانت محكمة أول درجة قد رفضت تدخل أحد الأشخاص في الدعوى فإنه لا يعتبر خصماً فيها وعلى ذلك لا يصح اختصامه في الاستئناف إذ أن الفقرة الأولى من المادة 412 مرافعات قد أوردت المبدأ الذي كان مقرراً في هذا الشأن في القانون القديم بنصها على (أنه لا يجوز في الاستئناف إدخال من لم يكن خصماً في الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف) ذلك لأنه بالحكم الصادر من محكمة أول درجة يتحدد أطراف الخصومة بالنسبة للاستئناف فلا يجوز للمستأنف أن يختصم بصحيفة الاستئناف من لم يكن طرفاً في الدعوى ولا يبرر الخروج على هذا الحكم أن يكون من يريد أن يختصمه المستأنف ممن يصح لهم الاعتراض على الحكم أو لديه بينة يدحض بها الدعوى أو يؤيدها. إذ مثل هذا الشخص إنما يجوز له. إن أراد هو. التدخل الانضمامي بالأوضاع المقررة لذلك وللمحكمة أن تفصل في النزاع الذي يثار على جواز قبوله أما بقبول تدخله فيعتبر خصماً أو برفض قبوله فيستمر خارجاً عن الخصومة.


الوقائع

في يوم 26 من يناير سنة 1950 طعن حسن إبراهيم الجمال بطريق النقض في حكمي محكمة شبين الكوم الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر أولهما في 23 من نوفمبر سنة 1943 وثانيهما في 29 من نوفمبر سنة 1949 في الاستئناف رقم 19 سنة 1944 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكمين المطعون فيهما وبقبول الاستئناف بالنسبة إلى الطاعن وبإحالة الدعوى على محكمة شبين الكوم الابتدائية بهيئة استئنافية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما الأولين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقيد هذا الطعن بالمحكمة برقم 17 سنة 20 ق. وفي 29 من يناير سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 13 من فبراير سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 5 من مارس سنة 1950 أودع المطعون عليه الثالث مذكرة بدفاعه انضم فيها إلى الطاعن في طلب نقض الحكمين المطعون فيهما - وفي 6 منه أودع المطعون عليهما الأول والثاني مذكرة بدفاعهما طلباً فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً واحتياطياً رفضه مع إلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 16 من سبتمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم قبول الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 28 من يناير سنة 1950 طعن إبراهيم إبراهيم الجمال بطريق النقض في نفس الحكمين المطعون فيهما في الطعن السابق - وذلك بتقرير طلب فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكمين المطعون فيهما وقبول الاستئناف بالنسبة إلى المطعون عليه الثالث وإحالة القضية على محكمة شبين الكوم الابتدائية بهيئة استئنافية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى إلزام المطعون عليهما الأولين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقيد هذا الطعن بالمحكمة برقم 19 سنة 20 ق. وفي 31 من يناير سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن - وفي 13 من فبراير سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 5 من مارس سنة 1950 أودع المطعون عليه الثالث مذكرة بدفاعه طلب فيها نقض الحكمين المطعون فيهما وفقاً لما طلبه الطاعن. وفي 6 منه أودع المطعون عليهما الأولان مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلباً فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً واحتياطياً برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات والتعويضات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 16 من سبتمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً برفض الدفع المقدم من المطعون عليهما الأول والثاني بعدم قبول الطعن شكلاً وثانياً بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون عليه الثالث وقبوله شكلاً بالنسبة إلى المطعون عليهما الأول والثاني ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وبجلسة 14 من فبراير سنة 1952 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 17 سنة 20 ق إلى الطعن رقم 19 سنة 20 ق - ثم سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعنين والمطعون عليه الثالث في كل من الطعنين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن وقائع الدعوى تتحصل في أن صقر والسيد المعاز (المطعون عليهما الأولين) رفعا على إبراهيم إبراهيم الجمال (الطاعن في الطعن 19 سنة 20 ق) الدعوى أمام محكمة منوف الجزئية وطالباه بمبلغ 3564 قرش صاغ متأخر إيجار وفسخ عقد الإيجار وتسليم الأطيان المؤجرة مستندين في ذلك إلى عقد إيجار موقع عليه من إبراهيم إبراهيم الجمال في 25 من فبراير سنة 1941 يفيد استئجاره الأطيان عن سنتي 1941 و1942 إلى إدعائهما تجدد ذلك العقد ضمنياً عن سنة 1943 - وفي جلسة المرافعة أمام المحكمة الجزئية طلب حسن علي الجمال (الطاعن في الطعن رقم 17 سنة 20 ق) دخوله خصماً ثالثاً منضماً إلى المدعي عليه في رفض طلب التسليم مستنداً إلى أن الأطيان في وضع يده هو بوصفه دائناً مرتهناً حول إليه عقد الرهن من المرتهن الأصلي وهو جوده عثمان اللاهوتي. فرأت المحكمة الجزئية عدم قبول تدخل حسن علي الجمال لأنه تبين من العقد الذي قدمه من يدعي مصطفى الشرقاوي والمحرر في 20/ 4/ 1930 أن دين الرهن الذي يتمسك به حسن علي الجمال قد حصل التخالص عنه وأن دعوى المدعيين قبل المستأجر صحيحة من عقد الإيجار ومن تأخره في دفع الأجرة ولذلك قضت أولاً بعدم قبول حسن علي الجمال خصماً في الدعوى وثانياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع 35 ج و42 م وفسخ عقد الإيجار وتسليم العين المؤجرة. فرفع إبراهيم إبراهيم الجمال استئنافاً عن الحكم واختصم فيه المحكوم لهما وحسن علي الجمال الذي رفضت المحكمة الجزئية تدخله في الدعوى - وفي 23 من نوفمبر سنة 1943 قضت محكمة الدرجة الثانية بإحالة الدعوى على التحقيق وبعد سماع الشهود قضت في 29 من نوفمبر سنة 1949 أولاً - بعدم قبول الاستئناف بالنسبة إلى حسن علي الجمال لأنه لم يكن خصماً في الدعوى وثانياً - برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعن كل من إبراهيم إبراهيم الجمال وحسن علي الجمال في الحكمين (التمهيدي والقطعي) بالنقض.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول طعن حسن علي الجمال لأنه لم يكن خصماً في الحكم الطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين من الوقائع السابق بيانها أن حسن علي الجمال أراد التدخل في الدعوى أمام محكمة أول درجة فرفضت قبول تدخله، فلما رفع إبراهيم إبراهيم الجمال استئنافاً عن الحكم الصادر عليه بمتأخر الإيجار والتسليم أدخله في الاستئناف كمستأنف عليه ولكن محكمة ثاني درجة رأت عدم جواز اختصامه لأنه لم يكن خصماً أمام محكمة أول درجة وقضت بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إليه وعلى ذلك لا يجوز له أن يطعن في الحكم بطريق النقض لأن هذا الطعن لا يجوز إلا لمن كان طرفاً في الحكم المطعون فيه ولا يعد كذلك من رفضت محكمة أول درجة تدخله في الدعوى ومن أخرجته محكمة ثاني درجة رافضة إقحامه في خصومة لم يكن طرفاً فيها أمام محكمة أول درجة ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً.
ومن حيث إن إبراهيم إبراهيم الجمال يطعن في الحكم التمهيدي الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1943 ولكنه لم يضمن تقرير الطعن أسباب طعنه في هذا الحكم فيتعين الحكم ببطلان الطعن المرفوع عن الحكم المذكور.
ومن حيث إن صقر والسيد المعاز يدفعان بعدم قبول الطعن رقم 19 سنة 20 ق شكلاً بالنسبة إلى الحكم الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1949 تأسيساً على أنه صادر من محكمة ابتدائية في دعوى رفعت قبل العمل بقانون المرافعات الجديد فيجب أن يكون الحكم فيها خاضعاً من حيث طرق الطعن فيه إلى قانون المرافعات القديم الذي ما كان يجيز الطعن في الحكم النهائي الصادر من المحاكم الابتدائية إلا في أحوال خاصة ليس من بينها حالة الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن الحكم المطعون فيه وقد صدر في 29 من نوفمبر سنة 1949 (أي بعد العمل بقانون المرافعات الجديد) من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية يعتبر قابلاً للطعن بالنقض وفقاً للمادة 425 مرافعات ولا يحول دون ذلك أن تكون الدعوى قد رفعت وحكم فيها ابتدائياً بل وسارت مرحلة من مراحلها أمام محكمة ثاني درجة في ظل قانون المرافعات القديم إذ المادة الأولى من قانون المرافعات صريحة في أن أحكام القانون الجديد فيما عدا ما استثنته المادة تسري على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها.
ومن حيث إن طعن إبراهيم إبراهيم الجمال في الحكم الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1949 قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطعن على هذا الحكم بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة إلى حسن الجمال بمقولة أنه لم يكن خصماً لدى محكمة أول درجة قد أخطأ في تطبيق القانون أولاً - لأن حسن الجمال كان فعلاً خصماً أمام محكمة أول درجة ومن الخطأ عدم قبوله خصماً ثالثاً - وثانياً - لأنه لا مانع من إعلان حسن الجمال في الاستئناف لأن مصلحة الطاعن في إعلانه محققة لأنه هو واضع اليد وفي عدم قبوله إخلال بحقوق الطاعن في الدفاع لعدم سماع بينته على وضع اليد وثالثاً - لأن صفة حسن الجمال تبيح له الاعتراض على الحكم فيما لو صدر في غير مواجهته.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أن محكمة أول درجة وقد رفضت تدخل حسن الجمال في الدعوى فلا يعتبر خصماً فيها وعلى ذلك لا يصح اختصامه في الاستئناف - إذ أوردت الفقرة الأولى من المادة 412 مرافعات المبدأ الذي كان مقرراً في هذا الشأن في القانون القديم بنصها على "أنه لا يجوز في الاستئناف إدخال من لم يكن خصماً في الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف" ذلك لأنه بالحكم الصادر من محكمة أول درجة يتحدد أطراف الخصومة بالنسبة للاستئناف فلا يجوز للمستأنف أن يختصم بصحيفة الاستئناف من لم يكن طرفاً في الدعوى ولا يسوغ الخروج على هذا الحكم أن يكون من يريد أن يختصمه المستأنف ممن يصح لهم الاعتراض على الحكم أو لديه بينة يدحض بها الدعوى أو يؤيدها - إذ مثل هذا الشخص إنما يجوز له - إن أراد هو - التدخل الانضمامي بالأوضاع المقررة لذلك وللمحكمة أن تفصل في النزاع الذي يثار على جواز قبوله إما بقبول تدخله فيعتبر خصماً أو يرفض قبوله فيستمر خارجاً عن الخصومة.
ومن حيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور مبطل له إذ دفع الطعن الدعوى بأن عقد الإيجار لم يجدد ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع واقتصر بحثه على تحقيق وضع اليد حسبما استخلصه من أقوال الشهود دون أن يبين سبب وضع اليد أهو الغصب أم عقد الإيجار وإذا كان هو التجديد فكيف حصل.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما أوضحه الحكم المطعون فيه بأسباب لا مزيد عليه من أن الطاعن وقد كان مستأجراً الأطيان في سنتي 1941 و1942 استمر واضع اليد على الأطيان برضاء المؤجرين في سنة 1943، وأن هذا ثابت من أقوال الشهود الذين سمعتهم المحكمة تنفيذاً للحكم التمهيدي.
ومن حيث إنه لذلك يكون طعن إبراهيم إبراهيم الجمال في الحكم الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1949 على غير أساس ويتعين رفضه.