أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 548

جلسة 28 من فبراير سنة 1952
(93)
القضية رقم 68 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
( أ ) إثبات. قرائن. شهود أدلوا بشهادتهم في محضر أعمال الخبير دون حلف يمين. اتخاذ المحكمة من أقوالهم قرينة مضافة إلى قرائن أخرى استندت إليها. لا بطلان.
(ب) إثبات. قرائن. تساندها في الإثبات. عدم جواز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
(ج) خبير. تقرير خبير. حكم. تسبيبه. اعتماد الحكم تقرير الخبير هو اعتماد لنتيجته محمولة على أسبابه.
(1) إن قاضي الموضوع حر في استنباط القرائن التي يأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها. وإذن فمتى كان الحكم إذ استند إلى شهادة الشهود الذين سمعهم خبير الدعوى إنما استند إليها كقرينة مضافة إلى قرائن أخرى فصلها وهي في مجموعها تؤدي إلى ما انتهى إليه فلا تثريب عليه إذ هو استمد إحدى القرائن من شهادة الشهود الذين سمعهم خبير الدعوى دون أن يؤدوا اليمين القانونية.
(2) إذا كان الحكم مقاماً على جملة قرائن فصلها يكمل بعضها بعضاً وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
(3) إذا كان الحكم قد أخذ بالنتيجة التي انتهى إليها خبير الدعوى فإنه يعتبر أنه أخذ بها محمولة على الأسباب التي بنيت عليها للتلازم بين النتيجة ومقدماتها. ومن ثم فلا يعيبه عدم إشارته إلى الأسباب التي بني عليها الخبير تقريره.


الوقائع

في يوم 13 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 27 من يناير سنة 1949 في الاستئناف رقم 99 سنة 23 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً برفض دعوى المطعون عليها فيما يتعلق بزيادة الربح عن سنة 1944 بمقدار 1400 جنيه واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 16 من مارس سنة 1950 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن وفي 21 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 22 من إبريل سنة 1950 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن إلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 30 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 10 من ديسمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض السببين الأول والثاني من أسباب الطعن، وفي خصوص السبب الثالث نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف أسيوط للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات. وفي 14 من فبراير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، في أن الطاعن أقام على مصلحة الضرائب الدعوى رقم 227 سنة 1946 كلي سوهاج بطلب إلغاء قرار لجنة التقدير واعتماد الإقرار المقدم منه عن أرباحه في سنة 1944 بمبلغ 524 ج و780 م مدعياً أن ما تزعمه المصلحة من أنه اتجر في البرسيم وحصل من ذلك على الربح مقداره 1400 جنيه لا أساس له من الواقع - وفي 20/ 12/ 1947 قضت المحكمة بإلغاء قرار اللجنة واعتماد أرباح الطاعن وفقاً لإقراره - فاستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط، وقيد استئنافها برقم 99 سنة 23 ق. وفي 27 من يناير سنة 1949 قضت المحكمة بتعديل أرباح الطاعن وجعلها 1924 ج و780 م أي بزيادة الربح الذي قدرت المصلحة أن الطاعن حصله من اتجار الطاعن في البرسيم فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، حاصل أولهما خطأ الحكم في تطبيق القانون إذ أسس قضاءه في خصوص واقعة اتجار الطاعن في البرسيم على شهادة الشهود الذين سمعهم الخبير المنتدب من محكمة أول درجة مع أنهم لم يحلفوا يميناً أمام المحكمة ومع أن التحقيق الذي يعتد به قانوناً هو الذي تجريه المحكمة بنفسها بعد أداء الشهود اليمين القانونية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم إذ استند إلى شهادة الشهود الذين سمعهم خبير الدعوى إنما استند إليها كقرينة مضافة إلى قرائن أخرى فصلها وهي في مجموعها تؤدي إلى ما انتهى إليه، ولا عليه إذ هو استمد إحدى القرائن من شهادة الشهود الذين سمعهم خبير الدعوى دون أن يؤدوا اليمين القانونية، ذلك لأن قاضي الموضوع حر في استنباط القرائن التي يأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني هو قصور الحكم في التسبيب إذ استند في تقدير ربح الطاعن من صفقة البرسيم إلى قول الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة دون أن يصرح بأنه يأخذ بالأسباب التي بني عليها الخبير تقريره ودون أن يبين عناصر هذا التقدير.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم إذ أخذ بالنتيجة التي انتهى إليها خبير الدعوى فإنه يعتبر أنه أخذ بها محمولة على الأسباب التي بنيت عليها، للتلازم بين النتيجة ومقدماتها.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث هو فساد الحكم في الاستنتاج ذلك أن الوقائع التي استخلص منها اتجار الطاعن في البرسيم من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة، فتقرير السمسار جندي إبراهيم أنه لم يشتر البرسيم لحساب الطاعن بل اشتراه لحساب تاجر آخر مجهول، وتقرير الطاعن أنه يتعامل مع بنك باركليز بفائدة مخفضة، ووجود أجولة فارغة في الدور الأرضي من فندق الطاعن؛ وشراؤه عمارة بمدينة سوهاج بثمن مقداره 3500 جنيه دفعه في أوائل سنة 1945، كل أولئك وقائع لا يلزم منها ما رتبه الحكم عليها من اتجار الطاعن في البرسيم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم مقام على جملة قرائن فصلها يكمل بعضها بعضاً وهي في مجموعها تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. ومتى كان الأمر كذلك فإن ما ذهب إليه الطاعن من مناقشة كل قرينة على حدة يكون جدلاً موضوعياً لا يصح طرحه على هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.